سرشناسه:فیاض، محمداسحاق، 1934- م.
عنوان و نام پدیدآور:منهاج الصالحین/ محمداسحاق الفیاض.
مشخصات نشر:قم: مکتب آیه الله العظمی محمداسحق الفیاض، [1378].
مشخصات ظاهری:3 ج.: نمونه.
وضعیت فهرست نویسی:فاپا
یادداشت:عربی
یادداشت:ج. 2 و 3 (چاپ اول: 13)
مندرجات:ج. 1. العبادات .-ج. 2. العبادات والمعاملات .-ج. 3. المعاملات.
موضوع:فتواهای شیعه -- قرن 14.
موضوع:فقه جعفری -- رساله عملیه.
شناسه افزوده:دفتر آیت الله العظمی شیخ محمداسحاق فیاض
رده بندی کنگره:BP183/9/ف 9م 85 1378
رده بندی دیویی:297/3422
شماره کتابشناسی ملی:م 78-18208
ص :1
ص :2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص :3
منهاج الصالحین
محمداسحاق الفیاض
ص :4
و فیه مقاصد:
الزکاة أحد الأرکان التی بنی علیها الإسلام،و وجوبها من ضروریات الدین و منکرها مع العلم بها کافر؛ لاستلزامه تکذیب الرسالة بل فی جملة من الإخبار أن مانع الزکاة کافر.
فلا تجب الزکاة فی مال الصبی،فإذا کان الشخص یانعا وقت التعلق أو طیلة السنة تعلقت الزکاة بما له و إلا فلا.
ص:5
فلا زکاة فی مال المجنون،و نقصد بذلک أن وجوب الزکاة مشروط بأن یکون المالک عاقلا فی وقت التعلق فیما لا یعتبر فیه الحول کالغلات الأربع،و طیلة السنة فیما یعتبر فیه الحول کالأنعام الثلاثة،فلو کان مجنونا فی وقت التعلق أو لم یکن عاقلا طیلة السنة فلا زکاة فی ماله،و إن أصبح عاقلا بعد التعلق أو بعد السنة کما أنه لو کان عاقلا وقت التعلق أو طول السنة،تعلقت الزکاة بماله البالغ حد النصاب و إن جن بعد ذلک،فالمعیار فی وجوب الزکاة إنما هو بوجود العقل طیلة السنة فیما یعتبر فیه الحول و وقت التعلق فیما لا یعتبر فیه الحول.
فلا زکاة فی مال العبد،و أما المبعض منه فلا یبعد وجوب الزکاة فی ماله إذا بلغ النصاب،و ان لم یبلغ نصیب حریته ذلک.
بأن یکون المالک متمکنا من التصرف فی النصاب متی شاء و أراد عقلا و شرعا،و یکون تحت یده و سلطانه،و أما إذا لم یکن کذلک فلا زکاة فیه،و ذلک کالدین و الودیعة و المال المدفون فی مکان منسی و المال الغائب و غیر ذلک؛إذ لیس بامکان المالک التصرف فی تلک الأموال متی شاء و أراد و إن کان بإمکانه تحصیل القدرة و التمکن من التصرف فیها إلا أنه غیر واجب.
و نقصد به الملک فی وقت التعلق فیما لا یعتبر فیه الحول کالغلات الأربع،و فی طول السنة فیما یعتبر فیه الحول کالأنعام الثلاثة.
منها الملک،
فلذلک لا تجب الزکاة فی نماء الوقف،إذا کان مجعولا علی نحو المصرف لمکان عدم الملک و تجب إذا کان مجعولا علی نحو الملک،من دون فرق بین أن یکون الوقف عاما أو خاصا فاذا جعل بستانه وقفا علی أن یصرف نماءها علی
ص:6
ذریته،أو علی علماء البلد لم تجب الزکاة فیه،و إذا جعلها وقفا علی أن یکون نماؤها ملکا للاشخاص-کالوقف علی الذریة مثلا-و کانت حصة کل واحد تبلغ النصاب وجبت الزکاة علی کل واحد منهم،و إذا جعلها وقفا علی أن یکون نماؤها ملکا للعنوان-کالوقف علی الفقراء أو العلماء-لم تجب الزکاة و إن بلغت حصة من یصل إلیه النماء مقدار النصاب.
اعتبر فی وجوب الزکاة علی کل واحد منهم بلوغ حصته وحده النصاب،و لا یکفی فی الوجوب بلوغ المجموع حد النصاب.
التمکن من التصرف فی المبیع؛
لما مر من أن المراد منه کون المال تحت ید المالک و سلطانه فعلا بنحو له أن یتصرف فیه متی شاء و أراد،و علی هذا فلا مانع من تعلق الزکاة به إذا کانت سائر شروطها متوفرة فیه.
وجوب الزکاة.
الزکاة،
أو بعد مضی الحول فقد استقر الوجوب،فیجب علیه الأداء،إذا تمکن منه بعد ذلک،فإن تسامح و تماهل کان مقصرا و ضامنا و إلا فلا.
فلو اقترض نصابا من الأعیان الزکویة،و بقی عنده سنة وجبت علیه الزکاة،و إن کان قد اشترط المقترض فی عقد القرض علی المقرض أن یؤدی الزکاة عنه.نعم، إذ أدّی المقرض عنه صح،و سقطت الزکاة عن المقترض و یصح مع عدم الشرط أن
ص:7
یتبرع المقرض عنه بأداء الزکاة کما یصح تبرع الأجنبی.
إذا اتجر به لهما.
لم تجب الزکاة، سواء علم تاریخ التعلق و جهل تاریخ البلوغ أم علم تاریخ البلوغ و جهل تاریخ التعلق أم جهل التاریخان معا،و کذا الحکم فی المجنون إذا کان جنونه سابقا و طرأ العقل،أما إذا کان عقله سابقا و طرأ الجنون وجبت الزکاة،فیما إذا کان تاریخ التعلق معلوما و تاریخ الجنون مجهولا،و أما إذا کان العکس أو کان تاریخ کلیهما مجهولا فلا تجب الزکاة.
و الجواب:إن کان تعلقها قبل حصول الاستطاعة وجب و لم یجب الحج، و إن کان بعده وجب الحج،و یجب علیه-حینئذ-حفظ الاستطاعة مهما أمکن، و لو بتبدیل المال بغیره،و إن لم یحفظ الاستطاعة و مضی علیه الحول وجبت الزکاة أیضا،و عندئذ فإن کان متسامحا و مقصرا فی ذلک استقر وجوب الحج علیه و إلاّ فلا.
ما تجب فیه الزکاة
تجب الزکاة فی الأنعام الثلاثة:الإبل و البقر و الغنم،و الغلات الأربع:
الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب،و فی النقدین:الذهب و الفضة،و لا تجب فیما عدا
ص:8
ذلک.نعم،تستحب فی غیرها من الحبوب التی تنبت فی الأرض کالسمسم، و الأرز و الدخن و الحمص و العدس و الماش و الذرة و غیرها کما أنها تستحب فی أموال التجارة و فی الخیل الإناث دون الذکور و دون البغال و الحمیر و لا تستحب فی الخضروات مثل البقل و القثاء و البطیخ و الخیار و نحوها و لا فی الأملاک و العقارات التی یراد منها الانتفاع کالبستان و الخان و الدکان و غیرها.و الکلام فی التسعة الاول یقع فی مباحث:
الأول:خمس إبل،و فیها شاة.
الثانی:العشر و فیها شاتان.
الثالث:خمس عشرة و فیها ثلاث شیاة.
الرابع:العشرون و فیها أربع شیاة.
الخامس:خمس و عشرون و فیها خمس شیاه.
السادس:ست و عشرون فیها بنت مخاض،و هی الداخلة فی السنة الثانیة.
ص:9
السابع:ست و ثلاثون و فیها بنت لبون،و هی الداخلة فی السنة الثالثة.
الثامن:ست و أربعون و فیها حقة،و هی الداخلة فی السنة الرابعة.
التاسع:إحدی و ستون و فیها جذعة،و هی الداخلة فی السنة الخامسة.
العاشر:ست و سبعون و فیها بنتا لبون.
الحادی عشر:إحدی و تسعون و فیها حقتان.
الثانی عشر:مائة و إحدی و عشرون و فیها فی کل خمسین حقة،و فی کل اربعین بنت لبون،فإن کان العدد مطابقا للأربعین بحیث إذا حسب بالأربعین لم تکن زیادة و لا نقیصة علی الأربعین کالمائة و الستین،و إذا کان مطابقا للخمسین،بالمعنی المتقدم،عمل علی خمسین،کالمائة و الخمسین،و إن کان مطابقا لکل منهما-کالمائتین-تخیر المالک بین العد بالأربعین و الخمسین و إن لم یکن مطابقا لکل من النصابین کالمائتین و الستین و لکن کان مطابقا لهما بنحو التوزیع عمل بهما کذلک فیحسب خمسین و أربع أربعینات،و علی هذا لا عفو إلا فیما دون العشرة،و قد تسأل:أن النصابین إذا لم یکن شیئا منهما عادا للجمیع و لا کلیهما معا،و لکن کان أحدهما أکثر عادا و استیعابا من الآخر فهل یجب الأخذ به و إلغاء الآخر أو لا؟ و الجواب:نعم،یجب الأخذ به.
و إذا لم یکن عنده ابن لبون أیضا تخیر فی شراء أیهما شاء.
الأول:ثلاثون و فیها تبیع،و لا تجزی التبیعة علی الأظهر و هو ما دخل فی السنة الثانیة.
ص:10
الثانی:أربعون و فیها مسنة و هی التی دخلت فی السنة الثالثة،و فیما زاد علی هذا الحساب یتعین العد بالنصاب الذی یطابق العدد و لا عفو فیه فإن کان العدد الستین عد بالثلاثین،و إن کان الثمانین عد بالأربعین،و إن کان السبعین عد بهما معا،و ان کان المائة و العشرین تخیر من العد بالثلاثین و العد بالأربعین،و إذا کان أحدهما أکثر عادا و استیعابا من الآخر تعین الأخذ به دون الآخر،ثم،ان کل عدد لا یکون أحد النصابین أو کلاهما عادا له فهو عفو،و کذا ما دون الثلاثین.
الأول:الأربعون،و فیها شاة.
الثانی:مائة و إحدی و عشرون،و فیها شاتان.
الثالث:مائتان و واحدة،و فیها ثلاث شیاه.
الرابع:ثلاثمائة و واحدة،و فیها أربع شیاه.
الخامس:أربعمائة،ففی کل مائة شاة بالغا ما بلغ،و لا شیء فیما نقص عن النصاب الأول و لا فیما بین کل نصابین.
و لا فرق فی الإبل بین العراب و البخاتی،و لا فی الغنم بین المعز و الضأن،و لا بین الذکر و الأنثی فی الجمیع.
النصاب
وجبت الزکاة علی کل واحد منهم،و إذا بلغ نصیب بعضهم النصاب دون بعض وجبت علی من بلغ نصیبه دون شریکه،و إذا لم یبلغ نصیب أی واحد منهم النصاب لم تجب الزکاة و إن بلغ المجموع النصاب.
فإن کان
ص:11
المجموع یبلغ النصاب وجبت فیه الزکاة،یلاحظ کل واحد علی حده.
من الضأن اعتبر فیه أن تکمل لها سنة و تدخل فی الثانیة،
و إن کانت من المعز اعتبر فیه أن تکمل لها سنتان و تدخل فی الثالثة،و لکنه لا یخلو عن إشکال بل منع،و المعیار إنما هو بصدق الشاة أو المعز.و قد تسأل:هل یجوز للمالک أن یدفع زکاة ماله من غیر النصاب و غیر النقود أو لا؟ و الجواب:الأقرب عدم الجواز إلا بإذن من الحاکم الشرعی.
لا وقت الوجوب،
کما أن المدار فی دفع القیمة إنما هو بدفع قیمة العین الزکویة فی البلد الذی هی موجودة فیه و إن کان الدفع فی بلد آخر.نعم،إذا نقل المالک العین الزکویة من بلده إلی بلد آخر،و کان مأذونا فیه وجب علیه أن یدفع قیمتها فی ذلک البلد،سواء کانت أقل من قیمة بلد النصاب أو أکثر أو المساوی.
-کأربعین شاة مثلا-فحال علیه أحوال،فإن أخرج زکاته کل سنة من غیره تکررت؛لعدم نقصانه -حینئذ-عن النصاب،و لو أخرجها منه أو لم یخرج أصلا لم تجب إلا زکاة سنة واحدة لنقصانه-حینئذ-عن النصاب،و لو کان عنده أزید من النصاب-کأن کان عنده خمسون شاة-و حال علیه أحوال لم یؤدّ زکاتها وجبت علیه الزکاة بمقدار ما مضی من السنین إلی أن ینقص عن النصاب.
فهل یجزئ دفع الذکران بدلا عن الإناث و بالعکس أو لا؟
و إذا کان کل النصاب من الضأن فهل یجزئ دفع المعز عن الضأن و بالعکس،و کذلک الحال
ص:12
فی البقر و الجاموس و الإبل العراب و البخاتی أو لا؟ و الجواب:أن الإجزاء فی کل ذلک لا یخلو عن إشکال بل لا یبعد عدمه، و إذا أراد المالک أن یصنع ذلک فعلیه أن یستأذن من الحاکم الشرعی.
و الهرم،فی العدّ من النصاب.
نعم،إذا کانت کلها صحیحة لا یجوز دفع المریض، و کذا إذا کانت کلها سلیمة لا یجوز دفع المعیب،و إذا کانت کلها شابة لا یجوز دفع الهرم،و أما إذا کان بعض النصاب مریضا و بعضه سالما أو بعضه صحیحا و البعض الآخر معیبا و هکذا،فلا یبعد کفایة دفع المعیب عن الجمیع أو المریض أو الهرم و لا ضرورة للتقسیط.
صدق السوم علی الأنعام الثلاثة مرتبط بکونها مرسلة فی الراعی لترعی من الحشیش و الکلأ و نحوهما من الثروات الطبیعة،من دون أن یبذل صاحبها الجهد و العمل فی خلق الفرص و تهیئة العلف لها،فإذا کانت کذلک فهی سائمة و فیها زکاة،و أما إذا قام صاحبها بتهیئة العلف لها فأعلفها و أطعمها منه فهی معلوفة،و لا فرق فی تهیئة العلف بین أن یقوم صاحبها بإحیاء المرعی لها و ازدهاره بالأشجار و الحشیش و الدغل و الکلأ و نحوها،بقصد أن یعلفها و یطعمها منه و بین أن یجمع العلف بقطع الحشیش و الکلأ و نحوهما؛إذ علی کلا التقدیرین یصدق أنه أعلفها و أطعمها فإذا صدق ذلک صدق أنها معلوفة،و قد تسأل:أن من اشتری المرعی أو استأجره من أجل أن یرعی مواشیه فإذا رعاها فیه فهل هی سائمة أو أنها معلوفة؟
ص:13
و الجواب:لا یبعد کونها سائمة،کما إذا رعاها فی الحشیش و الدغل و الکلأ التی تنبت فی الأرض المملوکة فی أیام الربیع أو فی وقت نضوب الماء فإنها سائمة متعلقة للزکاة،حیث لا یکفی فی الخروج عن السوم مجرد کون العلف مملوکا ما لم تکن هناک ملابسات أخری کبذل الجهد و إنفاق العمل فی سبیل ذلک.
و قد تسأل هل یقدح فی صدق کونها سائمة فی تمام الحول علفها یوما أو یومین أو لا؟ و الجواب:أن هذا المقدار لا یقدح فی مجموع فترة الحول.
فرق بین أن یکون باختیار المالک طوال السنة
کما إذا کان بإمکانه أن یعلف أغنامه مثلا و یطعمها و لکنه ترک ذلک و أرسلها إلی مرعاها طیلة السنة أو یکون بغیر اختیاره،کما إذا کان هناک عائق عن أن یطعمها أو ظالم منع عن ذلک طوال فترة الحول أو غاصب غصب العلف و اضطر المالک إلی إرسالها الی مرعاها، فالمعیار فی وجوب الزکاة فی الأنعام إنما هو بصدق السوم علیها.
و لو فی بعض الحول،و إلا لم تجب الزکاة فیها.و لا یقدح العمل بها یوما أو یومین أو ثلاثة فی تمام السنة،فإن المعیار إنما هو بصدق أنها ساکنة و فارغة و لا تکون عوامل عرفا،و من الواضح أن عمل یوم أو یومین لا یضر بصدق ذلک.
ص:14
و یتم الحول بدخول الشهر الثانی عشر،و بذلک یستقر الوجوب و لا یضر فقد بعض الشروط قبل تمامه.نعم،لا یبدأ الحول الثانی إلا بعد إتمام الشهر الثانی عشر.
کما إذا نقصت عن النصاب أو عجز من التصرف فیها أو قام بتبدیلها بجنسها،أو یغیر جنسها و لو کان زکویا،و لا فرق بین أن یکون التبدیل بقصد الفرار من الزکاة و عدمه.
شراء أو نحوهما،
فإما ان یکون الجدید بمقدار العفو کما إذا کان عنده اربعون من الغنم،و فی أثناء الحول ولدت اربعین فلا شیء علیه،إلا ما وجب فی الأول،و هو شاة فی الفرض،و إما أن یکون نصابا مستقلا،کما إذا کان عنده خمس من الإبل، فولدت فی أثناء الحول خمسا أخری،کان لکل منهما حول بانفراده،و وجب علیه فریضة کل منهما عند انتهاء حوله،و إذا کان نصابا مستقلا و مکملا للنصاب اللاحق کما إذا کان عنده عشرون من الإبل و فی أثناء حولها ولدت ستة، فالأقرب إلغاء ما مضی من الحول علی النصاب الأول و البدء للمجموع الذی هو نصاب جدید من حین تحقق ملک الزائد،ففی المثال إذا کان الإنسان یملک عشرین إبلا لمدة ستة أشهر من بدایة أو محرم مثلا،ثم زادت إبله و أصبحت علی رأس ستة أشهر أخری ستا و عشرین کأول رجب،کان مبدأ الحول من بدایة شهر رجب لا من بدایة محرم سابق و لا من المحرم الثانی،و بکلمة:أن العدد الزائد إذا
ص:15
کان نصابا مستقلا و مکملا للنصاب الأول،فالأقرب إلغاء النصاب الأول و الأخذ بالنصاب الجدید و هو النصاب اللاحق،و اعتبار مبدأ الحول من حینه علی أساس أن النصاب الأول إنما ظل موضوعا للحکم،شریطة أن لا یندک فی النصاب اللاحق و لا یصبح جزءا له،و إلا یعتبر ملغیا و ساقطا،و مع هذا فرعایة الاحتیاط بجعل کل منهما نصابا مستقلا فی محله،و من هنا یظهر أن العدد الزائد فی الأثناء اذا لم یکن نصابا مستقلا و کان مکملا للنصاب اللاحق فقط-کما إذا کان عنده ثلاثون من البقر،و فی أثناء الحول ولدت إحدی عشرة -أن الأمر فیه أیضا کذلک،یعنی:یعتبر النصاب الأول ملغیا و باطلا،و یؤخذ بالنصاب الجدید کنصاب مستقل و یبدأ بسنته من حینه،و مع هذا فرعایة الاحتیاط بالجمع بینه و بین الأخذ بالنصاب الأول أولی و أجدر.
لما عرفت من أنه لا فرق فی الملک الجدید فی أثناء النصاب بین أن یکون بالنتاج أو الإرث أو الملک،و إذا کانت امهاتها معلوفة فإن کان عدد السخال بلغ حد النصاب مستقلا ترتب علیه حکمه،و إلا فلا شیء فیه علی الأحوط إن لم یکن أقوی.
الأول:النصاب و هو فی الذهب عشرون دینارا،و فیه نصف دینار علی الأحوط وجوبا،و الدینار ثلاثة أرباع المثقال الصیرفی،و لا زکاة فیما دون
ص:16
العشرین و لا فیما زاد علیها حتی یبلغ أربعة دنانیر،و هی مساویة ثلاثة مثاقیل صیرفیة،و فیها أیضا ربع عشرها أی:من أربعین واحد و هکذا کلما زاد أربعة دنانیر وجب ربع عشرها،أما الفضة فنصابها مائتا درهم و فیها خمسة دراهم،ثم أربعون درهما و فیها درهم واحد،و هکذا کلما زاد أربعون کان فیها درهم،و ما دون المائتین عفو،و کذا ما بین المائتین و الأربعین،و وزن عشرة دراهم خمسة مثاقیل صیرفیة و ربع،فالدرهم نصف مثقال صیرفی و ربع عشره،و الضابط فی زکاة النقدین من الذهب و الفضة:ربع العشر.
الثانی:أن یکون الدرهم و الدینار مسکوکین بسکة المعاملة،سواء کانت بسکة الإسلام أم بسکة الکفر کانت بکتابة أم بغیرها من النقوش،و أما إذا مسحت السکة فهل تجب الزکاة فیها إذا عومل بها أو لا؟
و الجواب:أن المسح إن کان یضر بصدق الدینار و الدرهم علی الممسوح لم تجب الزکاة،و إلا وجبت،و لا فرق فی ذلک بین الممسوح بالعارض و الممسوح بالأصل،فإن المعیار فی وجوب الزکاة إنما هو بصدق الدینار و الدرهم الرائج فی المعاملات،و أما المسکوک الذی جرت المعاملة به ثم هجرت،فإن کان الهجر و الخروج عن المعاملة یؤدی إلی خروجه عن مسمی الدینار و الدرهم لم تجب الزکاة فیه،و إن کان الهجر بسبب آخر-کاتخاذهما زینة للبیت و جمعهما من أجل ذلک لا من أجل أن یتعامل بهما-لم یمنع ذلک عن وجوب الزکاة فیهما؛لأن المعیار فی وجوبها إنما هو بالتعامل بنوع الدرهم و الدینار،و إن کان بعض أفراده مهجورا لسبب أو آخر،و لا تجب الزکاة فی الحلی و إن کان من الدرهم و الدینار.
الثالث:الحول،و یعتبر فی وجوب الزکاة فیهما دخول الشهر الثانی عشر، فإذا دخل تم الحول و وجبت الزکاة فیهما،و لا بد أن تکون جمیع الشروط العامة
ص:17
متوفرة طیلة مدة الحول،فلو فقد بعضها فی الأثناء بطل الحول،و إن تجدد استأنفه مرة ثانیة من جدید.
و لا یجوز الإعطاء من الردیء إذا کان تمام النصاب من الجید.
و إن لم یبلغ خالصهما النصاب،و إذا کان الغش کثیرا بحیث لم یصدق الذهب أو الفضة علی المغشوش،ففی وجوب الزکاة فیه إن بلغ خالصة النصاب إشکال و الأظهر عدمه.
فالظاهر عدم وجوب الزکاة،و فی وجوب الاختبار إشکال أظهره العدم.
اعتبر بلوغ النصاب فی کل واحد منها،و لا یضم بعضها إلی بعض،فإذا کان عنده تسعة عشر دینارا و مائة و تسعون درهما لم تجب الزکاة فی شیء منهما،و إذا کان من جنس واحد-کما إذا کان عنده لیرة ذهب عثمانیة و لیرة ذهب إنجلیزیة-وجب ضم بعضها إلی بعض فی بلوغ النصاب،فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزکاة فیه و قد تسأل:هل یجوز للمالک التصرف فی نصاب الذهب و الفضة قبل أن یخرج الزکاة عنهما أو لا؟
و الجواب:یجوز شریطة توفر أمرین:
أحدهما:أن یکون بانیا علی إخراج الزکاة منهما و عازما علی ذلک.
ثانیهما:أن یبقی منهما بمقدار یفی بالزکاة.
ص:18
المتقدمة-أمران:
الأول:بلوغ النصاب،و هو بوزن النجف-فی زماننا هذا-ثمان و زنات و خمس حقق و نصف إلا ثمانیة و خمسین مثقالا و ثلث مثقال،و الوزنة أربع و عشرون حقة،و الحقة ثلاث حقق إسلامبول و ثلث،و بوزن الإسلامبول سبع و عشرون وزنة و عشر حقق و خمسة و ثلاثون مثقالا صیرفیا،و الوزنة أربع و عشرون حقة،و الحقة مائتان و ثمانون مثقالا صیرفیا،و بوزن الکیلو یکون النصاب ثمانمائة و سبعة و أربعین کیلوا تقریبا،و بالمن التبریزی الذی هو ألف مثقال صیرفی مائة و أربعة و ثمانون منا و ربع من و خمسة و عشرون مثقالا.
الثانی:الملک فی وقت تعلق الوجوب،سواء أ کان بالزرع أم بالشراء أم بالإرث أم بغیرها من أسباب الملک.
و الشعیر،
و عند الاحمرار و الاصفرار فی ثمر النخیل،و عند انعقاده حصرما فی ثمر الکرم،لکن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعیر أو تمر أو عنب.
فإذا بلغ النصاب و هو عنب و لکنه إذا صار زبیبا نقص عنه لم تجب الزکاة، و کذلک الحال فی غیره،و لکن الظاهر هو التفصیل بین العنب و سائر الغلات کالحنطة و الشعیر و التمر،فإن زمان التعلق فی العنب غیر زمان اعتبار النصاب
ص:19
فیه؛لأن زمان التعلق فیه زمان صدق العنبیة علیه،و زمان اعتبار النصاب هو زمان صدق الزبیبة،و أما فی الحنطة و الشعیر و التمر فالظاهر أن زمان التعلق فیها هو زمان اعتبار النصاب،و علی هذا فإذا کانت تلک الغلات حال التعلق بقدر النصاب و إذا یبست نقصت عنه لم یضر.
و الشعیر و اجتذاذ التمر و اقتطاف الزبیب،
فإذا أخر الإخراج بغیر عذر و عامدا و ملتفتا ضمن مع وجود المستحق،و یجوز للساعی من قبل الحاکم الشرعی أن یطالب المالک بالزکاة من حین التعلق،فإذا طلب ذلک منه وجب علی المالک القبول و القیام بإفراز حصة الزکاة و تعیینها و تسلیمها إلی الساعی أو إلی الفقراء، کما یجوز للمالک ان یقوم بذلک بنفسه بعد تعلق الوجوب من دون الطلب من قبل الحاکم الشرعی؛إذ لا یجب علیه أن یحتفظ علی الزکاة إلی وقت التصفیة بل له تسلیمها إلی الحاکم الشرعی أو إلی الفقراء،و لیس للحاکم الشرعی أو الفقراء الامتناع عن القبول.
فإذا أعطی زکاة الحنطة ثم بقیت العین عنده سنین متعددة لم یجب فیها شیء،و هکذا غیر الحنطة من الغلات الزکویة.
الزروع و الأشجار و النخیل بالماء الجاری
کالعیون و الأنهار التی لا یتوقف سقیها بها علی مئونة زائدة،مثل سحب الماء بالآلات کالمکائن و نحوها أو بماء المطر النازل من السماء أو الماء الناضب فی الأرض بامتصاص عروقها منه کما فی بعض الأراضی و البلدان،و نصف العشر إذا سقیت بالمکائن و الدوالی أو غیرهما من
ص:20
الوسائل و العلاجات الحدیثة،و بکلمة:أن السقی لا یخلو إما أن یکون طبیعیا أو یکون بالآلات کالمکائن و نحوها،فعلی الأول لا فرق بین أن یکون السقی بالأمطار النازلة من السماء أو بالمیاه النضبة فی الأرض أو بالعیون و الأنهار،و لا فرق فی العیون بین أن تکون عامرة طبیعیة أو عامرة بشریة،و أما إذا کان السقی بکلا الطریقین بنحو الاشتراک،فتکون الزکاة النصف و النصف بمعنی:أن زکاة نصف الحاصل نصف العشر و زکاة نصفه الآخر العشر،و الضابط فی الاشتراک هو:أنه لا یمکن الاستغناء عن أحدهما بالآخر فی الوصول إلی النتیجة و هی الحاصل و إن کان السقی بأحدهما أکثر من الآخر کما أو کیفا.
الزرع
-لا یجب علی المالک إخراج زکاته.
بلوغه إلی حد الثمر و الإنتاج من النصاب،
و إخراج الزکاة من الباقی کاجرة الفلاح و الحارث و الساقی و العوامل التی یستأجرها للزرع و أجرة الأرض و نحو ذلک مما یحتاج إلیه الزرع أو الثمر،و منها ما یأخذه السلطان من النقد المضروب علی الزرع المسمی بالخراج،و لکنه لا یخلو عن إشکال بل منع.نعم المؤن التی تصرف علی الزرع أو الثمر بعد تعلق الزکاة به فبإمکان المالک احتسابها علی الزکاة و عدم تحملها،علی أساس أن له الحق فی تسلیمها إلی أهلها کالفقراء أو الحاکم الشرعی؛إذ لا یجب علیه الحفاظ بها إلی زمان التصفیة فی الغلات و الاجتذاذ فی الثمر و الاقتطاف فی الزبیب،و علیه فیجوز له احتساب المئونة اللاحقة علی الزکاة بالنسبة مع الإذن من الحاکم الشرعی و إلا فلیس له ذلک.
و تفاوتت
ص:21
فی إدراک الأثمار زمانا و کانت الأثمار جمیعا لعام واحد،وجب ضم بعضها مع بعضها الآخر،فإذا بلغ المجموع حد النصاب وجب إخراج الزکاة منه،فإن المعیار انما هو ببلوغ ثمرة سنة واحدة النصاب،سواء کانت فی زمن واحد أم کانت فی أزمنة متعددة،ما دام یصدق علیها أنها ثمرة فی عام واحد و بلغت النصاب کاملا.و کذلک الحکم فی الزروع المتباعدة فیلحظ النصاب فی المجموع و ان کان زمان الإدراک فیها متفاوتا بعد کون الجمیع ثمرة عام واحد،فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزکاة و إن لم یبلغه کل واحد منها،و أما إذا کان نخل یثمر فی العام مرتین ففی الضم فیه إشکال و إن کان الضم أحوط وجوبا،بل هو الأقرب.
و ما بحکمهما من الأثمان کالأوراق النقدیة.
إخراج الزکاة،
أما لو مات قبله و انتقل إلی الوارث،فإن بلغ نصیب کل واحد النصاب وجبت علی کل واحد منهم زکاة نصیبه،و إن بلغ نصیب بعضهم دون نصیب الآخر وجبت علی من بلغ نصیبه دون الآخر،و إن لم یبلغ نصیب أی واحد منهم النصاب لم تجب علی أی واحد منهم،و کذا الحکم فیما إذا کان الانتقال بغیر الإرث کالشراء أو الهبة.
بأن کان بعضها جید و بعضها الآخر أجود و الثالث ردیء و الرابع أردأ،فالأظهر أن یخرج زکاة کل نوع من نفس ذلک النوع،علی أساس أن تعلق الزکاة بالغلات الأربع یکون بنفس العین علی نحو الإشاعة.
ص:22
الإشاعة،
و فی الغنم و النقدین متعلقة بالعین علی وجه الکلی فی المعین،و فی الإبل و البقر متعلقة بالعین علی نحو الشرکة فی المالیة المتمثلة فی مال خاص فی کل مرتبة من مراتب نصابهما،و تظهر الثمرة بین هذه الوجوه،فعلی الأول لا یجوز تصرف المالک فی النصاب قبل أن یخرج زکاته،و علی الثانی و الثالث یجوز للمالک أن یتصرف فیه ما دام یبقی منه مقدار الزکاة عینا،کما فی القسم الثانی،و ما لا کما فی القسم الثالث.نعم،لا یجوز له التصرف فی تمام النصاب،فإذا باعه لم یصح البیع فی حصة الزکاة إلی أن یدفعها البائع بإذن من الحاکم الشرعی فی القسم الثانی،علی أساس أن غیر الزکاة یصبح عوضا عن الزکاة یتوقف علی الإذن.نعم،فی القسم الثالث یصح بلا حاجة إلی الإذن باعتبار ان الزکاة متمثلة فی مال خاص کشاة و شاتین مثلا،فإذا دفع المالک الشاة فقد دفع عین الزکاة لا عوضها أو یدفعها المشتری من نفس النصاب فی القسم الثانی أو مع الإذن إذا کان من غیره فیصح أیضا،و یرجع بها علی البائع و إن أجاز الحاکم البیع قبل دفع البائع أو المشتری صح البیع،و کان الثمن زکاة فیرجع الحاکم به إلی المشتری إن لم یدفعه إلی البائع، و إلا فله الرجوع إلی أیهما شاء.
فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إلیه لم یضمن،و إن أخره مع العلم بوجود المستحق ضمن.نعم،یجوز للمالک عزل الزکاة من العین أو من مال آخر، مع عدم المستحق،بل مع وجوده علی الأقوی،فیتعین المعزول زکاة و یکون أمانة فی یده لا یضمنه إلا مع التفریط،أو التأخیر مع وجود المستحق من دون غرض صحیح و أهم،و فی ثبوت الضمان معه-کما إذا أخره لانتظار من یرید إعطاءه أو للإیصال إلی المستحق تدریجا فی ضمن شهر أو شهرین أو ثلاثة و کان ذلک
ص:23
بنظره أهم-إشکال،و لا یبعد عدم الضمان،و نماء الزکاة تابع لها فی المصرف،و لا یجوز للمالک إبدالها بعد العزل.
حتی تکون علیه،أو قبله حتی تکون علی المشتری،
لم یجب علیه شیء،حتی إذا علم زمان التعلق و شک فی زمان البیع و إن کان الشاک هو المشتری،فإن علم بأداء البائع للزکاة علی تقدیر کون البیع بعد التعلق،لم یجب علیه إخراجها،و إلا وجب علیه إخراجها؛لعلمه إجمالا إما ببطلان البیع بالنسبة إلی مقدار الزکاة إذا کان تعلقها فی ملک البائع،أو بوجوب إخراجها علیه إذا کان تعلقها فی ملکه، فبالنتیجة هو یعلم تفصیلا أن تصرفه فی مقدار الزکاة محرم.و قد تسأل:أن المشتری إذا دفع الزکاة فهل له أن یرجع إلی البائع و یطالب عوضها عنه أو لا؟
و الجواب:لا یحق له أن یرجع إلیه؛لعدم العلم بضمانه لها،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون زمان کل من الشراء و التعلق مجهولا أو زمان الشراء معلوما و زمان التعلق مجهولا أو بالعکس.
علی المالک،
شریطة أن تکون فیه مصلحة للفقراء،و إلا فلا مقتضی له،و أما عملیة الخرص من قبل المالک فهی منوطة بقبول الحاکم الشرعی أو وکیله،و هو مرتبط بما إذا کانت فی تلک العملیة مصلحة للفقراء،و إلا فهو لا یخلو عن إشکال بل منع،و فائدته جواز الاعتماد علیه،بلا حاجة إلی الکیل و الوزن.
و فی ثمر النخل من حین صدق اسم التمر،و فی ثمر الکرم من حین صدق اسم العنب.
ص:24
حین صدق اسمها
و إن انقضت منه إذا یبست،و فی العنب یعتبر بلوغ النصاب فیه إذا صار زبیبا.
نعم،بعد تعلق الزکاة به یسوغ للمالک التقسیم و إفراز حصة الزکاة و تسلیمها إلی أهلها،کما یحق له الامتناع من الصرف علیها إلی وقت التصفیة و الاجتذاذ مجانا،و حینئذ فإن صرف بإذن من ولی الأمر کان له استثناء ما صرفه علی الزکاة و تسلیم الباقی إلی أهلها،و إلا فلیس له ذلک.
عنه،
غایة الأمر یجوز للمالک التأخر إلی وقت التصفیة و الاجتذاذ.
و نقصد به السقی بآلة کالدوالی و النواضح و نحوهما من الوسائل الحدیثة،و نصف العشر مرتبط بالسقی من دون علاج،و نقصد به وصول الماء إلی الزرع أو نحوه بطبعه،و لا یتوقف علی استعمال آلة و وسیلة لإیصاله إلیه.
1-ما یأخذه بعنوان المقاسمة.
2-ما یأخذه بعنوان الخراج و الضریبة.
3-ما یأخذه بعنوان الزکاة.
أما الأول:فهو مستثنی من النصاب فلا تجب زکاته علی المالک کما مر.
و أما الثانی:فلا یکون مستثنی منه فحاله حال سائر المؤن.
ص:25
و أما الثالث:فهو یحسب من الزکاة شریطة توفر أمرین فیه:
أحدهما:أن یکون ذلک قهرا و جبرا.
و ثانیهما:أن یکون من قبل ولاة الأمر،فإذا توفر الأمران أجزأ ذلک عن الزکاة.
الخارج،
فلا یجوز إعطاؤها من مال آخر غیر النقدین و إن کان من جنسها، کإعطاء زکاة الحنطة من حنطة اخری من نوعها.
أصناف المستحقین و أوصافهم
و هم ثمانیة:
و کلاهما من لا یملک مئونة سنته اللائقة بحاله له و لعیاله،و الثانی أسوأ حالا
ص:26
من الأول،و الغنی بخلافهما،فإنّه من یملک قوت سنته فعلا نقدا أو جنسا.و یتحقق ذلک بأن یکون له مال یکفی ربحه بمئونته و مئونة عیاله،أو قوة اکتساب أو یکون له حرفة أو صنعة إذا اشتغل بها کفی مئونته و مئونة عیاله و استغنی بها،و إذا کان قادرا علی الاکتساب و تحصیل المئونة و لکنه ترکه تکاسلا فلا یکون فقیرا و لا یجوز له أخذ الزکاة.نعم،إذا لم یوجد له شغل و عمل یقوم به جاز له أخذ الزکاة ما دام کذلک.
جاز له أخذ الزکاة لاکمال مئونته،و کذا إذا کان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمئونته،أو صاحب ضیعة أو دار أو خان أو نحوهما تقوم قیمتها بمئونته،و لکن لا یکفیه الحاصل منها فإن له إبقاءها و إکمال المئونة من الزکاة.
حاله
و لو لکونه من أهل الشرف لا تمنع من أخذ الزکاة،و کذا ما یحتاج إلیه من الثیاب،و الألبسة الصیفیة،و الشتویة الحضریة و السفریة و لو کانت للتجمل، شریطة أن تکون لائقة بحاله،و کذلک الکتب العلمیة و أثاث البیت من الظروف و الفرش و الأوانی،و سائر ما یحتاج إلیه،و الضابط فی استثناء هذه الاشیاء کما و کیفا و عدم منعها عن أخذ الزکاة:أن لا تکون أزید مما تتطلب مکانة الشخص اجتماعیا و عائلیا و عزا و شرفا،و هی تختلف من فرد إلی آخر،و إلا لم یجز أخذ الزکاة إذا کان الزائد وافیا بالمئونة بالکامل،کما إذا کان عنده من المذکورات أکثر من مقدار الحاجة و کانت کافیة فی مئونته،لم یجز له الأخذ منها،بل إذا کان له دار تندفع حاجته شأنا بأقل منها قیمة،و کان التفاوت بینهما یکفیه لمئونته لم یجز له الأخذ من الزکاة،و کذا الحکم فی الفرس و العبد،و الجاریة و غیرها من أعیان
ص:27
المئونة إذا کانت أکثر مما تتطلب مکانته و شأنه و کان بإمکانه التبدیل بالأقل الذی لا یطلب شأنه أکثر من ذلک.
جاز له الأخذ، و کذا إذا کان قادرا علی الصنعة،لکنه کان فاقدا لآلاتها،فبالنتیجة عاجز عن الاشتغال بها.
لمئونته
وجب علیه ذلک؛لأنه یقدر أن یکف نفسه عن الصدقة بتعلم الصنعة أو المهنة فإذا هو غنی.نعم،ما دام مشتغلا بالتعلم لا مانع من أخذ الزکاة إذا لم یکن عنده ما یکفی لمئونته.
إذا کان طلب العلم واجبا علیه عینا،و إلا فإن کان قادرا علی الاکتساب،و کان یلیق بشأنه لم یجز له أخذ الزکاة،و أما إن لم یکن قادرا علی الاکتساب لفقد رأس المال،أو غیره من المعدات للکسب،أو کان لا یلیق بشأنه-کما هو الغالب فی هذا الزمان-جاز له الأخذ،هذا بالنسبة إلی سهم الفقراء،و أما من سهم سبیل اللّه تعالی فیجوز له الأخذ منه إذا کان یترتب علی اشتغاله مصلحة محبوبة للّه تعالی و إن لم یکن المشتغل ناویا للقربة.نعم،إذا کان ناویا للحرام کالرئاسة المحرمة لم یجز له الأخذ.
و إن جهل حاله فهل یقبل قوله فی هذه الحالة و یؤخذ به أو لا؟
و الجواب:أن فیه إشکالا،و لا یبعد عدم قبوله ما لم یکن ثقة فی نفسه أو لم یحصل الوثوق من قوله،و أوضح من ذلک ما إذا علم أنه کان غنیا سابقا فإنه لا
ص:28
یقبل قوله و إن قلنا بالقبول فی الأول؛لمکان الاستصحاب هنا.نعم،لو کان ثقة أو حصل الوثوق و الاطمئنان من قوله قبل،و من هنا یظهر حال ما إذا علم أنه کان فی زمن فقیرا و فی آخر غنیا و اشتبه تقدم أحدهما علی الآخر،فإن استصحاب بقاء کل من الفقر و الغناء ساقط بالمعارضة،سواء کان التاریخ الزمنی لکلیهما مجهولا أم کان لأحدهما معلوما دون الآخر،فعندئذ إن حصل الوثوق بالفقر من قوله فهو المطلوب،و إلا فلا أثر له،إلا إذا فرض أنه ثقة و لا یطمئن بکذبه.
جاز احتسابه من الزکاة حیا کان أم میتا.نعم،یشترط فی المیت أن لا یکون له ترکة تفی بدینه و إلا لم یجز،إلا إذا بلغت الترکة علی نحو لا یکون التالف مضمونا،و إذا امتنع الورثة من الوفاء ففی جواز الاحتساب إشکال و إن کان الجواز أظهر،و کذا إذا غصب الترکة غاصب لا یمکن أخذها منه،أو أتلفها متلف لا یمکن استیفاء بدلها منه.
بل یجوز الإعطاء علی نحو یتخیل الفقیر أنه هدیة،و یجوز صرفها فی مصلحة الفقیر کما إذا قدّم إلیه تمر الصدقة فأکله.
باعتقاده أنه فقیر ثم بان أنه غنی،
وجب علیه استرجاعه منه و صرفه فی مصرفها إذا کانت العین الزکویة باقیة عنده،و إن کانت تالفة،فإن کان الدفع إلیه بعد الفحص و الاجتهاد و التأکد أو کان بأمر المجتهد أو المأذون من قبله فلا ضمان علیه،علی أساس أنه لا موجب له،فإن الموجب هو التفریط و التقصیر فیه،فإذا لم یکن فلا مبرر له،و بکلمة أنه إذا دفع الزکاة إلی غیر موردها واقعا من دون أن یقوم بعملیة الفحص و تحصیل الحجة فهو ضامن إذا تلفت لصدق التفریط
ص:29
و التقصیر فیه،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون الدفع إلی غیر العارف أو إلی العارف غیر المستحق،و أما إذا دفعها إلیه بعد عملیة الفحص و تحصیل الحجة ثم انکشف الخلاف فلا ضمان علیه إذا تلفت،کما أنه لا ضمان إذا دفعها الی المجتهد الجامع للشرائط أو المأذون من قبله و تلفت عنده قبل إیصالها إلی أصحابها،ثم إنه یجوز للدافع أن یرجع إلی القابض إذا کان القابض یعلم بأن ما قبضه زکاة و هی محرمة علی الغنی،و کذلک إذا کان شاکا فی حرمتها علیه و یطالبه ببدلها من المثل أو القیمة فی کلا الفرضین،و أما إذا کان جاهلا بها مرکبا أو تخیل أن ما دفعه إلیه هدیة و لیس بزکاة فلا یحق للدافع أن یرجع إلیه؛لأن الدافع حینئذ إن کان مقصرا فی ذلک-بأن دفع الزکاة من دون فحص و تحقیق-فالضمان علیه،و عندئذ لو دفع القابض الزکاة فله أن یرجع إلی الدافع و یطالبه بالعوض عنها تطبیقا لقاعدة رجوع المغرور إلی الغار،و إن لم یکن الدافع مقصرا فیه فلا ضمان لا علی القابض و لا علی الدافع،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون الدافع هو المالک أو غیره، و کذلک الحکم إذا تبین کون المدفوع إلیه لیس مصرفا للزکاة من غیر جهة الغنی، مثل أن یکون ممن تجب نفقته،أو هاشمیا إذا کان الدافع غیر هاشمی أو غیر ذلک.
و هم المنصوبون لأخذ الزکاة و ضبطها و حسابها و إیصالها إلی الإمام علیه السّلام أو نائبه العام أو إلی مستحقها.
و هم المسلمون الذین یضعف اعتقادهم بالمعارف الدینیة،فیعطون من الزکاة لیحسن إسلامهم و یثبتوا علی دینهم،أو الکفار الذین یوجب إعطاؤهم الزکاة میلهم إلی الإسلام،أو معاونة المسلمین فی الدفاع أو الجهاد مع الکفار.
و هم العبید المکاتبون العاجزون عن أداء الکتابة
ص:30
مطلقة أو مشروطة،فیعطون من الزکاة لیؤدوا ما علیهم من المال،و العبید الذین هم تحت الشدة،فیشترون و یعتقون،بل مطلق عتق العبد إذا لم یوجد المستحق للزکاة،بل مطلقا علی الأظهر.
و هم الذین فی ذمتهم دیون الناس و کانوا عاجزین عن أدائها فی وقتها،سواء کانوا متمکنین من قوت سنتهم بالفعل أو بالقوة أم لم یکونوا متمکنین من ذلک،هذا شریطة أن لا تکون تلک الدیون مصروفة فی المعصیة،و علی ذلک فلو کان علی الغارم دین لمن علیه الزکاة جاز له احتسابه علیه زکاة،بل یجوز أن یحتسب ما عنده من الزکاة للمدین،فیکون له ثم یأخذه مقاصة وفاء عما علیه من الدین و إن لم یقبضها المدیون و هو الغارم،و لا یوکله فی قبضها و لا یجب إعلام الغارم بذلک،و اما إذا کان الدین لشخص آخر فهل یجوز لمن علیه الزکاة أن یؤدی دینه من الزکاة عنده ابتداء و من دون اطلاعه أو لا؟
و الجواب:أن المدین إن کان میتا جاز له ذلک،و أما إذا کان حیا فلا یجوز إلا باذن الحاکم الشرعی،و أما کفایة ذلک من دون الإذن منه منوطة بتوفر أحد أمرین:
الأول:أن تکون لمن علیه الزکاة ولایة علی المدین،و یقبض من الزکاة ولایة عنه ثم یفی بها دینه.
الثانی:أن تکون للدائن ولایة علی المدین و یقبض الزکاة من قبله ولایة ثم یستملکه وفاء للدین،و لکن کلا الأمرین غیر ثابت،فإذا الکفایة منوطة بالإذن من الحاکم الشرعی،و لو کان الغارم ممن تجب نفقته علی من علیه الزکاة جاز له اعطاء منها لوفاء دینه،و إن لم یجز إعطاؤه لنفقته أو یفی دینه عنه ابتداء بإذن الحاکم الشرعی.
ص:31
و هو جمیع سبل الخیر کبناء القناطر، و المدارس و المساجد،و إصلاح ذات البین،و رفع الفساد،و نحوها من الجهات العامة،بل الأظهر شموله لکل عمل قربی،سواء کان من الجهات العامة أم الخاصة کإرسال شخص إلی الحج إذا لم یتمکن منه بغیر بغیر الزکاة،أو بناء دار لعالم و هکذا.
الذی نفذت نفقته،بحیث لا یقدر علی الذهاب الی بلده،فیدفع له ما یکفیه لذلک،بشرط أن لا یتمکن من الاستدانة،أو بیع ماله الذی هو فی بلده،و إلا فهو متمکن من مواصلة سفره،و قد تسأل:أن من سافر سفر معصیة و بعد الانتهاء منه أراد أن یرجع إلی بلدته،فإذا نفدت نفقته فی هذه الحالة و لا یتمکن من الرجوع فهل یجوز إعطاؤه من الزکاة بمقدار الکفایة اللائقة بحاله أو لا؟
و الجواب:أنه لا یجوز علی الأحوط،نعم إذا تاب و ندم فلا یبعد جوازه.
جاز له استرجاعها،و إن کانت تالفة استرجع البدل إذا کان الفقیر عالما بالحال،و إلا لم یجز الاسترجاع.
فإن سها فأعطاها فقیرا آخر أجزأ،و لا یجوز استردادها،و إن کانت العین باقیة،و إذا أعطاها غیره-متعمدا-فالظاهر الإجزاء أیضا،و لکن کان آثما بمخالفة نذره، و وجبت علیه الکفارة.
ص:32
فی أوصاف المستحقین
و هی امور:
فلا تعطی الکافر،و کذا المخالف من سهم الفقراء،و تعطی أطفال المؤمنین و مجانینهم،فإن کان بنحو التملیک وجب قبول ولیهم،و إن کان بنحو الصرف مباشرة أو بتوسط أمین فلا یحتاج إلی قبول الولی إن کان لهم ولی.
و إن کان قد أعطاها المؤمن أجزأ.
و هو من یصرف الزکاة فی المعاصی إذا أعطاه منها،فیکون الدفع إلیه حینئذ إعانة علی الإثم،کما أن الأحوط لزوما عدم إعطاء الزکاة لتارک الصلاة،أو شارب الخمر،أو المتجاهر بالفسق.
کالأبوین و إن علو،و الأولاد و إن سفلوا من الذکور أو الإناث و الزوجة الدائمة-إذا لم تسقط نفقتها-و المملوک،فلا یجوز إعطاؤهم منها للإنفاق،و یجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب علیه،کما إذا کان للوالد أو للولد زوجة أو مملوک، أو کان علیه دین یجب وفاؤه،أو عمل یجب أداؤه بإجارة و کان موقوفا علی المال،و أما إعطاؤهم للتوسعة زائدا علی النفقة اللازمة فالأحوط-إن لم یکن أقوی-عدم جوازه،إذا کان عنده ما یوسع به علیهم،هذا شریطة أن تکون
ص:33
التوسعة لائقة بحاله،و إلا لم یجز إعطاء الزکاة من أجلها.
تجب نفقته علیه،
إذا لم یکن قادرا علی الإنفاق،أو لم یکن باذلا،بل و کذا إذا کان باذلا مع المنة غیر القابلة للتحمل عادة،و لا یجوز للزوجة أن تأخذ من الزکاة مع بذل الزوج للنفقة،بل مع إمکان إجباره إذا کان ممتنعا.هذا بالنسبة إلی سهم الفقراء،و أما بالنسبة إلی سائر السهام فإن کان موردا لها، فیجوز صرفها فیه،کما إذا کان عنده عمل قربی لا یتمکن من إنجازه بغیر الزکاة أو ابن سبیل.
سواء کان الدافع الزوج أم غیره،و کذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط و نحوه،أما إذا کان بالنشوز ففیه إشکال،و الأظهر العدم؛لتمکنها من الخروج عن النشوز و معه کانت غنیة.
و لو کان للإنفاق علیها.
من غیر فرق بین القریب و الأجنبی.
نفقته،
إذا کان عاجزا عن الإنفاق علیه،و إن کان الأحوط-استحبابا- الترک.
إذا کانت الزکاة من غیر هاشمی،و لا فرق بین سهم الفقراء و غیره من سائر
ص:34
السهام حتی سهم العاملین و سبیل اللّه.نعم لا بأس بتصرفهم فی الأوقاف العامة إذا کانت من الزکاة مثل المساجد و منازل الزوار و المدارس و الکتب و نحوها.
السهام أیضا،
کما یجوز له أخذ زکاة غیر الهاشمی مع الاضطرار،و قد حدد الاضطرار فی الروایة بما یسوغ أکل المیتة،فإذا بلغ الاضطرار الهاشمی بهذه المرتبة جاز له الأخذ بالصدقة و إلا فلا.
و أما إذا کان منتسبا إلیه بالزنا فیشکل إعطاؤه من زکاة غیر الهاشمی،و کذا الخمس.
و زکاة الفطرة
أما الصدقات المندوبة فلیست محرمة،بل و کذا الصدقات الواجبة کالکفارات و رد المظالم و مجهول المالک و اللقطة و منذور الصدقة و الموصی به للفقراء.
و بالشیاع الموجب للاطمئنان،و لا یکفی مجرد الدعوی،و فی براءة ذمة المالک-إذا دفع الزکاة إلیه حینئذ-إشکال،و الأظهر عدم البراءة علی أساس أن دعواه الهاشمیة لو کانت حجة لم یجز لغیر الهاشمی دفع زکاته إلیه،فعندئذ و إن لم یثبت کونه هاشمیا إلا أنه لم یثبت کونه غیر هاشمی أیضا،و حینئذ فإذا دفع زکاته إلیه کان یشک فی براءة ذمته فمقتضی الأصل عدم البراءة.
ص:35
و لا علی أفراد صنف واحد،و لا مراعاة أقل الجمع،فیجوز إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.
المستحق موجودا فی البلد،
أو کان موجودا فیه و لکن نقلها إنما یکون لغرض صحیح و أهم،و قد تسأل:أن مئونة النقل فی هذه الحالة هل هی علی الناقل أو علی الزکاة؟
و الجواب:لا یبعد أن تکون علی الزکاة،علی أساس أن النقل إنما هو لمصلحتها لا لمصلحة الناقل،و مع ذلک فالاحتیاط لا یترک،و أما إذا تلفت فی الطریق فهل علیه ضمان؟
و الجواب:الظاهر أنه لا ضمان علیه؛لأن الضمان إنما یدور مدار التقصیر فی النقل و التفریط،و الفرض أنه لا تقصیر له فیه،حیث إنه کان لمصلحة أهم و هو جائز شرعا.نعم،إذا کان المستحق موجودا فی البلد و لم یکن نقلها لغرض صحیح و أهم فعندئذ إذا تلفت فی الطریق کان ضمانها علی المالک الناقل،علی أساس أنه لا یجوز له النقل فی هذه الحالة،هذا نظیر ما إذا کان المستحق موجودا فی البلد و لکنه تسامح و أخر دفعها إلیه یوما بعد آخر إلی أن تلفت،فإنه ضامن باعتبار أن التلف مستند إلی تقصیره،و علی هذا فیجوز النقل إذا لم یکن المستحق
ص:36
موجودا فی البلد أو کان النقل لغرض صحیح و أهم،و أما إذا کان موجودا فیه و لم یکن النقل لغرض صحیح و أهم فلا یجوز شرعا،فلو نقلها و الحال هذه و تلفت فهو ضامن.نعم إذا کان النقل بأمر من الحاکم الشرعی فلا ضمان لو تلفت،کما أن اجرة النقل علی الزکاة.
بلده و لو مع وجود المستحق منه،
و کذا إذا کان له دین فی ذمة شخص فی بلد آخر، جاز احتسابه علیه من الزکاة إذا کان فقیرا،و لا إشکال فی شیء من ذلک، شریطة أن یکون هذا الاحتساب بإذن الحاکم الشرعی.
برئت ذمة المالک و إن تلفت بعد ذلک بتفریط أو بدونه،أو دفعها الی غیر المستحق.
نعم،یجوز أن یعطی الفقیر قرضا قبل وقت الوجوب،فإذا جاء الوقت احتسبه زکاة بشرط بقائه علی صفة الاستحقاق،کما یجوز له أن لا یحتسبه زکاة بل یدفعها إلی غیره،و یبقی ما فی ذمة الفقیر قرضا،و إذا أعطاه قرضا فزاد عند المقترض زیادة متصلة أو منفصلة فهی له لا للمالک،و کذلک النقص علیه إذا نقص.
فإن کان مع عدم التأخیر الموجب للضمان فالضمان یکون علی المتلف دون المالک،و إن کان مع التأخیر الموجب للضمان فکلاهما ضامن،و للحاکم الشرعی الرجوع علی أیهما شاء،فإن رجع علی المالک رجع هو علی المتلف،و إذا رجع علی المتلف لم یرجع هو علی المالک.
و العبادة متقومة بالنیة بتمام
ص:37
عناصرها الثلاثة:
1-نیة القربة،و نرید بها إضافة العمل إلی اللّه تعالی و لو ارتکازا بمعنی وجودها فی أعماق النفس،فلو نوی المالک إخراج الزکاة و دفعها إلی أهلها من ماله بقصد القربة،أی:بأمل أن یقبل اللّه تعالی منه کفی و إن غفل عن هذه النیة حین الدفع و الإیصال إلی الأهل مباشرة أو بالواسطة ما دامت النیة کامنة فی أعماق نفسه،علی نحو لو سأله سائل ما ذا تعمل؟لانتبه فورا إلی أنه یعطی زکاته إلی أهلها و إن کان ذلک بالوکالة،و قد تسأل:أن المالک إذا و کل غیره فی دفع الزکاة عن ماله و إخراجها منه،فهل النیة علی المالک أو علی الوکیل؟
و الجواب:أنها علی المالک علی أساس أنه المأمور و الموظف بالقیام بدفع الزکاة و إخراجها،غایة الأمر علی نحو أعم من أن یکون قیامه بذلک بالمباشرة أو بالوکالة،فإذا تصدی المالک لذلک مباشرة کان أم وکالة،فعلیه أن ینوی القربة، و إن غفل و ذهل بعد ذلک عن هذه النیة،إلا أن هذا الذهول و الغفلة لا یضر ما دامت النیة کامنة فی أعماقه،و الوکیل بما أنه یقوم بالعمل من قبل الموکل فلا أثر لقصده التقرب به؛لأنه لا یکون مقربا له،بل إنه لو نوی الریاء به لم یضر بصحته إذا نوی المالک القربة.
2-نیة الإخلاص،و نرید بها عدم قصد الریاء،فإن الریاء فی العبادة محرم و مبطل لها.
3-قصد الاسم الخاص و العنوان المخصوص للواجب الممیز له شرعا.
و هذه العناصر الثلاثة لا بد أن تکون مقارنة للعبادة من البدایة إلی النهایة، و لا یجوز تأخیرها عن أول جزء من أجزائها و إلا لبطلت.نعم،لا مانع من
ص:38
تقدیمها علیها،و لا یضر ذهول المکلف و غفلته عنها حین العمل ما دامت النیة کامنة فی نفسه ارتکازا.
کما یجوز التوکیل فی الإیصال إلی الفقیر،فینوی المالک القربة حین الدفع إلی الوکیل أو حین أمره بإخراج الزکاة من النصاب و دفعها إلی أهلها،و یکفی بقاء هذه النیة فی نفس المالک ارتکازا و إن کان فعلا غافلا عنها و ذاهلا.
شخص أو مطلقا،
و تبرأ ذمة المالک بالدفع الی الوکیل و ان تلفت فی یده.
فی زمن الغیبة
و إن کان ذلک أولی و أفضل.نعم،إذا أفتی فقیه بوجوب دفع الزکاة إلیه علی أساس اجتهاده و نظره فی المسألة،کان ذلک واجبا علی مقلدیه دون غیرهم کسائر فتاویه،و أما إذا حکم بذلک من باب الولایة لما یری فیه من المصلحة فهو نافذ علی الجمیع،سواء أ کانوا من المقلدین له أم لا و إن کان ذلک الحکم منه مخالفا لاجتهاده فی المسألة،حیث إن اجتهاده فیها عدم وجوب دفع الزکاة إلیه.
و کذا الخمس و سائر الحقوق الواجبة،و إذا کان الوارث مستحقا جاز للوصی احتسابها علیه و إن کان واجب النفقة علی المیت حال حیاته.
سواء کان فی النصاب الأول أم الثانی أم الثالث،فی الفضة أم فی الذهب،أم فی غیرهما من الأنعام الثلاثة و الغلات الأربع.
ص:39
سواء کان الآخذ الفقیه أم العامل أم الفقیر،بل هو الأحوط-استحبابا-فی الفقیه الذی یأخذه بالولایة.
کما أن الأولی ترجیح الأقارب و تفضیلهم علی غیرهم،و من لا یسأل علی من یسأل،و صرف صدقة المواشی علی أهل التجمل،و هذه مرجحات قد یزاحمها مرجحات أهم و أرجح.
أخرجه فی الصدقة الواجبة و المندوبة.
نعم،إذا أراد الفقیر بیعه منه بعد تقویمه فلا بأس و لا کراهة،کما لا کراهة فی إبقائه علی ملکه إذا ملکه بسبب قهری،من میراث و غیره.
و یشترط فی وجوبها البلوغ فلا تجب علی الصبی،و الغناء فلا تجب علی الفقیر،و أما المجنون إذا کان غنیا فالأحوط لولیه أن یدفع زکاة فطرته من ماله، و أما العبد فعلی القول بأنه یملک فتجب علیه الفطرة علی الأحوط،و إلا فلا شیء علیه،هذا فی غیر المکاتب،و أما فیه فالأظهر وجوب الفطرة علیه بلا فرق بین أن یکون مطلقا أو مشروطا،و فی اشتراط الوجوب بعدم الإغماء
ص: 40
إشکال بل منع،و یعتبر فی وجوب الفطرة أن یکون الشخص واجدا للشروط قبل انتهاء شهر رمضان،فإذا انتهی و دخل شهر شوال و لم یکن واجدا للشروط لم تجب الفطرة علیه و إن أصبح واجدا لها بعد خروج الشهر،و علی هذا فإذا توفرت الشروط مقارنة للغروب،فإن کان ذلک قبل رؤیة الهلال لشهر شوال وجبت الفطرة،و أمّا إذا کان توفرها مقارنة لرؤیة الهلال أو بعدها، فالأقرب عدم وجوبها،و إن کان الاحتیاط فی إخراجها.
و إذا لم یکن عنده إلا صاع تصدق به علی بعض عیاله،ثم هو علی آخر یدیرونها بینهم،و الأحوط- استحبابا-عند انتهاء الدور التصدق علی الأجنبی،کما أن الأحوط-استحبابا -إذا کان فیهم صغیر أو مجنون أن یأخذه الولی لنفسه و یؤدی عنه،علی أساس أنه لو أخذه منه ولایة فعندئذ جواز التصدق عنه یتوقف علی أن لا تکون فیه مفسده له.
و لا تسقط عن المخالف إذا استبصر،و تجب فیها النیة علی النهج المعتبر فی العبادات.
من یعول به،واجب النفقة کان أم غیره،
قریبا أو بعیدا،مسلما أم کافرا،صغیرا أم کبیرا،بل الظاهر الاکتفاء بکونه منضما إلی عیاله و لو فی وقت یسیر،کالضیف إذا نزل علیه قبل الهلال و بقی عنده لیلة العید و إن لم یأکل عنده،و کذلک فیما إذا نزل بعده علی الأحوط لزوما،أما إذا دعا شخصا إلی الإفطار لیلة العید لم یکن من العیال،و لم تجب فطرته علی من دعاه.
لم یکف ذلک فی صدق کونه
ص:41
عیاله،فیعتبر فی العیال نوع من التابعیة.
نعم،إذا لم یخرجها من وجبت علیه غفلة أو نسیانا و نحو ذلک مما یسقط معه التکلیف عنه واقعا، فالأظهر وجوب إخراجها علیه،و کذلک إذا کان المعیل فقیرا،فإنها تجب علی العیال إذا کان غنیا و واجدا لسائر الشروط.
و أما إذا ولد له مولود قبل خروجه أو ملک مملوکا أو تزوج امرأة،فإن کانوا عیالا له وجبت علیه فطرتهم،و إلا فعلی من عال بهم،و إذا لم یعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة علی نفسها إذا کانت غنیة و واجدة لسائر الشروط،و لم تجب علی المولود، و أما المملوک ففیه التفصیل المتقدم.
فإن صدق علیه عنوان العیلولة لکل منهما مستقلا وجبت فطرته علی کل منهما کذلک،غایة الامر أنها تسقط عن ذمة کل منهما بقیام الآخر بها،و إن لم یصدق علیه عنوان العیلولة لکل منهما لم تجب فطرته علی ای منهما؛لأن الواجب إنما هو فطرة العیال علی المعیل،و المفروض أنه لیس عیالا لا لهذا و لا لذاک بل هو عیال لهما معا،یعنی للمجموع،و المجموع لیس فردا ثالثا،و علی هذا فلو کانت فطرته واجبة علیهما لکانت واجبة علی المجموع،لا أن نصفها واجب علی أحدهما و نصفها الآخر واجب علی الآخر؛لأن الفطرة واجبة بوجوب واحد،و وجوب کل جزء منها وجوب ضمنی لا وجوب مستقل،و لکن مع هذا لا یترک الاحتیاط.
إما أن یکون من الغذاء الغالب فی البلد کاللبن و الزبیب و الأرز و نحوها،أو یکون من الحنطة أو الشعیر أو
ص:42
التمر أو الزبیب أو الأقط،و إن لم یکن من الغذاء الغالب فیه.فالفطرة إذا کانت من أحد هذه الأطعمة الخاصة فهو یجزئ و إن لم یکن من القوت الغالب،و أما إذا لم تکن من أحدها،فلا بد أن تکون من القوت الغالب فی البلد و إلا فلا یجزئ، و الأحوط-لزوما-أن یکون صحیحا،و یجزی دفع القیمة من النقدین و ما بحکمها من الأثمان،و المدار قیمة وقت الأداء لا الوجوب،و بلد الإخراج لا بلد المکلف.
و هو أربعة أمداد و کل مد مائة و ثلاثة و خمسون مثقالا صیرفیا و ربع ربع مثقال المساوی لثلاثة أرباع الکیلو تقریبا، و مقدار الصاع بحسب الکیلو ثلاث کیلوات تقریبا،و لا یجزی ما دون الصاع من الجید و إن کانت قیمته تساوی قیمة صاع من غیر الجید،کما لا یجزی الصاع الملفق من جنسین،و لا یشترط اتحاد ما یخرجه عن نفسه مع ما یخرجه عن عیاله،و لا اتحاد ما یخرجه عن بعضهم و مع ما یخرجه عن البعض الآخر.
وقت إخراجها من طلوع الفجر من یوم العید،و یمتد إلی أن یصلی صلاة العید،و لا یجوز له تأخیر إخراجها إلی ما بعد الصلاة.نعم،من لم یصل صلاة العید جاز له تأخیر إخراجها إلی الزوال و إن کانت رعایة الاحتیاط أولی و أجدر، و أما إذا عزلها فیجوز له التأخیر فی الدفع إذا کان لغرض عقلائی،کما مر فی زکاة الأموال،فإن لم یدفع و لم یعزل حتی زالت الشمس،فالأحوط-استحبابا- الإتیان بها بقصد القربة المطلقة.
و إن کان الأحوط-
ص:43
استحبابا-التقدیم بعنوان القرض.
النقود بقیمتها،
و الظاهر أن العزل لا یتحقق بتعیینها فی مقدار من ماله علی نحو الإشاعة،و کذلک لا یتحقق فی المال المشترک بینه و بین غیره.
و إن أخر دفعها إلی المستحق مع وجوده و تسامح و تماهل فی ذلک إلی أن تلفت ضمنها.نعم،إذا کان التأخیر لغرض صحیح و أهم و تلفت لم یضمنها،علی أساس أن الضمان و عدمه یدوران مدار صدق التفریط و عدمه کما تقدم فی زکاة المال.
و أما مع عدم وجوده فهل یجوز ذلک؟
و الجواب:أنه لا یجوز أیضا-علی الأظهر-إذا کان هناک فقراء من غیر أهل الولایة،فإنه حینئذ یقسمها بینهم شریطة أن لا یکونوا من النواصب،نعم إذا کانت هناک مصلحة أهم جاز النقل،کما أن للفقیه ذلک إذا رأی فیه مصلحة و مصرفها مصرف الزکاة من الأصناف الثمانیة علی الشرائط المتقدمة.
و تحل فطرة الهاشمی علی الهاشمی و غیره،و العبرة علی المعیل دون العیال،فلو کان العیال هاشمیا دون المعیل لم تحل فطرته علی الهاشمی،و إذا کان المعیل هاشمیا و العیال غیر هاشمی حلت فطرته علی الهاشمی.
القدرة علی المؤمن.
ص:44
و علی کلا التقدیرین هو بنفسه یتولی النیة کما تقدم فی زکاة المال.
إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ذلک.
و ینبغی الترجیح بالعلم و الدین و الفضل.
و اللّه سبحانه أعلم و الحمد للّه ربّ العالمین
ص:45
فیما یجب الخمس فیه
و هی امور:
المأخوذة بالقتال من الکفار الذین یحل قتالهم،یجب فیها الخمس إذا کان القتال بإذن الإمام علیه السّلام،و أما إذا کان من دون إذنه،فإن کان فی زمن الحضور مع إمکان الاستئذان منه و مع ذلک لم یستأذن،فالغنیمة کلها للإمام علیه السّلام،و إن کان فی زمن الغیبة،فإن کان بإذن الفقیه الجامع للشرائط ففیها الخمس،و إن کان من
ص:46
دون إذنه فالأظهر إنها للإمام علیه السّلام أیضا،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون القتال من أجل الدعوة إلی الإسلام أو غیرها،أو من أجل الدفاع عن بلد الإسلام عند هجومهم علیه.و قد تسأل:أن وجوب الخمس هل هو مختص بالغنائم المنقولة أو یشمل غیر المنقولة أیضا کالأراضی و الأشجار و نحوها؟
و الجواب:أن الشمول غیر بعید،و یتحصل من ذلک أن وجوب الخمس فی الغنائم مشروط بشرطین:
أحدهما:أن تکون بالقتال و هراقة الدماء،و الآخر أن یکون بأمر الإمام علیه السّلام و إذنه فی زمن الحضور،و إذن الفقیه الجامع للشرائط فی زمن الغیبة، و إلا فهی کلها للإمام علیه السّلام،و علی هذا فالغنیمة کلها تقسم أخماسا،خمس منها للّه و للرسول صلّی اللّه علیه و آله و أربعة أخماس منها تقسم بین المقاتلین،هذا إذا کانت الغنیمة من المنقولات،و أما إذا کانت من غیرها فتبقی أربعة أخماس منها فی ملک المسلمین و قد تسأل:أنه إذا غار المسلمون علی الکفار و أخذوا أموالهم فهل تدخل فی الغنائم؟
و الجواب:أنها تدخل فیها إذا کانت الغارة بإذن ولی الأمر و إلا فهی کلها للإمام علیه السّلام.
باطلة
فلیس فیه خمس الغنیمة،بل خمس الفائدة کما سیأتی إن شاء اللّه تعالی.
دینارا علی الأصح،
نعم یعتبر أن لا تکون غصبا من مسلم،أو غیره ممن هو محترم المال،و إلا وجب ردها إلی مالکها،أما إذا کان فی أیدیهم مال للحربی بطریق الغصب أو الأمانة أو نحوهما جری علیه حکم مالهم.
ص:47
فإذا اخذ وجب تخمیسه فورا کتخمیس المعادن و الغوص و غنائم دار الحرب،و لا یدخل فی خمس الفائدة.
کالذهب و الفضة و الرصاص و النحاس و العقیق و الفیروزج و الیاقوت و الکحل و الملح و القیر و النفط و الکبریت و نحوها.و الأحوط-استحبابا-إلحاق مثل الجص و النورة و حجر الرحی و طین الغسل و نحوها مما یصدق علیه اسم الأرض،و کان له خصوصیة فی الانتفاع به و إن کان الأظهر وجوب الخمس فیها من جهة الفائدة،و لا فرق فی المعدن بین أن یکون فی أرض مباحة أو مملوکة کما أنه لا فرق بین أن یکون من الظاهر أو الباطن،و نقصد بالظاهر ما یکون طبیعته المعدنیة متکونة علی سطح الأرض و یبدو جوهره من دون جهد و عمل،و نقصد بالباطن ما تکون طبیعته متکونة فی أعماق الأرض و لا یبدو جوهره من دون بذل جهد و عمل فی سبیل الوصول إلیه.
و هو ما بلغت قیمة ما اخرج من المعدن و انجز عشرین دینارا من الذهب المسکوک،و کل دینار شرعی یساوی ثلاثة أرباع المثقال الصیرفی،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون المعدن ذهبا أو فضة أو غیرهما.
و قد تسأل:أنه هل یکفی فی وجوب الخمس بلوغ هذا المقدار قبل استثناء مئونة الإخراج و التصفیة أو أن یکون ذلک بعد الاستثناء؟
و الجواب:الأظهر کفایة بلوغ المقدار المذکور قبل استثناء المئونة،فإذا بلغ ذلک المقدار اخرج الخمس من الباقی بعد استثناء المئونة.
ص:48
فإذا أخرجه دفعات متعددة-کما إذا أخرج کمیة منه فی یوم أو أسبوع و کمیة أخری فی یوم أو أسبوع آخر و هکذا-و بلغ مجموع ما أخرج فی ضمن أسبوعین أو أکثر النصاب کفی فی وجوب الخمس.نعم،إذا أخرج کمیة منه فصرفها ثم أخرج کمیة أخری فصرفها و هکذا فلا خمس؛لأن کل واحدة منها لم تبلغ حد النصاب، و المجموع و إن بلغ إلا أنه لا وجود له فعلا،فالمعیار فی وجوب الخمس إنما هو ببلوغ المجموع النصاب إذا کان موجودا فعلا،سواء کان إخراجه دفعة واحدة أم دفعات متعددة.
الحصص النصاب أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه لا یکفی؛لأن کل فرد من أفراد المکلف مأمور بإخراج الخمس من حصته إذا بلغت النصاب لا مطلقا.
من توابعها و ملک لمالکها أو أنه لیس تابعا لها؟
و الجواب:أنه لیس تابعا لها و خاضعا للأرض فی مبدأ الملکیة؛لأن مصدر علاقة الفرد بالأرض و مبدأها إنما هو عملیة الإحیاء،و من الواضح أن الناتج من هذه العملیة إنما هو علاقة المحیی بالأرض فحسب،و لا یمتد أثرها إلی المعادن الموجدة فیها و غیرها من الثروات الطبیعیة التی لها کیان مستقل فی مقابل الأرض،و علی هذا فإذا أخرجه غیره فهو له لا لمن ملک الأرض،غایة الأمر أنه لا یجوز له أن یقوم بإخراجه إذا استلزم التصرف فی الأرض.نعم،یجوز له أن یقوم بذلک من طریق آخر لا یستلزم التصرف فیها،و هذا بخلاف المعادن أو
ص:49
غیرها من الثروات الطبیعیة فی الأراضی المفتوحة عنوة،فإنها خاضعة للأرض فی مبدأ الملکیة،علی أساس أن مبدأ ملکیة تلک الأراضی هو استیلاء المقاتلین علیها بالقهر و الغلبة،و من الواضح أن الاستیلاء علیها استیلاء علی ما فیها من المعادن أو غیرها فی أعماقها،و کذلک الحال فی المعادن الموجودة فی أعماق الأراضی الموات فإنها-کالأراضی-ملک للإمام علیه السّلام.
و إن کان بإمکانه ذلک.
و هو المال المذخور فی موضع،أرضا کان أم جدارا أم غیرهما،فإنه لواجده،و علیه الخمس.هذا فیما إذا کان المال المدخر ذهبا أو فضة مسکوکین بسکة المعاملة،و أما فی غیرهما ففی وجوب الخمس من جهة الکنز إشکال، و الأحوط-وجوبا-إخراج خمسه فورا بقصد الأعم من خمس الفائدة أو الکنز، و یعتبر فی جواز تملک الکنز أن لا یعلم أنه لمسلم فعلا،سواء وجده فی دار الحرب أم فی دار الإسلام،مواتا کان حال الفتح أم عامرة،أم فی خربة باد أهلها،سواء کان علیه أثر الإسلام أم لم یکن،و یشترط فی وجوب الخمس فیه بلوغ النصاب، و هو أدنی مرتبة نصابی الذهب و الفضة فی وجوب الزکاة،و لا فرق فی ذلک بین إخراجه دفعة واحدة أو دفعات،و یکفی فی وجوب الخمس فیه بلوغ النصاب قبل استثناء المئونة،و لکن اخراج الخمس منه یکون بعد استثناء المئونة و إن علم أنه لمالک محترم بالفعل،فإن کان معلوما ردّ المال إلیه،و إن کان مجهولا عنده جری علیه حکم اللقطة،فإن کان ذات علامة ممیّزة وجب التعریف بها سنة کاملة، و بعد السنة إذا لم یوجد فهو مخیر بین التصدق مع الضمان و التعامل به معاملة ماله
ص:50
إلی أن یجیء له طالب،فإن جاء فهو المطلوب و إلا فعلیه أن یوصی به فی وصیته، و إن لم یکن ذا علامة أو أنه کان و لکن لا یمکن التعریف بها أو أنه بلا أثر و فائدة، فحکمه التصدق و إن لم یعلم بوجود مالک محترم له فعلا،و إن علم بوجوده قبل مئات السنین و لکن لا یحتمل بقائه فی قید الحیاة،و حینئذ فإن علم بوجود الوارث له فعلا،فإن کان معلوما رد المال إلیه،و إن کان مجهولا فالحکم فیه کما مر، و إن لم یعلم بوجود الوارث له فعلا فهو لواجده و علیه خمسه،و بکلمة:أن هنا أربعة موضوعات:
1-الکنز.
2-اللقطة.
3-المجهول مالکه وصفا و عینا أو وصفا لا عینا.
4-المعروف مالکه المفقود عینا.
غیر ذلک
و لیس له مالک محترم فعلا،فإذا وجده شخص فهو له،بلا فرق بین أن یکون فی الأراضی الخربة بالأصالة أو بالعارض أو فی الأراضی المعمورة طبیعیا أو بشریا أو فی الأراضی الخاضعة لمبدإ الملکیة العامة،کالأراضی المفتوحة عنوة أو الخاضعة لمبدإ الملکیة الخاصة،فعلی جمیع التقادیر فهو لواجده؛لأن ملکیته مرتبطة بوجود أمرین:أحدهما وجدانه،و الآخر أن لا یکون له مالک محترم بالفعل و لو بالاستصحاب،فإذا یجب علی واجده الخمس بشرطین:
الأول:أن یکون من الذهب أو الفضة المسکوکین بسکة المعاملة.
ص:51
الثانی:أن یبلغ النصاب.
الحیوان،
و له مالک محترم بالفعل و مجهول عینا و وصفا،و لها أحکام خاصة، منها:أن علی الملتقط أن یقوم بتعریفها سنة کاملة شریطة توفر امور:
الأول:أن لا یکون جازما بعدم جدواه للیأس عن وجدان صاحبها.
الثانی:أن تکون ذات علامة ممیزة.
الثالث:أن لا یکون فیه تعریض النفس للخطر،فإذا توفرت هذه الامور وجب علیه تعریفها طول السنة،و لا فرق فی ذلک بین أن تکون قیمتها أقل من الدرهم أو أکثر،و منها:أن الملتقط إذا لم یجد صاحبها بعد التعریف سنة کاملة یکون مخیرا بین التصدق بها مع الضمان و بین جعلها فی عرض ماله،و یجری علیها ما یجری علی ماله حتی یجیء لها طالب،و إلا فعلیه أن یوصی بها فی وصیته، و منها:جواز تملکها علی المشهور إذا لم تکن ذات علامة ممیزة قابلة للتعریف، و لکنه لا یخلو عن إشکال بل منع.نعم،إذا وجد حیوانا فی البراری أو الجبال أو الفلوات الخالیة من السکان و کان ممّا لا یقوی علی حفظ نفسه و الامتناع من السباع،جاز له أن یأخذه بقصد التملک کالشاة و نحوها.
مکانا،
فحینئذ إن أمکن الفحص عنه وجب،و إلا تصدق به،و إن کان مجهولا عینا و مکانا فالحکم أیضا کذلک.
عنه ببذل أقصی جهده فی سبیل الوصول إلیه،
فإن قدر علیه فهو المطلوب،و إلا
ص:52
فهو کسبیل ماله حتی یجیء صاحبه،و إن لم یجیء فیوصی به و إذا انقطع الأمل فحکمه التصدق.
فإن کان المشتری واثقا و مطمئنا أنه من البائع المباشر وجب أن یرده إلیه،و إن کان واثقا و متأکدا بأنه من أحد الأیادی التی مرت علیها،و حینئذ فإن علم ببقاء المالک إجمالا فی قید الحیاة و لو ببقاء وارثه،وجب علیه تعریفه لهم،فإن عرفه واحد منهم فهو له،و إلا فالمرجع القرعة،و تعیین المالک بها،و إن علم بعدم بقاء مدخره فی قید الحیاة و لا یعلم بوجود الوارث له،فعندئذ إن لم یعرفه أحد هؤلاء فهو لواجده و علیه خمسه،و کذلک الحال إذا وجده فی ملک شخص آخر کان تحت یده بإجارة أو نحوها.
فإن لم یعرفه کان له،شریطة أن لا یعلم بأن له مالکا موجودا فعلا و لکنه مجهول،و إلا فیدخل فی اللقطة و تترتب علیه أحکامها التی تقدمت،و کذا الحکم فی الحیوان غیر الدابة،مما کان تحت ید البائع،و أما إذا اشتری سمکة و وجد فی جوفها مالا، فهو له من دون تعریف،إذا لم یعلم بأنه ملک لمالک محترم فعلا،و إلا جری علیه ما مر من الأحکام،و لا یجب فی جمیع ذلک الخمس بعنوان الکنز بل یجری علیه حکم الفائدة و الربح.
ما اخرج من البحر بالغوص من الجوهر و غیره،لا مثل السمک و نحوه من الحیوان،فالأظهر وجوب الخمس فیه و إن لم تبلغ قیمته دینارا.
فالأظهر جریان حکم
ص:53
الغوص علیه.
بالنسبة إلی ما یخرج منها بالغوص.
بل الأظهر وجوبه فیه إن اخذ من وجه الماء أو الساحل.
الأرض التی اشتراها الذمی من المسلم،فإنه یجب فیها الخمس علی الأقوی،و لا فرق بین الأرض الخالیة و أرض الزرع و غیرها کالبساتین،و أما إذا اشتری الدار أو الحمام أو الدکان،فهل یجب الخمس فی أراضیها أو لا؟
و الجواب:أنه لا یخلو عن إشکال و إن کان الأحوط-وجوبا-الخمس، و لا یختص الحکم بالشراء بل یجری فی سائر المعاوضات أو الانتقال المجانی أیضا.
و کذا إذا باعها من مسلم،فإذا اشتراها منه ثانیا وجب خمس آخر،فإن کان الخمس الأول دفعه من العین کان الخمس الثانی خمس الأربعة أخماس الباقیة،و إن کان دفعه من غیر العین کان الخمس الثانی خمس تمام العین.نعم،إذا کان المشتری من الشیعة جاز له التصرف فیها،من دون إخراج الخمس؛لأن خمسها انتقل إلی ذمة البائع.
و یتخیر الذمی بین دفع خمس العین و دفع قیمته،فلو دفع أحدهما وجب القبول،و إذا کانت الأرض مشغولة بشجرة أو بناء،فإن اشتراها علی أن تبقی مشغولة بما فیها بأجرة أو مجانا قوم خمسها کذلک،و إن اشتراها علی أن یقلع ما فیها قوّم أیضا کذلک.
ص:54
یکون الخمس علیه،
أو أن لا یکون فیها الخمس بطل الشرط،و إن اشترط أن یدفع الخمس عنه صح الشرط،و لکن لا یسقط الخمس إلا بالدفع.
إذا لم یتمیز،و لم یعرف مقداره،و لا صاحبه،فإن علیه أن یخرج خمسه، شریطة أن تکون نسبة احتمال الاختلاط بمقدار الخمس محفوظة بین أنحاء نسب الاحتمالات؛إذ لو علم المالک أن نسبة الحرام إلی الحلال فی المال المختلط أکثر من الخمس أو أقل منه و لا یحتمل أن تکون نسبة الاختلاط بمقدار الخمس،فلا معنی لإیجاب إخراج الخمس علیه،و الأحوط صرفه بقصد الأعم من المظالم و الخمس،فإن علم المقدار و لم یعلم المالک تصدق به عنه،سواء کان الحرام بمقدار الخمس،أم کان أقل منه أم کان أکثر منه،و الأحوط-استحبابا-أن یکون بإذن الحاکم الشرعی،و إن علم المالک و جهل المقدار تراضیا بالصلح،و إن لم یرض المالک بالصلح جاز الاقتصار علی دفع الأقل إلیه إن رضی بالتعیین،و إلا تعین الرجوع إلی الحاکم الشرعی فی حسم الدعوی،و حینئذ إن رضی بالتعیین فهو، و إلا أجبره الحاکم علیه،و إن علم المالک و المقدار وجب دفعه إلیه،و یکون التعیین بالتراضی بینهما.
فی عدد محصور،
وجب التخلص من الجمیع باسترضائهم،فإن لم یمکن ففی المسألة وجوه،أقربها العمل بالقرعة فی تعیین المالک،و کذا الحکم إذا لم یعلم قدر المال و علم صاحبه فی عدد محصور.
فإن علم بجنسه
ص:55
و مقداره فإن عرف صاحبه رده إلیه،و إن لم یعرفه،فإن کان فی عدد محصور، وجب استرضاء الجمیع،و إن لم یمکن عمل بالقرعة،و إن کان فی عدد غیر محصور تصدق به عنه،و الأحوط-استحبابا-أن یکون بإذن الحاکم الشرعی،و إن علم جنسه و جهل مقداره جاز له فی إبراء ذمته الاقتصار علی الأقل،فإن عرف المالک رده إلیه،و إلا فإن کان فی عدد محصور وجب استرضاء الجمیع،فإن لم یمکن رجع إلی القرعة و إلا تصدق به عن المالک،و الأحوط-استحبابا-أن یکون بإذن الحاکم،و إن لم یعرف جنسه و کان قیمیا و کان قیمته فی الذمة،فالحکم کما لو عرف جنسه،و إن لم یعرف جنسه و کان مثلیا،فإن أمکن المصالحة مع المالک تعین ذلک،و إلا فلا یبعد العمل بالقرعة بین الأجناس.
فالظاهر عدم الضمان له.
وجب علیه دفع الزائد أیضا إذا لم یکن الدفع من باب الخمس،و إذا علم أنه أنقص جاز له استرداد الزائد علی مقدار الحرام إذا کان باقیا،و إلا فلا شیء علیه،و أما إذا کان من باب الخمس،فالأظهر عدم وجوب دفع الزائد إذا کان الحرام أکثر من الخمس،و لا استرداد الزائد إذا کان الحرام أنقص منه.
الوقف العام أو الخاص
فلا یحل المال المختلط به بإخراج الخمس،بل یجری علیه حکم معلوم المالک،فیراجع ولی الخمس أو الزکاة أو الوقف العام أو الخاص بالتراضی معه أو التصالح أو القرعة.
للخمس،
فلا بد حینئذ من أن تلحظ نسبة الحرام إلیه باستثناء خمسه،علی
ص:56
أساس أنه مال غیره فلا یکون من ماله المختلط،و موضوع المسألة ماله الحلال الذی اختلط به الحرام لا الأعم منه و من المال المشترک بینه و بین غیره،مثال ذلک إذا کان عنده مائة دینار مثلا مخلوطة بالحرام و علم بأن الحلال من ذلک المبلغ متعلق للخمس،و عندئذ فإذا فرضنا أن خمسة و سبعین دینارا فی المثال من المال المخلوط حلال جزما،فطبیعة الحال کان-خمسه و هو خمسة عشر دینارا-مال غیره فلا یحسب من ماله المخلوط،فإذن یکون ماله المخلوط عنده خمسة و ثمانین دینارا،و علی هذا فلا تظهر الثمرة بین أن یخمس الحلال أو لا ثم المال المختلط و بین العکس،فإن الواجب علیه إخراج خمس مبلغ خمسة و ثمانین دینارا بعنوان المال المختلط،سواء کان ذلک قبل تخمیس الحلال أم کان بعده،و من هذا القبیل ما إذا کان عنده خمسة و سبعون دینارا مخلوطة بالحرام،و علم أن الحلال منه متعلق للخمس،و حینئذ فإذا فرضنا أن خمسین دینارا فی المثال من المال المخلوط حلال جزما،کان خمسه-و هو عشرة دنانیر-بما أنه مال غیره فلا یحسب من ماله المخلوط،فإذن یکون ماله المخلوط بالحرام عنده خمسة و ستین دینارا لا خمسة و سبعین،و علی هذا فیجب علیه إخراج خمسه سواء کان قبل تخمیس المال الحلال أم کان بعده،و لا تظهر الثمرة بین الطریقین لإخراج الخمس،فعلی کلا الطریقین یخمس مبلغ خمسة و ستین دینارا بعنوان المال المخلوط بالحرام.
بالإتلاف
لم یسقط الخمس،بل یکون فی ذمته،و حینئذ أن عرف قدره دفعه إلی مستحقه،و إن تردد بین الأقل و الأکثر جاز له الاقتصار علی الأقل، و الأحوط-استحبابا-دفع الأکثر.
ص:57
ما یفضل عن مئونة سنة نفسه أو عیاله من فوائد الصناعات و الزراعات و التجارات و الإجارات و حیازة المباحات،و الأقوی تعلقه بکل فائدة مملوکة له کالهبة و الهدیة و الجائزة و النذور و المال الموصی به و نماء الوقف الخاص أو العام و المیراث الذی لا یحتسب،أی:لا یکون ذلک بالحسبان و التصور،و هذا لا یتوقف علی أن یکون الوارث جاهلا بوجود المورث له فی بلد آخر،بل یشمل ما إذا علم بوجوده فی بلده إلا أنه لیس فی تصوره و حسبانه یوما من الأیام عادة أنه یموت و یموت معه جمیع من فی طبقة متقدمة علیه و هو یظل حیا و یصل میراثه إلیه،و لکن إذا اتفق ذلک بسبب حادثة أرضیة أو سماویة و وصل میراثه إلیه کان مما لا یحتسب ففیه الخمس،و الظاهر عدم وجوب الخمس فی المهر إذا کان بقدر شئون المرأة و مکانتها،و أما إذا کان زائدا فالأظهر وجوب الخمس فی الزائد، و أما عوض الخلع فلا یبعد وجوب الخمس فیه.
مما ملکه بالخمس أو الزکاة أو الکفارات أو رد المظالم أو نحوها.
بها،
و قد أداه فنمت،و زادت زیادة منفصلة کالولد و الثمر و اللبن و الصوف و نحوها مما کان منفصلا،أو بحکم المنفصل-عرفا-فالظاهر وجوب الخمس فی الزیادة، بل الظاهر وجوبه فی الزیادة المتصلة أیضا،کنمو الشجر و سمن الشاة إذا کانت للزیادة مالیة عرفا،و أما إذا ارتفعت قیمتها السوقیة بلا زیادة عینیة فإن کان الأصل قد اشتراه و أعده للتجارة یتجر به وجب الخمس فی الارتفاع المذکور، و إن لم یکن قد اشتراه،کما إذا ورث من أبیه بستانا قیمته مائة دینار فزادت
ص:58
قیمته،و باعه بمائتی دینار لم یجب الخمس فی المائة الزائدة،و إن کان قد اشتراه لا للتجارة بل للاقتناء و الحفاظ علی العین،کما إذا اشتری دارا مثلا بغرض الانتفاع من إجارتها مع الحفاظ علی عینها فزادت قیمته،فهل یجب الخمس فی زیادة القیمة أو لا؟
و الجواب:لا یبعد عدم الوجوب.و لتوضیح ذلک نذکر-فیما یلی-عددا من الصور:
الصورة الاولی:رجل یقوم بالاتجار و الاکتساب،سواء کان بالبیع و الشراء أم بالتصدیر و الاستیراد أم بإنشاء معمل صناعی استنتاجی أو استخراجی،و لهذه الصورة حالات:
الاولی:أن یکون اتجاره بالأموال التی لم تمر علیها سنة عنده،ففی هذه الحالة یجب علیه تخمیس جمیع ما عنده من الأموال و الأرباح بقیمتها الحالیة فی آخر السنة.
الثانیة:أن یکون بالأموال التی مرت علیها سنة کاملة عنده بدون أن یخرج خمسها،کما إذا کان رأس ماله غیر مخمس،ففی هذه الحالة یجب علیه تخمیس جمیع ما عنده من رءوس الأموال فورا،و أما الأرباح-و منها ارتفاع القیمة-ففی آخر السنة.
الثالثة:أن یکون بالأموال المخمسة عنده،ففی هذه الحالة یجب علیه خمس الأرباح فی نهایة السنة،منها ارتفاع قیمة الأموال و البدائل الموجودة عنده فعلا و استثناء رأس المال.
الرابعة:أن یکون رأس ماله مرکبا من الأموال المخمسة و غیر المخمسة،
ص:59
ففی هذه الحالة إن علم النسبة فهو المطلوب و إن لم یعلم فعلیه خمس المتیقن،أما فی المشکوک فإن کان أمره مرددا بین مال غیر متعلق للخمس من الأول کالمال الموروث أو المئونة التی استغنی الإنسان عنها و جعلها رأس مال،و بین مال متعلق للخمس،فالظاهر أنه لا شیء علیه،و إن کان الأولی و الأجدر المصالحة مع الحاکم الشرعی بنصف الخمس،و إن کان أمره مرددا بین مال متعلق للخمس و لکنه أخرج خمسه قبل أن یجعله رأس المال،و بین مال متعلق له و لم یخرج خمسه،فالظاهر وجوب خمسه علیه علی أساس الاستصحاب و لا تصل النوبة إلی المصالحة.
الصورة الثانیة:رجل اشتری مالا لا بقصد الاتجار و الاکتساب به،بل یقصد الاقتناء و الحفاظ علی عین المال للانتفاع بها فعلا أو فی المستقبل،کما إذا اشتری دارا للاستفادة من منافعها أو اشتری أرضا بغایة الانتفاع منها فی المستقبل بجعلها دارا أو دکانا أو ما شاکل ذلک،و لهذه الصورة أیضا حالات:
الأولی:أنه اشتری ذلک المال بثمن لم تمر علیه سنة عنده،ففی هذه الحالة یکون المال المذکور من فوائد سنته،فیجب علیه خمسه فی نهایة السنة بقیمته الفعلیة.
الثانیة:أنه اشتراه بثمن متعلق للخمس،ففی هذه الحالة یجب علیه أن یؤدی خمس الثمن وقت الشراء دون المال المشتری،و إذا زادت قیمته السوقیة و ارتفعت فهل الزیادة من الفوائد فیجب خمسها أو لا؟
و الجواب:أن صدق الفائدة علیها عرفا لا یخلو عن إجمال و لا یبعد عدمه، فلا یجب خمسها و إن کان الاحتیاط فی محله.
الثالثة:أنه اشتری بثمن مخمس،ففی هذه الحالة لا یجب علیه شیء لا
ص:60
خمس الثمن لأنه مخمس و لا خمس المثمن لأنه لیس من فوائد السنة،و أما إذا زادت قیمته السوقیة و ارتفعت فهل فیها الخمس أو لا؟و قد مر أنه لا یبعد عدم وجوب الخمس فیها و إن کان الاحتیاط أولی و أجدر.
الصورة الثالثة:رجل ملک مالا لا بالبیع و الشراء بل بالإرث،و لهذه الصورة حالتان:
الاولی:أنه لا خمس فیه،و لکن إذا زادت قیمته السوقیة و ارتفعت فهل فی تلک الزیادة خمس أو لا؟
و الجواب:أنه لا خمس فیها.
الثانیة:أنه إذا باعه بتلک الزیادة فهل هی داخلة فی الفائدة و فیها الخمس أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه لا یصدق علیها الفائدة عرفا و لا خمس فیها؛لأنه مما ورثه من أبیه و باعه بکذا مبلغا و لا یقال:أنه استفاد منه کذا مقدارا.
الصورة الرابعة:إنسان ملک مالا بالهبة أو الحیازة،و هذا المال تارة لا یکون متعلقا للخمس من الأول کما إذا ملکه قبل البلوغ،و أخری یکون متعلقا للخمس و أدّی خمسه من نفس المال،و علی کلا التقدیرین فإذا زادت قیمته السوقیة و ارتفعت بعد البلوغ فی الفرض الأول و بعد إخراج خمسه فی الفرض الثانی و باعه بتلک الزیادة فهل فیها الخمس أو لا؟
و الجواب:الأظهر أنه لا خمس فیها؛لعدم صدق الفائدة علیها عرفا.نعم، لو کان المال الموهوب متعلقا للخمس،فإذا أدّی خمسه من مال آخر ملک خمسه، و حینئذ فإذا زادت قیمته و ارتفعت و باعه بتلک الزیادة کانت الزیادة بالنسبة إلی
ص:61
خمسه فائدة.باعتبار أنها زیادة علی ما بذل من المال عوضا عنه،و أما الزیادة بالنسبة إلی أربعة أخماسه فلا تکون فائدة،و من هذا القبیل ما إذا استغنی الإنسان عما هو مئونة له کالدار مثلا و بعد الاستغناء زادت قیمته السوقیة و ارتفعت و باعه بتلک الزیادة،لم تصدق علیها أنها فائدة جدیدة عرفا دخلت فی ملکه لکی یجب علیه خمسها،و من هنا إذا نقصت قیمتها فلا یقال إنه خسر.
آخر السنة،
بلا فرق بین النماءات المتصلة کالسمن،و المنفصلة کالصوف و اللبن و السخال المتولدة منها بعد استثناء ما یصرف منها طیلة السنة فی مئونتهم،و إذا بیع شیء من ذلک فی أثناء السنة و بقی مقدار من ثمنه،وجب إخراج خمسه أیضا، و کذلک الحکم فی سائر الحیوانات،فإنه یجب تخمیس ما یتولد منها،إذا کان باقیا فی آخر السنة بنفسه أو ثمنه،هذا إذا کان أصل الأغنام مخمسة،کما إذا کانت إرثا أو مشتراة بثمن مخمس،و إلا یجب علیهم تخمیسها أو تخمیس أثمانها أیضا.
یجب إخراج خمسه،
إذا صرف فی تعمیره و شراء نخیله و أشجاره مالا لم یتعلق به الخمس کالموروث،أو مالا قد أخرج خمسه کأرباح السنة السابقة،أو مالا فیه الخمس و لم یخرج خمسه.نعم،یجب علیه إخراج خمس هذا المال نفسه،کما أنه یجب علیه خمس الزیادة العینیة فیما غرسه من النخیل و الأشجار فی نهایة السنة علی جمیع فروض المسألة،بلا فرق بین أن یکون غرس الأشجار و النخیل بغایة الاستفادة من منافعها کأغصانها و أثمارها و غیرهما؛لإشباع حاجاته الذاتیة حسب شئونه و مکانته أو بغایة الاتجار و التداول بها أصولا و فروعا لخلق منفعة جدیدة.نعم،یفترق الأول عن الثانی فی نقطتین:
ص:62
الأولی:أن الغرض من غرس الأشجار و النخیل إن کان الاتجار و التداول بها بقصد خلق فائدة جدیدة تعلق الخمس بارتفاع قیمتها أیضا،بینما إذا کان الغرض منه الاستفادة الشخصیة من منافعها فحسب،فلا خمس فیه إلا إذا باعها بتلک الزیادة،فعندئذ تدخل الزیادة فی فائدة السنة الثانیة،أنه یجب علی الأول إخراج خمس زیادتها العینیة المتصلة و المنفصلة فی نهایة کل سنة ما دامت تزید کذلک،بینما یجب إخراج خمسها علی الثانی إلی أن بلغت حد الإثمار و الانتفاع بها، فإذا بلغت إلی هذا الحد أصبحت من المئونة فعلا،فإذا نمت و زادت بعد ذلک کانت الزیادة فی أعیان المئونة و لا خمس فیها.
و أما إذا صرف فی تعمیر البستان و تشجیره من ربح أثناء السنة،فیجب علیه إخراج خمس نفس ما عمره فی البستان و ما شجره فیه فی نهایة السنة بالقیمة الحالیة،و کذا یجب تخمیس الشجر الذی یغرسه جدیدا فی السنة الثانیة، و إن کان أصله من الشجر المخمس ثمنه،مثل:(التال)الذی ینبت فیقلعه و یغرسه،و کذا إذا نبت جدیدا لا بفعله،کالفسیل و غیره إذا کان له مالیة.
و بالجملة:کل ما یحدث جدیدا من الأموال التی تدخل فی ملکه یجب إخراج خمسه فی آخر السنة بعد استثناء المئونة.نعم،إذا باعه بأکثر مما صرفه علیه من ثمن الفسیل،و اجرة الفلاح و غیر ذلک وجب الخمس فی الزائد،و یکون الزائد من أرباح سنة البیع،و أما إذا کان تعمیره بقصد التجارة بنفس البستان،وجب الخمس فی ارتفاع القیمة الحاصل فی آخر السنة و إن لم یبعه کما عرفت.
و لم یبعها غفلة أو طلبا للزیادة أو لغرض آخر ثم رجعت قیمتها فی رأس السنة إلی رأس مالها فلیس علیه خمس تلک الزیادة.نعم،إذا بقیت الزیادة إلی آخر
ص:63
السنة و استقر وجوب الخمس فیها و لم یبعها عمدا و من دون عذر و لم یخرج خمسها،و بعد ذلک نقصت قیمتها،فیضمن خمس النقص علی الأظهر؛باعتبار أن ذلک مستند إلی تقصیره.
أثناء السنة من التجارة و غیرها المئونة و هی متمثلة فی أمرین:
أحدهما:مئونة تحصیل الأرباح و الفوائد طیلة السنة.
و الآخر:مئونة سنته.
و المراد من مئونة التحصیل کل ما یصرفه الإنسان فی سبیل الحصول علی الفوائد و الأرباح،کمصارف تصدیر البضائع أو استیرادها إلی بلاد اخری، و اجرة النقل و الانتقال،و الدلال،و الکاتب و الحارس و الصانع و الدکان و ضرائب الدولة و غیر ذلک،فإن جمیع هذه المصارف یخرج طوال فترة السنة من الأرباح و الفوائد،و إخراج الخمس من الباقی،و من هذا القبیل ما ینقص من ماله فی سبیل الحصول علی الربح کالمصانع و المعامل و السیارات و آلات الصناعة و الطبابة و الخیاطة و الزراعة و غیر ذلک،فإن کل ما یرد علی تلک الأموال من النقص بسبب استعمالها أثناء السنة یتدارک من الربح.مثلا إذا اشتری سیارة بعشرین ألف دینار و آجرها سنة بأربعة آلاف دینار،و نقصت قیمة السیارة نهایة السنة من جهة الاستعمال و وصلت إلی ثمانیة عشر ألف دینار،لم یجب الخمس إلا فی الألفین،و الألفان الباقیان من المئونة،و المراد من مئونة السنة التی یجب الخمس فی الزائد علیها کل ما یصرفه الإنسان فی معاش نفسه و عیاله علی النحو اللائق بحاله و فی صدقاته و زیاراته و هدایاه و جوائزه المناسبة لمقامه و ضیافة أضیافه اللائقة بمکانته و شأنه و وفاء حقوقه اللازمة علیه بنذر أو کفارة
ص:64
أو أداء دین أو أرش جنایة أو غرامة ما أتلفه عمدا أو خطأ،أو فیما یحتاج إلیه من دابة و جاریة،و کتب و أثاث،و فی تزویج أولاده و ختانهم و غیر ذلک،فمئونة کل إنسان طوال السنة مصرفه الاعتیادی حسب ما تتطلب مکانته و شأنه فی کل الجهات الداخلیة و الخارجیة،بلا فرق بین أن یکون الصرف فیها علی نحو الوجوب أو الاستحباب أو الإباحة أو الکراهة،ثم إن المراد من المئونة المستثناة من خمس الفائدة و الربح لیس مقدار مئونة الشخص بحسب حاله و مقامه و إن لم یصرفه طوال السنة،بل المراد منها ما یصرفه فعلا طیلة السنة،و أما لو صرف منها أقل مما یتطلب شأنه و مکانته و قتر علی نفسه و عیاله و سائر جهاته،فیکون المستثنی المقدار المصروف و هو الأقل،و یجب علیه إخراج الخمس من الباقی،کما أنه إذا تبرع متبرع له بنفقته أو بعضها لا یستثنی له مقدار التبرع من أرباحه بل یحسب ذلک من الربح الذی لم یصرف فی المئونة،و أیضا لا بدّ أن یکون الصرف علی النحو اللائق بمقامه،فإن زاد علیه وجب خمس الزائد،و إذا کان المصرف سفها و تبذیرا لا یستثنی المقدار المصروف،بل یجب فیه الخمس،و الظاهر أن المصرف إذا کان راجحا شرعا لم یجب فیه الخمس و إن کان غیر متعارف،کمن یتصدی لذلک و لا تتطلبه مکانته المالیة،و ذلک کتأسیس مسجد أو مدرسة دینیة أو الإنفاق علی الضیوف بأکثر مما هو مقتضی شأنه.
بلا فرق فی ذلک بین ربح التجارة و الصناعة و المهنة و الحرفة و غیر ذلک،و تستثنی مئونة السنة من الربح من حین وجوده و ظهوره فإن لکل ربح سنة تخصه،و من الجائز أن یجعل الإنسان لنفسه رأس سنة تسهیلا لأمره،فیحسب مجموع وارداته من مختلف أنواع التکسب من التجارة و الزراعة و الصناعة و المهنة و غیرها فی آخر السنة و یخمس ما زاد علی مئونته،کما یجوز له أن یجعل لکل نوع بخصوصه رأس سنة،
ص:65
فیخمس ما زاد عن مئونته فی نهایة تلک السنة.
یجعله رأس مال للتجارة أو الصنعة أو المهنة
قبل أن تنتهی سنته بغرض الإعاشة من أرباحه و فوائده فهل هو مستثنی من الخمس أو لا؟
و الجواب:أن ذلک یختلف باختلاف الأشخاص،فإذا کان هناک شخص تتطلب مکانته الاجتماعیة و شأنه وجود رأس مال له یقوم بالاتجار به و یعیش من أرباحه و فوائده بما یلیق بمقامه،علی أساس أن اشتغاله کعامل مضاربة أو بناء أو صانع لا یلیق به و مهانة له،فهو یعتبر مئونة له و مستثنی من الخمس،و إذا کان هنالک شخص لا تتطلب مکانته ذلک و لم یکن اشتغاله کعامل مضاربة أو بناء أو صانع مهانة له فلا یعتبر مئونة له،و علیه فلا یستثنی من الخمس،و ضابط ذلک:أن من تتطلب مکانته الاجتماعیة وجود رأس مال له للاتجار و الاکتساب به لإشباع حاجیاته اللائقة بحاله،علی أساس أن اکتسابه کصانع أو عامل لإشباع حاجاته لا یلیق بمکانته،ففی هذه الحالة یعتبر رأس المال من مئونته کسائر مئونته من المسکن و الملبس و المأکل و المشرب و المرکب و غیر ذلک و لا خمس فیه.هذا من دون فرق بین أن یکون بمقدار مئونة سنته أو أکثر أو أقل،و من لا تتطلب مکانته الاجتماعیة ذلک،فلا یعتبر من مئونته بل علیه أن یخرج خمسه فی نهایة السنة،و کذلک أصحاب المهن کالطبیب و نحوه،فإن الوسائل و الأدوات التی تتوقف ممارسة الطبیب مهنته علیها بمثابة رأس المال له و تعتبر من مئونته، علی أساس أن ممارسته العمل کعامل مضارب أو صانع أو حارس مهانة له، و علی هذا فإذا کان توفیرها من أرباح السنة و فوائدها،فلا یجب علیه خمسها فی آخر السنة.
ص:66
و نذکر مثالین لذلک:
الأول:طبیب عنده مال من أرباح سنته کهدیة أو جائزة أو نحوها، و یصرف ذلک المال فی شراء الوسائل و الأدوات الطبیة و أجرة المکتب و الحارس و غیر ذلک بغرض ممارسة مهنته کطبیب،و صرف ما یحصل منها فی مئونته اللائقة بحاله،علی أساس أن عمله کصانع أو عامل لا یلیق بشأنه و مکانته،و لیست لدیه موارد اخری کالتجارة أو نحوها،ففی هذه الحالة لا یجب علیه إخراج الخمس من تلک الوسائل و الأدوات و غیرها فی نهایة السنة،لأنها تعتبر مئونة له فلا خمس فیها.
الثانی:خیاط یکون فی أمس الحاجة إلی توفیر الوسائل و الأدوات الخیاطیة لممارسة مهنته کخیاط لإشباع حاجاته المناسبة لمقامه،علی أساس أن عمله کصانع خیاط لا یناسب شأنه و لا یلیق بمکانته،و فی هذه الحالة إذا کان عنده مال من أرباح السنة و کان کافیا لتوفیر الوسائل و الأدوات الخیاطیة له، فإنه إذا اشتری به تلک الوسائل و الأدوات و مارس مهنته بها،و یصرف ما یحصل منها فی مئونته فلا خمس فیها،و قد تسأل:أن من کان بحاجة إلی رأس مال إما للاتجار به أو لممارسة مهنته کطبیب مثلا،فإن کان ما نتج منه و حصل بقدر مئونته السنویة اللائقة بحاله فلا خمس فیه کما مر،و إن کان أزید منه بمعنی:أنه یقصد من وراء ذلک خلق منفعة جدیدة زائدا علی ما یصرف فی مئونته،فعندئذ هل یخمس رأس المال أو لا؟
و الجواب:أنه یخمس بالنسبة کما یخمس الزائد من الربح.نعم،إذا لم یکن بحاجة إلی جعل ما عنده من الربح و الفائدة رأس مال له،علی أساس أنه یعیش بما یناسب مقامه من دون ذلک فلا یکون مستثنی من الخمس.
ص:67
الأرباح
کما مر،و لا یفرق فی ذلک بین حصول الربح فی سنة الصرف و حصوله فیما بعد،فکما لو صرف مالا فی سبیل إخراج معدن،استثنی ذلک منه بعد إخراجه، و لو کان الإخراج بعد مضی سنة أو أکثر،فکذلک لو صرف مالا فی سبیل حصول الربح فی سنته،و من ذلک النقص الوارد علی المصانع و السیارات و آلات المصانع و غیر ذلک مما یستعمل فی سبیل تحصیل الربح و الفائدة کما مر.
و المشروب،و ما ینتفع به-مع بقاء عینه
مثل الدار و الفرش و الأوانی و نحوها من الآلات المحتاج إلیها،فیجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح و إن بقیت للسنین الآتیة.نعم،إذا کان عنده شیء منها قبل الاکتساب فلا یجوز استثناء قیمته من الربح،بل حاله حال من لم یکن محتاجا إلیها.
و إن کان له مال غیر مال التجارة،فلا یجب إخراجها من ذلک المال،و لا التوزیع علیهما.
و السکر و غیرها،
وجب علیه إخراج خمسه،أما المؤن التی یحتاج إلیها-مع بقاء عینها-إذا استغنی عنها،فالظاهر عدم وجوب الخمس فیها،سواء کان الاستغناء عنها بعد السنة-کما فی حلی النساء الذی یستغنی عنه فی عصر الشیب-أم کان الاستغناء عنها فی أثناء السنة کالثیاب التی لبسها شهرا أو شهرین ثم استغنی عنها،أو الدار التی اشتراها بربح أثناء السنة و سکن فیها ستة أشهر مثلا ثم استغنی عنها و هکذا.
کالسکر و الطحین
ص:68
و التمن و غیرها،قد اشتراها من ماله المخمس فزادت قیمتها حین الاستهلاک فی أثناء السنة،لم یجز له استثناء قیمة زمان الاستهلاک،بل یستثنی قیمة الشراء،کما إذا اشتری تلک الأعیان لمئونة السنة بثمن متعلق للخمس،فزادت قیمته بعد الشراء و ارتفعت قبل استعمالها و صرفها،فإن الواجب علیه إخراج خمس الثمن فحسب دون قیمة زمن الاستعمال.
شیء الی السنة الثانیة و کان أصله مخمسا
فإذا زادت قیمته لم یجب خمس الزیادة، کما أنه لو نقصت قیمته لم یجبر النقص من الربح.
وجب إخراج خمسه،و کذا إذا اشتری عالما بعدم الاحتیاج إلیه کبعض الفرش الزائدة و الجواهر المدخرة لوقت الحاجة فی السنین اللاحقة و البساتین و الدور التی یقصد من وراء ذلک الاستفادة بنمائها،فإنه لا یراعی فی الخمس رأس مالها،بل قیمتها و إن کانت أقل منه،و کذا إذا اشتری الأعیان المذکورة بالذمة،ثم وفی من الربح لم یلزمه إلا خمس قیمة العین آخر السنة باعتبار أنها الفائدة.
و إذا استطاع فی أثناء السنة من الربح و لم یحج-و لو عصیانا-وجب خمس ذلک المقدار من الربح و لم یستثن له،و إذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنین متعددة، وجب خمس الربح الحاصل فی السنین الماضیة،فإن بقیت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج و إلا فلا،أما الربح المتمم للاستطاعة فی سنة الحج فلا خمس فیه.نعم،إذا لم یحج-و لو عصیانا-وجب إخراج خمسه.
فاشتری فی السنة الاولی
ص:69
عرصة لبناء دار له،و فی الثانیة خشبا و حدیدا،و فی الثالثة آجرا مثلا و هکذا، فهل یکون ما اشتراه فی السنین السابقة من المؤن المستثناة من الخمس أو لا؟ و الجواب:أن مکانة الشخص و شأنه لدی الناس إذا اقتضت أن تکون له دار یسکن فیها،علی أساس أن سکناه فی دار وقف أو إجارة لا یلیق بمکانته و مقامه،و فی نفس الوقت هو لا یتمکن من بناء دار إلا بهذه الطریقة التدریجیة، فهو من مئونته و لا خمس فیه،و أما إذا لم تقتض مکانته ذلک فلا یکون ما اشتراه فی السنین السابقة من المؤن له المستثناة من الخمس بل علیه إخراج خمسه.
الإجارة من أرباح تلک السنة،
و ما یقع بإزاء العمل فی السنین الآتیة من أرباح تلک السنین،بمعنی أن الاجرة الواقعة بإزاء العمل فی کل سنة من أرباح تلک السنة،و أما إذا باع ثمرة بستانه سنین کان کل الثمن من أرباح سنة البیع،باستثناء ما یجبر به النقص الوارد علی مالیة البستان،من جهة کونه مسلوب المنفعة فی المدة الباقیة بعد انتهاء السنة،مثلا:إذا کان له بستان یساوی عشرة آلاف دینار، فباع ثمرته عشرة سنین بأربعة آلاف دینار،و صرف منها فی مئونته ألف دینار، فکان الباقی له عند انتهاء السنة ثلاثة آلاف دینار،لم یجب الخمس فی تمام الثلاثة، بل لا بدّ من استثناء مقدار یجبر به النقص الوارد علی مالیة البستان،من جهة کونه مسلوب المنفعة تسع سنین،فإذا فرضنا أنه لا یساوی کذلک بأزید من ثمانیة آلاف دینار،لم یجب الخمس إلا فی ألف دینار فقط،و بذل یظهر الحال فیما إذا أجر داره-مثلا-سنین متعددة.
موجوداته لیخرج خمسها،
فإن کان ما دفعه من أرباح هذه السنة،فعلیه أن
ص:70
یضم المدفوع إلی الأرباح الموجودة و حسب المجموع و أخرج خمسه،مثال ذلک:إذا دفع خمسا من فائدة أثناء السنة ألف دینار مثلا،ثم بعد نهایة السنة یحسب الفائدة،فإذا بقت منها تسعة آلاف دینار،فوظیفته أن یضم ما دفعه خمسا فی أثناء السنة و هو الألف إلی الفائدة الباقیة عنده بعد انتهائها و هی تسعة آلاف دینار فیصیر المجموع عشرة آلاف دینار،و یکون خمسها ألفین و قد أدی الألف منهما و بقی ألف آخر،و لا یجوز أن یحسب خمس تسعة آلاف دینار-و هو الألف و ثمانمائة دینار-و یستثنی منه ما دفعه-و هو الألف- و یعطی الباقی و هو ثمانمائة.
أحدهما:أن لا یکون له ما بإزاء فی الخارج.
ثانیهما:یکون له ما بإزاء فیه،کما إذا استدان مبلغا و اشتری به قطعة أرض أو دار أو غیرها،و هی موجودة عنده فعلا أو اشتراها فی الذمة.
أما النوع الأول فیکون أدائه من المئونة،و لا فرق فیه بین أن یکون الدین فی سنة الربح أو قبلها للمئونة أم لغیرها،تمکن من أدائه قبل ذلک أم لا.
و کذلک لا فرق بین الدین العرفی و الدین الشرعی کالخمس و الزکاة و النذور و الکفارات و اروش الجنایات و قیم المتلفات و شروط المعاملات،فإنه إن أداها من الفائدة فی سنتها لم یجب الخمس فیها،و إلا وجب الخمس،و قد تسأل:أن الدین إذا کان للمئونة بعد ظهور الربح،فهل یستثنی من الفائدة فی نهایة السنة أو لا؟
و الجواب:أن الاستثناء لا یخلو عن إشکال،و الأحوط إخراج الخمس
ص:71
منه.
و أما النوع الثانی فإن کان الدین مقارنا لظهور الفائدة أو متأخرا عنه، و حینئذ فإن أداه من تلک الفائدة،انتقل خمسها إلی ما بإزائه من الأعیان الخارجیة و تصبح تلک الأعیان من فائدة السنة،فیجب خمسها بقیمتها الفعلیة فی نهایة السنة،سواء زادت قیمتها أم نقصت،و إن کان متقدما علی ظهورها لم یجز أن یؤدیه من تلک الفائدة المتأخرة إلا بعد إخراج خمسها،علی أساس أن نفس الأعیان المذکورة لیست من المئونة لکی یعتبر أداء ثمنها و لو من الربح المتأخر مئونة،و لا أداء قیمتها من ربح هذه السنة.
تلک المعاملات فی وقت،و ربح فی آخر،
فإن کان الخسران بعد الربح أو مقارنا له یجبر الخسران بالربح علی الأقوی،فإن تساوی الخسران و الربح فلا خمس،و إن زاد الربح وجب الخمس فی الزیادة،و إن زاد الخسران علی الربح فلا خمس علیه و صار رأس ماله فی السنة اللاحقة أقل مما کان فی السنة السابقة.و أما إذا کان الربح بعد الخسران فالأقوی عدم الجبر،و هل یجری الحکم المذکور فیما إذا وزع رأس ماله علی تجارات متعددة،کما إذا اشتری ببعضه حنطة،و ببعضه سمنا، فخسر فی أحدهما و ربح فی الآخر أو لا؟
و الجواب:أنه لا یجری علی الأظهر أو لا أقل من الاحتیاط فی المسألة، و کذلک الحکم فیما إذا تلف بعض رأس المال بتلف سماوی و إن کان بعد ظهور الربح أو صرف منه فی نفقاته و مئونته،و من ذلک ما إذا أنفق من ماله غیر مال التجارة فی مئونته و إن کان بعد حصول الربح،و کذلک حال أهل المواشی،فإنه إذا باع بعضها لمئونته،أو مات بعضها أو سرق،فلا یجبر جمیع ذلک بالنتاج الحاصل
ص:72
له قبل ذلک علی الأظهر،أو لا أقل من الاحتیاط،و علیه فلا یجبر النقص الوارد علی الامهات بقیمة السخال المتولدة التی هی من فائدة السنة علی الأقرب،و إن کان النقص بعد تولدها.
فربح فی أحدهما و خسر فی الآخر،ففی جبر الخسارة بالربح إشکال بل منع،و الأقوی عدم الجبر.
مئونته
فلا یجبر.
مئونته
-کأثاث بیته أو لباسه أو سیارته التی یحتاج إلیها و نحو ذلک،ففی الجبر من الربح إشکال،و الأظهر عدم الجبر.نعم،یجوز له تعمیر داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح،و یکون ذلک من التصرف فی المئونة المستثناة من الخمس.
فاستقاله البائع فأقاله،لم یسقط الخمس بعد تعلقه و تنجزه.نعم،إذا کان من شأنه أن یقیله -کما فی غالب موارد بیع شرط الخیار إذا رد مثل الثمن-فلا خمس من جهة أنه لا یصدق علیه الفائدة عرفا.
علیه الحاکم،
و کذا الحکم إذا دفعه المالک إلی غیره وفاء لدین أو هبة أو عوضا لمعاملة،فإنه ضامن للخمس،و یرجع الحاکم علیه،و لا یجوز الرجوع علی من انتقل إلیه المال إذا کان مؤمنا،و إذا کان ربحه حبا فبذره فصار زرعا،وجب
ص:73
خمس الحب لا خمس الزرع،و إذا کان بیضا فصار دجاجا،وجب علیه خمس البیض لا خمس الدجاج،و إذا کان ربحه أغصانا فغرسها فصارت شجرا،وجب علیه خمس الشجر لا خمس الغصن،فالتحول إذا کان من قبیل التولد وجب خمس الأول،علی أساس أن ما هو موجود فعلا لم یکن متعلقا للخمس،و ما کان متعلقا للخمس-و هو الموجود الأول-قد تلف،فضمن خمسه،و إذا کان من قبیل النمو وجب خمس الثانی؛باعتبار أن متعلق الخمس باق بعینه و الاختلاف إنما هو فی الصفات.
مما وجب علیه،
لم یجز له احتساب الزائد عوضا عما یجب علیه فی السنة التالیة.
نعم،یجوز له أن یرجع به علی الفقیر مع بقاء عینه و کذا مع تلفها إذا کان عالما بالحال.
بعض،
فما حصلت نتیجته یکون من ربح سنته،و یخمس بعد إخراج المؤن،و ما لم تحصل نتیجته یکون من أرباح السنة اللاحقة.نعم،إذا کان له أصل موجود له قیمة اخرج خمسه فی آخر السنة،و الفرع یکون من أرباح السنة اللاحقة،مثلا فی رأس سنته کان بعض الزرع له سنبل،و بعضه قصیل لا سنبل له وجب علیه إخراج خمس جمیع الزرع مما له سنبل فعلا و ما لا سنبل له،و إذا ظهر سنبله فی السنة الثانیة کان من أرباحها،لا من أرباح السنة السابقة.
و لا یجب علیه إخراج خمس آخر من باب أرباح المکاسب.
ص:74
و کذا إذا لم یعل بها الزوج و زادت فوائدها علی مئونتها،بل و کذا الحکم إذا لم تکسب،و کانت لها فوائد من زوجها أو غیره،فإنه یجب علیها فی آخر السنة إخراج خمس الزائد کغیرها من الرجال.و بالجملة یجب علی کل مکلف أن یلاحظ ما زاد عنده فی آخر السنة من أرباح مکاسبه و غیرها قلیلا کان أم کثیرا، و یخرج خمسه کاسبا کان أم غیر کاسب.
الخمس
من أرباح المکاسب و الکنز،و الغوص،و المعدن و الأرض التی یشتریها الذمی من المسلم،فلا یجب الخمس فی مال الصبی علی الولی و لا علیه بعد البلوغ غیر الحلال المختلط بالحرام،فإنه یجب علی الولی إخراج الخمس منه،و إن لم یخرج فیجب علیه الإخراج بعد البلوغ،و أما العقل فاعتباره لا یخلو عن إشکال و لا یبعد ثبوت الخمس فی مال المجنون،و حینئذ فإن کان له ولی فهو یقوم بإخراج خمس ماله،و إلا فالحاکم الشرعی.
قیمته،
کان اللازم إخراج خمسه عینا أو قیمة،فإن المال حینئذ بنفسه من الأرباح،و أما إذا اشتری شیئا بعد انتهاء سنته و وجوب الخمس فی ثمنه،فإن کانت المعاملة شخصیة وجب تخمیس ذلک المال أیضا عینا أو قیمة،و أما إذا کان الشراء فی الذمة-کما هو الغالب-و کان الوفاء به من الربح غیر المخمس،فلا یجب علیه إلا دفع خمس الثمن الذی اشتراه به،و لا یجب الخمس فی ارتفاع قیمته ما لم یبعه،و إذا علم أنه أدّی الثمن من ربح لم یخمسه،و لکنه شک فی أنه کان أثناء السنة لیجب الخمس فی ارتفاع القیمة أیضا،أو کان بعد انتهائها لئلا یجب الخمس إلا بمقدار الثمن فقط،فالأحوط-لو لم یکن أظهر-وجوب الخمس فی ارتفاع القیمة
ص:75
أیضا.
أما غفلة أو تماهلا و تسامحا أو عامدا و ملتفتا إلی الحکم الشرعی،ثم انتبه إلی حاله أو بنی علی أن یحاسب نفسه فی کل ما مضی من السنین السابقة فما ذا یصنع؟و الجواب:أنه یقسم أمواله إلی مجموعتین:
الاولی:الأموال التی تکون مئونة له فعلا أو کانت مئونة کالمسکن و الملبس و المرکب و المأکل و المشرب و غیرها،أی:کل ما تتطلب حاجیاته بحسب مکانته و شأنه،ففی هذه المجموعة من الأموال إن علم بأنه اشتراها بالأرباح التی لم تمر علیه سنة کاملة فلا خمس فیها و لا شیء علیه،و إن علم بأنه اشتراها بالأرباح التی مرت علیها سنة،فعلیة خمس أثمانها وقت الشراء،أو علم بأنه اشتری داره مثلا فی سنة لم یکن عنده ربح فی هذه السنة،أو کان و لکنه لا یزید علی مصارفه الیومیة،ففی مثل ذلک یجب علیه خمس ثمن الدار فی وقت الشراء،و إن علم بالزیادة فیه و لکن علم أن الزیادة أقل من ثمن الدار،وجب علیه حینئذ إخراج خمس مقدار التفاوت،مثلا إذا اشتری دارا لسکناه بعشرة آلاف دینار،و کان یعلم بأن ربحه فی سنة الشراء یزید علی مصارفه الیومیة بمقدار أربعة آلاف دینار، وجب إخراج خمس ستة آلاف دینار،و کذا إذا اشتری أثاثا للبیت و غیرها مما تتطلب حاجیاته اللائقة بحاله بخمسة آلاف دینار مثلا،و قد ربح من تجارته فی هذه السنة زائدا علی مئونته الیومیة ألفی دینار،وجب إخراج خمس ثلاثة آلاف دینار،و إذا علم أنه لم یربح فی بعض السنین اصلا حتی بمقدار مصارفه الیومیة و أنه کان یصرف من أرباح السنین السابقة،وجب علیه إخراج خمس ثمن مصارفه،و أما إذا لم یعلم بالحال أی:أنها جمیعا مشتراة من أرباح السنة أو جمیعا مشتراة من أرباح السنین السابقة،فالأظهر عدم وجوب الخمس علیه و إن کان الأولی و الأجدر به أن یصالح الحاکم الشرعی بنصف الخمس،و إذا
ص:76
علم بالحال بالنسبة إلی بعض هذه المجموعة دون بعضها الآخر،فإن ما علم حاله ترتب علیه حکمه،و ما لم یعلم حاله فالأحوط الأولی المصالحة مع الحاکم الشرعی بدفع نصف الخمس و ان کان الأقوی عدم وجوب شیء علیه.
نعم،إذا علم إجمالا بأن بعض هذه المجموعة قد اشتراه بأرباح قد مرت علیها سنة و لکنه لا یعلم مقداره و أنه نصف المجموعة أو أکثر أو أقل،وجب حینئذ المصالحة مع الحاکم الشرعی بنصف الخمس.
الثانیة:الأموال التی تکون زائدة علی متطلبات حیاته الیومیة من النقود و العقارات و غیرهما،و فی هذه المجموعة من الأموال یجب علیه خمس کل النقود الموجودة عنده فعلا،و أما غیرها فإن کانت من أموال التجارة و هو یتجر بها بلون من ألوانها،وجب علیه إخراج خمسها بقیمتها الفعلیة،و إن لم تکن من أموال التجارة،فإن علم أنه اشتراها بالأرباح التی مرّت علیها السنة،وجب علیه خمس أثمانها وقت الشراء فقط دون ارتفاع قیمتها و إن کان أولی و أحوط، و إن لم یعلم بذلک-سواء أ کان عالما بشرائها بأرباح السنة أم لا-وجب خمسها بقیمتها الفعلیة،کما أنه إذا کان یعلم بأن قسما من تلک الأموال من أرباح و فوائد السنة الحالیة،لم یجب علیه إخراج خمسه إلا فی آخر السنة و إن کان إخراجه أحوط و أجدر،و لا سیما إذا علم بأنه یبقی إلی نهایة السنة.
بقی هنا حالتان:
الاولی:أنه یعلم فی طول هذه الفترة و السنین بصرف الأرباح و الفوائد فی معاش نفسه و عائلته اللائقة بحاله من المأکل و المشرب و الملبس و المسکن،و فی صدقاته و زیاراته و جوائزه و هدایاه و ضیافة ضیوفه و ختان أولاده و تزویجهم و غیرها،مما یتفق للإنسان فی فترة حیاته کالوفاء بالحقوق الواجبة علیه بنذر أو کفارة أو أرش جنایة أو أداء دین و ما شاکل ذلک،و فی هذه الحالة فمرة کان یعلم بأنه فی کل سنة من هذه السنین قد صرف فی حاجیاته تلک من الأرباح التی لم تمر
ص:77
علیها سنة،و أخری یعلم بأنه فی کل سنة من تلک السنین قد صرف فیها من الأرباح التی مرت علیها سنة،و ثالثة لا یعلم بالحال،و علی الأول فلا شیء علیه، و علی الثانی ضمن خمس قیمة تلک الأرباح فی وقت الصرف،و علی الثالث فالظاهر أنه لا شیء علیه و إن کان الأولی و الأجدر به المصالحة مع الحاکم الشرعی بنصف الخمس،و من هنا یظهر حکم ما إذا علم بالحال فی بعض السنین دون بعضها الآخر أو فی بعض تلک الأشیاء دون بعضها کما مر.
الثانیة:أنه قد کان یعلم بوجود خسارة فی تجارته أو صناعته فی بعض تلک السنوات،و حینئذ فإن علم مقدار الخسارة أو التلف تفصیلا فی تلک الأموال ضمن خمسه،و إن علم مقدارها إجمالا ضمن خمس المقدار المتیقن منه دون الزائد،و إن لم یعلم بالخسارة أو التلف منها أو علم بعدمها فلا شیء علیه.
لکن إذا أراد المکلف تغییر رأس سنته أمکنه ذلک بدفع خمس ما ربحه أثناء السنة و استئناف رأس سنة جدیدة،کما یجوز تبدیل رأس سنة من شهر إلی شهر آخر للأرباح الآتیة،و یجوز جعل السنة عربیة و رومیة و فارسیة و غیرها.
أدخره فی بیته
من الأرز و الدقیق و الحنطة و الشعیر و الحمص و العدس و الفاصولیا و السکر و الشای و النفط و الغاز و السمن و الفحم و غیرها من أمتعة البیت و متطلباته.و اذا کان علیه دین استدانه لمئونة هذه السنة و مساویا لما زاد من تلک الأعیان،أو کان أکثر منه أو أقل،فهل یسقط عنه الخمس إذا کان بقدر الدین أو أقل،أو خمس ما به التفاوت إذا کان أکثر من الدین؟ و الجواب:أن المشهور هو السقوط،علی أساس أن الدین إذا کان للمئونة و لم یف به خلال السنة استثنی مقداره عن الخمس فی آخر السنة،و لکنه لا یخلو عن إشکال،و الأحوط و الأجدر وجوب إخراج الخمس من الزائد و عدم
ص:78
استثنائه عنه،و إذا بقیت من تلک الأعیان الزائدة إلی السنة الآتیة فأدی الدین المذکور فی أثناء تلک السنة من أرباحها،فهل تصبح الأعیان المذکورة من أرباح و فوائد السنة الثانیة،فلا یجب الخمس إلا علی ما یزید منها علی مئونة تلک السنة أو لا؟ و الجواب:أنها لا تصبح أرباحا لها عوضا عن أرباحها التی أدّی الدین المذکور بها،علی أساس انها لیست بدیلا عن تلک الأرباح حتی تقوم مقامها،بل الواجب علیه حینئذ فی المسألة إخراج خمس الأرباح أولا ثم أداء الدین بها؛ باعتبار أن أداء الدین إنما هو من المئونة إذا لم یکن ما بإزائه موجودا،و أما إذا کان له ما بإزاء فی الخارج و أمکن أدائه به فلا یکون أدائه من أرباح السنة الاخری من المئونة،و إذا أراد أدائه بها فعلیه أولا تخمیسها ثم الأداء.
کدار للإیجار مثلا أو بستان أو أرض بأرباح أثناء السنة أو بما وصل إلیه بهبة أو جائزة،و کان علیه دین للمئونة یساویها فی القیمة،و کان الدین بعد ظهور الربح فهنا صورتان:
الاولی:أن الأعیان المذکورة إذا بقیت عنده إلی آخر السنة،فهل یجب علیه خمس تلک الأعیان علی الرغم من أنه مدیون للمئونة بما یعادلها أو لا؟ و الجواب:أن المشهور عدم وجوب الخمس فیها و أنها مستثناة منه،علی أساس أنها بدیل الدین للمئونة و لکنه مشکل،و الأحوط-وجوبا-إخراج الخمس منها.
الثانیة:أن المکلف إذا أدّی الدین المذکور فی السنة الثانیة من أرباحها، فهل یجب علیه أولا خمس الربح ثم أداء الدین به أو لا؟
و الجواب:نعم،یجب علیه ذلک علی أساس أن أداء الدین السابق إنما هو من المئونة إذا لم یکن له ما بإزاء فی الخارج،و أما إذا کان ما بإزاء فیه و یکفی للوفاء به،و مع ذلک إذا أراد المکلف أن یؤدیه من أرباح السنة الاخری،لم یکن ذلک
ص:79
الأداء من المئونة،و علیه أن یخمس تلک الأرباح أولا ثم یؤدی الدین بها،و المقام کذلک؛إذ کان بإمکانه أن یؤدی الدین المذکور من نفس تلک الأعیان المشتراة الموجودة عنده فعلا و کفایتها به،و مع هذا إذا أراد أن یؤدیه من أرباح السنة الاخری،فعلیه تخمیسها أولا ثم الأداء.
و دعوی:أنه إذا أدّی الدین فی السنة الثانیة بأرباحها أصبحت الأعیان المذکورة من أرباح هذه السنة و فوائدها،غایة الأمر إن و فی تمام الدین المساوی لقیمة هذه الأعیان صار تمام الأعیان من فوائد السنة و إن وفی لنصف الدین کان نصف الأعیان من أرباح تلک السنة،و إن وفی ربعه کان ربعها من أرباحها و هکذا، و علی هذا فیعامل مع تلک الأعیان معاملة أرباح السنة و فوائدها،فإن بقیت الی آخر السنة و لم تصرف فی المئونة وجب إخراج خمسها و إلا فلا شیء علیه.
مدفوعة:بأن تلک الأعیان من أرباح السنة الماضیة،و علی هذا فإن لم یکن المکلف مدیونا للمئونة وجب علیه تخمیسها فی آخر السنة،و إن کان مدیونا للمئونة بما یساوی قیمة تلک الأعیان و مالیتها فلا خمس فیها علی المشهور،علی أساس أن الدین إذا کان للمئونة و کان بعد ظهور الربح،استثنی من الأرباح فی نهایة السنة عن الخمس،و بما أن هذه الأعیان فی المسألة تقدر بقدر الدین المذکور فتکون مستثناة عنه،و لکن مرّ أنه لا یخلو عن إشکال،و الأحوط-وجوبا-عدم الاستثناء،و بکلمة:أن تلک الأعیان تکون من أرباح السنة الاولی،و هی فی تلک السنة إما مستثناة من الخمس بملاک المئونیة،أو أن خمسها مبنی علی الاحتیاط.
و علی کلا التقدیرین لا یعقل صیرورتها من أرباح السنة الآتیة بأداء الدین منها، علی أساس أنها إنما تصیر من أرباحها إذا کانت مشتراة فی هذه السنة بالذمة بعد ظهور الربح ثم یؤدی ثمنها من أرباحها،فإنها حینئذ أصبحت من فوائدها لا مثل الأعیان المذکورة التی هی مشتراة فی السنة الاولی،و علی هذا فبما أن أداء هذا الدین لیس من مئونة السنة الثانیة،علی أساس أنّ له ما بإزاء فی الخارج،فیجب
ص:80
تخمیس الربح أولا ثم الأداء.نعم،إذا تلفت تلک الأموال بتلف سماوی لا ضمانی، فعندئذ لا خمس فیما یؤدیه لوفاء الدین من الأرباح،علی أساس أنه لیس للدین وقتئذ ما بإزاء فی الخارج أمکن الوفاء به،و علیه فیکون أدائه من المئونة فلا خمس فیه.أجل،إذا کانت العین المشتراة فی الذمة من المؤن،کما إذا اشتری دارا کذلک للسکنی فسکنها،ثم وفی فی السنة الثانیة أو الثالثة ثمنها،لم یجب علیه خمس الدار و لا ثمنها باعتبار أنها من المئونة.
السنة الثانیة أن یدفع إما الربع بدل الخمس،
بأن یدفع عن کل مائة خمسة و عشرین،و عن کل ألف مائتین و خمسین و هکذا،أو یدفع خمس الأرباح و الفوائد أولا،ثم خمس الأرباح السابقة،علی أساس أن دفع خمس تلک الأرباح من أرباح السنة الثانیة لیس من مئونة تلک السنة ما دامت تلک الأرباح موجودة،لکی یکون مستثنی من الخمس.نعم،لو تلفت بحادثة سماویة أو أرضیة،فحینئذ یکون أداء خمسها من الأرباح اللاحقة من المئونة و مستثنی من الخمس.
من وجوه البر،
وجب علیه الوفاء بنذره،فإن صرف المنذور فی الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة لم یجب علیه تخمیس ما صرفه،و إن لم یصرفه حتی انتهت السنة وجب علیه إخراج خمسه،کما یجب علیه إخراج خمس النصف الآخر من أرباحه بعد إکمال مئونته.
دنانیر،
و اشتری آلات للدکان بعشرة،و فی آخر السنة وجد ماله بلغ مائة دینار، کان علیه خمس الآلات فقط،و لا یجب إخراج خمس اجرة الدکان؛لأنها من مئونة التجارة،و کذا اجرة الحارس،و الحمال و الضرائب التی یدفعها إلی الدولة
ص:81
و السرقفلیة،فإن هذه المؤن مستثناة من الربح،و الخمس إنما یجب فیما زاد علیها کما عرفت.نعم،إذا کانت السرقفلیة التی دفعها إلی المالک أو غیره أوجبت له حقا فی أخذها من غیره،وجب تقدیم ذلک الحق فی آخر السنة،و إخراج خمسه،فربما تزید قیمته علی مقدار ما دفعه من السرقفلیة و ربما تنقص و ربما تساوی.
من ربح السنة الثانیة
لم یحسب ما یدفعه من المؤن،بل یجب فیه الخمس،و کذا لو صالحه الحاکم علی مبلغ فی الذمة،فإن وفاءه من أرباح السنة الثانیة لا یکون من المؤن،بل یجب فیه الخمس إذا کان مال المصالحة عوضا عن خمس عین موجودة،و إذا کان عوضا عن خمس عین أو أعیان تالفة،فوفاؤه یحسب من المؤن،و لا خمس فیه کما مر.
ذمة الناس،
فإن أمکن استیفاؤه وجب دفع خمسه،و إن لم یمکن تخیر بین أن ینتظر استیفاءه فی السنة اللاحقة،فإذا استوفاه إخراج خمسه و کان من أرباح السنة السابقة،لا من أرباح سنة الاستیفاء،و بین أن یقدر مالیة الدیون فعلا فیدفع خمسها بإذن الحاکم الشرعی،فإذا استوفاها فی السنة الآتیة کان الزائد علی ما قدر قیمة للدین من أرباح سنة الاستیفاء.
و إن جاز تأخیر الدفع إلی آخر السنة-احتیاطا-للمئونة،فإذا أتلفه ضمن الخمس،و کذا إذا أسرف فی صرفه أو وهبه أو اشتری أو باع علی نحو المحاباة،إذا کانت الهبة أو الشراء أو البیع غیر لائقة بشأنه،و إذا علم أنه لیس علیه مئونة فی باقی السنة،فالأحوط أن یبادر إلی دفع الخمس،و لا یؤخره إلی نهایة السنة.
فالمستثنی هو المئونة إلی حین الموت،لا تمام السنة.
ص:82
فهل یجب علی الوارث أن یؤدی خمسه أو لا؟
و الجواب:الأقرب أنه لا یجب و إن کان أولی و أجدر،و إذا علم أنه أتلف مالا له قد تعلق به الخمس و اشتغلت ذمته به،وجب إخراجه من أصل ترکته، کغیره من الدیون.
منه ثم تبین عدمه،
انکشف أنه لا خمس فی ماله،و حینئذ فله أن یرجع به علی المعطی له مع بقاء عینه،و کذا مع تلفها إذا کان عالما بالحال،و أما إذا ربح فی أول السنة،فدفع الخمس منه باعتقاد عدم حصول مئونة زائدة،فتبین عدم کفایة الربح لتجدد مئونة لم تکن محتسبة،لم یجز له الرجوع إلی المعطی له،حتی مع بقاء عینه فضلا عما إذا تلفت.
المشاع،إلا أن المالک مخیر بین دفع الخمس من نفس العین و دفعه بقیمته
من النقدین،و لا یجوز له الدفع من غیرهما إلا بإذن الحاکم الشرعی،و لا یجوز له التصرف فی العین بعد انتهاء السنة قبل أدائه،بل الأظهر عدم التصرف فی بعضها أیضا و إن کان مقدار الخمس باقیا فی البقیة،و إذا ضمنه فی ذمته بإذن الحاکم الشرعی صح،و یسقط الحق من العین،فیجوز التصرف فیها.
إما لاعتقاده بعدم وجوب الخمس فی الشرع تقصیرا أو قصورا أو لعصیانه و عدم مبالاته بأمر الدین،و لا یلحقه وزر من قبل شریکه،علی أساس أنه مکلف بإخراج الخمس من حصته فی الربح،و لا یکون مکلف بإخراجه من حصة شریکه فیه،فإذا أخرجه من حصته کفی و لا شیء علیه،و بکلمة:أن رأس المال بینهما و إن کان مختلطا من المال المخمس و غیره،إلا أنه لا مانع من تصرفه فیه إذا کان ممن شمله
ص:83
أخبار التحلیل کما هو المفروض.نعم،لا یجوز تصرف شریکه فیه باعتبار أنه تارک للخمس عامدا و ملتفتا إلی الحکم الشرعی،کما أن له أن یحسب خمس حصته من الفائدة قبل تقسیمها،شریطة أن یکون ذلک بإذن الحاکم الشرعی، فإذا صنع ذلک کانت حصته مخمسة و له حینئذ إفرازها بالتقسیم.
لکنه إذا اتجر بها عصیانا أو لغیر ذلک،فالظاهر صحة المعاملة إذا کان طرفها مؤمنا و ینتقل الخمس إلی البدل،کما أنه إذا وهبها لمؤمن صحت الهبة،و ینتقل الخمس إلی ذمة الواهب،و علی الجملة:کل ما ینتقل إلی المؤمن ممن لا یخمس أمواله لأحد الوجوه المتقدمة بمعاملة أو مجانا یملکه فیجوز له التصرف فیه، و قد أحل الأئمة-سلام اللّه علیهم-ذلک لشیعتهم تفضلا منهم علیهم،و کذلک یجوز التصرف للمؤمن فی أموال هؤلاء،فیما إذا أباحوها لهم من دون تملیک، ففی جمیع ذلک یکون المهنأ للمؤمن و الوزر علی مانع الخمس إذا کان مقصرا.
مستحق الخمس و مصرفه
نصف لإمام العصر الحجة المنتظر-عجل اللّه تعالی فرجه الشریف و جعل أرواحنا فداه-و قد تسأل:هل أنه ملک لشخص الإمام علیه السّلام أو لمنصبه علیه السّلام و هو الإمامة و الزعامة؟ و الجواب:أنه ملک للمنصب،فمن أجل ذلک یکون أمره بید الفقیه الجامع للشرائط فی زمن الغیبة،و نصف لبنی هاشم:أیتامهم،و مساکینهم،و أبناء سبیلهم،و یشترط فی هذه الأصناف جمیعا الإیمان،کما یعتبر الفقر فی الأیتام، و یکفی فی ابن السبیل الفقر فی بلد التسلیم،و لو کان غنیا فی بلده،إذا لم یتمکن من
ص:84
السفر بقرض و نحوه علی ما عرفت فی الزکاة.و الأحوط-وجوبا-اعتبار أن لا یکون سفره معصیة،و لا یعطی أکثر من قدر ما یوصله إلی بلده،و الأظهر عدم اعتبار العدالة فی جمیعهم.
واحدة،
و یجوز البسط و الاقتصار علی إعطاء صنف واحد،بل یجوز الاقتصار علی إعطاء واحد من صنف واحد.
أما إذا کان بالأم فلا یحل له الخمس و تحل له الزکاة،و لا فرق فی الهاشمی بین العلوی و العقیلی و العباسی و إن کان الأولی تقدیم العلوی بل الفاطمی.
و یکفی فی الثبوت الشیاع و الاشتهار فی بلده،کما یکفی کل ما یوجب الوثوق و الاطمئنان به.
المعطی.
نعم،إذا کانت علیه نفقة غیر لازمة للمعطی جاز ذلک.
و إیصاله إلی مستحقیه أو أن أمره بید الفقیه الجامع للشرائط؟
و الجواب:لا یبعد أن یکون أمره بیده کسهم الإمام علیه السّلام أو لا أقل أنه الأحوط.
و السلام یرجع فیه فی زمان الغیبة إلی نائبه،
و هو الفقیه المأمون العارف بمصارفه، إما بالدفع إلیه أو الاستئذان منه،و مصرفه ما یوثق برضاه علیه السّلام بصرفه فیه،کدفع ضرورات المؤمنین من السادات زادهم اللّه تعالی شرفا و غیرهم،و المصالح العامة للدین و المذهب و اللازم مراعاة الأهم فالأهم،و من أهم مصارفه فی هذا الزمان الذی قل فیه المرشدون و المسترشدون إقامة دعائم الدین و رفع أعلامه،و ترویج الشرع المقدس،و نشر قواعده و أحکامه و مئونة أهل العلم الذین یصرفون
ص:85
أوقاتهم فی تحصیل العلوم الدینیة الباذلین أنفسهم فی تعلیم الجاهلین،و إرشاد الضالین،و نصح المؤمنین و وعظهم،و إصلاح ذات بینهم،و نحو ذلک مما یرجع إلی إصلاح دینهم و تکمیل نفوسهم و علو درجاتهم عند ربهم تعالی شأنه و تقدست اسماؤه،و الأظهر مراجعة المرجع الأعلم فی ذلک.
المستحق،
بل مع وجوده إذا لم یکن النقل تساهلا و تسامحا فی أداء الخمس،و لکن ذلک لا بدّ أن یکون بإذن الفقیه الجامع للشرائط،أما سهم الإمام علیه السّلام فعلی أساس أن أمره فی زمن الغیبة یرجع إلیه و هو یتصرف فیه حسب ما یراه،و لا یجوز لأی واحد التصرف فیه من دون إذنه و إجازته،فالمالک و إن کانت له الولایة علی عزل الخمس و إفرازه إلا أن إیصاله إلی الفقیه إذا توقف علی النقل، فلا بد أن یکون ذلک بإذنه،فلو نقل من دون الإذن منه و تلف فی الطریق ضمن، و لا یبعد أن یکون الأمر فی سهم السادة أیضا کذلک.نعم،إذا کان للفقیه وکیل فی البلد جاز دفعه إلیه،و کذا إذا وکّل الحاکم الشرعی المالک فیقبضه بالوکالة عنه، ثم ینقله إلیه،فإنه لو تلف فلا ضمان علیه.
فاللازم عدم التساهل و التسامح فی أداء الخمس منه،و أما حکم نقله من بلده إلی بلد الفقیه فیظهر مما مر.
مال مخصوص،
فإذا عزل تعین و لکن نقله إلی بلد الفقیه أو المستحق لا بد أن یکون بالإذن کما مر.نعم،إذا قبضه وکالة عن الحاکم الشرعی فرغت ذمته،و لو نقله بإذن موکله فتلف من غیر تفریط لم یضمن.
فلا بد أن یکون ذلک بإذن ولی الخمس و إلا لم یجز.
ص:86
أحد النقدین،
أما إذا أراد أن یخرجه من مال آخر فلا یجزی إلا أن یکون بإذن الحاکم الشرعی.
و یرده علی المالک هدیة و هبة و هکذا،
إلا إذا کانت هناک مصلحة عامة دینیة تتطلب ذلک.
نذکر فیما یلی عدد من المسائل التطبیقیة التی یکثر ابتلاء أهل الخمس بها:
باجرة تقدر بعشرین ألف دینار،کانت الاجرة تماما من فائدة سنة الإجارة، شریطة استثناء مبلغا منها یساوی ما ورد من النقص علی مالیة الدار أو المحل من جهة أنها أصبحت مسلوبة المنفعة فی السنین الآتیة و جبره به،و ما بقی من الاجرة بعد الجبر فهو من فائدة السنة،مثلا إذا قدر قیمة الدار بثلاثین ألف دینار و قدر قیمتها مسلوبة المنفعة فی تلک السنین بعشرین ألف دینار،و علی هذا فیستثنی من الاجرة-و هی عشرون ألف دینار-مقدار ما یجبر به النقص الوارد علی مالیة الدار أو المحل فی تلک المدة و هو عشرة آلاف دینار،فیبقی من الاجرة عشرة آلاف و هی فائدة سنة الإجارة،فإن بقیت کلها أو بعضها إلی نهایة السنة وجب علیه خمسها.
أحدهما:أنه غرسها للمئونة و الآخر لغیرها،أما القسم الأول فله حالتان:
الاولی:أن تلک الأشجار لا تزید عن مئونته و متطلبات حاجیاته اللائقة بحاله.
ص:87
الثانیة:أنها تزید عنها.
أما فی الحالة الاولی فإن کانت مکانته الاجتماعیة تتطلب أن یکون له مثل هذه الأشجار من البدایة،و إن لم تبلغ إلی حد الاستفادة من أثمارها أو غصونها فهی من المئونة له،و لا یجب خمسها فی تمام أدوارها من البدایة إلی النهایة،و إلا فیجب علیه خمس نموها فی کل سنة إلی أن تبلغ حد الاستفادة، و عندئذ فلا یجب خمس نموها؛باعتبار أنها أصبحت مئونة فعلا،و أما فی الحالة الثانیة ففی الفرض الأول یجب خمس نموها فی کل سنة بنسبة الزیادة لا مطلقا إلی أن تبلغ حد الإنتاج و الاثمار،فإذا أثمرت وجب خمس الزائد من ثمرها فی کل عام،و فی الفرض الثانی یجب خمس نموها فی کل سنة إلی أن تصل حد الإنتاج.
و أما القسم الثانی فله أیضا حالتان:
الاولی:أنه غرسها بغرض الاتجار بأعیانها و أغصانها و سائر منافعها بالبیع و الشراء و المداولة بها.
الثانیة:أنه غرسها بغایة الانتفاع من أعیانها فی تأسیس البنایات و العمارات و غیرها،و فی کلتا الحالتین یجب علیه خمس نموها فی کل عام،و کذلک زیادة قیمتها فی الحالة الأولی،و أما فی الحالة الثانیة فالأقرب عدم وجوب خمس زیادة قیمتها السوقیة و إن کان الاحتیاط فی محله.
آخر،
فهل یجب فی هذه الحالة خمس نموها أو یجبر به ما ورد علیها من النقص فی قیمتها؟
و الجواب:الأقرب وجوب خمس النمو و عدم جبر النقص به.
1-أنها وصلت إلیه بالإرث.
ص:88
2-أنه قام بإحیائها و توفیر شروط الانتفاع بها و الاستفادة منها.
3-أنه اشتراها من أجل هذه الغایة،أما فی الحالة الاولی فلا یجب علیه خمسها،و أما فی الحالة الثانیة فإن کانت الأرض التی قام بإحیائها من متطلبات مکانته عند الناس و شأنه لإشباع حاجاته و تأمین مئونته اللائقة بمقامه فلا خمس فیها،و إلا فعلیه أن یخمسها کلا أو بعضا،و أما فی الحالة الثالثة فالحکم فیها کالحکم فی الحالة الثانیة.نعم،إن کان ثمنها متعلقا للخمس وجب إخراج خمسه أیضا.
السنة الثانیة شریطة توفر أمرین:
الاولی أن یخمس الربح اللاحق أولا ثم یدفعه عوضا عن خمس الربح السابق،و أن یکون ذلک بإذن ولی الخمس،و الآخر أن یدفع منه الربع،فإذا دفع الربع منه کفی عن کلا الخمسین.
الأرض أو السیارة أو غیرها،
فإن کانت عنده فائدة من تجارته أو مهنته فی وقت الشراء و أدّی ثمنها من تلک الفائدة،أصبحت نفس هذه الأعیان فائدة السنة، فیجب علیه أن یدفع خمسها بقیمتها الفعلیة فی آخر السنة،و إن لم تکن عنده فائدة فی ذلک الوقت،و إنما تحققت بعد ذلک فی زمن متأخر،لم یجز أن یؤدی ثمن تلک الأعیان من هذه الفائدة المتأخرة إلا بعد إخراج خمسها؛باعتبار أن أداء ثمنها لا یعتبر من مئونة هذه السنة ما دامت الأعیان موجودة و قائمة.
1-أن مکانته الاجتماعیة تتطلب أن یکون مالکا لعدد من المواشی لإشباع حاجیاته المناسبة لمقامه،و فی هذه الحالة لا یجب علیه إخراج الخمس منها.نعم،إذا کانت أزید وجب خمس الزائد.
ص:89
2-أنه جمع المواشی شراء أو هبة بغایة الانتفاع بها فی المستقبل،من دون أن تتطلب مکانته الاجتماعیة ذلک،و فی هذه الحالة یجب علیه إخراج خمس الجمیع فی آخر السنة.
3-أن غرضه بذلک الاتجار بها بالبیع و الشراء و التصدیر و الاستیراد،و فی هذه الحالة إذا کانت مکانته الاجتماعیة تتطلب أن یکون لدیه عدد من المواشی و الأنعام یقوم بالعمل فیه کتاجر،علی أساس أن قیامه بالعمل فیه کعامل نقصا و مهانة له،کان ذلک العدد مئونة له فلا خمس فیه،و إلا وجب الخمس فی الجمیع بدون استثناء.
البر و الإحسان،
وجب علیه الوفاء به،فإن صرف فی تلک الجهة قبل نهایة السنة فلا موضوع للخمس،و إن لم یصرف فیها إلی أن انتهت السنة وجب علیه خمسه.
و الجواب:أن المعروف و المشهور بین الأصحاب هو الاعتبار،و لکنه لا یخلو عن إشکال،و الأحوط-وجوبا-أن لا یترک نیة القربة.
ص:90
و النهی عن المنکر
من أعظم الواجبات الدینیة الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر،قال اللّه تعالی: وَ لْتَکُنْ مِنْکُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إِلَی الْخَیْرِ وَ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
فالآیة تدل علی لزوم وجود طائفة بین الامة فی کل عصر تتحمل مسئولیة الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر،و بکلمة:تتحمل مسئولیة الجهاد العقائدی و الفکری فی سبیل اللّه عن طریق التفقه بالدین و حمله إلی الأقطار الإسلامیة،و هذه الطائفة متمثلة فی علماء الامة،فإنهم یتحملون هذه المسئولیة و یقومون بنشر الأفکار الإسلامیة و أحکامها بین الطائفة و الامة عن طریق نشر الکتب و الکراسات،و إرسال المبعوثین إلی الأقطار و البلدان الإسلامیة،و غیر ذلک من الطرق الممکنة المتاحة لهم،کما أن علی الطائفة و المؤمنین القبول منهم و التعاون فی ذلک،و أن لا یظلوا متفرجین و غیر مبالین،هذا من ناحیة،و من ناحیة اخری أن المراد من الآیة الشریفة ظاهرا مطلق تبلیغ الأحکام و نشرها
ص:91
بشکل عام الشامل لإرشاد الجاهل أیضا.
و من ناحیة ثالثة أن وظیفة الامة عامة القیام بالأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و الفساد و الظلم لکی تتاح الفرصة لإیجاد الأمن و العدالة فی ساحة الامة و ینص علیه قوله صلّی اللّه علیه و آله:«کیف بکم إذا فسدت نساؤکم،و فسق شبابکم،و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنکر فقیل له صلّی اللّه علیه و آله:و یکون ذلک یا رسول اللّه قال صلّی اللّه علیه و آله:نعم.فقال:کیف بکم إذا أمرتم بالمنکر،و نهیتم عن المعروف فقیل له صلّی اللّه علیه و آله:یا رسول اللّه،و یکون ذلک؟فقال صلّی اللّه علیه و آله:نعم و شر من ذلک کیف بکم إذا رأیتم المعروف منکرا و المنکر معروفا».
و ما ورد عنه علیه السّلام:«أن بالأمر بالمعروف تقام الفرائض و تأمن المذاهب، و تحل المکاسب،و تمنع المظالم،و تعمر الأرض و ینتصف للمظلوم من الظالم،و لا یزال الناس بخیر ما أمروا بالمعروف،و نهوا عن المنکر،و تعاونوا علی البر،فإذا لم یفعلوا ذلک نزعت منهم البرکات و سلط بعضهم علی بعض و لم یکن لهم ناصر فی الأرض و لا فی السماء».
کفائیا،
و إن قام به واحد سقط عن غیره،و إذا لم یقم به واحد أثم الجمیع و استحقوا العقاب.
فإذا أمر به کان مستحقا للثواب،و إن لم یأمر به لم یکن علیه إثم و لا عقاب.
ص:92
و أما إذا کان جاهلا بذلک،فلا موضوع لوجوبهما علیه.
و انتهاء المنهی عن المنکر بالنهی و قبوله،فإذا لم یحتمل ذلک،و علم أن الشخص الفاعل لا یبالی بالأمر أو النهی و لا یکترث بهما لم یجب علیه شیء.
فإذا کانت هناک أمارة علی الإقلاع و ترک الإصرار لم یجب شیء،بل لا یبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلک،فمن ترک واجبا،أو فعل حراما و لم یعلم أنه مصر علی ترک الواجب،أو فعل الحرام ثانیا،أو أنه منصرف عن ذلک أو نادم علیه لم یجب علیه شیء.هذا بالنسبة إلی من ترک المعروف،أو ارتکب المنکر خارجا،و أما من یرید ترک المعروف،أو ارتکاب المنکر،فیجب أمره بالمعروف و نهیه عن المنکر و إن لم یکن قاصدا إلا المخالفة مرة واحدة.
فإن کان معذورا فی فعله المنکر أو ترکه المعروف؛لاعتقاده أن ما فعله مباح و لیس بحرام أو أن ما ترکه لیس بواجب،و کان معذورا فی ذلک للاشتباه فی الموضوع،أو الحکم اجتهادا أو تقلیدا لم یجب شیء.نعم،قد یجب من باب الإرشاد کما إذا کان المعروف أو المنکر مما قد اهتم الشارع به.
النفس أو فی العرض أو فی المال،علی الآمر أو علی غیره من المسلمین،
فإذا لزم الضرر علیه،أو علی غیره من المسلمین لم یجب شیء،و الظاهر أنه لا فرق بین العلم بلزوم الضرر و الظن به و الاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف.هذا فیما إذا لم یحرز تأثیر الأمر أو النهی،و أما إذا أحرز ذلک فلا بد من
ص:93
رعایة الأهمیة،فقد یجب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر مع العلم بترتب الضرر أیضا،فضلا عن الظن به أو احتماله.
یختص بصنف من الناس دون صنف،
بل یجب عند اجتماع الشرائط المذکورة علی العلماء و غیرهم،و العدول و الفساق و السلطان و الرعیة و الأغنیاء و الفقراء،و قد تقدم أنه إن قام به واحد سقط الوجوب عن غیره،و إن لم یقم به أحد أثم الجمیع و استحقوا العقاب.
بمعنی:إظهار کراهة المنکر،أو ترک المعروف،إما بإظهار الانزعاج من الفاعل،أو الإعراض و الصد عنه،أو ترک الکلام معه،أو نحو ذلک من فعل أو ترک یدل علی کراهة ما وقع منه.
بأن یعظه و ینصحه و یذکر له ما أعد اللّه سبحانه للعاصین من العقاب الألیم و العذاب فی الجحیم،أو یذکر له ما أعده اللّه تعالی للمطیعین من الثواب الجسیم و الفوز فی جنات النعیم.
و لکل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف و أشد،و المشهور الترتب بین هذه المراتب،فإن کان إظهار الإنکار القلبی کافیا فی الزجر اقتصر علیه،و إلا أنکر باللسان،فان لم یکف ذلک أنکر بیده،و لکن الظاهر أن القسمین الأولین فی مرتبة واحدة فیختار الآمر أو الناهی ما یحتمل التأثیر منهما،و قد یلزمه الجمع بینهما،و أما القسم الثالث فهو مترتب علی عدم تأثیر الأولین،و الأحوط-لزوما-فی هذا القسم الترتیب بین مراتبه،فلا ینتقل إلی الأشد،إلا إذا لم یکف الأخف.
ص:94
ففی جواز الانتقال إلی الجرح و القتل وجهان،بل قولان أقواهما العدم،و کذا إذا توقف علی کسر عضو من ید أو رجل أو غیرهما أو إعابة عضو کشلل أو اعوجاج أو نحوهما،فإن الأقوی عدم جواز ذلک،و إذا أدی الضرب إلی ذلک خطأ أو عمدا فالأقوی ضمان الأمر و الناهی لذلک،فتجری علیه أحکام الجنایة العمدیة إن کان عمدا و الخطأ إن کان خطأ.نعم،یجوز للإمام و نائبه ذلک إذا کان یترتب علی معصیة الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله،و حینئذ لا ضمان علیه.
المکلف بالنسبة إلی أهله،
فیجب علیه إذا رأی منهم التهاون فی الواجبات، کالصلاة و أجزائها و شرائطها-بأن لا یأتوا بها علی وجهها لعدم صحة القراءة و الأذکار الواجبة،أو لا یتوضئوا وضوء صحیحا أو لا یطهروا أبدانهم و لباسهم من النجاسة علی الوجه الصحیح-أمرهم بالمعروف علی الترتیب المتقدم،حتی یأتوا بها علی وجهها،و کذا الحال فی بقیة الواجبات،و کذا إذا رأی منهم التهاون فی المحرمات کالغیبة و النمیمة و العدوان من بعضهم علی بعض أو علی غیرهم أو غیر ذلک من المحرمات،فإنه یجب أن ینهاهم عن المنکر حتی ینتهوا عن المعصیة.
غیر مصر علیها لکنه لم یتب منها،
وجب أمره بالتوبة فإنها من الواجب،و ترکها کبیرة موبقة.هذا مع التفات الفاعل إلیها،أما مع الغفلة ففی وجوب أمره بها إشکال،و الأحوط-استحبابا-ذلک.
ص:95
قال بعض الأکابر قدس سره:(إن من أعظم أفراد الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و أعلاها و أتقنها و أشدها،خصوصا بالنسبة إلی رؤساء الدین أن یلبس رداء المعروف واجبه و مندوبه،و ینزع رداء المنکر محرمه و مکروهه، و یستکمل نفسه بالأخلاق الکریمة و ینزهها عن الأخلاق الذمیمة،فإن ذلک منه سبب تام لفعل الناس المعروف و نزعهم المنکر،خصوصا إذا أکمل ذلک بالمواعظ الحسنة المرغبة و المرهبة،فإن لکل مقام مقالا،و لکل داء دواء،و طب النفوس و العقول أشد من طب الأبدان بمراتب کثیرة،و حینئذ یکون قد جاء بأعلی أفراد الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر).
و فیها مطلبان
حیث قال تعالی: وَ مَنْ یَعْتَصِمْ بِاللّهِ فَقَدْ هُدِیَ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ .
و قال ابو عبد اللّه علیه السّلام:«أوحی اللّه عزّ و جل إلی داود:ما اعتصم بی عبد من عبادی دون أحد من خلقی،عرفت ذلک من نیّته،ثم تکیده السماوات و الأرض و من فیهن،إلا جعلت له المخرج من بینهن».
الرءوف الرحیم بخلقه العالم بمصالحه و القادر علی قضاء حوائجهم.و إذا لم یتوکل علیه تعالی فعلی من یتوکل؟أعلی
ص:96
نفسه أم علی غیره مع عجزه و جهله؟! قال تعالی: وَ مَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَی اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ .
و قال أبو عبد اللّه علیه السّلام:«الغنی و العز یجولان،فإذا ظفر بموضع من التوکل أوطنا».
فعن أمیر المؤمنین علیه السّلام فیما قال:
«و الذی لا إله إلا هو لا یحسن ظن عبد مؤمن باللّه إلا کان اللّه عند ظن عبده المؤمن؛لأن اللّه کریم بیده الخیر یستحی أن یکون عبده المؤمن قد أحسن به الظن،ثم یخلف ظنه و رجاءه،فأحسنوا باللّه الظن و ارغبوا إلیه».
قال اللّه تعالی: إِنَّما یُوَفَّی الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ .
و قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله فی حدیث:«فاصبر،فإن فی الصبر علی ما تکره خیرا کثیرا،و اعلم أن النصر مع الصبر،و أن الفرج مع الکرب،فإن مع العسر یسرا،إن مع العسر یسرا».
و قال أمیر المؤمنین علیه السّلام:«لا یعدم الصبر الظفر و إن طال به الزمان».
و قال علیه السّلام:«الصبر صبران:صبر عند المصیبة حسن جمیل،و أحسن من ذلک الصبر عند ما حرم اللّه تعالی علیک».
قال أبو جعفر علیه السّلام:«ما عبادة أفضل عند اللّه من عفة بطن و فرج».
و قال أبو عبد اللّه علیه السّلام:«إنما شیعة جعفر من عف بطنه و فرجه،و اشتد
ص:97
جهاده،و عمل لخالقه،و رجا ثوابه،و خاف عقابه،فإذا رأیت أولئک فاولئک شیعة جعفر».
قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:«ما أعز اللّه بجهل قط،و لا أذل بحلم قط».
و قال أمیر المؤمنین علیه السّلام:«أول عوض الحلیم من حلمه أن الناس أنصاره علی الجاهل».
و قال الرضا علیه السّلام:«لا یکون الرجل عابدا حتی یکون حلیما».
قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:«من تواضع للّه رفعه اللّه،و من تکبر خفضه اللّه،و من اقتصد فی معیشته رزقه اللّه،و من بذر حرمه اللّه،و من أکثر ذکر الموت أحبه اللّه تعالی».
قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:«سید الأعمال إنصاف الناس من نفسک،و مواساة الأخ فی اللّه تعالی علی کل حال».
قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:
«طوبی لمن شغله خوف اللّه عزّ و جل عن خوف الناس،طوبی لمن شغله عیبه عن عیوب المؤمنین».
و قال صلّی اللّه علیه و آله:«إن أسرع الخیر ثوابا البر،و إن أسرع الشر عقابا البغی،و کفی بالمرء عیبا أن یبصر من الناس ما یعمی عنه من نفسه،و أن یعیر الناس بما لا یستطیع ترکه،و أن یؤذی جلیسه بما لا یعنیه».
قال أمیر المؤمنین علیه السّلام:«من أصلح سریرته أصلح اللّه تعالی علانیته،و من عمل لدینه کفاه اللّه دنیاه،و من
ص:98
أحسن فیما بینه و بین اللّه أصلح اللّه ما بینه و بین الناس».
قال أبو عبد اللّه علیه السّلام:«من زهد فی الدنیا أثبت اللّه الحکمة فی قلبه،و انطلق بها لسانه،و بصره عیوب الدنیا داءها و دواءها،و أخرجه منها سالما إلی دار السلام».
و قال رجل:قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام:إنی لا ألقاک إلا فی السنین فأوصنی بشیء حتی آخذ به.فقال علیه السّلام:«أوصیک بتقوی اللّه،و الورع و الاجتهاد،و إیاک أن تطمع إلی من فوقک،و کفی بما قال اللّه عز و جل لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْکَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا و قال تعالی: فَلا تُعْجِبْکَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ فإن خفت ذلک فاذکر عیش رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله فإنما کان قوته من الشعیر و حلواه من التمر و وقوده من السعف إذا وجده،و إذا أصبت بمصیبة فی نفسک أو مالک أو ولدک فأذکر مصابک برسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله فإن الخلائق لم یصابوا بمثله قط».
قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:«الغضب یفسد الإیمان کما یفسد الخل العسل».
و قال أبو عبد اللّه علیه السّلام:«الغضب مفتاح کل شر»و قال أبو جعفر علیه السّلام:«إن الرجل لیغضب فما یرضی أبدا حتی یدخل النار،فأیما رجل غضب علی قومه و هو قائم فلیجلس من فوره ذلک،فإنه سیذهب عنه رجس الشیطان،و أیما رجل غضب علی ذی رحم فلیدن منه فلیمسه،فإن الرحم إذا مست سکنت».
ص:99
قال أبو جعفر و أبو عبد اللّه علیهما السّلام:«إن الحسد لیأکل الإیمان کما تأکل النار الحطب»و قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:ذات یوم لأصحابه:«إنه قد دب إلیکم داء الامم من قبلکم،و هو الحسد،لیس بحالق الشعر،و لکنه حالق الدین، و ینجی فیه أن یکف الإنسان یده،و یخزن لسانه،و لا یکون ذا غمز علی أخیه المؤمن».
قال أبو عبد اللّه علیه السّلام:«من ظلم مظلمة اخذ بها فی نفسه أو فی ماله أو فی ولده»و قال علیه السّلام:«ما ظفر بخیر من ظفر بالظلم،أما إن المظلوم یأخذ من دین الظالم أکثر مما یأخذ الظالم من مال المظلوم».
قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:«شر الناس عند اللّه یوم القیامة الذین یکرمون اتقاء شرهم».
و قال أبو عبد اللّه علیه السّلام:«و من خاف الناس لسانه فهو فی النار».
و قال علیه السّلام:«إن أبغض خلق اللّه عبد اتقی الناس لسانه».
و لنکتف بهذا المقدار.
و الحمد للّه أولا و آخرا،و هو حسبنا و نعم الوکیل.
ص:100
ص:101
ص:102
و فیه مقدمة و فصول:
التجارة فی الجملة من المستحبات الأکیدة فی نفسها،و قد تستحب لغیرها، و قد تجب-کذلک-إذا کانت مقدمة لواجب أو مستحب،و قد تکره لنفسها أو لغیرها،و قد تحرم کذلک،و المحرم منها أصناف،و هنا مسائل:
و الکلب غیر الصیود،و الخنزیر،
و لا فرق فی الحرمة بین بیعها و شرائها،و جعلها أجرة فی الإجارة،و عوضا عن العمل فی الجعالة،و مهرا فی النکاح،و عوضا فی الطلاق الخلعی،و أما سائر الأعیان النجسة،فالظاهر جواز بیعها إذا کانت لها منافع محللة مقصودة کبیع العذرة للتسمید و الدم للتزریق،و کذلک تجوز هبتها و الاتجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.
ص:103
و قد تسأل:أن هذه الأعیان النجسة التی لا مالیة لها بنظر الشارع و لا یعترف الشارع بملکیة الإنسان لها،فهل یثبت الحق لمن وضع یده علیها أو کانت فی حوزته،کما إذا صار خله خمرا أو ماتت دابته أو اصطاد کلبا غیر کلب الصیود أو غیر ذلک أو لا یثبت؟
و الجواب:أن ثبوت الحق له بها شرعا لا یخلو عن إشکال بل منع و إن کان الاحتیاط بعدم مزاحمة من کانت تلک الأعیان بیده فی محله.
الجراد و نحوهما أو لا؟
و الجواب:أن الجواز غیر بعید إذا کانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف و العقلاء بحیث إنهم یبذلون المال بإزائها و إن کان الأحوط ترکه.
إذا کانت لها منفعة محللة معتد بها.
الإنسان و بیع دهن المیتة و الدم أو لا؟
و الجواب:الظاهر الجواز،علی أساس أن لها منافع معتد بها لدی العرف و العقلاء مثل التسمید بالعذرات و الإشعال و الطلی بدهن المیتة النجسة و الصبغ بالدم و غیر ذلک.
و کذلک الأبوال الطاهرة.
و غیرها إذا لاقت النجاسة،یجوز بیعها
و المعاوضة علیها إذا کانت لها منفعة محللة
ص:104
معتد بها عند العرف و العقلاء،بل لو لم تکن لها منفعة محللة کذلک و إن کان الأحوط ترک البیع،و المعاوضة فی هذه الحالة،و علی کلا التقدیرین یجب علی البائع إعلام المشتری بالنجاسة.
کالمزامیر و الأصنام و الصلبان و الطبول و آلات القمار کالشطرنج و نحوه بغایة الأغراض المحرمة و إشاعتها و ترویجها،و لا إشکال فی أن منها الصفحات الغنائیة(الاسطوانات) لصندوق حبس الصوت،و کذلک الأشرطة المسجل علیها الغناء،و أما الصندوق نفسه فهو کالرادیو من الآلات المشترکة،فیجوز بیعهما کما یجوز أن یستمع منها الأخبار و القرآن و التعزیة و نحوها مما یباح استماعه،و قد تسأل هل التلفاز من آلات اللهو،فلا یجوز بیعه و لا استعماله و لا عمله أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه لا یعد لدی العرف العام من آلات اللهو کآلات القمار و نحوه،بل غایته أنه من الآلات المشترکة،حینئذ فیجوز بیعه و شرائه و استعماله و تصنیعه و إصلاحه.نعم،لا یجوز استعماله فیما هو محرم شرعا،کمشاهدة الأفلام الخلاعیة المثیرة للشهوة المترتبة علیها المفاسد الاجتماعیة و العائلیة،و أما استعماله فی الأفلام التی لا تترتب علی مشاهدتها مفاسد أخلاقیة فلا مانع منه، بل قد تترتب علیها فوائد علمیة أو تجریبیة حرفیة أو فنیة،و علیه فتختص الحرمة باستعماله فی الجهات اللهویة المثیرة للشهوة الشیطانیة،و أما المسجلات فلا بأس ببیعها و استعمالها.
و أخذ الأجرة علی ذلک،
و هل یجب علیه أعدامها و لو بکسرها و تغییر هیئتها أو لا؟
ص:105
و الجواب:الأقرب عدم وجوب ذلک و إن کان أحوط،و یجوز بیع موادها من الخشب و النحاس و الحدید،و قد تسأل:هل یصح بیع تلک المواد فی ضمن هیئتها و بدون کسرها و تغییرها أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه لا مانع منه و لا سیما إذا کان واثقا بأن المشتری یقوم بکسرها و تغییرها و الاستفادة من موادها،بل لا یبعد جواز ذلک مطلقا و إن لم یکن واثقا بأن المشتری یقوم بذلک.
أجل غش الناس بها،
فلا یجوز جعلها عوضا أو معوضا عنه فی المعاملة إذا کان الآخر جاهلا بالحال،و أما مع علمه بها فالظاهر الجواز،و قد تسأل:هل تکون حرمة الغش تکلیفیة و وضعیة معا أو تکلیفیة فحسب؟
و الجواب:الأقرب أنها تکلیفیة فحسب،و أما المعاملة فهی صحیحة وضعا،و لکن یثبت للمشتری الخیار.نعم،تجوز المعاملة و تصح مع الإعلام و بیان الواقع،و إن قلنا بالبطلان من دون ذلک،و فی وجوب کسرها إشکال، و الأظهر عدمه.
کالهر و الاسد و الذئب و نحوها إذا کانت لها منفعة محللة معتد بها،و کذا یجوز بیع الحشرات و المسوخات إذا کانت کذلک، کالعلق الذی یمص الدم و دود القز و نحل العسل و الفیل،أما إذا لم تکن لها منفعة محللة،فهل یجوز بیعها أو لا؟
و الجواب:لا یبعد جوازه،إذا کانت لها مالیة لدی العرف و العقلاء بل مطلقا.
ص:106
للتنافس بین العقلاء علی اقتناء العین بسببها،
و لا فرق بین أن تکون حاجة الإنسان إلیها فی حال الاختیار أو فی حال الاضطرار،کالأدویة و العقاقیر المحتاج إلیها للتداوی.
بل للاستعمال فی غیر الأکل و الشرب علی الأظهر،و هل یجوز بیعهما ممن یعلم أنه یستعملها فی الأکل و الشرب أو لا؟
و الجواب:أنه یجوز علی الأقرب.
و الجواب:لا یبعد جوازه فی نفسه وضعا و تکلیفا،و لا سیما إذا کان غرض الکافر من الشراء الاطلاع علی الأحکام الإسلامیة و معارفها،و من هنا یظهر أنه لا بأس بتمکینه منه لإرشاده و هدایته و اطلاعه علی الإسلام و معارفه.نعم،لا یجوز کل ذلک إذا أدّی إلی هتک حرمة المصحف و تنقیص شأنه و کرامته،و أما الکتب المشتملة علی الآیات و الأدعیة و أسماء اللّه تعالی،فالظاهر جواز بیعها علی الکافر،و کذا کتب أحادیث المعصومین علیهم السّلام کما یجوز تمکینه منها.
لیعمل صنما،
أو آلة اللهو أو نحو ذلک،سواء أ کان تواطؤهما علی ذلک فی ضمن العقد أم فی خارجه،و إذا باع و اشترط الحرام صح البیع و فسد الشرط،و کذا تحرم و لا تصح إجارة المساکن لتباع فیها الخمر،أو تحرز فیها،أو یعمل فیها شیء من المحرمات،و کذا تحرم و لا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غیرهما لحمل الخمر،و الثمن و الاجرة فی ذلک محرمان،و أما بیع العنب ممن یعلم أنه یعمله خمرا،
ص:107
أو إجارة السکن ممن یعلم أنه یحرز فیه الخمر،أو یعمل بها شیئا من المحرمات، من دون تواطئهما علی ذلک فی عقد البیع أو الإجارة أو قبله،فالأظهر جوازه.
و تجسیمها خارجا،
و تجوز هذه العملیة لغیر ذوات الأرواح من الشجر و الشمس و القمر و نحوها،و قد تسأل:هل یجوز تصویرها مجردا عن المادة،کما إذا قام المصور برسم صورة إنسان أو حیوان علی الحائط أو الوسادة أو الخشب أو الشجر أو غیر ذلک أو لا؟
و الجواب:أن جوازه غیر بعید و إن کان الأحوط ترکه،و علی هذا فلا یجوز أخذ الاجرة علی عملیة التمثیل و التجسیم،و یجوز أخذها علی عملیة التصویر المجرد،کما أنه لا بأس بالتصویر الفوتوغرافی المتعارف فی عصرنا،و أما تمثیل شخص مقطوع الرأس فهل هو جائز أو لا؟أن جوازه غیر بعید؛لعدم صدق تمثیل الإنسان علیه إلا بالعنایة.نعم،لو کان تمثیلا له علی هیئة خاصة مثل تمثیله جالسا أو واضعا یدیه خلفه أو نحو ذلک مما یعد تمثیلا تاما له،فالظاهر هو الحرمة،بل الأمر کذلک فیما إذا کان التمثیل ناقصا و لکن النقص لا یکون دخیلا فی الحیاة،کتمثیل إنسان مقطوع الید أو الرجل،و یجوز اقتناء الصور و بیعها و إن کانت مجسمة أو ذوات أرواح علی کراهة.
مخصوصة،
و هی الکیفیة اللهویة لدی العرف العام و لم یرد فی الشرع تحدید مفهومه بحدود معینة کما و کیفا،فلذلک یکون المعیار فیه إنما هو بالصدق العرفی، و لا فرق فی حرمته بین وقوعه فی قراءة قرآن أو دعاء أو رثاء أو غیرها.
بیان ذلک:أن قراءة القرآن أو الدعاء أو الرثاء إذا کانت بلهجة فصیحة
ص:108
و صوت فائق فی الحسن و الأداء،و لکن کانت فارغة عن الکیفیات و الضمائم اللهویة فلیست بغناء،حتی إذا فرض أنها توجب تهییج المستمع و تحریکه و التذاذه معنویا.نعم،لو کانت موجبة کذلک جنسیا لم یجز استماعها،لا من جهة أنها غناء،بل من جهة أن استماعها یوجب إثارة الجنس و تهییج الشهوة،و علی هذا فتجوز قراءة القرآن أو الدعاء بصوت جمیل و بلهجة فصیحة و بلیغة،فإنها لیست بغناء ما دامت خالیة عن الضمائم اللهویة.نعم،لا یجوز استماعها لمن یؤثر فی نفسه جنسیا و یحرک شهوته،و یجوز لمن لا یؤثر فی نفسه کذلک و إن أثر فیها معنویا،و بکلمة:أن صدق الغناء علی صوت فی العرف العام مرتبط بأن یکون ذلک الصوت بکیفیة و لهجة خاصة فی الأداء و الحرکات،و هی الکیفیة اللهویة، و هو بهذه الکیفیة و اللهجة غناء عرفا و مناسب لمجالس اللهو و اللعب دون غیرها،و لا فرق فی ذلک بین أن تکون تلک اللهجة بصوت جمیل و حسن أو لا تکون،کما أنه لا فرق بین أن یکون المضمون مضمونا عقلانیا أو لا؛لأن المعیار فی صدق الغناء إنما هو بالکیفیات و الضمائم لا بالصوت بما هو و لا بالمضمون،و قد تسأل:أن قراءة شعر أو نثر یرتبط بالقضایا العشقیة کالغزل إذا لم تکن بالکیفیة اللهویة فهل تجوز أو لا؟
الجواب:أن الجواز غیر بعید،إذا لم یکن هناک محذور آخر کالتکلم بالباطل و نحوه،و لکن قد یؤثر المضمون اللهوی فی تحقق الغناء عرفا،إذا کانت قراءته بصوت و لهجة مهیجة محرکة،و إن لم تکن بکیفیة لهویة مناسبة لمجالس اللهو و اللعب،بحیث لو کان مضمون المقروء عقلانیا کالقرآن أو الدعاء أو نحوهما لا لهویا،لم تکن قراءته بهذا الصوت و اللهجة غناء عرفا،و أما استماعها إذا لم یصدق علیها الغناء،فإن کان موجبا لتهییج الشهوة و إثارتها لم یجز،و إلا فلا مانع منه،و مع ذلک فرعایة الاحتیاط بالترک أولی و أجدر،و یستثنی من ذلک
ص:109
غناء النساء فی الأعراس بشروط:
الأول:أن لا یضم إلیها محرم آخر من الضرب بالطبل و التکلم بالباطل.
الثانی:أن لا یدخل الرجال علیهن.
الثالث:أن لا یسمع أصواتهن علی نحو یوجب تهییج الشهوة،و إلا حرام ذلک.
و اما معونتهم فی غیر المحرمات من المباحات و الطاعات فلا بأس بها،و قد تسأل:
أن الموظفین فی الدولة هل هم من أعوان الظلمة أو لا؟و الجواب:أنهم لیسوا بکافة طبقاتهم من أعوانهم.نعم،ممن کان منهم یعانوا الظالمین فی ظلمهم کانوا من أعوانهم و آثمین،و دعوی:أن مثله بما أنه یعد من أعوانهم و المنسوبین إلیهم فلذلک تحرم علیه معونتهم حتی فی الامور المباحة،مدفوعة:بأن المحرم علیه إنما هو معونتهم فی تطبیق ظلمهم و تنفیذه خارجا و فی ممارستهم لارتکاب المحرمات لا مطلقا.
مما أعد لذلک حرام مع الرهن،
و یحرم علی الغالب أخذ الرهن من المغلوب و لا یملکه،و هل یحرم اللعب بها إذا لم یکن رهن أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه یحرم مطلقا کان هناک رهن أم لا،و یحرم اللعب بغیر تلک الآلات مع الرهن لا مطلقا،کالمراهنة علی کرة القدم و حمل الوزن الثقیل،أو علی المصارعة أو علی القفز أو نحو ذلک،و یحرم أخذ الرهن،و أما إذا لم یکن رهن فالأظهر الجواز.
ص:110
و المراد منه ما یوجب الوقوع فی الوهم بالغلبة علی البصر أو السمع أو غیرهما،و قد تسأل:
أن تسخیر الجن أو الملائکة أو الإنسان هل هو من السحر أو لا؟و الجواب:أن کونه من السحر لا یخلو عن إشکال بل منع،ثم إن التسخیر هل هو حرام کالسحر أو لا؟
و الجواب:الأقرب أنه لیس بحرام،إلا إذا کان مضرا بالمسحور الذی یحرم الإضرار به.
ببعض،
استنادا إلی علامات خاصة فیه التی لا اعتبار بها لدی الشرع،و حیث إن هذه العلائم لا تفید الا الاحتمال أو الظن،فمن أجل ذلک کان الإخبار عن الإلحاق به فی الواقع جزما استنادا إلیها محرما؛لأنه من الإخبار بغیر العلم.
بسبب الحرکة السریعة الخارجة عن العادة-محرمة إذا ترتب علیها عنوان محرم، کالإضرار بمؤمن أو هتک حرمته أو غیر ذلک،و إلا فلا.
بدعوی:أن بعض الجان یخبره بذلک.نعم،إذا کان إخباره هذا مستندا إلی بعض الأمارات و العلائم الخفیة و لم یکن عن جزم،فلا بأس،و کذا لو فرض حصول الوثوق و الاطمئنان بصحة تلک الإمارات،فعندئذ جاز إخباره عنها مستندا إلی ذلک.
السلعة،
و هو لا یرید شراءها،بل لأن یسمعه غیره فیزید لزیادته،سواء أ کان ذلک عن مواطاة مع البائع أم لا.
ص:111
مثل الرخص و الغلاء و الحر و البرد و المطر و صفاء الجو و نحوها حسب اختلاف الفصول،استنادا إلی الحرکات الفلکیة فیها و الطوارئ الطارئة علی الکواکب من الاتصال بینها أو الانفصال أو الاقتران،أو نحو ذلک إذا کان مبنیا علی الحدس و الاجتهاد الظنی أو الاحتمال،فلا یجوز الإخبار بوقوع تلک الحوادث واقعا و جزما،و إذا کان مبنیا علی الوسائل العلمیة الحدیثة و الحسابات الفلکیة الدقیقة التی کثیرا ما تؤدی إلی الاطمئنان و الوثوق بوقوعها،جاز الإخبار به.
روی عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله أنه قال:«من غش أخاه المسلم نزع اللّه برکة رزقه،و سد علیه معیشته و وکله إلی نفسه»و یکون الغش بإخفاء الأدنی فی الأعلی،کمزج الجید بالردیء و بإخفاء غیر المراد فی المراد،کمزج الماء باللبن،و بإظهار الصفة الجیدة مع أنها مفقودة واقعا،مثل رش الماء علی بعض الخضروات لیتوهم أنها جدیدة،و بإظهار شیء علی خلاف جنسه،مثل طلی الحدید بماء الفضة أو الذهب لیتوهم أنه فضة أو ذهب،و قد یکون بترک الإعلام مع ظهور العیب و عدم خفائه،کما إذا احرز البائع اعتماد المشتری علیه فی عدم إعلامه بالعیب،فاعتقد أنه صحیح و لم ینظر فی المبیع لیظهر له عیبه،فإن عدم إعلام البائع بالعیب-مع اعتماد المشتری علیه-غش له.
نعم،یثبت الخیار للمغشوش،إلا فی بیع المطلی بماء الذهب أو الفضة،فإنّه یبطل فیه البیع، و یحرم الثمن علی البائع،و کذا أمثاله مما کان الغش فیه موجبا لاختلاف الجنس.
الأجیر عن نفسه مجانا،
واجبة کانت أو مستحبة،عینیة کانت أو کفائیة،فلو
ص:112
استأجر شخصا علی فعل الفرائض الیومیة،أو نوافلها أو صوم شهر رمضان،أو حجة الإسلام أو تغسیل الأموات،أو تکفینهم أو الصلاة علیهم،أو غیر ذلک من العبادات الواجبة أو المستحبة،لم تصح الإجارة،إذا کان المقصود أن یأتی بها الأجیر عن نفسه.نعم،لو استأجره علی أن ینوب عن غیره فی عبادة من صلاة أو غیرها إذا کانت مما تشرع فیه النیابة جاز،و کذا لو استأجره علی الواجب- غیر العبادی-کوصف الدواء للمریض،أو العلاج له،أو نحو ذلک،فإنه یصح، و کذا لو استأجره لفعل الواجبات التی یتوقف علیها النظام،کتعلیم بعض علوم الزراعة و الصناعة و الطب،و لو استأجره لتعلیم الحلال و الحرام فیما هو محل الابتلاء،فالأظهر الصحة و إن کان الأولی ترک ذلک،و لا إشکال فی الصحة و الجواز فیما لا یکون محلا للابتلاء.
یعنی:الکذب،و لا بأس بالنوح بالحق.
(مسألة 223):یحرم هجاء المؤمن،و یجوز هجاء غیر المؤمن،و کذا الفاسق المبتدع؛لئلا یؤخذ ببدعته.
و هو القول المتضمن لتنقیص الغیر و هدر کرامته،و منه ما یستقبح التصریح به إذا کان فی الکلام مع الناس،شریطة أن یکون فحشا بأن یستلزم هتک حرمة غیره،و أما مجرد ذکره و التکلم به-کما إذا کان فی مقام بیان حکمه أو کان من باب المثال-فلا یکون محرما،کیف و قد صرح به باسمه فی غیر واحد من الروایات.
و أما الرشوة علی استنقاذ الحق من الظالم فجائزة و إن حرم علی الظالم أخذها.
ص:113
فلو أمن من ذلک أو کانت هناک مصلحة أهم جاز،و کذا یحرم بیعها و نشرها.
و أما التزین به من غیر لبس-کتلبیس مقدم الأسنان به-فالظاهر جوازه.
و هو الإخبار بما لیس بواقع،و لا فرق فی الحرمة بین ما یکون فی مقام الجد و ما یکون فی مقام الهزل.نعم،إذا تکلم بصورة الخبر هزلا بلا قصد الحکایة و الإخبار فلا بأس به،و مثله التوریة،بأن یقصد المتکلم من الکلام الصادر منه معنی له واقع،و لکنه غیر ظاهر منه،کما أنه یجوز الکذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن،بل یجوز الحلف کاذبا حینئذ، و یجوز الکذب أیضا للإصلاح بین المؤمنین،و الأحوط-استحبابا-الاقتصار فیهما علی صورة عدم إمکان التوریة،و أما الکذب فی الوعد-بأن لا یفی بوعده فی وقته-فالظاهر جوازه علی کراهة شدیدة.نعم،لو کان حال الوعد بانیا علی الخلف و عدم الوفاء،فالظاهر حرمته،و کذا الأظهر وجوب الاجتناب عن وعد أهله بشیء و هو لا یرید أن یفی به.
المؤمنین،
و عدم ارتکاب ما یخالف الشرع المبین،و یجوز-أیضا-مع الإکراه من الجائر بأن یأمره بالولایة،و یتوعده علی ترکها،بما یوجب الضرر بدنیا أو مالیا علیه،أو علی من یتعلق به بحیث یکون الإضرار بذلک الشخص إضرارا بالمکره عرفا،کالإضرار بأبیه أو أخیه أو ولده أو نحوهم ممن یهمه أمرهم.أجل،لو کان الضرر الواصل به من قبله قابلا للتحمل،و لکن مفسدة قبول الولایة منه علی الإسلام و المسلمین أکثر بکثیر من ذلک الضرر،لم یجز له أن یقبل الولایة منه.
ص:114
الضرائب المجعولة علی الأراضی و الأشجار و النخیل یجوز شراؤه
و أخذه منه مجانا،بلا فرق بین الخراج-و هو ضریبة النقد-و المقاسمة-و هی ضریبة السهم من النصف و العشر-و نحوهما،و کذا المأخوذ بعنوان الزکاة،و تبرأ ذمة المالک بالدفع إلیه،شریطة أن یکون مجبورا فی ذلک و غیر متمکن من الامتناع عن الدفع إلیه،و إلا فلا تبرأ ذمته،بل الظاهر أن الأمر کذلک إذا لم تأخذها الحکومة مباشرة و إنما حولت شخصا علی المالک فی أخذها منه،فإنه إذا أخذها برأت ذمة المحول علیه إذا کان مجبورا کما مرّ،و فی جریان الحکم المذکور فیما یأخذه السلطان المسلم المؤالف أو المخالف الذی لا یدعی الخلافة العامة أو الکافر إشکال بل منع.
و کان المدفوع إلیه منهم،فإن فهم من الدافع الإذن فی الأخذ من ذلک المال جاز له أن یأخذه منه،مثل أحدهم أو أکثر علی حسب الإذن،و إن لم یفهم الإذن منه کذلک،لم یجز الأخذ،و إن دفع له شیئا مما له مصرف خاص کالزکاة لیصرفه فی مصارفه فله أن یأخذ منه بمقدار ما یعطیه لغیره إذا کان هو أیضا من مصارفه، و لا یتوقف الجواز فیه علی إحراز الإذن من الدافع.
و إن علم إجمالا أن فی ماله حراما،و کذا کل ما کان فی یده یجوز أخذه منه و تملکه و التصرف فیه بإذنه،إلا أن یعلم أنه غصب،فلو أخذ منه-حینئذ-وجب رده إلی مالکه ان عرف بعینه،فإن جهل و تردد بین جماعة محصورة،فإن أمکن استرضاؤهم وجب،و إلا رجع فی تعیین مالکه إلی القرعة،و إن تردد بین جماعة غیر محصورة تصدق به عن مالکه مع الإذن من الحاکم الشرعی علی الأحوط الأولی إن کان مأیوسا عن معرفته،و إلا
ص:115
وجب الفحص عنه و إیصاله إلیه.
کما یکره أن یکون الإنسان جزارا أو حجاما،و لا سیما مع الشرط بأن یشترط أجرة، و یکره أیضا التکسب بضراب الفحل،بأن یؤجره لذلک،أو بغیر إجارة بقصد العوض،أما لو کان بقصد المجانیة فلا بأس بما یعطی بعنوان الهدیة.
الشرکات بأسعار محددة
و تعرض فی الأسواق و تباع و تشتری و تعین لها جوائز خاصة لمن یخرج السحب الأول و الثانی و الثالث و هکذا علی رقم بطاقته،و قد تسأل:هل یجوز شراء هذه البطاقات و التعامل بها بشرط الدخول فی عملیة السحب و بأمل الحصول علی الجائزة المقررة أو لا؟
و الجواب:أنه لا یبعد جوازه،و دعوی:أن التعامل بها بالشرط المذکور لون من ألوان القمار فلا یجوز،مدفوعة:بعدم صدق القمار علیه عرفا؛لأن القمار مأخوذ من المقامرة و هی جعل الرهن علی اللعب،سواء کان اللعب بالآلات أم کان من دونها،و علی الأول سواء کان بالآلات المخصوصة المعدة للقمار أم بغیرها،غایة الامر إن کان بالآلات المخصوصة فهو حرام مطلقا و إن کان من دون الرهن،و فی المقام لا لعب لا بالآلات و لا من دونها،بل شراء البطاقات و التعامل بها بأمل حصول الفائدة و أخذ الجائزة من البنک المتعهد بها،و هو لیس لون من ألوان اللعب،و قد تسأل:أن البطاقة بما أنه لا مالیة لها، فیکون بذل المال بإزائها من الأکل بالباطل،فلا یجوز؟
و الجواب:أن البطاقة فی نفسها و إن کانت کذلک،إلا أنها تکتسب المالیة بلحاظ ما یترتب علیها و هو حق الدخول فی عملیة السحب،فإذن لا یکون
ص:116
بذل المال بإزائها من الأکل بالباطل،و قد یکون المال المبذول بإزاء البطاقة مضمون للباذل و له إرجاعه متی شاء بإرجاع البطاقة،و فی مثل ذلک یکون شراؤها لفرضین:
الأول:الحفاظ علی أصل رأس ماله.
الثانی:بغرض الدخول فی عمیلة السحب،و فی هذه الصورة لا مانع من شرائها شرعا،حتی و لو قلنا بعدم الجواز فی الصورة الاولی کما لا یخفی،و لکن مع هذا فالأحوط و الأولی أن لا یتعامل بها لا بیعا و لا شراء.
کما یجوز أخذ العوض فی مقابله علی ما تقدم.
و یحرم أخذ الاجرة علیه کذلک،إلا إذا کان ترک الحلق یوجب سخریة و مهانة شدیدة لا تحتمل عند العقلاء،فیجوز حینئذ.
و یسلم من الربا،و مع الشک فی الصحة و الفساد لا یجوز له ترتیب آثار الصحة،بل یتعین علیه الاحتیاط،و یستحب أن یساوی بین المتبایعین،فلا یفرق بین المماکس و غیره بزیادة السعر فی الأول أو بنقصه،أما لو فرق بینهم لمرجحات شرعیة کالعلم و التقوی و نحوهما،فالظاهر أنه لا بأس به،و یستحب أن یقیل النادم و یشهد الشهادتین عند العقد،و یکبر اللّه تعالی عنده،و یأخذ الناقص و یعطی
ص:117
الراجح.
و کتمان العیب إذا لم یؤد الی غش و إلا حرم کما تقدم،و الحلف علی البیع،و البیع فی المکان المظلم الذی یستتر فیه العیب،بل کل ما کان کذلک،و الربح علی المؤمن زائدا علی مقدار الحاجة،و علی الموعود بالإحسان،و السوم ما بین طلوع الفجر و طلوع الشمس، و أن یدخل السوق قبل غیره و مبایعة الأدنین،و ذوی العاهات و النقص فی أبدانهم،و المحارفین،و طلب تنقیص الثمن بعد العقد،و الزیادة وقت النداء لطلب الزیادة،أما الزیادة بعد سکوت المنادی فلا بأس بها،و التعرض للکیل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم یحسنه حذرا من الخطأ،و الدخول فی سوم المؤمن بل الأحوط ترکه،و المراد به الزیادة فی الثمن الذی بذله المشتری،أو بذل مبیع له غیر ما بذله البائع،مع رجاء تمامیة المعاملة بینهما،فلو انصرف أحدهما عنه،أو علم بعدم تمامیتها بینهما فلا کراهة،و کذا لو کان البیع مبنیا علی المزایدة،و أن یتوکل بعض أهل البلد لمن هو غریب عنها،بل الأحوط-استحبابا-ترکه،و تلقی الرکبان الذین یجلبون السلعة و حدّه إلی ما دون أربعة فراسخ،فلو بلغ أربعة فراسخ فلا کراهة،و کذا لو اتفق ذلک بلا قصد،و الظاهر عموم الحکم لغیر البیع من المعاملة،کالصلح و الإجارة و نحوهما.
و هو حبس الطعام و الامتناع من بیعه لانتظار زیادة القیمة فیه،مع حاجة المسلمین إلیه و عدم وجود الباذل له غیره، و الظاهر اختصاص الحکم بالحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و السمن و الزیت لا غیر و إن کان الأحوط-استحبابا-الحاق الملح بها.
و قد تسأل:أن ما یحتاج إلیه عامة المسلمین-ما عدا الطعام-من الملبس
ص:118
و المسکن و المرکب و غیرها من اللوازم و المتطلبات الحیاتیة الیومیة،هل یحرم احتکاره أو یجوز؟
و الجواب:أن جوازه غیر بعید ما دام لم یترتب علی احتکار تلک الأشیاء اختلال بالنظام و الهرج،و المرج،و إلا لم یجز،فإذا وصل إلی هذه الحالة،فإن قام المحتکر بعرض هذه الأشیاء فی الأسواق فهو المطلوب،و إلا أجبره الحاکم الشرعی علی ذلک،بل للحاکم الشرعی منعه عن أصل الاحتکار و فکه إذا رأی فیه مصلحة عامة للإسلام و المسلمین و إن لم یصل إلی حد اختلال النظام.
العقد و شروطه
البیع غالبا هو نقل المال بعوض بما هو مال لا لخصوصیة فیه بحده الشخصی،بل لحفظ مالیة فیه،و قد یکون من جهة خصوصیة فیه لتعلق غرضه الشخصی،فیبیع لإشباعه،و الاشتراء هو إعطاء المشتری الثمن عوضا عن مال،و لکن تارة یکون الدافع من ورائه تعلق غرضه الشخصی به،کما إذا دفع عوضا عن حاجیاته الضروریة من المأکل و الملبس و المشرب و المسکن و المرکب،کالسیارة أو نحوها و الفرش و الظرف و غیرها من اللوازم و المتطلبات الحیاتیة لکل إنسان،و اخری یکون الدافع من ورائه الحفاظ علی مالیة ماله فیه بالاتجار و المداولة به،کما إذا طلب من الشرکة فی الداخل أو الخارج شراء أجناس معینة فی ضمن قائمة مرسلة إلیها بسعر محدد،فإذا وافقت الشرکة علی
ص:119
ذلک تم الشراء،و یقوم المشتری حینئذ بإرسال ثمنها المحدد إلیها مباشرة أو بواسطة البنک،و قد تکون هناک معاملة مستقلة لا ینطبق علیها اسم البیع و لا الشراء،و هی مبادلة مال بمال من دون أن ینظر من ورائها کون أحدهما بدیلا عن الثمن و الآخر عن المبیع،بل ینظر إلی کل منهما بنحو المعنی الاسمی دون المعنی الحرفی،کمبادلة دار بدار أخری و سیارة بسیارة اخری و کتاب بکتاب آخر و هکذا،و لا بأس بها؛لأنها داخلة فی التجارة عن تراض.
و یقع بکل لفظ دال علی المقصود و إن لم یکن صریحا فیه،مثل:بعت و ملکت و بادلت و نحوها فی الإیجاب، و مثل:قبلت و رضیت و تملکت و اشتریت و نحوها فی القبول،و لا تشترط فیه العربیة،کما لا یقدح فیه اللحن فی المادة أو الهیئة،و یجوز إنشاء الإیجاب بمثل:
اشتریت و ابتعت و تملکت،و إنشاء القبول بمثل:شریت و بعت و ملکت.
فرسی بهذا الدینار،
ففی صحته و ترتب الأثر علیه بلا ان ینضم إلیه إنشاء القبول من الآمر إشکال بل منع،إذا کان مقصود المشتری طلب البیع لا إنشاء القبول بنحو الأمر،و أما إذا کان مقصوده إنشاء القبول بنحو الأمر و الاستیجاب للإیجاب المتأخر من البائع،فلا یبعد الصحة،و کذلک الحکم فی الولی عن الطرفین أو الوکیل عنهما،فإنه لا یکتفی فیه بالإیجاب من دون القبول.
فلو قال البائع:بعت،فلم یبادر المشتری إلی القبول حتی انصرف البائع عن البیع لم
ص:120
یتحقق العقد،و لم یترتب علیه الأثر،أما إذا لم ینصرف و کان ینتظر القبول حتی قبل،صح،کما أنه لا یعتبر وحدة المجلس،فلو تعاقدا بالهاتف فأوقع أحدهما الإیجاب و قبل الآخر صح،أما المعاملة بالمکاتبة فالأظهر الصحة،إذا لم ینصرف البائع عن بیعه و کان ینتظر القبول من المشتری و قبل،شریطة أن یکون کل منهما فی مقام الإنشاء.
أی:الثمن و المثمن،فلو قال:بعتک هذا الفرس بمائة دینار،فقال المشتری:اشتریت هذا الحمار بمائة دینار أو هذا الفرس بمائة درهم،لم یصح العقد،و قد تسأل:هل یعتبر التطابق بینهما فی الشروط و توابع العقد أیضا،کما إذا قال البائع:بعتک هذا الکتاب بعشرة دنانیر بشرط أن تخیط ثوبی،فقال المشتری:قبلت هذا الکتاب بعشرة دنانیر بشرط أن أخیط عباءتک،أو من دون شرط؟
و الجواب:أنه لا یعتبر.نعم یثبت للبائع خیار تخلف الشرط حینئذ، باعتبار أن التزام البائع بالبیع کان معلقا علی قبول المشتری الشرط،فإذا لم یقبل لم یکن البائع ملتزما بالوفاء به،و من هنا إذا أسقط البائع الشرط صح البیع و لزم.
نعم،لو قال البائع:بعتک هذا الفرس بمائة دینار،فقال المشتری:اشتریت کل نصف منه بخمسین دینار،صح،و کذا فی غیره مما کان الاختلاف فیه بالإجمال و التفصیل.
و إن تمکن من التوکیل،و کذا الکتابة مع العجز عن الإشارة،أما مع القدرة علیها ففی تقدیم الإشارة أو الکتابة وجهان بل قولان،و الأظهر الجواز بکل منهما،بل لا بأس بذلک حتی مع التمکن من اللفظ،شریطة أن تکون مفهمة للمعنی.
ص:121
بأن ینشئ البائع البیع بإعطائه المبیع إلی المشتری،و ینشئ القبول بإعطاء الثمن إلی البائع،و لا فرق فی صحتها بین المال الخطیر و الحقیر،و قد تحصل بإعطاء البائع المبیع و أخذ المشتری بلا إعطاء منه،کما لو کان الثمن کلیا فی الذمة أو بإعطاء المشتری الثمن و أخذ البائع له بلا إعطاء منه،کما لو کان المثمن کلیا فی الذمة.
البیع العقدی من شرائط العقد و العوضین و المتعاقدین،
کما أن الظاهر ثبوت الخیارات فیه التی یأتی شرحها فی ضمن المسائل القادمة-إن شاء اللّه تعالی- علی نحو ثبوتها فی البیع العقدی.
بل الإیقاعات إلا فی موارد خاصة،کالنکاح و الطلاق و العتق و التحلیل و النذر و الیمین،و الظاهر جریانها فی الرهن و الوقف أیضا.
سواء أ کان شرط خیار فی مدة معینة أم شرط فعل أم غیرهما،فلو أعطی کل منهما ماله إلی الآخر قاصدین البیع،و قال أحدهما فی حال التعاطی:جعلت لی الخیار إلی سنة-مثلا-و قبل الآخر صحّ شرط الخیار،و کان البیع خیاریا.
سواء أعلم حصوله بعد ذلک،کما إذا قال:بعتک إذا هلّ الهلال أم جهل حصوله،کما لو قال:بعتک إذا ولد لی مولود ذکر،و لا علی أمر مجهول الحصول حال العقد،کما إذا قال:بعتک إن کان الیوم یوم الجمعة مع جهله بذلک،أما مع علمه به،فالوجه الجواز،بل لا یبعد الجواز فی الأول أیضا.
ص:122
فإن علم برضا البائع بالتصرف فیه حتی مع فساد العقد،جاز له التصرف فیه،و إلا وجب علیه رده إلی البائع،و إذا تلف-و لو من دون تفریط-وجب علیه ردّ مثله إن کان مثلیا و قیمته إن کان قیمیا،و کذا الحکم فی الثمن إذا قبضه البائع بالبیع الفاسد و إذا کان المالک مجهولا جری علیه حکم المال المجهول مالکه،و لا فرق فی جمیع ذلک بین العلم بالحکم و الجهل به،و لو باع أحدهما ما قبضه بالبیع الفاسد کان البیع فضولیا،و توقف صحته علی إجازة المالک،و سیأتی الکلام فیه إن شاء اللّه تعالی.
شروط المتعاقدین
و هی کما یلی:
فلا یصح عقد الصبی و تصرفه فی ماله مستقلا و إن کان ممیزا و رشیدا و مأذونا من الولی.نعم،إذا کان مأذونا فیه من قبل الولی و کالة عنه فلا بأس،علی أساس أن تصرفه فیه هو تصرف الولی فی الحقیقة، و کذا إذا کان تصرفه فی غیر ماله بإذن المالک بعنوان الوکالة عنه،و إن لم یکن باذن الولی.
فلا یصح عقد المجنون و إن کان قاصدا إنشاء البیع.
فلا یصح بیع المکره،و هو من یأمره ظالم بالبیع إکراها، بحیث یخاف علی نفسه أو عرضه أو ماله من الضرر لو خالفه و ترک البیع،ففی
ص:123
هذه الحالة إذا صدر منه بیع لم یکن عن طیب نفسه،فمن أجل ذلک یکون باطلا، فبطلان عقد المکره من جهة أنه فاقد لطیب النفس الذی هو معتبر فی صحة العقد،و من هنا إذا أکره أحد علی بیع داره مثلا،و کان متمکنا من التفصی عن الإکراه و دفعه لسبب أو آخر و لکنه لم یفعل و باع داره فالظاهر صحته لأنه صدر منه عن طیب نفسه و رضائه،و لهذا لو لم یکن البیع مکروها له و قد أمره الظالم بالبیع فباع صحّ،و کذا لو أمره بدفع المال له،و کان تحصیل ذلک المال موقوفا علی بیع المکره فباع فإنه یصح،مثال ذلک إذا أمره ظالم بدفع مقدار من المال إلیه کألف دینار و هو لم یتمکن من ذلک إلا ببیع داره فباعها،فإنه یصح بیعها باعتبار أنه مقدمة لدفع الضرر عنه.
کما لو قال الظالم:فلیبع زید أو عمرو داره،فباع أحدهما داره بطل البیع،إلا إذا علم إقدام الآخر علی البیع،فإنه حینئذ إذا باع صح،لأنه باع بطیب نفسه و من دون إکراه.
و لو باع الآخر بعد ذلک صح،و أما إذا باعهما جمیعا دفعة واحدة،فهل یبطل البیع فی الجمیع،أو فی احدهما فقط دون الآخر،أو یصح فی الجمیع وجوه،و الأقوی الوجه الثانی،و قد تسأل:أنه علی هذا ما هو المعیّن للبیع الصحیح عن بیع الفاسد؟ و الجواب:أن تعیین ذلک بید البائع و اختیاره لا بالقرعة،علی أساس أن ما تعلق به طیب النفس،إنما هو بیع أحد المبیعین علی نحو الکلی فی المعین،و تعیین الکلی و تطبیقه علی فرده فی الخارج إنما هو بید البائع و اختیاره.
بطل بیع الدابة، و صح بیع الولد.
ص:124
نحوها،
فلو کان متمکنا من دفع الإکراه بها و مع ذلک لم یفعل و باع،فبطبیعة الحال لم یکن بیعه عن إکراه بل هو عن طیب نفسه و رضائه فصح،علی أساس أن صحة المعاملة تدور مدار تحقق طیب النفس،و لا موضوعیة للإکراه،و لا یدور فساد المعاملة مداره،فإذا کان البائع قادرا علی دفع الإکراه عنه بالتوریة أو بسبب آخر و مع ذلک إذا لم یدفع و باع صح بیعه،مثلا إذا أکرهه ظالم علی بیع داره فباعها-مع قدرته علی التوریة-صح.
اکره علیه-ما یعم الضرر الواقع علی نفسه و ماله و شأنه،
و علی بعض من یتعلق به ممن یهمه أمره،فلو لم یکن کذلک فلا إکراه،فلو باع حینئذ،صح البیع.
البیع الفضولی
بأن یکون مالکا أو وکیلا عنه،أو مأذونا منه،أو ولیا علیه،فلو لم یکن العاقد قادرا علی التصرف لم یصح البیع،بل توقفت صحته علی إجازة القادر علی ذلک التصرف،مالکا کان أو وکیلا عنه،أو مأذونا عنه،أو ولیا علیه،فإن أجاز صح،و إن رد بطل،و هذا هو المسمی بعقد الفضولی،و المشهور أن الإجازة بعد الرد لا أثر لها،و لکنه لا یخلو عن إشکال بل لا یبعد نفوذها،و أما الرد بعد الإجازة فلا أثر له جرما.
فإن أجازه المالک صح،و لا أثر للمنع السابق فی البطلان.
ص:125
لم یصح و توقفت صحته علی الإجازة.
أو لبنائه علی ذلک،کما فی الغاصب،فأجازه المالک،صح البیع و یرجع الثمن إلی المالک.
بل لا بدّ من الدلالة علیه بالقول مثل:رضیت،و أجزت،و نحوهما،أو بالفعل مثل أخذ الثمن،أو بیعه، أو الإذن فی بیعه،أو إجازة العقد الواقع علیه أو نحو ذلک.
وقوعه کشفا حکمیا،
علی أساس أن الإجازة و ان تعلقت بالعقد السابق إلا أن تعلقها به من الآن،و علیه فبطبیعة الحال یکون استناد العقد إلی المالک،و النقل و الانتقال من هذا الحین؛لأن المعیار إنما هو بزمان التعلق لا بزمان المتعلق لأن العقد من زمان التعلق أصبح عقد المالک مشمولا لدلیل الصحة لا من زمن المتعلق،و إلا لزم تقدم المعلول علی العلة،و بکلمة:أن الکشف الحقیقی غیر معقول،و الکشف الحکمی بمعنی حکم الشارع من حین الإجازة بالملکیة من حین العقد لا یرجع إلی معنی محصل،لأن العقد من حین تعلق الإجازة به مشمول لدلیل الإمضاء،و موضوع لترتیب الآثار علیه شرعا،و متصف بالصحة لا من حین صدوره لغرض أنه من هذا الحین لیس بمجاز و إنما صار مجازا من حین الإجازة،و یترتب علی هذا أن نماء الثمن من حین العقد إلی حین الإجازة ملک للمشتری،و نماء المبیع فی هذا الحین ملک للبائع.
فإن أجازه
ص:126
المالک صح و إن رد بطل،و لو باع باعتقاد کونه أجنبیا فتبین کونه ولیا أو وکیلا صح،و لم یحتج إلی الإجازة،و لو تبین کونه مالکا،فهل یصح البیع أو أن صحته تتوقف علی الإجازة؟و الجواب:أن صحته تتوقف علی الإجازة،علی أساس أن رضاه بالبیع بصفته کونه أجنبیا لا یستلزم رضاه به بصفة کونه مالکا،فمن أجل ذلک إن رضی به صح و إلا فلا.
ففی صحته-بلا حاجة إلی الإجازة أو توقفه علی الإجازة أو بطلانه رأسا وجوه، أقواها أوسطها،باعتبار ان بیعه بصفة کونه فضولیا لا یستلزم رضاه لهذا البیع إذا صار مالکا له،و صحة البیع تدور مدار رضا المالک و طیب نفسه.
بیع المالک،
و یصح بیع الفضولی-أیضا-إن أجازه المشتری.
فإن کانت العین فی ید المالک فلا إشکال،و إن کانت فی ید البائع جاز للمالک الرجوع بها علیه،و إن کان البائع قد دفعها إلی المشتری جاز له الرجوع علی کل من البائع و المشتری،و إن کانت تالفة رجع علی البائع إن لم یدفعها إلی المشتری أو علی أحدهما إن دفعها إلیه بمثلها،إن کانت مثلیة،و بقیمتها إن کانت قیمیة.
و للمالک الرجوع بها علی من استوفاها و کذا الزیادات العینیة،مثل اللبن و الصوف و الشعر و السرجین و نحوها،مما کانت له مالیة،فإنها مضمونة علی من استولی علیها کالعین،أما المنافع غیر المستوفاة من العین،فالظاهر ضمانها علیه کالعین،علی أساس أنها تلفت تحت یده الضامنة.
ص:127
الواحد فی الخصوصیات التی تختلف باختلافها رغبات الناس،
و نقصد بالتساوی التقارب فی الصفات و الخصوصیات کالدرهم و الدینار و نحوهما،دون التساوی الحقیقی.
و القیمی:ما لا تکون أفراده کذلک،فالآلات و الظروف و الأقمشة المعمولة فی المعامل و المصانع فی هذا الزمان من المثلی،و الجواهر الأصلیة من الیاقوت و الزمرد و الألماس و الفیروزج و نحوها من القیمی.
القبض
و هو یوم الغصب لا زمان التلف،و لا زمان الأداء.
الاولی:أن علی البائع أن یرد الثمن المسمی إلی المشتری عینا إن کان موجودا،و إلا فبدله.
الثانیة:أن عین المبیع إن کانت فی ید البائع وجب علیه أن یردها إلی مالکها،و أن کانت فی ید المشتری فکذلک،و أما إذا کانت تالفة تحت یده،فحینئذ إن رجع المالک علی المشتری ببدل العین من المثل أو القیمة،فهل له الرجوع علی البائع و مطالبته بما دفعه من بدل العین أو لا؟
و الجواب:لیس له الرجوع علیه بما یعادل الثمن و إن کان مغرورا؛باعتبار أن تقدیم البائع هذا المبلغ له لم یکن مجانا لکی یکون ضمانه علیه،بل کان مع العوض،نعم إذا لم یرد البائع الثمن إلیه فله الرجوع علیه و المطالبة به،و إذا کان بدل العین أزید من الثمن فله الرجوع علی البائع فی الزائد،علی أساس أن تقدیم الزائد
ص:128
له لما کان مجانا و بعنوان أنه ملکه،فهو المتلف له عرفا و ضمانه علیه،و أما إذا لم یکن المشتری مغرورا-کما إذا کان عالما بالحال-فلا یحق له الرجوع علی البائع و ان کان عالما بالحال؛لأن الواجب علی المشتری فی هذه الحالة الامتناع عن تسلیم العین و أخذها،فإذا أخذها من ید البائع وجب علیه ردها إلی مالکها؛لأن یده علیها ید ضمان،و إذا لم یردها و بقیت فی یده إلی أن تلفت،فعلیه ضمانها من المثل أو القیمة.
الثالثة:أن المالک إذا رجع علی البائع و أخذ منه بدل العین من المثل أو القیمة،فهل له الرجوع علی المشتری أو لا؟
و الجواب:أن البائع و إن کان عالما بالحال و المشتری جاهلا بها،فله الرجوع علی المشتری بمقدار الثمن المسمی إذا لم یکن قد قبض الثمن منه،و لکن لیس له الرجوع علیه فی الزائد علی الثمن،علی أساس أنه المتلف عرفا للزائد بتقدیمه للمشتری مجانا و بعنوان أنه ملکه،و بکلمة:أن تقدیم العین له بما یعادل الثمن لم یکن مجانا،بل کان مع العوض و مضمونا.نعم،تقدیم ما یزید علیه فی المالیة له کان مجانا،فلذلک یکون ضمانه علیه.أما إذا کان المشتری عالما بالحال فللبائع الرجوع علیه و مطالبته بالزائد،سواء أ کان البائع عالما بالحال أیضا أم لا، و ذلک لأن المشتری إذا کان یعلم بأن البائع فضولی و غیر مالک للعین،لم یجز له أخذها منه،فإذا أخذها و الحال هذه وجب علیه ردها إلی مالکها عینا إن کانت موجودة و إلا فبدلها بمقتضی الید،و إذا رجع المالک علی البائع فی هذه الحالة، فللبائع أن یرجع إلی المشتری کما هو الحال فی مسألة تعاقب الأیدی،و إذا رجع إلی المشتری فیها فالمشتری لا یرجع علی البائع.
الرابعة:أن المالک إذا رجع إلی المشتری فی بدل منافع العین،فهل له أن
ص:129
یرجع علی البائع فی جمیع الخسارات التی خسرها للمالک إذا کان جاهلا بالحال، و معتقدا بأن البائع مالک للعین و لیس بفضولی،إما بإخباره بذلک أو من الخارج، و البائع عالم بها؟
و الجواب:أنه لیس لذلک ضابط کلی فی جمیع موارد منافع العین من المنفصلة و المتصلة و المستوفاة و غیرها؛لأن قاعدة رجوع المغرور إلی الغار لم تثبت کقاعدة شرعیة کلیة؛لقصور فی دلیلها،و علی هذا فضمان البائع الغار لمنافع العین منوط بکونه المتلف لها عرفا بتسلیط المشتری علیها مجانا و بعنوان أنها ملکه،و هذا یختلف باختلاف المنافع،فإن کانت من الأعیان المنفصلة کنتاج الحیوان أو صوفه أو لبنه أو ثمرة الأشجار و غیرها،ففی مثل ذلک إذا رجع المالک علی المشتری فلیس له أن یرجع علی البائع،علی أساس عدم استیلاء البائع علی تلک المنافع لیکون ضامنا لها،و لا فرق فی ذلک بین أن تکون تلک المنافع مستوفاة من قبل المشتری أو لا،فإنه علی کلا التقدیرین یکون ضمانها علیه؛باعتبار أنها تلفت تحت یده،و قد تسأل:هل للمالک فی هذا الفرض الرجوع علی البائع و مطالبته ببدل المنافع التالفة أو لا؟
و الجواب:لیس له الرجوع علیه و مطالبته به،علی أساس أنه لیس ضامنا لها،و إن کانت المنافع من توابع العین کمنافع الدار التی هی متمثلة فی حیثیة السکنی فیها التابعة لها فی الملکیة و الاستیلاء-ففی مثل ذلک-لو رجع المالک علی المشتری فله أن یرجع علی البائع،علی أساس أن تلک المنافع لما کانت تحت ید البائع و استیلائه،فتقدیمها للمشتری بعنوان أنها ملکه و قبول المشتری ذلک جاهلا بالحال إتلاف لها منه عرفا،فیکون ضامنا،و أما المشتری فهو و ان ضمنها و لکن ضمانه لیس فی عرض ضمان البائع؛إذ لا یمکن أن یکون لمال واحد
ص:130
بدلان عرضیان،أحدهما فی ذمة فرد و الآخر فی ذمة آخر،بل إنه فی طوله،بمعنی:
أن ضمانه بدل عن ضمانه المستقر فی ذمته فإذا أدی ما فی ذمته للمالک ملک ما فی ذمة البائع،و له حینئذ أن یرجع إلیه.
و مال الوقف المجعول مصرفا فی جهة معینة أو غیر معینة،أو فی مصلحة شخص أو أشخاص، فإن کان تحت ید غاصب،فعلی الولی أن یرجع إلیه مع وجوده و کذا مع تلفه و إذا تعاقبت الأیدی علیه فقد مر حکمه.
الوجوب الکفائی أو التخییری؟
و الجواب:الظاهر أنه لیس بنحو الوجوب الکفائی،سواء فیه القول بتعلقه بطبیعی المکلف علی نحو صرف الوجود أم بالأفراد و لا بنحو الوجوب التخییری،هذا من ناحیة،و من ناحیة اخری أنه لا یمکن أن یکون لمال واحد بدلان فی عرض واحد،أحدهما فی ذمة فرد و الآخر فی ذمة آخر،و فی ضوء ذلک فضمان الغاصب الأخیر الذی تلف المال تحت یده و استیلائه،هو اشتغال ذمته ببدل التالف مباشرة من المثل أو القیمة و استقراره فیها،و أما ضمان الغاصب الأول،فبما أنه لا یمکن أن یکون بمعنی اشتغال ذمته ببدل التالف فی عرض ضمان الغاصب الأخیر،فلا بد أن یکون بأحد معنیین تالیین:
الأول:أن یکون ضمانه فی طول ضمان الغاصب الأخیر،بمعنی:أنه ضامن بدل ما فی ذمته طولا،و نتیجة ذلک أن المالک إذا رجع إلی الغاصب الأخیر و أخذ البدل منه برأت ذمته،فإذا برأت سقطت ذمة الغاصب الأول بسقوط موضوعها و هو ذمة اللاحق،و إذا رجع إلی الغاصب السابق و أخذ البدل منه ملک السابق ما
ص:131
فی ذمة اللاحق،بمعنی:أن ذمته برأت من المالک و اشتغلت للسابق.
و لا فرق فی ذلک بین أن یکون السابق واحدا أو متعددا،غایة الأمر إذا کان متعددا فکل سابق منه ضامن لما فی ذمة اللاحق،فإذا فرضنا أن الأیدی التی مرت علی العین أکثر من ثلاث،فإذا رجع المالک إلی صاحب الید الأولی،فله أن یرجع إلی صاحب الثانیة،کما أن له أن یرجع إلی صاحب الأخیرة الذی استقر الضمان علیه.هذا إذا کان استقرار الضمان علی الغاصب الأخیر،و أما إذا کان علی الأول،کما إذا کان غارا و متلفا للمال عرفا بتقدیمه للثانی مجانا بعنوان أنه ماله، فیکون الأمر بالعکس تماما،فإن الأول ضامن لبدل العین مباشرة،و الثانی و الثالث ضامن لبدل ما فی ذمته طولا.هذا،و لکن إثبات هذا النحو من الضمان فی المقام بقاعدة الید لا یخلو عن إشکال بل منع.
الثانی:أن ضمان الغاصب الأول للعین المغصوبة،إنما هو بمعنی:أن تأدیتها إلی أهلها الأعم منها و من بدلها فی عهدته و مسئولیته شرعا،بدون أن تکون ذمته مشغولة بشیء،و لا یخرج عن عهدته و مسئولیته بانتقالها من یده إلی ید الثانی،و کذلک لا تخرج عن عهدة الثانی بانتقالها من یده إلی ید الثالث،و حینئذ فإذا تلفت فی ید الثالث اشتغلت ذمته خاصة ببدلها من المثل أو القیمة دون السابق،فإن ضمانه لیس ضمانا لنفس المال،و إنما هو ضمان لأدائه و إیصاله إلی صاحبه،غایة الأمر ما دامت العین موجودة فهو ضامن لإیصالها،و إذا تلفت عند اللاحق فهو ضامن لإیصال بدلها،و علی هذا فإذا رجع المالک إلی الغاصب الأول فله أن یرجع إلی الثانی.لأنه بأداء قیمة الدین یملک الدین فی ذمة الثانی،و إذا رجع إلی الثانی فهو لا یرجع إلی الأول،علی أساس أنه ضامن لنفس البدل مباشرة،فإذا أداه فرغت ذمته بذلک و لا شیء علیه بعده.و دعوی أنه لا دلیل
ص:132
علی هذا النوع من الضمان مدفوعة:بأن الدلیل علیه فی المقام قاعدة الید،و أما فی سائر الموارد فهو قسم من الضمان المعاملی و ثابت شرعا و ارتکازا و بمقتضی:
أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و منه قبول البنک للکمبیالة،فإنه لا یمکن تفسیره علی أساس عقد الضمان بمعناه الفقهی المعروف،و هو نقل الدین من ذمة إلی ذمة آخر،فإن البنک لا یقصد ذلک و إنما یقصد تعهده للدائن بالأداء و تحصیل الدین من المدین، و من هذا القبیل إذا أخذ الشخص المسئولیة عن أداء الدین للدائن علی عاتقه، بأن یقول للدائن أنا مسئول و متعهد بأداء دینک و أنه سیؤدی إلیک،فالضمان هنا لیس ضمانا لنفس مبلغ الدین،و إنما هو ضمان لأدائه مع بقاء الدین فی ذمة المدین.
صح البیع فیما یملک،و توقفت صحة بیع غیره علی إجازة المالک،فإن أجازه صح و إلا فلا، و حینئذ یکون للمشتری خیار تبعض الصفقة،فله فسخ البیع بالإضافة إلی ما یملکه البائع.
المالین بقیمته السوقیة،
فیرجع المشتری بحصة من الثمن نسبتها إلی الثمن نسبة قیمة مال غیر البائع إلی مجموع القیمتین،فإذا کانت قیمة ماله عشرة و قیمة مال غیره خمسة و الثمن ثلاثة،یرجع المشتری بواحد الذی هو ثلث الثمن و یبقی للبائع اثنان و هما ثلثا الثمن.هذا،إذا لم یکن للاجتماع دخل فی زیادة القیمة و نقصها،أما لو کان الأمر کذلک،وجب تقویم کل منهما فی حال الانضمام إلی الآخر،ثم تنسب قیمة کل واحد منهما إلی مجموع القیمتین،فیؤخذ من الثمن بتلک النسبة،مثلا إذا باع الجاریة و ابنتها بخمسة،و کانت قیمة الجاریة فی حال الانفراد ستة و فی حال الانضمام أربعة و قیمة ابنتها بالعکس،فمجموع القیمتین عشرة،فإن کانت الجاریة
ص:133
لغیر البائع رجع المشتری بخمسین-و هما اثنان من الثمن-و بقی للبائع ثلاثة اخماس،و إن کانت البنت لغیر البائع رجع المشتری بثلاثة أخماس الثمن-و هو ثلاثة-و بقی للبائع اثنان.
فباع أحدهما نصف الدار،فإن قامت القرینة علی أن المراد نصف نفسه أو نصف غیره، أو نصف فی النصفین،عمل علی القرینة،و إن لم تقم القرینة علی شیء من ذلک حمل علی نصف نفسه لا غیر.
بالبیع و الشراء و الإجارة و غیرها،
و کل منهما مستقل فی الولایة،فلا یعتبر الإذن من الآخر،کما لا تعتبر العدالة فی ولایتهما،و لا أن تکون مصلحة فی تصرفهما بل یکفی عدم المفسدة فیه،إلا أن یکون التصرف تفریطا منهما فی مصلحة الصغیر، کما لو اضطر الولی إلی بیع مال الصغیر،و أمکن بیعه بأکثر من قیمة المثل،فلا یجوز له البیع بقیمة المثل،فإن فیه تفویتا لمصلحة الصغیر،و کذا لو دار الأمر بین بیعه بزیادة درهم عن قیمة المثل و زیادة درهمین لاختلاف الأماکن أو الدلالین، أو نحو ذلک لم یجز البیع بالأقل،إلا إذا کانت فیه مصلحة له،و المدار فی کون التصرف مشتملا علی المصلحة أو عدم المفسدة،إنما هو بنظر الولی إذا کان من أهل الخبرة فی ذلک التصرف،و إلا فعلیه أن یرجع فیه إلی أهل الخبرة،فلا یجوز التصرف بدون الرجوع إلیهم.
أو جعله عاملا فی المعامل و المصانع و القیام بتربیته العلمیة و الدینیة و الأخلاقیة و سائر شئونه مثل تزویجه و غیره،شریطة أن تکون له فی هذه التصرفات
ص:134
مصلحة،أو إذا لم تکن له فیها مصلحة أو کانت مفسدة،و لکنها کانت أقل من مفسدة جعله مهملا و عاطلا.نعم،لیس لهما طلاق زوجته،و هل لهما فسخ نکاحه عند حصول المسوغ للفسخ،و هبة المدة فی عقد المتعة أو لا؟ وجهان و الثبوت أقرب.
القاصرین نفذت الوصیة،
و صار الموصی إلیه ولیا علیهم بمنزلة الموصی تنفذ تصرفاته،و یشترط فیه الرشد و الأمانة و لا تشترط فیه العدالة علی الأقوی.کما یشترط فی صحة الوصیة فقد الآخر،فلا تصح وصیة الأب بالولایة علی الطفل مع وجود الجد،و لا وصیة الجد بالولایة علی حفیده مع وجود الأب،و لو أوصی أحدهما بالولایة علی الطفل بعد فقد الآخر لا فی حال وجوده،ففی صحتها إشکال و لا یبعد الصحة،لأن مرجع ذلک إلی جعل الولایة فی حالة خاصة و هی حالة فقد الأب و الجد معا.
الصغیر
و لو کان عما أو اما أو جدا للام أو أخا کبیرا،فلو تصرف أحد هؤلاء فی مال الصغیر أو فی نفسه أو سائر شئونه لم یصح،و توقف علی إجازة الولی.
و الجد و الوصی لأحدهما،
و مع تعذر الرجوع إلی الحاکم فالولایة لعدول المؤمنین،لکن الأحوط الاقتصار علی صورة لزوم الضرر فی ترک التصرف فیه، کما لو خیف علی ماله التلف-مثلا-فیبیعه العادل؛لئلا یتلف،و لا یعتبر حینئذ أن تکون فی التصرف فیه غبطة و فائدة،بل لو تعذر وجود العادل-حینئذ-لم یبعد جواز ذلک لسائر المؤمنین،و لو اتفق احتیاج المکلف إلی دخول دار الأیتام
ص:135
و الجلوس علی فراشهم،و الأکل من طعامهم و تعذر الاستئذان من ولیهم لم یبعد جواز ذلک إذا عوضهم عن ذلک بالقیمة،و لم یکن فیه ضرر علیهم و إن کان الأحوط ترکه،و إذا کان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلی عوض.
و اللّه سبحانه و تعالی العالم.
شروط العوضین
یشترط فی المبیع أن یکون عینا،سواء أ کان موجودا فی الخارج أم فی الذمة،و سواء أ کانت الذمة ذمة البائع أم غیره،کما إذا کان له مال فی ذمة غیره فباعه لشخص ثالث،فلا یجوز بیع المنفعة کمنفعة الدار،و لا بیع العمل کخیاطة الثوب،و أما الثمن فیجوز أن یکون عینا أو منفعة أو عملا.
العقلاء،
فکل ما لا یکون مالا-کبعض الحشرات-لا یجوز بیعه و لا جعله ثمنا، و لکن الظاهر عدم اعتبار ذلک و إن کان الاعتبار أحوط.
فکما لا یصح بیعها لا یصح جعلها ثمنا.نعم،فی مثل حق التحجیر القابل للانتقال،یجوز جعل متعلق الحق بما هو کذلک ثمنا،و یجوز جعل شیء بإزاء رفع الید عن الحق،حتی فیما إذا لم یکن قابلا للانتقال،و کان قابلا للإسقاط،کما یجوز جعل الإسقاط ثمنا،فیملک البائع علی المشتری الإسقاط،فیجب علیه ذلک بعد البیع،بل یجوز جعل متعلق
ص:136
الحق-بما هو متعلقه-مبیعا،کبیع الأرض المحیاة بناء علی أن الإحیاء إنما یمنح الحق للمحیی بها دون الملک کما هو الظاهر.
و تکفی المشاهدة فیما تعارف بیعه بالمشاهدة،و لا تکفی فی غیر ذلک،بل لا بدّ أن یکون مقدار کل من العوضین کیلا أو وزنا أو عدا أو مساحة معلوما،و لا بأس بتقدیره بغیر ما هو المتعارف تقدیره به کبیع المکیل بالوزن،و بالعکس إذا لم یکن البیع غرریا،و إذا کان الشیء مما یباع فی حال بالمشاهدة،و فی حال أخری بالوزن أو الکیل،کالثمر یباع علی الشجر بالمشاهدة و فی المخازن بالوزن،و الحطب محمولا علی الدابة بالمشاهدة و فی المخزن بالوزن،و اللبن المخیض یباع فی السقاء بالمشاهدة و فی المخازن بالکیل،فصحة بیعه مقدرا أو مشاهدا تابعة للمتعارف علی الأحوط.
أو عدا اذا کان ثقة و إن لم یکن عدلا،و لو تبین الخلاف بالنقیصة کان المشتری بالخیار بین أن یفسخ المعاملة و یسترد الثمن بکامله من البائع،و بین أن یمضیها بتمام الثمن،و لو تبینت الزیادة فی المبیع کان البائع بالخیار بین فسخ المعاملة و إمضائها بتمام المبیع،و أما ما قیل من أن البیع بالنسبة إلی مقدار النقیصة فی الأول و مقدار الزیادة فی الثانی باطل-بمعنی أن مقدار ثمن النقیصة باق فی ملک المشتری علی الأول،و الزیادة علی المبیع باقیة فی ملک البائع علی الثانی،فیرجع المشتری حینئذ علی البائع بثمن النقیصة،و یرجع البائع علی المشتری بالزیادة-فهو ضعیف و لا یبتنی علی أصل.
ص:137
الأول:بالکیل و الوزن إذا کان المبیع من المکیل أو الموزون.
الثانی:بالتقدیر الکمی عرضا و طولا،کما إذا کان المبیع أرضا أو ما شاکلها.
الثالث:بالمشاهدة أعم من المشاهدة الفعلیة أو السابقة.
الرابع:بإخبار البائع بنوعیة المبیع و أوصافه و خصوصیاته و غیرهما إذا کان ثقة.
الخامس:إخبار أهل الفن و الخبرة بذلک،فلو اشتری سلعا اعتباطا و بدون تحقیق ثم ظهر الخلاف،فإن کان فی النوع أو الجنس بطل البیع،و إن کان فی الوصف صح و لم یثبت له الخیار أیضا،علی أساس أنه أقدم علی شرائه کذلک، و الخیار إنما یثبت إذا کان الشراء مبنیا علی وصف الصحة و لو ارتکازا،أو علی اشتراط الوصف الکمالی فی ضمن العقد.
بأن کان موزونا فی بلد و معدودا فی آخر و مکیلا فی ثالث،فالظاهر أن المدار فی التقدیر بلد المعاملة، و لکن یجوز البیع بالتقدیر الآخر أیضا إذا لم یکن فیه غرر،و إلا فالأحوط ترکه.
شرطا فی الموزون،
مثل أن یبیعه عشرة أمنان من الدبس بشرط أن یکون کیلها صاعا،فیتبین أن کیلها أکثر من ذلک؛لرقة الدبس،أو یبیعه عشرة أذرع من قماش بشرط أن یکون وزنها ألف مثقال،فیتبین أن وزنها تسعمائة؛لعدم إحکام النسج،أو یبیعه عشرة أذرع من الکتان،بشرط أن یکون وزنه مائة مثقال، فیتبین أن وزنه مائتا مثقال؛لغلظة خیوطه و نحو ذلک،مما کان التقدیر فیه
ص:138
ملحوظا صفة کمال للمبیع لا مقوما له،و الحکم أنه مع التخلف بالزیادة أو النقیصة یکون الخیار للمشتری؛لتخلف الوصف،فإن أمضی العقد کان علیه تمام الثمن،و الزیادة للمشتری علی کل حال.
و أما معرفة صفاتهما التی تختلف القیمة باختلافها،کالألوان و الطعوم و الجودة و الرداءة و الرقة و الغلظة و الثقل و الخفة و نحو ذلک،فهی علی الأحوط الأولی،أما ما لا یوجب اختلاف القیمة منها فلا تجب معرفته و إن کان مرغوبا عند قوم و غیر مرغوب عند آخرین.و المعرفة إما بالمشاهدة أو بتوصیف البائع أو بالرؤیة السابقة.
کما هو الحال فی أکثر البیوع و المعاملات الواقعة بین الناس و المتداولة بینهم،سواء أ کانا من الأعیان الخارجیة أو کانا فی الذمم أو ما یکون فی حکم الملک،کبیع أموال لجهة خاصة من الجهات،مثل بیع ولی الزکاة بعض الأعیان الزکویة و شراء البدیل لها بثمنها و هو العلف،و بیع ولی الموقوفة بعض أدواتها و لوازمها إذا دعت الضرورة إلی ذلک،و علیه فلا یجوز بیع ما لیس فی حوزته و اختیاره، کبیع السمک فی الماء و الطیر فی الهواء،و شجر البیداء قبل أن یصطاد أو یحاز و ما شابه ذلک.
و کذلک لو أجازه بعد وقوعه،و الأظهر صحة البیع مع عدم إجازته أیضا،إلا أنه یثبت الخیار حینئذ للمشتری إذا کان جاهلا بالحال حین البیع.
منها:أن یخرب بحیث لا یمکن الانتفاع به مع بقاء عینه،کالحیوان المذبوح
ص:139
و الجذع البالی و الحصیر المخرق و غیرها مما یؤدی بقاؤه إلی التلف و الضیاع.
و منها:أن یخرب علی نحو یسقط عن الانتفاع المعتد به مع کونه ذا منفعة یسیرة ملحقة بالمعدوم عرفا،کالدار التی انهدمت و صارت عرصة،فإنه و إن کان بالإمکان إجارتها عرصة بأجرة قلیلة غیر معتد بها فی مقابل أجرة الدار،و لکن إذا بیعت و اشتری بثمنها خانا أو دکانا کان نفعه کالأول.
و منها:ما إذا اشترط الواقف بیعه عند حدوث أمر من قلة المنفعة أو کثرة الخراج أو کون بیعه أنفع بکثیر من بقائه،أو احتیاجهم الشدید إلی عوضه،أو غیر ذلک من ضرورة دعت إلی ذلک.
و منها:ما إذا وقع الاختلاف الشدید بین الموقوف علیهم،بحیث لا یؤمن معه من تلف النفوس و الأموال.
و منها:ما لو علم أن الواقف لاحظ فی قوام الوقف عنوانا خاصا فی العین الموقوفة،مثل کونها بستانا أو حماما فیزول ذلک العنوان،فإنه یجوز البیع حینئذ و یشتری بدیلا له إن أمکن،و إلا فیصرف ثمنه فی الأقرب فالأقرب إلی غرض الواقف.
و منها:ما إذا طرأ ما یستوجب أن یؤدی بقاؤه إلی الخراب المسقط له عن المنفعة المعتد بها عرفا،و اللازم حینئذ تأخیر البیع إلی آخر أزمنة إمکان البقاء،ثم یبیع و یشتری مکانه ما یقوم مقامه-و لو فی الجملة-إن امکن،و إلا فیصرف الثمن فیما هو الأقرب فالأقرب.
المساجد،
فإنها لا یجوز بیعها علی کل حال.نعم،یجری فی مثل الخانات الموقوفة
ص:140
للمسافرین و کتب العلم و المدارس و الرباطات الموقوفة علی الجهات الخاصة أو العامة.
فإن کان من الأوقاف غیر المحتاجة إلی المتولی،کالوقف علی الأشخاص المعینین لم تحتج إلی إجازة غیرهم،و إلا فإن کان له متول خاص فاللازم مراجعته،و یکون البیع بإذنه،و إلا فالأظهر مراجعة الحاکم الشرعی،و الاستئذان منه فی البیع،کما أن الأظهر أن یشتری بثمنه ملکا، و یوقف علی النهج الذی کان علیه الوقف الأول.نعم،لو خرب بعض الوقف جاز بیع ذلک البعض و صرف ثمنه فی مصلحة المقدار العامر،کتعمیره و سائر لوازمه إذا کان بحاجة إلی ذلک،و إلا فیصرف فی وقف آخر إذا کان موقوفا علی نهج وقف الخراب مراعاة للأقرب فالأقرب.و إذا خرب الوقف و لم یمکن الانتفاع به و أمکن بیع بعضه و تعمیر الباقی بثمنه،فهل یتعین ذلک أو یجوز بیع الجمیع و یشتری مکانه بدیلا له و إن کان دونه؟
و الجواب:أن أیا منهما أنفع و أقرب إلی مقصود الواقف فهو المتعین.
و لو کان حملا غیر مولود،و کذا لا یجوز نقلها بسائر النواقل،و إذا مات ولدها جاز بیعها،کما یجوز بیعها فی ثمن رقبتها مع إعسار المولی،و فی هذه المسألة فروع کثیرة لم نتعرض لها؛لقلة الابتلاء بها.
و هی الأرض المفتوحة عنوة العامرة حین الفتح،فإنها ملک للمسلمین عامة،و لا فرق بین أن تکون فیها آثار مملوکة للبائع من بناء أو شجر أو غیرها و أن لا تکون.نعم،یجوز للبائع فی الفرض الأول بیعها،علی أساس ما فیها من الحق المتعلق بها الناشئ من العمل
ص:141
و الجهد فی سبیل إیجاد و توفیر صفة ذات قیمة اقتصادیة فیها،و لکن ذلک إنما هو بیع للحق المتعلق بها دون رقبة الأرض،و لا یجوز لأی أحد التصرف فیها إلا بإذن الإمام علیه السّلام أو نائبه العام و هو الفقیه الجامع للشرائط فی عصر الغیبة،و قد تسأل:أن تلک الأراضی إذا کانت بید الخلفاء و سلاطین الجور،فهل یتوقف جواز التصرف فیها علی إذنهم و لا یجوز من دونه أو لا؟
و الجواب:أنه لا یتوقف علی إذنهم فیه إذ لا ولایة لهم علی تلک الأراضی، و لکن بما أن لکل فرد من شملته أخبار التحلیل حقا فیها و هو لا یتمکن من ممارسة حقه من دون مراجعة هؤلاء،علی أساس أنها کانت تحت استیلائهم و سیطرتهم خارجا،فتکون المراجعة إنما هی من أجل استیفاء حقه فیها و ممارسته،لا من أجل أن جواز تصرفه فیها یتوقف علی إذنه و تقبیله،و لو ماتت الأرض العامرة حین الفتح،فهل تنقطع بذلک علاقة المسلمین عنها نهائیا أو لا؟
و الجواب:أنها لا تنقطع بذلک،فإن ملک المسلمین إنما هو رقبة الأرض و إن کانت میتة،و علی هذا فإذا قام فرد بإحیائها کان أحق بها من دون أن یملک رقبتها،و إذا ترکها حتی ماتت زال حقه بزوال سببه و هو الإحیاء؛لأن کل فرد یملک نتیجة عمله و جهده،و هی خلق شروط فیها التی یتیح له فرصة الاستفادة منها و الانتفاع بها،فإذا ماتت تلک الشروط بإهمالها مات حقه،و حینئذ فیجوز لغیره أن یقوم بإحیائها بلا حاجة إلی إذنه،و إذا أحیاها السلطان المدعی للخلافة علی أن تکون للمسلمین لحقها حکم الأرض الخراجیة.
فإن العلماء و المؤرخین و إن ذکروا أراضی کثیرة و أنها من الأراضی الخراجیة و ملک للمسلمین منها أرض العراق،و لکن لم یثبت شیء من ذلک،علی أساس أن
ص:142
ملکیة المسلمین للأراضی الخراجیة منوطة بتوفر أمرین:
أحدهما:أخذها من الکفار بالجهاد المسلح و قهرا.
و الآخر:أن یکون ذلک الأخذ بإذن الإمام علیه السّلام و حیث أنه لم یثبت أن الفتوحات بعد النبی الأکرم صلّی اللّه علیه و آله و فی زمن الخلفاء کانت بإذن الإمام علیه السّلام فلم یثبت أن الأراضی المأخوذة فی تلک الفتوحات ملکا للمسلمین،بل هی من الأنفال.هذا إضافة إلی أن أمر الأراضی بکلا نوعیها بید الإمام علیه السّلام و له أن یتصرف فیها بما یری من تقبیل و إجارة و نحوهما،فلا ثمرة من هذه الناحیة بین کون تلک الأراضی ملکا للمسلمین و کونها ملکا للإمام علیه السّلام هذا من ناحیة،و من ناحیة أخری أن الأرض المفتوحة عنوة بشروطها ملک للمسلمین عامة،بلا فرق بین أن تکون معمورة بشریة أو طبیعیة أو میتة،و علی هذا فلا أثر للشک فی أنها حین الفتح کانت میتة أو معمورة.
فلا یجوز بیع الجمل الشارد أو الطیر الطائر أو السمک المرسل فی الماء،و لا فرق بین العلم بالحال و الجهل بها،و لو باع العین المغصوبة و کان المشتری قادرا علی أخذها من الغاصب صح،کما أنه یصح بیعها علی الغاصب أیضا و إن کان البائع لا یقدر علی أخذها منه،ثم دفعها إلیه.
و لو علم العجز عنه فانکشف الخلاف فالظاهر الصحة.هذا شریطة أن یکون جادا فی الإنشاء،و لکنه مع العلم بالعجز و بطلان البیع لا یمکن أن یکون جادا فیه و قاصدا له واقعا.
لکن علم
ص:143
بحصولها بعده،فإن کانت المدة یسیرة صح،و إذا کانت طویلة لا یتسامح بها،فإن کانت مضبوطة کسنة أو أکثر،فالظاهر الصحة مع علم المشتری بها و کذا مع جهله بها،لکن یثبت الخیار للمشتری،و أما إذا کانت غیر مضبوطة،کما لو باعه دابة غائبة یعلم بحضورها،لکن لا یعلم زمانه و أنه بعد شهر أو شهرین أو سنة أو أکثر،فالظاهر أنه صحیح أیضا،أما مع علم المشتری بالحال فواضح،و أما مع جهله بها،فیثبت له الخیار إما من جهة تأخیر التسلیم أو من جهة الغرر.
و إن کان وکیلا فی إجراء الصیغة فقط فالاعتبار بقدرة المالک،و إن کان وکیلا فی المعاملة کعامل المضاربة،فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالک،فیکفی قدرة أحدهما علی التسلیم فی صحة المعاملة،فإذا لم یقدرا بطل البیع.
إذا کانت ذات قیمة معتد بها.
الخیارات
و هی کما یلی:1-خیار المجلس 2-خیار الحیوان 3-خیار الشرط 4-خیار الغبن 5-خیار التأخیر 6-خیار الرؤیة 7-خیار العیب.
الخیار:حق یمنح صاحبه السلطنة علی العقد فسخا و إمضاء.
ص:144
أی:مجلس البیع،فإنه إذا وقع البیع کان لکل من البائع و المشتری الخیار فی المجلس ما لم یفترقا،فإذا افترقا-عرفا-لزم البیع و انتفی الخیار،و إن کان المباشر للعقد الوکیل کان الخیار للمالک،إذا کان الوکیل وکیلا فی إجراء الصیغة فقط؛إذ لیس له حینئذ الفسخ عن المالک،و إن کان وکیلا فی تمام المعاملة و شئونها کان له الفسخ عن المالک،و المدار علی اجتماع المباشرین و افتراقهما لا المالکین،و لو فارقا المجلس مصطحبین بقی الخیار لهما حتی یفترقا،و لو کان الموجب و القابل واحدا وکالة عن المالکین أو ولایة علیهما ففی ثبوت الخیار إشکال،و الأظهر العدم.
و لا یجری فی غیره من المعاوضات.
کما یسقط بإسقاطه بعد العقد.
کل من اشتری حیوانا-إنسانا کان أو غیره-ثبت له الخیار ثلاثة أیام مبدؤها زمان العقد،و إذا کان العقد أول النهار کان الخیار فی ثلاثة أیام تامة و لیلتان متوسطتان،و أما اللیلة الاولی و الرابعة فهما خارجتان عن فترة الخیار، و إذا کان فی أثناء النهار کأول الزوال-مثلا-کان الخیار فی ثلاثة أیام ملفقة و ثلاثة لیالی تامة،و إذا لم یفترق المتبایعان حتی مضت ثلاثة أیام سقط خیار الحیوان،و بقی خیار المجلس.
کما یسقط
ص:145
بإسقاطه بعده،و بالتصرف فی الحیوان تصرفا یدلّ علی إمضاء العقد و اختیار عدم الفسخ،بل لا یبعد أن یکون التصرف فیه مطلقا مانعا عن الفسخ و إن لم یدل علی الإمضاء،مثال ذلک:رجل اشتری جاریة،فإذا لامسها أو قبلها أو نظر إلی ما کان یحرم علیه قبل الشراء سقط خیاره،مع أن مثل هذا التصرف لا یدل علی الإمضاء مطلقا،و أوضح من ذلک ما إذا أحدث المشتری فیه عیبا أو نقصا،فإن خیاره یسقط بذلک جزما.
و لا یثبت فی غیره من المعاوضات.
کان تلفه من مال البائع،و رجع المشتری علیه بالثمن إذا کان دفعه إلیه،و کذلک إذا حدث فیه نقص أو عیب فی خلال الأیام الثلاثة،فإنه علی البائع.
و المراد به الخیار المجعول باشتراطه فی العقد،اما لکل من المتعاقدین أو لأحدهما بعینه أو لأجنبی.
بل یجوز اشتراطه فی أی مدة کانت قصیرة أو طویلة،متصلة أو منفصلة عن العقد.نعم،لا بدّ من تعیین مبدأها و تقدیرها بقدر معین،و لو ما دام العمر،و هل یجوز جعل الخیار مدة غیر محدودة قابلة للزیادة و النقیصة أو لا؟
ص:146
و الجواب:أن المشتری إن قبل البیع مع هذا الشرط المجهول صح،و إن قبل بدونه،فإن رضی البائع بذلک صح أیضا و الغی الشرط،و إن لم یقبل المشتری مع الشرط المذکور أو لم یقبل البائع بدون ذلک،بطل البیع من أصله.
و کذا الحکم فی غیر الشهر من السنة أو الأسبوع أو نحوهما،و إذا جعل الخیار شهرا مرددا بین الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعیین،لکن الظاهر الصحة، فإن مرجع ذلک هو جعل الخیار فی تمام تلک الشهور.
و نحوهما علی الأحوط،و لا یصح جعل الخیار فی العقود الإذنیة،کالعاریة و الودیعة و الوکالة و الجعالة،و یصح فی العقود اللازمة ما عدا النکاح،و هل یصح جعله فی العقود الجائزة کالهبة و نحوها أو لا؟
و الجواب:لا یبعد صحة جعله فیها.
أو منفصلة عنه،علی نحو یکون له الخیار فی حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه،و یسمی بیع الخیار فإذا مضت مدة الخیار،لزم البیع و سقط الخیار و امتنع الفسخ،و إذا فسخ فی المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا یصح الفسخ،و کذا لو فسخ قبل المدة فلا یصح الفسخ إلا فی المدة المعینة،فی حال رد الثمن أو رد بدله مع تلفه،ثم ان الفسخ إما أن یکون بإنشاء مستقل فی حال الرد،مثل فسخت و نحوه،أو یکون بنفس الرد،علی ان یکون إنشاء الفسخ بالفعل و هو الرد،لا بقوله فسخت،و نحوه.
فلو
ص:147
أحضره کذلک،جاز له الفسخ و إن امتنع المشتری من قبضه.
کما یجوز اشتراط الفسخ فی بعض المبیع بذلک.
مما یرجع إلی قصور فیه،
فالظاهر أنه یکفی فی صحة الفسخ تمکین ولیه و لو کان الحاکم الشرعی أو وکیله،فإذا امکنه من الثمن جاز له الفسخ و إلا فلا،و یصبح العقد حینئذ لازما.
کما أن نماء الثمن للبائع.
التصرف الناقل للعین من هبة أو بیع أو نحوهما،و لو تلف المبیع کان ضمانه علی المشتری،و لا یسقط بذلک خیار البائع،إلا إذا کان المقصود من الخیار المشروط خصوص الخیار فی حال وجود العین،بحیث یکون الفسخ موجبا لرجوعها نفسها إلی البائع،لکن الغالب الأول.
کما إذا کانت ذمته مشغولة للمشتری بمال،و باع البائع داره مثلا من المشتری بذلک المال فی ذمته،و جعل الخیار له مشروطا برده إلی سنة،کفی فی رد ذلک المال الذی هو الثمن،رد فرده خارجا،و إذا کان الثمن عینا فی ید البائع ثبت الخیار له إذا دفعها إلی المشتری،و إذا کان الثمن کلیا فی ذمة المشتری فدفع منه فردا إلی البائع بعد وقوع البیع،فالظاهر کفایة رد فرد آخر منه فی صحة الفسخ.
ص:148
فارتفع حجره قبل انقضاء المدة کان الفسخ مشروطا برد الثمن إلیه،و لا یکفی الرد إلی ولیه،و لو اشتری أحد الولیین کالأب ببیع الخیار،جاز الفسخ بالرد إلی الولی الآخر کالجد،إلا أن یکون المشروط الرد إلی خصوص الولی المباشر للشراء.
فلهم الفسخ بردهم الثمن إلی المشتری و یشترکون فی المبیع علی حساب سهامهم فی الإرث،و لو امتنع بعضهم عن الفسخ لم یصح للبعض الآخر الفسخ لا فی تمام المبیع و لا فی بعضه،و لو مات المشتری کان للبائع الفسخ برد الثمن إلی ورثته.هذا شریطة أن لا یجعل الشرط رد الثمن إلی خصوص المشتری مباشرة،و إلا فلا یقوم وارثه مقامه.
و الظاهر منه عند الإطلاق رد نفس المبیع،فلا یکفی رد البدل حتی مع تلفها،إلا أن تقوم هناک قرینة علی إرادة ما یعم رد البدل عند التلف،کما هو الغالب فی رد الثمن،فإن البائع یبیع داره مثلا بالبیع الخیاری من جهة حاجته إلی الثمن،فلا محالة یتصرف فیه و لا یبقی عینه،و حینما أراد رده رد بدله،و یجوز أیضا اشتراط الخیار لکل منهما عند رد ما انتقل إلیه بنفسه أو ببدله عند تلفه.
العین؛
لأن معنی الفسخ حل العقد،و هو یتطلب رجوع نفس العین إلی ملک مالکها الأول،فاشتراط رجوع بدلها إلیه مناف لحقیقة الفسخ،و کذلک لا یصح شرط رد القیمة فی المثلی أو المثل فی القیمی عند التلف.
ص:149
و بإسقاطه بعد العقد.
إذا باع شخص شیئا بأقل من قیمة مثله فی العرف العام و کان جاهلا بذلک فهو مغبون،فیثبت له الخیار،و کذلک إذا اشتری سلما بأکثر من قیمة مثله،و لا یثبت له هذا الخیار إذا کان عالما بالحال.
للغبن عرفا،
بأن یکون مقدارا لا یتسامح به عند غالب الناس،فلو کان جزئیا غیر معتد به لقلته لم یوجب الخیار،و حدّه بعضهم بالثلث و آخر بالربع و ثالث بالخمس،و لکن لا أصل لشیء من ذلک،فإنه لا یمکن تحدیده بنسبة معینة لاختلافه باختلاف المعاملات،فالمعاملات التجاریة الکبیرة یکفی فی صدق الغبن فیها التفاوت بنسبة عشر العشر بل الأقل،علی أساس أن حجم المعاملات و المداولات کل ما کانت کبیرة،فقد یکون تفاوت السعر فیها بنسبة واحدة فی الألف غبنا،فإذن لا یمکن جعل ضابط عام لذلک،بل فی کل مورد لا بدّ من لحاظ حجم المعاملة فیه و نسبة التفاوت فی السعر إلیه.نعم،فی المعاملات العادیة المتداولة بین الناس یومیا،فلا یکون التفاوت بهذه النسبة غبنا،فالمدار فیها إنما هو بعدم المسامحة فی الزیادة و النقیصة لدی العرف و العقلاء بالنسبة إلی القیمة السوقیة من جهة،و بالنسبة إلی البیع اللازم الخیاری من جهة أخری،فإن الزیادة إن کانت عشرین فی المائة مثلا فهی غبن فی البیع اللازم،کما إذا اشتری ما یساوی مائة دینار بمائة و عشرین دینارا،و لیست بغبن فی البیع الخیاری،و کذلک الحال فی النقیصة.
ص:150
حین ظهور الغبن،
علی أساس أن منشأه تخلف الشرط الضمنی،و هو اشتراط المشتری علی البائع ارتکازا علی أن لا یبیع أکثر من القیمة السوقیة،فإذا باع بأکثر منها ثبت الخیار للمشتری و إن کان جاهلا بذلک و کذلک البائع علی المشتری بأن لا یشتری بأقل منها،و علیه فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعا،ثم ان المدار فی الغبن علی القیمة حال العقد،فلو زادت بعده-و إن کان ذلک قبل اطلاع المغبون علی النقصان حین العقد-لم ینفع فی سقوط الخیار،کما أنها لو نقصت قیمته بعده لم یؤثر فی ثبوت الخیار.
و لو بذل له الغابن التفاوت لم یجب علیه القبول،بل یتخیر بین فسخ البیع من أصله و إمضائه بتمام الثمن المسمی.نعم،لو تصالحا علی إسقاط الخیار بمال صح الصلح و سقط الخیار،و وجب علی الغابن دفع عوض المصالحة.
یسقط الخیار المذکور بأمور:
الأول:إسقاطه بعد العقد و إن کان قبل ظهور الغبن،و لو أسقطه بزعم کون التفاوت عشرة فتبین کونه مائة،فإن کان المقصود إسقاط مرتبة خاصة من الغبن،ثم تبیّن کونه أزید لم یسقط الخیار،و إن کان المقصود إسقاط الخیار من دون خصوصیة لمرتبة خاصة من الغبن دون الأخری،ثم تبین کونه أزید فلا أثر له، و کذلک الحال إذا صالح علی إسقاط الخیار،فإن کانت المصالحة علی مرتبة خاصة من الغبن،ثم تبین کونه أزید بطلت المصالحة،و إن کانت المصالحة علی إسقاط الخیار من دون خصوصیة لمرتبة من الغبن دون أخری سقط الخیار و إن تبین کونه أزید.
ص:151
الثانی:اشتراط سقوطه فی متن العقد،و إذا اشترط سقوطه بزعم کونه عشرة فتبین أنه مائة،جری فیه التفصیل السابق.
الثالث:تصرف المغبون-بائعا کان أو مشتریا فیما انتقل إلیه-تصرفا یدل علی الالتزام بالعقد.هذا إذا کان بعد العلم بالغبن،أما لو کان قبله فالمشهور علی عدم السقوط به،و لکنه بإطلاقه لا یخلو عن إشکال،فإنه قد یدل علی الالتزام بالعقد،کما إذا کان تصرفه فیه بالبیع أو بالإتلاف أو نحو ذلک.نعم،إذا لم یدل علی ذلک-کما هو الغالب فی التصرف حال الجهل بالغبن-فلا یسقط الخیار به،و لو کان متلفا للعین أو مخرجا لها عن الملک أو مانعا عن الاسترداد کالاستیلاد.
فإن کان المبیع موجودا عند المشتری استرده منه،و إن کان تالفا بفعله أو بغیر فعله رجع بمثله إن کان مثلیا،و بقیمته إن کان قیمیا،و إن وجده معیبا بفعله أو بغیر فعله أخذه مع أرش العیب،و إن وجده خارجا عن ملک المشتری-بأن نقله إلی غیره بعقد لازم کالبیع أو الهبة المعوضة أو لذی الرحم-فالظاهر أنه بحکم التالف،فیرجع علیه بالمثل أو القیمة،و لیس له إلزام المشتری بإرجاع العین بشرائها أو استیهابها،بل لا یبعد ذلک لو نقلها بعقد جائز کالهبة و البیع بخیار،فلا یجب علیه الفسخ و إرجاع العین،بل لو اتفق رجوع العین إلیه بإقالة أو شراء أو میراث أو غیر ذلک،بعد دفع البدل من المثل أو القیمة،لم یجب علیه دفعها إلی المغبون.نعم،لو کان رجوع العین إلیه قبل دفع البدل،وجب ارجاعها إلیه،و أولی منه فی ذلک لو کان رجوعها إلیه قبل فسخ المغبون،بلا فرق بین أن یکون الرجوع بفسخ العقد السابق و إن یکون بعقد جدید،فإنه یجب علیه دفع العین نفسها إلی الفاسخ المغبون،و لا یجتزی بدفع البدل من المثل أو القیمة،علی أساس أن دفع نفس العین إذا کان
ص:152
ممکنا فلا تصل النوبة إلی البدل،و إذا کانت العین باقیة عند المشتری حین فسخ البائع المغبون لکنه قد نقل منفعتها إلی غیره بعقد لازم کالإجارة اللازمة،أو بعقد جائز کالإجارة المشروط فیها الخیار،لم یجب علیه الفسخ أو الاستقالة مع إمکانها،بل یدفع العین و أرش النقصان الحاصل بکون العین مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.
تصرفا مغیرا له
فلذلک حالات:
الأولی:أن یکون تغییره بالنقیصة.
الثانیة:بالزیادة.
الثالثة:بالامتزاج.
أما علی الأولی،فیطلب من المشتری المبیع مع أرش النقیصة،فإذا دفع المشتری ذلک فقد أدّی حقه و لا شیء علیه،و أما علی الثانیة فالزیادة علی نحوین:
أحدهما:أن تکون زیادة صفتیة دون عینیة،سواء أ کانت صفة محضة- کطحن الحنطة و صیاغة الفضة و قصارة الثوب و غیرها-کانت مشوبة بالعین کصبغ الثوب و نحوه،و حینئذ فإن کانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعین،فإن لم تکن لها مالیة لعدم زیادة قیمة العین بها فالمبیع کله للبائع و لا شیء للمشتری، و کذلک إن کانت لها مالیة و لکن لم تکن بفعل المشتری،کما إذا اشتری منه عصی عوجاء فاعتدلت أو خلا قلیل الحموضة فزادت حموضته،و إن کانت لها مالیة و کانت بفعل المشتری،فهل الصفة ملک للمشتری و هو شریک مع الفاسخ
ص:153
بالقیمة أو لا؟
و الجواب:أنها لیست ملکا له لکی یکون شریکا معه فی القیمة،غایة الأمر أن عمله إن کان فی ملک غیره و کان بأمره لکان مضمونا بأجرة المثل،لا أنه شریک معه فی مالیة المال.
و ثانیهما:أن تکون الزیادة عینیة،و هذه الزیادة تارة تکون متصلة و غیر قابلة للانفصال کسمن الحیوان و نمو الشجر و نحوهما،و أخری تکون منفصلة و قابلة للفصل کالثمرة علی الشجرة و البناء علی الأرض و الغرس و الزرع فیها و نحوهما،و عندئذ فإن کانت الزیادة العینیة من قبیل الأول کسمن الحیوان و نمو الشجر و نحوها فلا شیء للمشتری،فإن الحیوان ما دام فی ملک المشتری فالزیادة ملک له تبعا للحیوان لا بملکیة مستقلة،و إذا انتقل الحیوان إلی البائع انتقل بکل أجزائه،و إن کانت من قبیل الثانی کالصوف و اللبن و الشعر و الثمر و البناء و الزرع و غیر ذلک،کانت الزیادة للمشتری،و حینئذ فإن لم یلزم من فصل الزیادة ضرر علی المشتری حال الفسخ،کان للبائع إلزام المشتری بفصلها کاللبن و الثمر،بل له ذلک و إن لزم الضرر علی المشتری من فصلها،و إذا أراد المشتری فصلها فلیس للبائع منعه عنه،و إذا أراد المشتری فصل الزیادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء،فحدث من ذلک نقص علی الأرض تدارکه،و علیه طمّ الحفر و تسویة الأرض و نحو ذلک،و أما علی الثالثة-و هی ما إذا کان التغییر بالامتزاج بغیر الجنس-فحکمه حکم التالف یضمنه المشتری ببدله من المثل أو القیمة،سواء عد المبیع مستهلکا عرفا-کامتزاج ماء الورد المبیع بالماء-أم لم یعد مستهلکا،بل عد موجودا علی نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السکر،فإن الفاسخ بفسخه یملک الخل مثلا،و المفروض أنه لا وجود له،و إنما الموجود طبیعة ثالثة
ص:154
حصلت من المزج،فلا مناص حینئذ من الضمان بالمثل أم القیمة بل الحال کذلک فی الخلط بجنسه کخلط السمن بالسمن،سواء کان الخلط بمثله أو کان بالأجود أم بالأردإ،فإن اللازم بعد الفسخ رد شخص المبیع،فإن لم یمکن من جهة المزج، وجب رد بدله من المثل أو القیمة.
غیر مسقط لخیاره لجهله بالغبن،
فتصرفه أیضا تارة لا یکون مغیرا للعین، و أخری یکون مغیرا لها بالنقیصة أو الزیادة أو بالمزج،و تأتی فیه الصور المتقدمة و تجری علیه أحکامها،و هکذا لو فسخ المشتری المغبون،و کان البائع قد تصرف فی الثمن أو فسخ البائع المغبون و کان هو قد تصرف فی الثمن تصرفا غیر مسقط لخیاره،فإن حکم تلف العین و نقل المنفعة و نقص العین و زیادتها و مزجها بغیرها و سائر الصور التی ذکرناها هناک،جار هاهنا علی نهج واحد.
فلو أخر إنشاء الفسخ عالما عامدا لانتظار حضور الغابن أو حضور من یستشیره فی الفسخ و عدمه،و نحو ذلک من الأغراض الصحیحة لم یسقط خیاره،فضلا عما لو أخره جاهلا بالغبن أو بثبوت الخیار للمغبون أو غافلا عنه أو ناسیا له،فیجوز له الفسخ إذا علم أو التفت.
صلحا کانت أو إجارة أو غیرهما.
بعشرین،و کان مغبونا فی شراء الفرس،
جاز له الفسخ،فإذا فسخ فللبائع الخیار فی بیع الشاة لتبعض الصفقة.
ص:155
ففسخ المغبون رجع علیه بقیمة التالف،و فی کونها قیمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء وجوه أقواها الثانی،علی أساس أن ذمته اشتغلت بها للمغبون من زمن الفسخ،و لو کان التلف بإتلاف المغبون لم یرجع علیه بشیء، و لو کان بإتلاف أجنبی،ففی رجوع المغبون بعد الفسخ علی الغابن أو علی الأجنبی أو یتخیر فی الرجوع علی أحدهما وجوه أقواها الأول،و یرجع الغابن علی الأجنبی،و کذا الحکم لو تلف ما فی ید المغبون ففسخ بعد التلف،فإنه إن کان التلف بفعل الغابن لم یرجع علی المغبون بشیء،و إن کان بآفة سماویة أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبی رجع علی المغبون بقیمة یوم الفسخ،و رجع المغبون علی الأجنبی إن کان هو المتلف،و حکم تلف الوصف الموجب للأرش حکم تلف العین.
إطلاق العقد یقتضی أن یکون تسلیم کل من العوضین فعلیا،فلو امتنع احد الطرفین عنه أجبر علیه،فإن لم یسلم کان للطرف الآخر فسخ العقد،بل لا یبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الإجبار أیضا،و لا یختص هذا الخیار بالبیع بل یجری فی کل معاوضة.نعم،یختص البیع بخیار آخر و هو المسمی بخیار التأخیر،و یتحقق فیما إذا باع سلعة و لم یقبض الثمن و لم یسلم المبیع حتی یجیء المشتری بالثمن،فإن جاء فیما بینه و بین ثلاثة أیام کان أحق بالسلعة،و إلا فللبائع فسخ البیع،و لو تلفت السلعة عند البائع کانت من ماله،سواء أ کان التلف فی الثلاثة أم بعدها،حال ثبوت الخیار أم بعد سقوطه ما دامت السلعة فی حیازته
ص:156
و بیته.
و کذا قبض بعض المبیع.
بلا فرق بین أن تکون تامة أم ملفقة،إلا أنها إذا کانت تامة تدخل فیها اللیلتان المتوسطتان فقط دون غیرهما،و إذا کانت ملفقة تدخل اللیالی الثلاث المتوسطات.
أحد العوضین،
و إلا فلا خیار.
و أما إذا کان کلیا فی الذمة،فهل یثبت للبائع هذا الخیار أو لا؟و الجواب:أن ثبوته لا یخلو عن إشکال،بل لا یبعد عدم ثبوته.
الأوقات یثبت الخیار فیه عند دخول اللیل،
فإذا فسخ جاز له أن یتصرف فی المبیع کیف یشاء،و یختص هذا الحکم بالمبیع الشخصی.
قبلها،
و باشتراط سقوطه فی ضمن العقد إشکال،و الأظهر السقوط،و الظاهر عدم سقوطه ببذل المشتری الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع،و لا بمطالبة البائع للمشتری بالثمن،إلا أن تکون کاشفة عن رضاه بالمعاملة.نعم،الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجری علی المعاملة لا بعنوان العاریة أو الودیعة،و یکفی ظهور الفعل فی ذلک و لو بواسطة بعض القرائن.
ص:157
أقواهما الثانی،فلا یسقط بالتأخیر عن الأیام الثلاثة إلا بأحد المسقطات.
و یتحقق فیما لو رأی شیئا ثم اشتراه فوجده علی خلاف ما رآه،أو اشتری موصوفا غیر مشاهد فوجده علی خلاف الوصف،فإن للمشتری الخیار بین الفسخ و الإمضاء.
وصف الکمال الذی تزید به المالیة لعموم الرغبة فیه،و غیره
إذا اتفق تعلق غرض للمشتری به سواء أ کان علی خلاف الرغبة العامة مثل کون العبد امیا لا کاتبا و لا قارئا أم کان مرغوبا فیه عند قوم و مرغوبا عنه عند قوم آخرین مثل اشتراط کون القماش أصفر لا أسود.
مجانا،
و لیس لذی الخیار المطالبة بالأرش لو ترک الفسخ،کما أنه لا یسقط الخیار ببذل البائع الأرش،و لا بإبدال العین بعین اخری واجدة للوصف.
عند تخلف الوصف،
إذا کان قد رأی المبیع سابقا،فباعه بتخیل أنه علی ما رآه، فتبین خلافه،أو باعه بوصف غیره فانکشف خلافه.
و لکن الأقرب عدمه.
و بالتصرف
ص:158
بعد الرؤیة إذا کان دالا علی الالتزام بالعقد،و کذا قبل الرؤیة إذا کان کذلک،و فی جواز اشتراط سقوطه فی ضمن العقد وجهان:أقواهما ذلک،فیسقط به.
و لا یجری فی بیع الکلی،فلو باع کلیا موصوفا و دفع الی المشتری فردا فاقدا للوصف لم یکن للمشتری الخیار،و إنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف.نعم،لو کان المبیع کلیا فی المعین،کما لو باعه صاعا من هذه الصبرة الجیدة،فتبین الخلاف کان له الخیار.
و هو فیما لو اشتری شیئا فوجد فیه عیبا،فإن له الخیار بین الفسخ برد المعیب و إمضاء البیع،فإن لم یمکن الرد جاز له الإمساک و المطالبة بالأرش،و لا فرق فی ذلک بین المشتری و البائع،فلو وجد البائع عیبا فی الثمن کان له الخیار المذکور.
بمعنی:اختیار عدم الفسخ،و منه التصرف فی المعیب تصرفا یدل علی اختیار عدم الفسخ.
لا یجوز فسخ العقد بالعیب فی موارد،و إنما یتعین جواز المطالبة بالأرش فیها:
ص:159
ببیع أو عتق أو هبة أو نحو ذلک.
مثل تفصیل الثوب و صبغه و خیاطته و نحوها.
الموجب لعدم إمکان ردها مثل إجارة العین و رهنها.
فإنه یمنع من الفسخ و کذلک إذا حدث فیه عیب لا بفعل المشتری،و فی جمیع هذه الموارد لیس له فسخ العقد برده.نعم،یثبت له الأرش إن طالبه.نعم،إذا کان حدوث عیب آخر فی زمان خیار آخر للمشتری-کخیار الحیوان مثلا-جاز رده.
فی المالیة،
کالخصاء فی الحیوان إذا اتفق تعلق غرض نوعی به بحیث صارت قیمة الخصی تساوی قیمة الفحل،و إذا اشتری ربویا بجنسه فظهر عیب فی أحدهما،قیل:لا أرش حذرا من الربا،لکن الأقوی جواز أخذ الأرش،فإنه غرامة و لیس جزءا من العوض.
یسقط الرد و الأرش بأمرین:
الأول:العلم بالعیب قبل العقد.
الثانی:تبرؤ البائع من العیوب،بمعنی:اشتراط عدم رجوع المشتری علیه بالثمن أو الأرش.
بأنه تبرأ لم یسمع منه.
نعم،إذا ادعی المشتری أن البائع لم یتبرأ و البائع یدعی
ص:160
التبری فالقول قول المشتری و علی البائع الإثبات.
سواء أ کان نقصا مثل العور و العمی و الصمم و الخرس و العرج و نحوها أم زیادة مثل الإصبع الزائد و الید الزائدة،أما ما لم یکن علی خلاف مقتضی الخلقة الأصلیة لکنه کان عیبا عرفا مثل کون الأرض موردا لنزول العساکر،فهل یثبت الأرش فی ذلک،إذا لم یمکن الرد أو لا؟
و الجواب:الظاهر ثبوت الأرش.
مثل الثیبوبة فی الإماء،فالظاهر عدم جریان حکم العیب علیه.
نعم،لا یثبت الأرش إذا لم یکن کذلک کما تقدم.
بالعیب الحادث بعده قبل القبض،
فیجوز رد العین به،و فی جواز أخذ الأرش به قولان:أظهرهما عدم الجواز.نعم،إذا کان العیب الحادث فی المبیع أدّی إلی نقصه کما،لا مالیة فحسب،فهو علی البائع،و للمشتری أن یطالبه برد جزء من الثمن الذی هو بإزاء ذلک النقص،و لکن هذا لیس بأرش بل بطلان البیع بالنسبة إلی ذلک الجزء،علی أساس أن الثمن یقسط علی أجزاء المبیع.
إذا حدث بعد العقد إلی انتهاء السنة من تاریخ الشراء.
ص:161
و تلاحظ النسبة بینهما ثم ینقص من الثمن المسمی بتلک النسبة،فإذا قوّم صحیحا بثمانیة و معیبا بأربعة و کان الثمن أربعة ینقص من الثمن النصف و هو اثنان و هکذا.
و یرجع فی معرفة قیمة الصحیح و المعیب إلی أهل الخبرة،و تعتبر فیهم الأمانة و الوثاقة.
فإن اتفقت النسبة بین قیمتی الصحیح و المعیب علی تقویم بعضهم مع قیمتها علی تقویم البعض الآخر فلا إشکال،کما إذا قوّم بعضهم الصحیح بثمانیة و المعیب بأربعة، و بعضهم الصحیح بستة و المعیب بثلاثة،فإن التفاوت علی کل من التقویمین یکون بالنصف فیکون الأرش نصف الثمن،و إذا اختلفت النسبة-کما إذا قوّم بعضهم الصحیح بثمانیة و المعیب بأربعة،و بعضهم الصحیح بثمانیة و المعیب بستة-ففیه وجوه و أقوال،و الذی تقتضیه القواعد لزوم الأخذ بقول أقواهم خبرة، و الأحوط و الأولی التصالح.
کان له الخیار فی رد المعیب وحده،فإن اختار الرد کان للبائع الفسخ فی الصحیح،و کذا إذا اشتری شیئین بثمن واحد،فإن له أن یرد المعیب فقط،علی أساس أن الثمن یقسط علیهما،فإذا فعل ذلک کان للبائع فسخ العقد فی الصحیح،کما أن له أن یردهما معا.
جاز لأحدهما الفسخ فی حصته،و یثبت الخیار للبائع حینئذ علی تقدیر فسخه.
فالأظهر عدم سقوط
ص:162
الخیار،فیجوز له الرد مع إمکانه،و إلاّ طالب بالأرش.
لم یجز فسخ العقد بردها و له أن یطالب بالأرش.نعم،إذا کانت حبلی جاز له الرد مع عشر قیمتها،و إذا اشترط أنها عذراء ثم وجدها ثیبا،فله الرد أو المطالبة بفضل القیمة بینها و بین الثیب و هو الأرش.
کما یجب الوفاء بالعقد اللازم یجب الوفاء بالشرط المجعول فیه،کما إذا باعه فرسا بثمن معین و اشترط علیه أن یخیط له ثوبه،فإن البائع یستحق علی المشتری الخیاطة بالشرط،فتجب علیه خیاطة ثوب البائع،و یشترط فی وجوب الوفاء بالشرط امور:
منها:أن لا یکون مخالفا للکتاب و السنة،و یتحقق هذا فی موردین:
الأول:أن یکون العمل بالشرط غیر مشروع فی نفسه،کما إذا استأجره للعمل فی نهار شهر رمضان بشرط أن یفطر،أو یبیعه شیئا بشرط أن یرتکب محرما من المحرمات الإلهیة.
الثانی:أن یکون الشرط بنفسه مخالفا لحکم شرعی،کما إذا زوجه امرأة بشرط أن یکون طلاقها بیده،أو باعه مالا أو وهبه بشرط أن لا یرثه منه ورثته أو بعضهم و أمثال ذلک،فإن الشرط فی جمیع هذه الموارد باطل.
و منها:أن لا یکون منافیا لمقتضی العقد،کما إذا باعه بشرط أن لا یکون له ثمن أو اجره الدار بشرط أن لا تکون لها اجرة.
ص:163
و منها:أن یکون مذکورا فی ضمن العقد صریحا أو ضمنا،کما إذا قامت القرینة علی کون العقد مبنیا علیه و مقیدا به،إما لذکره قبل العقد أو من أجل التفاهم العرفی،مثل اشتراط التسلیم حال استحقاقه أو ارتکازه فی الأذهان عرفا،فلو ذکر قبل العقد و لم یکن العقد مبنیا علیه عمدا أو سهوا،لم یجب الوفاء به.
و منها:أن یکون مقدورا علیه،بل لو علم عدم القدرة لم یمکن إنشاء الالتزام به عن جد.
و لو بعد حین.
نعم،لا یجوز ذلک فیما إذا اشترط علی المشتری أن یبیعه بأقل مما اشتراه،أو یشترط المشتری علی البائع بأن یشتریه بأکثر مما باعه،و البیع فی هذین الفرضین محکوم بالبطلان.
التعلیق،
کما إذا باع داره و شرط علی المشتری أن یکون له السکنی فیها شهرا إذا لم یسافر،بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أیضا،إلا إذا کانت الجهالة موجبة لأن یکون البیع غرریا،فعندئذ یمکن القول ببطلان الشرط دون البیع.
فیصح العقد و یلغی الشرط.
له اجباره علیه أو لا؟
قیل نعم؛علی أساس أنه مالک للمشروط علیه،و له استنقاذ حقه منه بأی وسیلة متاحة له،و لکن الظاهر أنه لیس للمشروط له ذلک،لأن المتبادر من شرط الفعل عرفا هو أن اللام فی موارده-کقولنا علی
ص:164
ان تخیط لی ثوبی مثلا-متعلقة بالالتزام،بمعنی أن البائع یلتزم للمشتری بالخیاطة لا أن الخیاطة للمشتری یلتزم بها و ینشأها.
عن قصور کان أم تقصیر و لم یتمکن من ممارسته خارجا،
کان للمشروط له الخیار فی الفسخ،و هل له ترک الفسخ و المطالبة بقیمة الشرط أو لا؟
و الجواب:لیس له ذلک علی الأظهر.
أحکام الخیار
الخیار حق من الحقوق،فإذا مات من له الخیار انتقل إلی وارثه،و یحرم منه من یحرم من إرث المال بالقتل أو الکفر أو الرق،و یحجب عنه ما یحجب عن إرث المال،و لو کان العقد الذی فیه الخیار متعلقا بمال یحرم منه الوارث کالارض التی لا ترث منها الزوجة،فهل ترث الزوجة من الخیار فیها أو لا؟و الجواب:أن فیه تفصیلا،فإن المیت إذا باع أرضا و کان له الخیار فی ذلک،ورثت زوجته من الخیار کسائر الورثة؛علی أساس انتفاعها به،و أما إذا اشتری أرضا کذلک فهی لا ترث من الخیار؛لعدم انتفاعها به،و دلیل الإرث قاصر عن شمول ذلک باعتبار أن الأرض فی هذه الصورة کانت من ترکة المیت و لا ترث منها زوجته،و إذا فسخ الورثة البیع انتقلت الأرض إلی ملک مالکها الأول،و رجع الثمن إلی ملک من خرجت الأرض عن ملکه،فلذلک لا تنتفع الزوجة لا من إعمال هذا الخیار و لا
ص:165
من عدم إعماله و إمضاء البیع،فمن أجل ذلک لا ترث،و کذا الحکم بالنسبة إلی الحبوة المختصة بالابن الأکبر المحروم منها سائر الورثة.
فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم من دون انضمام الباقین إلیه فی تمام المبیع و لا فی حصته،إلا إذا رضی من علیه الخیار فیصح فی حصته.
فإن کان عین الثمن موجودا دفعوه إلی المشتری،و إن کان تالفا أو بحکمه اخرج من ترکة المیت کسائر دیونه و إن لم تکن له ترکة فهل هو علی المیت أو علی الورثة؟
و الجواب:أنه علی المیت؛علی أساس أن ذمة المیت قد اشتغلت ببدل التالف-و هو الثمن-بمجرد فسخ الوارث البیع،و فی مقابل ذلک-لا محالة-انتقل المبیع إلیه لا إلی الوارث؛لأنه لیس طرفا للعقد،و لا معنی لاشتغال ذمته ببدل التالف،فعندئذ یجب علی الوصی أو الوارث أن یؤدی دین المیت من المبیع المردود،فإن بقی منه شیء فهو للوارث.
لم ینتقل الخیار إلی وارثه.
البائع،
و کذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخیار فی خیار الشرط إذا کان الخیار للمشتری،أما إذا کان للبائع أو تلف فی زمان خیار المجلس بعد القبض،فالأظهر أنه من مال المشتری.
ص:166
ما یدخل فی المبیع
من باع شیئا دخل فی المبیع ما یقصد المتعاملان دخوله فیه دون غیره، و یعرف قصدهما بما یدل علیه لفظ المبیع وصفا أو بالقرینة العامة أو الخاصة،فمن باع بستانا دخل فیه الأرض و الشجر و النخل و الطوف و البئر و الناعور و الحظیرة و نحوها مما هو من أجزائها أو توابعها،أما من باع ارضا فلا یدخل فیها الشجر و النخل الموجودان،و کذا لا یدخل الحمل فی بیع الام و لا الثمرة فی بیع الشجرة.نعم،إذا باع نخلا فإن کان التمر مؤبرا فالتمر للبائع،و یجب علی المشتری إبقائه علی الاصول بما جرت العادة علی البقاء،و إن لم یکن مؤبرا فهو للمشتری و یختص هذا الحکم ببیع النخل،أما فی نقل النخل بغیر البیع أو بیع غیر النخل من سائر الشجر فالثمر فیه للبائع مطلقا و إن لم یکن مؤبرا،هذا إذا لم تکن قرینة علی دخول الثمر فی بیع الشجر أو الشجر فی بیع الأرض أو الحمل فی بیع الدابة،أما إذا قامت القرینة علی ذلک،و إن کانت هی الاعتیاد و التعارف الخارجی عمل علیها، و کان جمیع ذلک للمشتری حینئذ.
الشجر إلی السقی،
جاز للبائع سقیه و لیس للمشتری منعه،و إذا لم یحتج إلی السقی لم یجب علی البائع سقیه و إن أمره المشتری بذلک،و لو تضرر أحدهما بالسقی و الآخر بترکه،ففی تقدیم حق البائع أو المشتری وجهان بل قولان:أرجحهما الأول إن اشترط الإبقاء،و إلا فالأرجح الثانی.
ص:167
فله الممر إلیها و المخرج منها و مدی جرائدها و عروقها من الأرض،و لیس للمشتری منع شیء من ذلک.
إلا أن یکون الأعلی مستقلا من حیث المدخل و المخرج،فیکون ذلک قرینة علی عدم دخوله،و کذا یدخل فی بیع الدار السرداب و البئر و الأبواب و الأخشاب الداخلة فی البناء،و کذا السلم المثبت،بل لا یبعد دخول ما فیها من نخل و شجر و أسلاک کهربائیة و أنابیب الماء و نحو ذلک مما یعد من توابع الدار حتی مفتاح الغلق،فإن ذلک کله داخل فی المبیع،إلا مع الشرط.
فی بیعها إذا کانت تابعة للأرض عرفا،
و أما إذا لم تکن تابعة لها کالمعادن المکنونة فی جوف الأرض،فالظاهر أنها غیر مملوکة لأحد و یملکها من یخرجها،و کذلک لا تدخل فی بیع الأرض الأحجار المدفونة فیها و الکنوز المودعة فیها و نحوها.
التسلیم و القبض
یجب علی المتبایعین تسلیم العوضین عند انتهاء العقد إذا لم یشترطا التأخیر،و لا یجوز لواحد منهما التأخیر مع الإمکان إلا برضا الآخر،فإن امتنعا اجبرا،و لو امتنع أحدهما مع تسلیم صاحبه اجبر الممتنع،و لو اشترط أحدهما تأخیر التسلیم إلی مدة معینة جاز،و لیس لصاحبه الامتناع عن تسلیم ما عنده
ص:168
حینئذ.
أو زرع الأرض أو نحو ذلک من الانتفاع بالمبیع مدة معینة.
برفع المانع عنه و الإذن لصاحبه فی التصرف.
انفسخ البیع،و کان تلفه من مال البائع و رجع الثمن إلی المشتری،و کذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع.
المتقدم فی غیر المنقولات کالأراضی،
و أما فی المنقولات فلا بد فیها من الاستیلاء علیها خارجا،مثل أخذ الدرهم و الدینار و اللباس و أخذ لجام الفرس أو رکوبه.
کما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلک.
کان بمنزلة قبض المشتری،و کذلک لو أمره بإرساله إلی بلده أو بلد آخر فأرسله کان بمنزلة قبضه،و لا فرق بین تعیین المرسل معه و عدمه.
تدارک خسارته،
فالأقوی صحة العقد و للمشتری الرجوع علی المتلف بالبدل من مثل أو قیمة،و هل له الخیار فی فسخ العقد لتعذر التسلیم أو لا؟إشکال، و الأظهر ذلک.
ص:169
کان النماء للمشتری.
کما تقدم.
إلی التالف
و رجع إلیه ما یخصه من الثمن،و کان له الخیار فی الباقی.
فإن کان المبیع من قبیل الدار وجب علیه تفریغها و تخلیتها من جمیع ما یکون مانعا عن الاستفادة بها من الأمتعة و غیرها،و إن کان من قبیل الأراضی المزروعة،فإن کان علیها زرع و لم یبلغ وقت حصاده،وجب علیه إزالته منها، إلا إذا اشترط علی المشتری بقائه علیها إلی وقت الحصاد مع الاجرة أو بدونها،و لو کانت له عروق تضر بالانتفاع بالأرض کالقطن و الذرة و نحوهما، أو کانت فی الأرض حجارة مدفونة،وجب علیه إزالتها و تسویة الأرض،و لو کان مما لا یمکن إفراغ المبیع منه إلا بتخریب شیء من الأبنیة،وجب تخریبه ثم إصلاحه و تعمیر البناء.
فإن کان مما لا یکال و لا یوزن جاز له بیعه قبل قبضه،و کذا إذا کان مما یکال أو یوزن و کان البیع برأس المال،أما لو کان بربح فالأظهر عدم جوازه،هذا إذا باع علی غیر بائعه،و أما إذا باعه علی بائعه،فالظاهر جوازه مطلقا و إن کان بالمرابحة،و إذا ملک ما یکال أو یوزن بغیر الشراء کالإرث أو الصداق أو الصلح،فهل یجوز بیعه قبل القبض أو لا؟
و الجواب:الأظهر الجواز مطلقا و إن کان بالمرابحة.
ص:170
النقد و النسیئة
من باع و لم یشترط تأجیل الثمن کان الثمن حالا،فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد،کما یجب عیه أخذه إذا دفعه إلیه المشتری،و لیس له الامتناع من أخذه.
دفعه قبل الأجل و إن طالبه به البائع،
و لکن یجب علی البائع أخذه إذا دفعه إلیه المشتری قبله،إلا أن تکون قرینة علی کون التأجیل حقا للبائع أیضا.
و النقصان،
فلو جعل الأجل قدوم زید أو(الدیاس)أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلک،فإن رضی البائع بذلک صح البیع و إلا بطل.
الحمل أو المیزان،
و لکن المتعاقدین جاهلان بذلک،فهل یصح البیع الی ذلک الأجل أو لا؟
و الجواب:یصح مع التراضی و إلا فلا،و کذلک لو کان الاجل أول الشهر القابل مع التردد فی الشهر الحالی بین الکمال و النقصان،فإن الظاهر فیه الصحة.
بأن قال:بعتک الفرس بعشرة نقدا و بعشرین إلی سنة،فقبل المشتری،فهل یصح ذلک أو لا؟
ص:171
و الجواب:الظاهر أنه صحیح و إن نسب إلی المشهور البطلان.
بأن یزید فیه مقدارا لیؤخره إلی أجل،و کذا لا یجوز أن یزید فی الثمن المؤجل لیزید فی الأجل،و یجوز عکس ذلک،بأن یعجل المؤجل بنقصان منه علی وجه الإبراء بل علی وجه المعاوضة أیضا،هذا إذا لم یکن الدین من المکیل أو الموزون،و أما إذا کان منه فلا یجوز النقصان منه علی وجه المعاوضة،لأنه ربا.
و یوزن،
کما إذا کان زید مدینا من عمرو بمبلغ مائة دینار مؤجلا إلی ستة أشهر مثلا و باعه نقدا بتسعین دینارا أو لا؟
و الجواب:أن جوازه لا یخلو عن إشکال بل لا یبعد عدمه،هذا لا من جهة لزوم الربا؛اذ لا ربا هنا،بل من جهة النص.نعم،إذا کان فیما یکال و یوزن فعدم جوازه من جهة لزوم الربا،کما إذا کان زید مدینا لبکر بمائة منّ من الحنطة مؤجلا إلی خمسة أشهر مثلا،فلا یجوز لبکر أن یبیعه بتسعین منّ نقدا و حالا؛لأنه ربا، و لا یجوز للدائن فی الدین المؤجل أن یزید فی الأجل علی أن ینقّد المدین بعضه قبل حلول الأجل.
جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغیره مساویا له أو زائدا علیه أو ناقصا عنه حالا کان البیع الثانی أو مؤجلا.نعم،إذا اشترط البائع علی المشتری فی البیع الأول أن یبیعه علیه بعد شرائه بأقل مما اشتراه به،أو شرط المشتری علی البائع فی البیع الأول أن یشتریه منه بأکثر مما اشتراه منه،فإن المشهور فیه البطلان،و لکنه لا یخلو عن إشکال.
ص:172
فی المساومة و المرابحة و المواضعة و التولیة
التعامل بین البائع و المشتری تارة یکون بملاحظة رأس المال الذی اشتراه به البائع السلعة،و اخری لا یکون کذلک،و الثانی یسمی مساومة و هذا هو الغالب المتعارف،و الأول تارة یکون بزیادة علی رأس المال و الاخری بنقیصة عنه و ثالثة بلا زیادة و لا نقیصة،و الأول یسمی مرابحة و الثانی مواضعة و الثالث یسمی تولیة.
عشرة فی المائة أو بنقصان عشرة فی المائة أو بلا زیادة و لا نقیصة،
فلذلک حالات:
الأولی:أن المشتری یعلم من الخارج مقدار رأس المال،ففی هذه الحالة إذا قبل المشتری صح البیع،سواء کان بالمرابحة أم بالمواضعة أم بالتولیة.
الثانیة:أن المشتری یکون واثقا و مطمئنا بأن البائع لا یکذب علیه،ففی هذه الحالة أیضا إذا قبل صح،بلا فرق بین الأقسام الثلاثة المذکورة.
الثالثة:أن المشتری لا یعلم بالحال و لا یدری أن ما قاله البائع صحیح و مطابق للواقع أو لا،ففی هذه الحالة إذا قال البائع بعتک هذه السلعة بمائة دینار بزیادة نسبة عشرة بالمائة علی رأس مالها،و قبل المشتری صح أیضا سواء علم برأس المال بعد ذلک عند تسلیم الثمن و أخذ المثمن أم لم یعلم.نعم،إذا ظهر کذب البائع ثبت له الخیار.
ص:173
عشرة فی المائة علی رأس ماله،و قبل المشتری صح
و إن لم یعرف أن رأس ماله تسعمائة دینار،و کذلک الحکم فی المواضعة،کما إذا قال بعتک بألف دینار بخسارة نسبة عشرة فی المائة،و التولیة،کما إذا قال بعتک برأس ماله و هو ألف دینار مثلا.
نعم،إذا تبین أن البائع کاذب فی ذلک ثبت له الخیار.
بالأجل الذی اشتراه به،
فإن باعه مرابحة نقدا و لم یخبره بالأجل لم یقع نقدا،بل وقع مؤجلا بنفس ذلک الأجل.
بالتقویم،
إلا بعد إعلام أنه قوم أفرادها کلا بحده.
کما إذا أخبر أن رأس ماله مائة و باع بربح عشرة،و کان فی الواقع رأس المال تسعین صح البیع، و تخیر المشتری بین فسخ البیع و إمضائه بتمام الثمن المذکور فی العقد و هو مائة و عشرة.
شیئا،
کان ذلک رأس مالها و جاز له الإخبار بذلک،أما إذا عمل فی السلعة عملا، فإن کان باجرة جاز ضم الاجرة الی رأس المال،فإذا کانت الاجرة عشرة جاز له أن یقول بعتک السلعة برأس مالها مائة و عشرة و ربح کذا.
لم یجز له أن یضم الاجرة إلی رأس المال،بل یقول رأس المال مائة و عملی یساوی کذا،أو بعتکها بما ذکر و ربح کذا.
ص:174
بعد الأرش،
و لو أسقط البائع بعض الثمن تفضلا منه أو مجازاة علی الإحسان،لم یسقط ذلک من الثمن،بل رأس المال هو الثمن فی العقد.
الرّبا
و هو قسمان:
الأول:ما یکون فی المعاملة.
الثانی:ما یکون فی القرض،و یأتی حکمه،أی حکم الثانی فی کتاب القرض إن شاء اللّه تعالی.
أما الأول:فهو بیع أحد المثلین بالآخر مع زیادة عینیة فی أحدهما،کبیع مائة کیلو من الحنطة بمائة و عشرین منها،أو خمسین کیلو من الحنطة بخمسین کیلو حنطة و دینار،أو زیادة حکمیة،کبیع عشرین کیلو من الحنطة نقدا بعشرین کیلو من الحنطة نسیئة،و هل یختص تحریمه بالبیع أو یجری فی غیره من المعاوضات أو لا؟قولان،و الأظهر اختصاصه بما کانت المعاوضة فیه بین العینین، سواء أ کانت بعنوان البیع أم الصلح،مثل أن یقول:صالحتک علی أن تکون هذه العشرة التی لک بهذه الخمسة التی لی،أما إذا لم تکن المعاوضة بین العینین،کأن یقول:صالحتک علی أن تهب لی تلک العشرة و أهب لک هذه الخمسة،أو یقول:
أبرأتک عن الخمسة التی لی علیک بشرط أن تبرئنی عن العشرة التی لک علی
ص:175
و نحوهما،فالظاهر الصحة.
یشترط فی تحقق الربا فی المعاملة أمران:
الأول:اتحاد الجنس و الذات عرفا و إن اختلفت الصفات،فلا یجوز بیع مائة کیلو من الحنطة الجیدة بمائة و خمسین کیلوا من الردیئة،و لا بیع عشرین کیلوا من الأرز الجید کالعنبر بأربعین کیلوا منه أو من الردیء کالحویزاوی،أما إذا اختلفت الذات فلا بأس،کبیع مائة و خمسین کیلو من الحنطة بمائة کیلوا من الأرز.
الثانی:أن یکون کل من العوضین من المکیل أو الموزون،فإن کانا مما یباع بالعد کالبیض و الجوز فلا بأس،فیجوز بیع بیضة ببیضتین و جوزة بجوزتین.
من دون فرق بین العالم و الجاهل سواء أ کان الجهل جهلا بالحکم أم کان جهلا بالموضوع،و علیه فیجب علی کل من المتعاملین ردّ ما أخذه إلی مالکه علی ما تقدم فی المسألة(250).
فلا یباع مائة کیلو من الحنطة بمائتی کیلو من الشعیر و إن کانا فی باب الزکاة جنسین،فلا یضم أحدهما إلی الآخر فی تکمیل النصاب،فلو کان عنده نصف نصاب حنطة و نصف نصاب شعیر لم تجب فیهما الزکاة.
جنس الشعیر.
فیجوز بیع کیلو من لحم الغنم بکیلوین من لحم البقر،و کذا الحکم فی لبن الغنم و لبن البقر،
ص:176
فإنه یجوز بیعهما مع التفاضل.
فالحنطة و الأزر و الماش و الذرة و العدس و غیرها کل واحد جنس،و الفلزات من الذهب و الفضة و الصفر و الحدید و الرصاص و غیرها کل واحد منها جنس برأسه.
و الإبل العراب و البخاتی جنس واحد،و الطیور کل صنف یختص باسم فهو جنس واحد فی مقابل غیره،فالعصفور غیر الحمام و کل ما یختص باسم من الحمام جنس فی مقابل غیره،فالفاختة و الحمام المتعارف جنسان،و السمک جنس واحد علی قول و أجناس علی قول آخر و هو أقوی.
فالبقر الأهلی یخالف الوحشی،فیجوز التفاضل بین لحمیهما،و کذا الحمار الأهلی و الوحشی،و الغنم الأهلی و الوحشی.
مع بعض کالحنطة و الدقیق و الخبز،
و کالحلیب و اللبن و الجبن و الزبد و السمن، و کالبسر و الرطب و التمر و الدبس.
یوزن جاز بیعه مع أصله بالتفاضل،
کالصوف الذی هو من الموزون،و الثیاب المنسوجة منه التی لیست من الموزون،فإنه یجوز بیعها به مع التفاضل،و کذلک القطن و الکتان و الثیاب المنسوجة منهما.
ص:177
لیس کذلک،
لم یجز بیعه بمثله متفاضلا فی الحالة الأولی و جاز فی الحالة الثانیة.
کبیع لحم الغنم ببقر،و الأحوط عدم جواز بیع لحم حیوان بحیوان حی بجنسه کبیع لحم الغنم بغنم و إن کان الأظهر الجواز فیه أیضا.
کالرطب یصیر تمرا و العنب یصیر زبیبا و الخبز اللین یکون یابسا،یجوز بیعه جافا بجاف منه و رطبا برطب منه متماثلا،و لا یجوز متفاضلا،و أما بیع الرطب منه بالجاف متماثلا،ففیه إشکال،و الأظهر الجواز علی کراهة،و لا یجوز بیعه متفاضلا حتی بمقدار الزیادة بحیث إذا جف یساوی الجاف.
فلکل بلد حکمه،و جاز بیعه متفاضلا فی الأول و لا یجوز فی الثانی،و أما إذا کان مکیلا أو موزونا فی غالب البلاد،فالأحوط لزوما أن لا یباع متفاضلا مطلقا.
بأن یبیع مائة کیلو من الحنطة و درهما بمائتی کیلو من الحنطة،و بضم غیر الجنس إلی کل من الطرفین و لو مع التفاضل فیهما،کما لو باع درهمین و مائتی کیلو من الحنطة بدرهم و مائة کیلو منها.
فیجوز لکل منهما بیع الآخر مع التفاضل،و کذا بین الرجل و زوجته،و بین المسلم و الحربی إذا أخذ المسلم الزیادة و لکنه مشکل،و الأحوط-وجوبا-ترکه.نعم،یجوز أخذ الربا من الحربی بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ.
ص:178
و لکن إذا وقعت المعاملة الربویة بینهما،جاز للمسلم أن یأخذ الربا منه و هو الزائد تطبیقا لقاعدة الإلزام،بل مطلقا استنقاذا.
الربا
فیجوز التفاضل فی البیع بها،لکن إذا لم تکن المعاملة شخصیة لا بد فی صحة المعاملة من امتیاز الثمن عن المثمن،کبیع الدینار العراقی فی الذمة بالدینار الکویتی أو بالریال الإیرانی مثلا،و هل یجوز بیع کل عملة بمثلها فی الذمة،کبیع الدینار العراقی بمثله فیها و الدینار الکویتی و الریال الإیرانی و هکذا؛لکی یتخلص بذلک من محذور القرض الربوی أو لا؟و الجواب:أن هناک نظریتین:
الأولی:أن الأوراق النقدیة التی لا تمثل ذهبا و لا فضة و لا تدخل فی المکیل أو الموزون،فبدلا عن أن یقرض البنک أو غیره مائة دینار بمائة و عشرین دینارا إلی شهرین مثلا،فیکون قرضا ربویا یبیع مائة دینار بمائة و عشرین دینارا مؤجلة إلی شهرین،و الثمن هنا و إن زاد علی المثمن مع وحدة الجنس، و لکن ذلک لا یحقق الربا المحرم فی البیع ما لم یکن العوضان من المکیل أو الموزون، و الدینار الورقی بما أنه لیس من المکیل أو الموزون،فبالإمکان التوصل بهذا الطریق إلی نتیجة القرض الربوی عن طریق البیع من دون محذور الربا.
الثانیة:أن ذلک و إن کان بیعا صورة،إلا أنه فی الواقع قرض ربوی بتقریبین:
الأول:أن البیع متقوم بالمغایرة بین الثمن و المثمن و لا مغایرة بینهما فی المقام؛لأن الثمن ینطبق علی نفس المثمن مع زیادة،و لکن هذا التقریب غیر تام؛إذ یکفی فی صدق مفهوم البیع عرفا المغایرة بینهما الناشئة من کون المثمن عینا
ص:179
خارجیة و الثمن أمرا کلیا فی الذمة،و مجرد قابلیة الثمن للانطباق ضمنا علی المثمن لا ینافی المغایرة المقومة لعنوان البیع،و إلا للزم عدم صحة بیع القیمی بجنسه فی الذمة مع الزیادة،کبیع فرس بفرسین فی الذمة مع أنه منصوص،و هذا یکشف عن أن هذا المقدار من المغایرة یکفی فی صدق البیع.
الثانی:أن المرتکز لدی العرف العام هو أن حقیقة القرض عبارة عن تبدیل العین الخارجیة بمثلها فی الذمة،فکل معاملة مؤدیة إلی ذلک فهی قرض و إن کان المنشأ فیها التملیک بعوض،و لکن هذا التقریب لو تم لکان بیع مائة دینار بمثلها فی الذمة قرضا عرفا و لکنه لا یخلو عن إشکال؛لأن حقیقة البیع لدی العرف و العقلاء مغایرة لحقیقة القرض،فإن الأولی متمثلة فی تملیک عین بعوض، و الثانیة فی تملیک عین علی وجه الضمان،و علی هذا فإن قصد فی المقام تملیک العین الخارجیة بعوض-و هو الکلی فی الذمة-فهو بیع و لا یصدق علیه عنوان القرض،و إن قصد تملیکها علی وجه الضمان من دون قصد المعاوضة،فهو قرض و لا یصدق علیه عنوان البیع.
إذا لم یکن الدین من الذهب أو الفضة و لا من المکیل أو الموزون،کالدین المباع بأقل منه بعملیة الخصم بین الناس و عملاء البنک،و لکنه لا یخلو عن إشکال،و الأقرب أنه باطل،و لا یحق للمشتری أن یطالب من المدین أکثر مما دفعه إلی الدائن،فإن ذمته إنما ظلت مشغولة بما دفعه المشتری فحسب و برأت عن الزائد بمقتضی النصوص.نعم،إن للمسألة علاجا آخر ینتج نفس النتیجة،و هو أن المستفید بالورقة التجاریة ذات الأجل المحدود و قبل حلول موعده یتقدم بها إلی البنک للحصول علی قیمتها،و یقوم البنک بدفعها بعد اقتطاع مبلغ معین یتکون من
ص:180
فائدة المبلغ المذکور فی الورقة التجاریة من یوم الدفع إلی یوم الاستحقاق لقاء الخدمة التی یقوم البنک بها،کاجرة الکتاب و تحصیل قیمة الورقة إذا کانت تدفع فی مکان آخر غیر المکان الموجود به و غیرهما و عندئذ فلا محذور،من دون فرق بین أن یکون أخذ الاجرة من باب الجعالة أو الإجارة.
النقدیة من دون أن یکون فی ذمته شیء،فیأخذه آخر فینزله عند شخص ثالث
بأقل منه
فالظاهر عدم جواز ذلک.نعم،لا بأس به فی المصارف غیر الأهلیة بجعل ذلک وسیلة إلی أخذ مجهول المالک و التصرف فیه بعد إصلاحه بمراجعة الحاکم الشرعی.و هنا طریق آخر للتخلص من الربا،و هو أن ما یقتطعه البنک من قیمة الکمبیالة إنما هو لقاء قیام البنک بالخدمة له،کتسجیل الدین و تحصیله و غیرهما،و عندئذ فلا بأس به،سواء کان ذلک بعنوان الجعالة أم کان بعنوان الإجارة،و أما أخذ محرر الکمبیالة تمام قیمتها من المستفید فلا یکون ربا،فإنه إنما هو بملاک أن المستفید حیث أحال البنک علی الموقع و المحرر بقیمتها،أصبحت ذمته مدینة له بما یساوی المبلغ.
بیع الصرف
و هو بیع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة،و لا فرق بین المسکوک منهما و غیره.
ص:181
شرعا علی شرطین:
الأول:المساواة فی الکمیة بین الثمن و المثمن عند بیع الذهب بالذهب و الفضة بالفضة،فإذا زاد أحدهما علی الآخر کان ربا و هو محرم.و لا تعتبر المساواة بینهما إذا کانا مختلفین،بأن کان الثمن فضة و المثمن ذهبا أو بالعکس، فإن زیادة أحدهما علی الآخر فی هذه الصورة لا تکون ربا.
الثانی:أن یتم القبض و الإقباض بین البائع و المشتری فی مجلس العقد، فلو افترقا قبل القبض و الإقباض بطل البیع،و لکن هذا الشرط صحیح فی بیع الذهب بالفضة أو الفضة بالذهب،و أما فی بیع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة فهو لا یخلو عن إشکال،بل لا یبعد عدم اعتباره فیه،و علیه فالأقرب صحة بیع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة بدون التقابض فی مجلس العقد، و نتیجة ذلک أن التعامل إذا کان بالذهب أو الفضة فالمعتبر فی صحته أمر واحد؛لأن الثمن و المثمن إذا کانا معا من الذهب أو الفضة،فالمعتبر هو المساواة بینهما دون التقابض فی المجلس علی الأقرب و إن کان التقابض أحوط و أجدر، و إذا کان الثمن من ذهب أو فضة و المثمن من نوع آخر،فالمعتبر هو التقابض بینهما فی المجلس دون المساواة.
حتی افترقا،
صح فی غیر النقد و بطل فی النقد.
صح البیع.
بل تختص
ص:182
شرطیته بالبیع.
کالدینار العراقی و التومان الإیرانی و الدولار الأمریکی و الباون الإنجلیزی و غیرها من الأوراق المستعملة فی هذه الأزمنة استعمال النقدین،فیصح بیع بعضها ببعض و إن لم یتحقق التقابض قبل الافتراق،کما أنه لا زکاة فیها.
بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق
صح البیع،و لا حاجة الی قبض المشتری ما فی ذمته.
و قبضه من عمرو و وکل عمرو زیدا علی قبض ما فی ذمته،
ففی صحته بمجرد التوکیل اشکال،بل لا یبعد عدم الصحة حتی یقبضه زید و یعینه فی مصداق بعینه.
قبل قبضها
لم یصح البیع الثانی،فإذا قبض الدراهم بعد ذلک قبل التفرق صح البیع الأول،فإن أجاز البیع الثانی و أقبضه صح البیع الثانی أیضا،و إذا لم یقبضها حتی افترقا بطل البیع الأول و الثانی.
فقبل المدیون
صح ذلک،و تحول ما فی الذمة إلی دنانیر و إن لم یتقابضا،و کذا لو کان له دنانیر فی ذمته فقال له:حولها دراهم و قبل المدیون،فإنه یصح و تتحول الدنانیر إلی دراهم،و کذلک الحکم فی الأوراق النقدیة إذا کانت فی الذمة،فیجوز تحویلها من جنس إلی آخر.
ص:183
لو قبض أحدهما،
لم یجب علیه إقباض صاحبه،و لو کان للمبیع أو الثمن نماء قبل القبض کان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إلیه.
یجوز خرجها و إنفاقها و المعاملة بها سواء أ کان غشها مجهولا أم معلوما،و سواء أ کان مقدار الغش معلوما أم مجهولا،و إن لم تکن رائجة،فلا یجوز خرجها و إنفاقها و المعاملة بها إلا بعد إظهار حالها.
أبعاضها،
و لو مع التفاضل بین الأصل و أبعاضه کما هو الغالب.نعم،لا یجوز ذلک فی المسکوکات الذهبیة،فإنها من الموزون،فلا یجوز تصریفها إلی أبعاضها مع التفاضل إلا مع الضمیمة.
یکون فی الذهب و الفضة المغشوشین،
إذا کان الغش غیر مستهلک و کانت له قیمة فی حال کونه غشا،و لا یکفی أن تکون له قیمة علی تقدیر التصفیة لا مطلقا،فإذا کان الطرفان مغشوشین کذلک صح مع التفاضل،و إذا کان أحدهما مغشوشا دون الآخر جاز التفاضل،شریطة أن تکون الفضة الخالصة زائدة علی الفضة المغشوشة حتی تقع تلک الزیادة فی مقابل الغش،و لا یصح إذا کانت الفضة زائدة فی المغشوش.
شریطة أن یکون الذهب الخالص أکثر من الذهب المحلاة به و إلا لم یجز.نعم،لو بیع السیف بالسیف و کان کل منهما محلی جاز مطلقا و إن کانت الحلیة فی أحدهما أکثر
ص:184
من الحلیة فی الآخر،علی أساس أنه لیس من بیع الذهب بالذهب.
الفضة الخالصة زائدة علی فضة الکلبتون وزنا،
حتی تکون تلک الزیادة بإزاء مادة أخری منه و هی الإبریسم،و المصنوع من الذهب یجوز بیعه بالذهب،إذا کان الذهب الخالص أکثر من ذهبه وزنا،حتی یکون الزائد فی مقابل مادة أخری منه شریطة أن تکون لتلک المادة قیمة فعلا.
التفرق،ثم تبین الخلاف فلذلک حالات:
الأولی:أن المشتری بعد القبض وجدها جنسا آخر،کما إذا وجد أن ما وقع علیه البیع رصاص،أو نحاس و لیس بفضة،و فی هذه الحالة بطل البیع،علی أساس أن ما قصد بالبیع غیر موجود و ما هو موجود لم یقصد به،نظیر ما لو باعه بغلة فظهرت فرسا،فإنه باطل و لا مجال للمطالبة بالبدل.
الثانیة:أنه وجد بعضها من جنس المبیع و بعضها من غیر جنسه،و فی هذه الحالة صح البیع فی الأول؛لتوفر شروط الصحة فیه،و بطل فی الثانی؛لعدم توفرها،و یثبت للمشتری حینئذ خیار تبعض الصفقة،فإن امضی البیع بالنسبة إلی ما هو من جنس المبیع قسط الثمن،فعلی البائع رد باقی الثمن إلیه،و إن فسخه فعلیه رد تمام الثمن.
الثالثة:أنه وجدها فضة معیبة،فعندئذ لا تخلو الحال من أن یکون العیب فی تمام المبیع أو فی بعضه،فعلی الأول تخیر المشتری بین رد الجمیع و إمساکه،کما هو الحال فی سائر المعیبات،و لیس له حق رد البعض إلا إذا رضی البائع بذلک، و لا طلب البدل؛لأن البیع إنما وقع علی العین الشخصیة لا علی الکلی فی الذمة،
ص:185
و علی الثانی تخیر بین رد الجمیع و إمساکه ورد المعیب فقط و إمساک الصحیح، غایة الأمر یثبت حینئذ خیار تبعض الصفقة للبائع.و قد تسأل:هل یثبت الأرش فی هذه الحالة إذا لم یکن بإمکان المشتری الرد أو لا؟
و الجواب:الظاهر ثبوت الأرش بناء علی ما هو الصحیح من أنه غرامة خارجیة قد ثبت بالروایات الخاصة و لیس جزء الثمن،حتی یلزم من أخذه زیادة المعیب علی الصحیح و هی ربا إذا کان العوضان متجانسین،کبیع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة.
المشتری أن المقبوض من جنس آخر کصفر أو نحاس أو رصاص
فلذلک أیضا حالات:
الأولی:أنه وجده کذلک قبل التفرق،ففی هذه الحالة له المطالبة بتبدیل الفرد المدفوع بفرد المبیع،علی أساس أن المبیع کلی فی الذمة و المدفوع إذا لم یکن مصداقا له کان له حق المطالبة به ما لم یحصل التفرق،فإذا دفع البائع البدل و قبضه المشتری قبله صح البیع.
الثانیة:أنه وجده کذلک بعد التفرق،ففی هذه الحالة بطل البیع و وجب علی البائع رد الثمن إلیه،و لا یکفی فی صحته تبدیل الفرد المدفوع بفرد المبیع.
الثالثة:أنه وجده فضة معیبة،ففی هذه الحالة تخیر المشتری بین رد المقبوض و مطالبة البائع بالبدل و بین الرضا به،و لا یحق له أن یفسخ البیع من أصله إلا إذا امتنع البائع من التبدیل،و أما الأرش فهو غیر ثابت فی المقام،لا علی أساس أنه یؤدی إلی الربا؛لما مر من أنه غرامة خارجیة لیس بجزء الثمن،بل من جهة أن المبیع کلی فی الذمة و لا یتصور فیه العیب و ما هو معیب فی الخارج لیس
ص:186
بمبیع،فلذلک کان للمشتری أن یطالب البائع بالفرد الصحیح بدل الفرد المعیب.
المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زیادة بملاحظة اجرة الصیاغة
بل إما أن یشتریه بغیر جنسه،أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضمیمة لیتخلص من الربا،أو بمقداره من جنسه من دون الضمیمة،و تراضیا بینهما علی اجرة الصیاغة.
من المسکوکات الفضیة کالدراهم،
فإن کان الأخذ بعنوان الاستیفاء،ینقص من اللیرات فی کل زمان أخذ فیه بمقدار ما أخذ بسعر ذلک الزمان،فإذا کان الدین خمس لیرات و أخذ منه فی الشهر الأول عشر دراهم و فی الثانی عشرا،و فی الثالث عشرا،و کان سعر اللیرة فی الشهر الأول خمسة عشر درهما،و فی الثانی اثنی عشر درهما،و فی الثالث عشر دراهم،نقص من اللیرات ثلثا لیرة فی الشهر الأول و خمسة أسداسها فی الثانی و لیرة تامة فی الثالث،و إن کان الأخذ بعنوان القرض کان ما أخذه دینا علیه لزید و بقی دین زید علیه،و فی جواز احتساب أحدهما دینه وفاء عن الآخر إشکال،و الأظهر الجواز،و تجوز المصالحة بینهما علی إبراء کل منهما صاحبه مما له علیه،و أما إذا کانت الدراهم المأخوذة تدریجا قد أخذت بعنوان الأمانة،فإذا اجتمع عنده من الدراهم بمقدار اللیرات،جاز له احتسابها وفاء لما یطلبه منه من اللیرات.
زوجته مهرا کذلک،
أو جعله ثمنا فی الذمة مؤجلا أو حالا فتغیّر السعر،لزمه النقد المعین،و لا اعتبار بالقیمة وقت اشتغال الذمة.و قد تسأل:أن الأوراق النقدیة التی لا تمثل الذهب أو الفضة،کالدینار و الریال و الروبیة و غیرها
ص:187
المتداولة فی الأسواق فی العصر الحاضر،قد ترتفع قیمتها و تتصاعد بسبب ظروف اقتصادیة زاهرة،و قد تنزل قیمتها و تنقص شدیدا فی ظروف اقتصادیة تعسة،فإذا فرضنا أن شخصا مدین من تلک الأوراق لزید و کانت قیمتها مرتفعة وقت القرض و مخففة وقت الأداء،فهل یضمن مالیتها وقت القرض،أو أن الواجب علیه دفع تلک الأوراق مهما کانت مالیتها حین الدفع؟
و الجواب:أن الأوراق المالیة بما أنها مثلیة،فیکون الثابت فی الذمة مثلها لا مالیتها فحسب؛لما مرّ من أن حقیقة القرض تملیک عین علی وجه الضمان بمثلها.
مثال ذلک:إذا کان شخص مدینا لآخر بألف دینار عراقی،کان الواجب علیه بعد حلول الأجل دفع ألف دینار إلیه،زادت مالیته فی إطار الدینار أم نقصت،فإذا فرضنا أن مالیة الدینار کانت فی وقت القرض أزید مما هی فی وقت الأداء،بحیث تکون مالیة کل دینار فی وقت القرض تساوی مالیة ثلاثة دنانیر أو أکثر فی وقت الأداء،لم یجب علیه دفع ثلاثة آلاف دینار إلیه بدل الألف أو أکثر منه،علی أساس أن ما یثبت فی ذمته وقت القرض هو ألف دینار عراقی لا مالیته بقطع النظر عن خصوصیته.نعم،یضمن مالیة الدینار فی إطاره فقط لا مطلقا،و علیه دفعه فی موعده زادت أم نقصت،و من هنا إذا زادت مالیته فی وقت الأداء عما کانت فی وقت القرض،بحیث تساوی مالیة کل دینار فی وقت الأداء مالیة دینارین فی وقت القرض،لم یکتف بدفع خمسمائة دینار إلیه بدل الألف المساویة له فی المالیة.
مثلا،
و یجوز أن یقول له:صغ لی هذا الخاتم و أبیعک درهما جیدا بدرهم ردیء، علی أن یکون البیع جعلا لصیاغة الخاتم،کما یجوز أیضا أن یشتری منه مثقال
ص:188
فضة ردیئة مصوغا خاتما بمثقال فضة جیدة غیر مصوغ.
بشرط أن یعلما مقدار نسبة العشرین فلسا إلی اللیرة بل مطلقا و إن لم یعلما مقدار النسبة تفصیلا.
أو بالفضة کذلک بلا زیادة لأنه ربا،بل إما أن یباع بأحدهما مع الزیادة لیکون المجموع بإزاء المجموع أو یباع بهما معا أو بجنس آخر غیرهما.
و یجتمع فیه عند الصائغ-و قد جرت العادة علی عدم مطالبة المالک بها-ملک للصائغ نفسه،و الأحوط-استحبابا-أن یتصدق به عن مالکه مع الجهل به و الاستئذان منه مع معرفته،و یطرد الحکم المذکور فی الخیاطین و النجارین و الحدادین و نحوهم،فیما یجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثیاب و الخشب و الحدید،و لا یضمنون شیئا من ذلک و إن کانت له مالیة عند العرف،إذا کان المتعارف فی عملهم انفصال تلک الأجزاء.
فی السلف
و یقال له السلم أیضا،و هو ابتیاع مال کلی مؤجل بثمن حال،عکس النّسیئة،و یقال للمشتری المسلّم(بکسر اللام)و للبائع المسلّم إلیه و للثمن
ص:189
المسلّم و للمبیع المسلّم(بفتح اللام)فیه.
اختلاف الجنس،
أو عدم کونهما أو أحدهما من المکیل و الموزون،کما یجوز أن یکون أحدهما من النقدین و الآخر من غیرهما ثمنا کان أو مثمنا،و لا یجوز أن یکون کل من الثمن و المثمن من النقدین اختلفا فی الجنس أو اتفقا.
کالجودة و الرداءة و الطعم و الریح و اللون و غیرها،کالخضر و الفواکه و الحبوب و الجوز و اللوز و البیض و الملابس و الأشربة و الأدویة و آلات السلاح و آلات النجارة و النساجة و الخیاطة و غیرها من الأعمال و الحیوان و الإنسان و غیر ذلک، و إذا باعها بأوصافها المضبوطة،ثم فی وقت حلول الأجل أعطی البائع المشتری دون تلک الأوصاف أو فوقها،فلا بأس إذا کان مع التراضی و طیب النفس،و أما ما لا یمکن ضبط أوصافه،کالجواهر و اللآلئ و البساتین و غیرها مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فیها إلا بالمشاهدة،فإن باعه بالأوصاف و رضی المشتری بذلک،ثم ظهر خلافها فهل یبطل البیع؟
و الجواب:أنه لا یبطل علی الأظهر،بل یثبت للمشتری الخیار.
و لو قبض البعض صح فیه، و أما فی الباقی فالبطلان فیه مبنی علی الاحتیاط کما مرّ،و لو کان الثمن دینار فی ذمة البائع،فالأقوی الصحة إذا کان الدین حالا،و أما إذا کان مؤجلا فهل یصح؟
ص:190
و الجواب:ان صحته غیر بعیدة و ان کان الاحتیاط فی محلة،و اما إذا جعل الثمن کلیا فی ذمة المشتری،فله أن یحاسب به ماله فی ذمة البائع المسلم إلیه بدیلا عن الثمن.
أو نحوها،
و لو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدیاس أو الحظیرة بطل البیع علی الأحوط،و یجوز فیه أن یکون قلیلا کیوم و نحوه و أن یکون کثیرا کعشرین سنة.
أو فی البلد الذی اشترط المشتری علیه التسلیم فی ذلک البلد و إن لم یکن قادرا بسبب أو آخر بطل البیع.
إلا أن تقوم قرینة علی الإطلاق أو علی تعیین غیره فیعمل علی طبقها،و الأقوی عدم وجوب تعیینه فی العقد إذا لم یقتض إطلاقه ذلک،إلا إذا اختلفت الأمکنة فی صعوبة التسلیم فیها و لزوم الخسارة المالیة،بحیث یکون الجهل بها غررا فیجب تعیینه حینئذ.
فإن کان وقوع المعاملة فی أول الشهر فالمراد تمام ذلک الشهر،و إن کان فی أثناء الشهر فالمراد من الشهر،مجموع ما بقی منه مع إضافة مقدار من الشهر الثانی یساوی الماضی من الشهر الأول و هکذا.
ص:191
و حل بأول جزء من لیلة الهلال،و إذا جعله الجمعة أو الخمیس حمل علی الجمعة الأولی أو الخمیس الأول من تلک السنة،و حل بأول جزء من نهار الیوم المذکور.
و بعده بجنس آخر،
أو بجنس الثمن بشرط عدم الزیادة حالا کان أم مؤجلا،و أما بیعه من غیره قبل حلول الأجل فهل یجوز أو لا؟
و الجواب:لا یبعد جوازه،سواء کان بجنس آخر أم بجنس الثمن مع الزیادة أو النقیصة أو التساوی و إن کان حالا،و مع هذا فالأحوط و الأولی ترک ذلک.
هذا فی غیر المکیل و الموزون،و أما فیهما فلا یجوز بیعهما قبل القبض مرابحة مطلقا کما تقدم.
القبول،
و لو رضی بذلک صح،و کذلک إذا دفع أقل من المقدار،و تبرأ ذمة البائع إذا أبرأ المشتری الباقی،و إذا دفعه علی الصفة و المقدار وجب علیه القبول،و إذا دفع فوق الصفة،فإن کان شرط الصفة راجعا إلی استثناء من دونها فقط وجب القبول أیضا،و إن کان راجعا إلی استثناء ما دونها و ما فوقها لم یجب القبول،و لو دفع إلیه زائدا علی المقدار أیضا لم یجب القبول،و فی کلا الفرضین إذا قبل و رضی فلا بأس.
تخیر المشتری بین الفسخ و الرجوع بالثمن بلا زیادة و لا نقیصة،و بین أن ینتظر إلی أن یتمکن البائع من دفع المبیع إلیه فی وقت آخر،و لو تمکن من دفع بعضه و عجز عن الباقی،کان له الخیار فی الباقی بین الفسخ فیه و الانتظار،و فی جواز فسخه فی الکل
ص:192
حینئذ إشکال،و الأظهر الجواز.نعم،لو فسخ فی البعض جاز للبائع الفسخ فی الکل.
فإن تراضیا بتسلیمه فی موضع وجوده جاز،و إلا فإن أمکن و تعارف نقله إلی بلد التسلیم وجب علی البائع نقله،و إلا فیجری الحکم المتقدم من الخیار بین الفسخ و الانتظار.
وقت بلوغ الأجل،
تخیر بین رده و المطالبة بالبدل،و بین قبوله و رضاه بذلک و لا أرش فی المقام کما مرّ،و إذا ظهر العیب فی الثمن تخیر البائع بین رد البیع و فسخه و بین الإمضاء،و إذا سقط الرد فله أن یطالب بالأرش،هذا إذا لم یکن الثمن کلیا فی الذمة،و إلا فهو مخیر بین الإمضاء و القبول و بین الرد و المطالبة بالبدل فحسب،إذا کان ظهور العیب فی الفرد المدفوع قبل التفرق،و أما إذا کان بعده،فلیس بإمکانه رد الفرد المدفوع المعیب و مطالبة الفرد الصحیح للثمن؛ لاستلزام ذلک قبض الثمن بعد التفرق و هو باطل علی الأحوط کما تقدم.نعم،له فی هذه الحالة أن یطالب المشتری بأحد أمرین:أما بتبدیل الفرد المدفوع المعیب بالفرد الصحیح،بأن یکون الفرد الصحیح بدلا عن الفرد المعیب الذی تعین الثمن فیه لا عن الثمن نفسه، فتکون مبادلة بین الفردین،و أما ان یطلب منه الأرش باعتبار أن الثمن تعین فی الفرد المعیب،و فی هذا الفرض حیث إن البائع لا یتمکن من رده فله أن یطالب بالأرش،و هذا البیان لا یجری فی طرف المبیع إذا ظهر العیب فی الفرد المدفوع منه،علی أساس أنه لا یعتبر فی قبضه أن یکون قبل التفرق و إن أمکن ذلک.
ص:193
بیع الثمار و الخضر و الزرع
لا یجوز بیع ثمرة النخل و الشجر قبل ظهورها عاما واحدا بلا ضمیمة، و یجوز بیعها عامین فما زاد و عاما واحدا مع الضمیمة علی الأقوی،و أما بعد ظهورها،فإن بدا صلاحها أو کان البیع فی عامین أو مع الضمیمة جاز بیعها بلا إشکال،أما مع انتفاء الثلاثة،فالأقوی الجواز و الأحوط العدم.
و إن کان أول أوان أکله.
تکون مما یجوز بیعه منفردا،
و یعتبر کونها مملوکة للمالک،و کون الثمن لها و للمنضم إلیه علی الإشاعة،و لا یعتبر فیها أن تکون متبوعة علی الأقوی،فیجوز کونها تابعة.
و الشجر الیابس الذی فی البستان.
جاز بیع ثمرته أجمع الموجودة و المتجددة فی تلک السنة فی المستقبل،و إن لم تظهر فعلا سواء اتحدت الشجرة أو تکثرت،و سواء اتحد الجنس أو اختلف،و کذلک لو أدرکت ثمرة بستان جاز
ص:194
بیعها مع ثمرة بستان آخر لم تدرک ثمرته.
ففی جریان حکم العامین علیها إشکال،لا یبعد الجریان.
شخص آخر
لم یبطل بیع الثمرة،بل تنتقل الأصول إلی المشتری مسلوبة المنفعة فی المدة المعینة،و له الخیار فی الفسخ مع الجهل.
البائع بموته مسلوبة المنفعة،
و کذا لا یبطل بیعها بموت المشتری بل تنتقل إلی ورثته.
الخسارة من مال البائع
کما تقدم ذلک فی أحکام القبض،و تقدم أیضا إلحاق السرقة و نحوها بالتلف،و حکم ما لو کان التلف من البائع أو المشتری أو الأجنبی.
و أن یستثنی حصة مشاعة کالربع و الخمس،و أن یستثنی مقدارا معینا کمائة کیلو،لکن فی هاتین الصورتین لو خاست الثمرة وزع النقص علی المستثنی و المستثنی منه علی النسبة،ففی صورة استثناء حصة مشاعة یوزع الباقی بتلک النسبة،و أما اذا کان المستثنی مقدارا معینا،فطریقة معرفة النقص تخمین الفائت بالثلث أو الربع مثلا فیسقط المقدار المستثنی بتلک النسبة،فإن کان الفائت الثلث یسقط منه الثلث و إن کان الربع یسقط الربع و هکذا.
ص:195
یجعل ثمنا فی أنواع البیوع
من النقود و الأمتعة و الحیوان و الطعام و المنافع و الأعمال و غیرها.
و هی بیع ثمرة النخل تمرا کانت أم رطبا أو بسرا أو غیرها بالتمر من ذلک النخل سواء کان موضوعا علی الأرض أم علی النخل،و أما بیعها بثمرة غیره سواء کان فی الذمة أم کان معینا فی الخارج، فالظاهر جوازه و إن کان الترک أحوط.
فلا یجوز بیع ثمر غیر النخل بثمره أیضا و یسمی ذلک بالمزابنة،و أما بیعه بغیر ثمره،فلا إشکال فیه أصلا.
بثمن زائد علی ثمنه
الذی اشتراه به أو ناقص أو مساو سواء أ باعه قبل قبضه أم بعده.
نعم،یجوز بیعه بعنوان البذر،کما یجوز تبعا لبیع الأرض،و أما بعد ظهوره و طلوع خضرته فیجوز للمالک أن یبیعه،و حینئذ فإن شاء المشتری قصله،و إن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء علی المالک فی ضمن العقد أو بإذن منه،فإن أبقاه المالک حتی یسنبل کان له السنبل و علیه أجرة الأرض إذا لم یشترط علیه الإبقاء مجانا،و إن قصله قبل أن یسنبل، فعندئذ إن ظلت أصول الزرع فی ملک مالکها کان نموها فی ملکه،و إن انتقلت إلی ملک المشتری مع الزرع کان نموها حتی إذا سنبلت فی ملکه،شریطة أن لا یکون معرضا عنها،و حینئذ فعلیه اجرة الأرض إذا لم یرض المالک ببقائها فیها مجانا،
ص:196
و أما إذا لم یرض بالبقاء فیها حتی مع الاجرة فیجب علیه تخلیتها من ماله،فإن امتنع عنها فللمالک إجباره علیها و لو بالرجوع إلی الحاکم الشرعی إن امکن، و إلا فله قلعها.
بل قصیلا إذا کان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلک علی أن یبقی حتی یصیر قصیلا أو قبل ذلک،فإن قطعه و نمت الأصول حتی صارت سنبلا کان السنبل للبائع،و إن لم یقصعه کان لصاحب الأرض إلزامه بقطعه و له إبقاؤه و المطالبة بالاجرة،فلو أبقاه فنمی حتی سنبل کان السنبل للمشتری،و لیس لصاحب الأرض إلا مطالبة الأجرة،و کذا الحال لو اشتری نخلا.
کان النماء للمشتری.
أو الوزن،
بل تکفی فیه المشاهدة.
الشعیر بالشعیر منه،
بل و کذا بیع سنبل غیر الحنطة و الشعیر من الحبوب بحب منه.
ظهورها،
و یجوز بعد ظهورها و انعقادها و تناثر وردها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات،و المرجع فی تعیین اللقطة عرف الزراع.
ص:197
فالظاهر جواز بیعها أیضا.
یجوز بیعها بعد ظهورها جزة و جزات،و لا یجوز بیعها قبل ظهورها کذلک علی الأحوط،و المرجع فی تعیین الجزة عرف الزراع کما سبق،و کذا الحکم فیما یخرط کورق الحناء و التوت،فإنه یجوز بیعه بعد ظهوره خرطة و خرطات.
جاز أن یتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معین فیتقبلها بذلک المقدار،فإذا خرص حصة صاحبه بوزنة مثلا جاز أن یتقبلها بتلک الوزنة زادت علیها فی الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها.
المقدار المتقبل به منها و فی الذمة.
نعم،إذا کان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان علی المتقبل،بخلاف ما لو کان فی الذمة،فإنه باق علی ضمانه،و الظاهر أنه صلح علی تعیین المقدار المشترک فیه فی کمیة خاصة علی أن یکون اختیار التعیین بید المتقبل،و یکفی فیها کل لفظ دال علی المقصود،بل تجری فیها المعاطاة کما فی غیرها من العقود.
جاز له أن یأکل- مع الضرورة العرفیة-من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غیرها.
و لا یجوز له أن یحمل معه شیئا من الثمر،و إذا حمل معه شیئا حرم ما حمل،و لم یحرم ما أکل،و إذا کان للبستان جدار أو حائط أو علم بکراهة المالک،ففی جواز الأکل إشکال،و المنع أظهر.
ص:198
-و هی النخلة الواحدة-لشخص فی دار غیره،فیبیع ثمرتها قبل أن تکون تمرا منه بخرصها تمرا.
فی بیع الحیوان
یجوز استرقاق الکافر الأصلی إذا لم یکن معتصما بعهد أو ذمام سواء أ کان فی دار الحرب أم کان فی دار الإسلام،و سواء أ کان بالقهر و الغلبة أم بالسرقة أم بالغیلة،و یسری الرّق فی أعقابه و إن کان قد أسلم.
و إن کان أخاه أو زوجته أو ممن ینعتق علیه کأبیه و أمه،و فی کونه بیعا حقیقة و تجری علیه أحکامه إشکال،و إن کان أقرب.
علا لأب کان أو لام،
و الولد-و إن نزل-ذکرا کان أو أنثی،و المحارم و هی الأخت و العمة و الخالة و إن علون،و بنات الأخ و بنات الاخت و إن نزلن،و لا فرق فی المذکورین بین النسبیین و الرضاعیین.
کان السبب کالشراء أو قهریا کالإرث انعتق قهرا.
ص:199
-استقر الملک و بطل النکاح.
کالأخ و العم و الخال و أولادهم.
و إن نزل ذکرا کان أو أنثی نسبیین کانوا أو رضاعیین.
و لو أسلم عبد الکافر بیع علی مسلم و أعطی ثمنه.
إذا کان عاقلا بالغا مختارا.
لم یقبل قوله إلا بالبینة.
قبل بیعها بحیضة إذا کانت تحیض،
و بخمسة و أربعین یوما من حین الوطء إن کانت لا تحیض و هی فی سن من تحیض.
و وجب علی المشتری استبراؤها،فلا یطأها إلا بعد حیضة أو مضی المدة المذکورة.
وجب علیه الاحتیاط فی استبرائها،و إذا علم أن البائع لم یطأها أو أنه استبرأها لم یجب علیه استبراؤها،و کذا إذا أخبره صاحبها بأنه قد استبرأها أو أنه لم یطأها إذا کان أمینا.
ص:200
إلا أن یعلم أنها موطوءة وطئا محترما،و لا فی الصغیرة و لا فی الیائسة و لا فی الحائض حال البیع.نعم،لا یجوز وطؤها حال الحیض.
نعم،لا یجوز وطؤها فی القبل إلا بعد مضی أربعة أشهر و عشرة أیام من زمان حملها،فإن وطأها و قد استبان حملها عزل استحبابا،فإن لم یعزل فالأحوط-لو لم یکن اقوی-عدم جواز بیع الولد، بل وجب عتقه و جعل شیء له من ماله یعیش به.
نقلها إلی غیره
و لو بسبب غیر البیع،و کذلک وجوب استبراء المشتری قبل الوطء،یثبت لکل من تنتقل إلیه الأمة بسبب و إن کان إرثا أو استرقاقا أو نحوهما،فلا یجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء.
و لا یجوز شراء بعض معین منه کرأسه و جلده إذا لم یکن مما یطلب لحمه،بل کان المقصود منه الإبقاء للرکوب أو الحمل أو نحوهما.
جاز شراء بعض معین منه، لکن لو لم یذبح لمانع-کما إذا کان فی ذبحه ضرر مالی-کان المشتری شریکا بنسبة الجزء،و کذا لو باع الحیوان و استثنی الرأس و الجلد،و أما إذا اشترک اثنان أو جماعة و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد،فإنه یکون شریکا بنسبة المال لا بنسبة الرأس و الجلد.
صح و یثبت البیع لهما علی السویة مع الإطلاق،و یکون علی کل واحد منهما نصف الثمن،و لو
ص:201
قامت القرینة علی کون المراد الاشتراک علی التفاضل کان العمل علیهما.
الثمن،
فإن کان الأمر بالشراء علی وجه الشرکة قرینة علی الأمر بالدفع عنه رجع الدافع علیه بما دفعه عنه،و إلا کان متبرعا و لیس له الرجوع علیه به.
کان للمالک انتزاعها منه و له علی المشتری عشر قیمتها إن کانت بکرا و نصف العشر إن کانت ثیبا،و لو حملت منه کان علیه قیمة الولد یوم ولد حیا،و یرجع المشتری علی البائع بما اغترمه للمالک إن کان جاهلا.
و کذا لو ملکه غیره أو حاز لنفسه شیئا إذا کان بإذن المولی،و لا ینفذ تصرفه-فیما ملکه -بدون إذن مولاه.
صاحبه من مولاه،
فإن اقترن العقدان و کان شراؤهما لأنفسهما بطلا،و إن کان شراؤهما للسیدین فالأقوی الصحة،و إن ترتبا صح السابق،و أما اللاحق فهو باطل إن کان الشراء لنفسه،و إن کان الشراء لسیده صح إذا کان إذنه بالشراء مطلقا،و أما إذا کان مقیدا بعبدیته،فصحته تتوقف علی إجازته.
فإن حملت قومت علیه و انعقد الولد حرا،و علیه قیمة حصص الشرکاء من الولد عند سقوطه حیا،بل یحتمل علیه بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.
ص:202
و الصدقة عنه بأربعة دراهم و لا یریه ثمنه فی المیزان.
الام،
أما البهائم فیجوز فیها ذلک ما لم یؤد إلی إتلاف المال المحترم.
فی الإقالة
و هی فسخ العقد من أحد المتعاملین بعد طلبه من الآخر،و الظاهر جریانها فی عامة العقود اللازمة حتی الهبة اللازمة غیر النکاح و الضمان،و فی جریانها فی الصدقة إشکال،و تقع بکل لفظ یدل علی المراد و إن لم یکن عربیا،بل تقع بالفعل کما تقع بالقول،فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إلیه کان فسخا و إقالة،و وجب علی الطالب إرجاع ما فی یده إلی صاحبه.
فلو أقال کذلک بطلت،و بقی کل من العوضین علی ملک مالکه.
بأن قال له:
أقلنی و لک هذا المال،أو أقلنی و لک علی کذا-نظیر الجعالة-فالأظهر الصحة.
کما لو قال للمستقیل:
أقلتک بشرط أن تعطینی کذا أو تخیط ثوبی فقبل صح.
ص:203
إشکال
و الظاهر العدم.نعم،تجوز الاستقالة من الوارث و الإقالة من الطرف الآخر.
و یتقسط الثمن حینئذ علی النسبة،و إذا تعدد البائع أو المشتری تصح الإقالة بین أحدهما و الطرف الآخر بالنسبة إلی حصته،و لا یشترط رضا الآخر.
فإذا تقایلا رجع کل عوض إلی صاحبه الأول،فإن کان موجودا أخذه،و إن کان تالفا رجع بمثله إن کان مثلیا و بقیمته یوم الفسخ إن کان قیمیا.
و تلف البعض-کتلف الکل-یستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.
الإقالة.
ص:204
و فیه فصول:
إذا باع أحد الشریکین حصته علی ثالث کان لشریکه أخذ المبیع بالثمن المجعول له فی البیع،و یسمی هذا الحق بالشفعة.
کالأراضی و الدور و البساتین بلا إشکال،و هل تثبت فیما ینقل کالآلات و الثیاب و نحوهما أو لا؟
و الجواب:الأظهر الثبوت،و کذلک فیما لا ینقل إذا لم یقبل القسمة،کالضیقة
ص:205
من الأنهار و الطرق و الآبار و غیرها،و أما ثبوتها فی السفینة و النهر و الطریق و الحمام و الرحی فهو لا یخلو عن إشکال.نعم،تثبت الشفعة فی المملوک المشترک للشریک إذا باع الشریک الآخر حصته منه،و أما فی مطلق الحیوان فالأظهر عدم ثبوتها.
فإذا باع أحد داره فلیس لجاره الأخذ بالشفعة.
مشترکین فی طریقهما،
فبیعت أحدی الدارین مع الحصة المشاعة من الطریق، تثبت الشفعة لصاحب الدار الاخری سواء أ کانت الداران قبل ذلک مشترکتین و قسمتا أم لم تکونا کذلک.
الاشتراک فی الطریق،
فإذا بیعت واحدة منها مع الحصة من الطریق ثبتت الشفعة للباقین.
لم تثبت الشفعة للشریک فی الطریق.
الطریق وحدها أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنها تثبت.
أو یعم غیرها من الاملاک المفروزة المشترکة فی الطریق،کالدکاکین و الخانات و الأراضی
ص:206
المزروعة و غیرها؟
و الجواب:الظاهر عدم اختصاصه بالدار.
فإذا کانت الداران المختصة کل منهما بشخص مشترکتین فی نهر أو ساقیة أو بئر،فبیعت أحدهما مع الحصة من النهر أو الساقیة أو البئر،کان لصاحب الدار الاخری الشفعة فی الدار أیضا،و فیه إشکال بل منع.
فلا شفعة بالجوار،فلو باع أحد داره أو عقاره لیس لجاره حق الشفعة،و کذلک لا شفعة فی العین المقسومة إذا باع أحد الشریکین حصته المفروزة،و من هنا إذا بیع المقسوم منضما إلی حصة من المشاع صفقة واحدة،کان للشریک فی المشاع الأخذ بالشفعة فی الحصة المشاعة بما یخصها من الثمن بعد توزیعه،و لیس له الأخذ بها فی المقسوم.
فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غیرهما فلا شفعة للشریک،و أما فی المساکن و الأرضین فهل تختص الشفعة فیهما بالبیع أو تعم غیره أیضا،کالهبة المعوضة و الصلح و غیرهما؟
و الجواب:أن العموم لا یخلو عن إشکال و لا یبعد اختصاصها بالبیع.
فبیع الملک لم یکن للموقوف علیهم الشفعة علی الأقوی و إن کان الموقوف علیه واحدا.
ففی ثبوت الشفعة للشریک
ص:207
قولان:أقربهما ذلک.
اثنین،
فإذا کانت مشترکة بین ثلاثة فما زاد و باع أحدهم لم تکن لأحدهم شفعة، و إذا باعوا جمیعا إلا واحدا منهم،ففی ثبوت الشفعة له إشکال بل منع.نعم،تثبت الشفعة فی الطریق المشترک إلی الدور،و إن کان مشترکا بین أکثر من اثنین کما مرّ.
ثبتت الشفعة للآخر.
فإذا کان المشتری مسلما فلا شفعة للکافر علیه و إن اشتری من کافر،و تثبت للمسلم علی الکافر و للکافر علی مثله.
فلا تثبت للعاجز عنه و إن بذل الرهن أو وجد له ضامن،إلا أن یرضی المشتری بذلک.نعم، إذا ادعی غیبة الثمن اجل ثلاثة أیام،و إذا ادعی أن الثمن فی بلد آخر،فلینتظر به مقدار ما سافر الرجل إلی تلک البلدة و ینصرف بزیادة ثلاثة أیام،فإن لم یحضر الثمن فی هذه المدة،فلا شفعة له،کما أن مبدأ الثلاثة زمان الأخذ بالشفعة و مطالبتها لا زمان البیع.
ص:208
علی المقدار المتعارف المعتاد،
بحیث یکون التأجیل إلی المقدار الزائد مستندا إلی تسامحه و تماهله،فالظاهر سقوط الشفعة.
الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد و علم بالبیع و إن کانت الغیبة طویلة أو لا؟
و الجواب:نعم له الأخذ بها و إن کانت الغیبة طویلة.
بالشفعة،
جاز لذلک الوکیل الأخذ بالشفعة عنه.
فیأخذ لهم الولی بها،
بل إذا أخذ السفیه بها بإذن الولی صح،و کذا الصبی علی الأقوی.
أو استدان الثمن من غیره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء.
لم یکن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد و العقل،أما إذا ترک المطالبة بها مساهلة منه فی حقهم،فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد.
عنه،
جاز له أن یأخذ بالشفعة علی الأقوی.
للمولی علیه،
و کذا الحکم فی الوکیل إذا کان شریکا مع الموکل.
ص:209
و یکون بالقول مثل أن یقول:أخذت المبیع المذکور بثمنه،و بالفعل مثل أن یدفع الثمن و یستقل بالمبیع.
بل إما أن یأخذ الجمیع أو یدع الجمیع.
سواء کانت قیمة المبیع السوقیة مساویة للثمن أم زائدة أم ناقصة.
-بأن یأخذ المبیع بقیمته- وجهان،لا یخلو أولهما عن وجه.
للبائع من خلعة و نحوها،
لم یلزم الشفیع تدارکه.
لم تکن للشفیع تنقیصه.
فیسقط مع المماطلة و التأخیر بلا عذر،و لا یسقط إذا کان التأخیر عن عذر،کجهله بالبیع أو جهله
ص:210
باستحقاق الشفعة،أو توهمه کثرة الثمن فبان قلیلا،أو کون المشتری زیدا فبان عمرا،أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغیره أو العکس،أو أنه واحد فبان اثنین أو العکس،أو أن المبیع النصف بمائة،فتبین أنه الربع بخمسین،أو کون الثمن ذهبا فبان فضة،أو لکونه محبوسا ظلما أو بحق یعجز عن أدائه،و کذا أمثال ذلک من الأعذار.
المبادرة علی النحو المتعارف و المعتاد الذی جرت به العادة،
فإذا کان مشغولا بعبادة واجبة أو مندوبة لم یجب علیه قطعها.
و لا یجب علیه الإسراع فی المشی.
أو انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره،و قضاء وطره من الحمام إذا علم بالبیع و هو فی الحمام،و أمثال ذلک مما جرت العادة بفعله لمثله.نعم،یشکل مثل عیادة المریض و تشییع المؤمن و نحو ذلک إذا لم یکن ترکه موجبا للطعن فیه، و کذا الاشتغال بالنوافل ابتداء،و الأظهر السقوط فی کل مورد صدقت فیه المماطلة و المسامحة عرفا.
و کان یتمکن من الأخذ بالشفعة بالتوکیل فلم یبادر إلیه،سقطت الشفعة.
و لا یکفی قول الشفیع:أخذت بالشفعة فی انتقال المبیع إلیه،فإذا قال ذلک و هرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقی المبیع علی ملک المشتری،لا أنه ینتقل بالقول إلی ملک
ص:211
الشفیع،و بالعجز أو الهرب أو المماطلة یرجع إلی ملک المشتری.
بل جاز للشفیع الأخذ من المشتری الأول بالثمن الأول،فیبطل الثانی و تجزی الإجازة منه فی صحته له،و له الأخذ من المشتری الثانی بثمنه،فیصح البیع الأول.
و یصح مع إجازته،و إن أخذ باللاحق صح السابق،و إن أخذ بالمتوسط صح ما قبله و بطل ما بعده،و یصح مع إجازته.
لازمة
أو بجعله صداقا أو غیر ذلک مما لا شفعة فیه،کان للشفیع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلی البیع،فتبطل التصرفات اللاحقة له.
و یجوز تعویض المال بإزاء إسقاطها و بإزاء عدم الأخذ بها،لکن علی الأول لا یسقط إلا بالإسقاط، فإذا لم یسقطه و أخذ بالشفعة صح و کان آثما،و معطی العوض مخیر بین الفسخ و مطالبة العوض،و أن یطالبه باجرة المثل للإسقاط،و الظاهر صحة الأخذ بالشفعة علی الثانی أیضا.و یصح الصلح علیه نفسه فیسقط بذلک.
غیر الشفیع.
فالظاهر سقوطها خصوصا إذا کان بیعه بعد علمه بالشفعة.
فإذا
ص:212
أخذ بها و کان جاهلا به لم یصح،لکن الصحة لا تخلو من وجه.
سقطت.
و جاز له أخذ الباقی بتمام الثمن من دون ضمان علی المشتری.
فإن کان التلف بفعل المشتری ضمنه.
فیما إذا کان التلف بعد المطالبة و مسامحة المشتری فی الإقباض،و إلا فلا یکون ضامنا، و حینئذ فإذا أراد الشفیع ان یأخذ بالشفعة یأخذ بالباقی بتمام الثمن و لا ینقص منه ما قابل التالف من المبیع.
أو لا؟
و الجواب:أن ذلک غیر بعید،و علی هذا فبما أنه ینتقل إلی مجموع الورثة، فلا یحق لأی واحد منهم أن یأخذ به من دون موافقة الآخرین.
و کذا إذا شهد علی البیع أو بارک للمشتری،إلا أن تقوم القرینة علی إرادة الإسقاط بذلک بعد البیع.
الغائب بید ثالث،فباعها بدعوی الوکالة عن الغائب،
جاز الشراء منه و التصرف فیه،و هل یجوز للشریک الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه علی البیع أو لا؟
و الجواب:أنه إن کان واثقا و مطمئنا بصدقه فی دعوی الوکالة عنه فله
ص:213
الأخذ بالشفعة،و إلا فلیس له ذلک،و حینئذ فإذا حضر الشریک الغائب و صدق مدعی الوکالة،فإن کان قد أخذ الشریک الحاضر بالشفعة فهو،و إلا فله الأخذ بها فعلا،و أما إذا حضر الغائب فإن أنکر وکالته کان القول قوله بیمینه،فإذا حلف انتزع الحصة من ید الشفیع إذا کان اخذا بها،و کان علیه الاجرة إن کانت ذات منفعة مستوفاة بل مطلقا،فإن دفعها إلی المالک رجع بها علی مدعی الوکالة إذا کان التفویت مستندا إلیه.
المؤجل،
و الظاهر جواز إلزامه بالکفیل،و یجوز أیضا الأخذ بالثمن حالا إن رضی المشتری به،أو کان شرط التأجیل للمشتری علی البائع.
فإذا تقایلا جاز للشفیع الأخذ بالشفعة فینکشف بطلان الإقالة،فیکون نماء المبیع بعدها للمشتری و نماء الثمن للبائع،کما کان الحال قبلها کذلک.
به،
لکن البائع إذا فسخ یرجع المبیع إلیه،و حینئذ فیسقط حق الشفعة بسقوط موضوعه،بل الظاهر ثبوت سائر الخیارات أیضا،و مع الفسخ یرجع المبیع إلی البائع و تنتفی الخیارات بانتفاء موضوعها.
أرش،
فإذا أخذ الشفیع بالشفعة،فإن کان عالما به فلا شیء له،و إن کان جاهلا کان له الخیار فی الرد و لیس له اختیار الأرش،و إذا کان المشتری جاهلا کان له الأرش و لا خیار له فی الرد،علی أساس أن المبیع انتقل إلی الشفیع،و إذا أخذه الشفیع بالشفعة کان له الرد،فإن لم یمکن الرد لم یبعد رجوعه علی المشتری
ص:214
بالأرش حتی إذا کان قد أسقطه عن البائع.
فالظاهر أن له أخذ الأرش و علیه دفعه إلی الشفیع،و إذا اطلع الشفیع علیه دون المشتری،فلیس له مطالبة البائع بالأرش،و لا یبعد جواز مطالبة المشتری به إن لم یمکن الرد.
ص:215
و فیه فصول:
و هی المعاوضة علی المنفعة عملا کانت أو غیره،فالأول مثل إجارة الخیاط للخیاطة و البنّاء للبناء و الطبیب للطبابة و هکذا،و الثانی مثل إجارة الدار و الدکان و الأرض و غیرها.
فالإیجاب مثل قول الخیاط:
آجرتک نفسی،و قول صاحب الدار:آجرتک داری،و القبول مثل قول المستأجر:قبلت،و یجوز وقوع الإیجاب من المستأجر،مثل:استأجرتک لتخیط ثوبی و استأجرت دارک،فیقول المؤجر:قبلت و هکذا،بل یکفی فیهما کل لفظ یدل علی ذلک،و یجوز أن یکون الإیجاب بالقول و القبول بالفعل و بالعکس، و تجری فیها المعاطاة أیضا کما فی سائر المعاملات.
و لا إشکال فی اعتباره فیهما سواء أ کانا بالأصالة أم کانا
ص:216
بالوکالة.
و هو معتبر فیهما إذا کانا بالأصالة دون ما إذا کانا بالوکالة، إذ لا مانع من نفوذ تصرف الصبی الممیز العاقل فی مال غیره وکالة کالبیع و الشراء و نحوهما.
و هو معتبر فیهما،فإن العاقد إذا أکره علی بیع ماله أو إجارة داره أو علی شراء شیء له کان العقد باطلا.نعم،لو أکره شخص غیره علی بیع ماله مثلا فباع صح،و لا یکون إکراهه علی بیع مال غیره مانعا عن صحته.
و هو شرط فی صحة تصرف الشخص فی ماله من البیع أو الإجارة أو نحوها،و لا یکون شرطا فی صحة تصرفه فی مال غیره وکالة.
و هو أیضا کذلک،فإنه محجور من التصرف فی ماله دون مال غیره وکالة.
و هو معتبر فی تصرفه فی ماله بناء علی أنه یملک کما هو الصحیح،و لا یعتبر فی تصرفه فی مال غیره إذا کان مأذونا و وکیلا عنه.
و هذا و إن کان مشهورا بین الأصحاب،إلا أن اعتباره فی صحة العقد منه الإجارة لا یخلو عن إشکال بل منع؛إذ لا دلیل علی أن البیع الغرری الذی هو مورد النبوی المعروف باطل فضلا عن غیره کالإجارة أو نحوها،علی أساس أن النبوی لا یصلح أن یکون دلیلا.نعم،الغرر فی عقد البیع أو الإجارة یوجب الخیار للمغبون لا بطلان العقد،و مع ذلک فالاحتیاط فی محله،و علیه فإن کانت الاجرة من المکیل أو
ص:217
الموزون أو المعدود تعرف بالکیل أو الوزن أو العد،و إذا کانت من غیره،فأما أن یعرف بالمشاهدة أو بالوصف أو بغیر ذلک مما ترتفع به الجهالة.
کما فی إجارة السیارة-مثلا-إلی مکة أو غیرها من البلاد المعروفة،فإن المنفعة حینئذ أمر عادی متعارف،و لا بأس بالجهل بمقدارها و لا بمقدار زمان السیر.و فی غیر ذلک یعتبر العلم بالمقدار حتی لا تکون الإجارة غرریة،و هو إما بتقدیر المدة مثل سکنی الدار سنة أو شهرا،أو المساحة مثل رکوب الدابة فرسخا أو فرسخین،أو من البلد الفلانی إلی البلد الفلانی،أو یوما أو یومین أو نحو ذلک،و أما بتقدیر موضوعها مثل خیاطة الثوب المعلوم طوله و عرضه و رقته و غلظته،أو خیاطة یوم أو یومین أو أکثر،و لا بدّ من تعیین الزمان فی الأولین،فإذا استأجر الدار للسکنی سنة و الدابة للرکوب شهرا مطلقا من دون تعیین الزمان أصلا بطلت الإجارة،إلا أن تکون هناک قرینة علی التعیین،و لو إطلاق العقد الذی یقتضی التعجیل حالا.
خیاطة ثوب أو ثوبین أو أکثر،أو علی بناء غرفة أو غرفتین و هکذا،
فإن الواجب علی الأجیر فی هذه الحالة الإتیان بالعمل المستأجر علیه فی فترة متعارفة،علی نحو لا یصدق أنه تسامح و تماهل فی إنجاز العمل.
فلا تصح إجارة العبد الآبق و إن ضمت إلیه ضمیمة علی الأقوی.
فلا تصح إجارة الأرض التی لا ماء لها للزراعة.
ص:218
فلا تصح إجارة الخبز للأکل.
فلا تصح إجارة المساکن لإحراز المحرمات کالخمر و نحوها،أو الدکاکین و المحلات لبیعها،أو الدابة لحملها،و لا إجارة الجاریة للغناء.
فلا تصح إجارة الحائض و الجنب للمکث و التواجد فی المسجد،و لا للاجتیاز عن المسجدین الحرمین.
و إذا آجر مال نفسه و کان محجورا علیه لسفه أو رق توقفت صحتها علی إجازة الولی،و إذا کان مکرها توقفت علی الرضا بالعقد.
و الجواب:الأظهر عدم الصحة.
کما فی الأول،و تعیین الراکب کذلک فی الثانی أو لا؟
و الجواب:أنه غیر لازم،لأن عقد الإجارة فی کلا الموردین منصرف إلی ما هو المتعارف و المعتاد بین الناس،و أما الجهل بالزیادة أو النقیصة فی الحمل بمقدار لا یعتد به،فلا یضر و لا یوجب غرریة الإجارة،کما أن الجهل بأن الراکب رجل أو امرأة سمین أو ضعیف لا یضر،و من هنا لا یوجب اختلاف الراکب أو الحمل غالبا اختلافا فی المالیة.نعم،قد یوجب اختلاف الحمل اختلافا فیها لدی
ص:219
الناس،فعندئذ یلزم التعیین حتی لا تکون الإجارة غرریة،و کذلک إذا استأجر دابة لحرث جریب من الأرض،فإنه لا یلزم تعیین الأرض إلا إذا کان اختلاف الأرض فی ذلک موجبا لاختلاف الاجرة،فإن الأرض إذا کانت سهلة کان حرثها أسهل بمراتب من حرث الأرض الصلبة،فلذلک تختلف الاجرة باختلافها.
أو لا؟
و الجواب:الأظهر عدم بطلانها،علی أساس أنه لا غرر فیها،لأن اجرة الشهر معلومة و کذلک اجرة الشهرین،و أما الجهل بالمدة فبمجرده لا یوجب البطلان،هذا إضافة إلی ما مر من أن الغرر لا یوجب بطلان المعاملة لا شرعا و لا لدی العرف و العقلاء،و إنما یوجب الخیار و عدم التزام المغرور بالوفاء بالمعاملة،و من هنا یظهر أنه إذا قال:آجرتک کل شهر بدرهم صح فی الشهر الأول و فی غیره معا علی الأظهر،و کذا إذا قال:آجرتک شهرا بدرهم فإن زدت فبحسابه،أما إذا کان ذلک بعنوان الجعالة،بأن تجعل المنفعة لمن یعطی درهما أو کان من قبیل الإباحة بالعوض،بأن یبیح المنفعة لمن یعطیه درهما، فلا إشکال فیه.
بدرزین فلک درهمان،
فإن قصد الجعالة-کما هو الظاهر-صح،و کذلک إن قصد الإجارة علی الأظهر،و من هذا القبیل إذا قال:إن خطته هذا الیوم فلک درهم و إن خطته غدا فلک نصف درهم.و الفرق بین الإجارة و الجعالة:أن فی الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حین العقد،و کذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض،و لأجل ذلک صارت عقدا،و لیس ذلک فی الجعالة،فإن اشتغال ذمة
ص:220
المالک بالعوض یکون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبدا، و لأجل ذلک صارت إیقاعا.
أو آلة أو وصف،فجاء به علی خلاف القید
لم یستحق شیئا علی عمله،فان لم یمکن العمل ثانیا تخیر المستأجر بین فسخ الإجارة و بین مطالبة الأجیر باجرة المثل للعمل المستأجر علیه،فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه اجرة المثل،و إن أمکن العمل ثانیا وجب الإتیان به علی النهج الذی وقعت علیه الإجارة.
ضمن عقد الإجارة،
کما إذا استأجره علی خیاطة ثوبه و اشترط علیه قراءة سورة من القرآن،فخاط الثوب و لم یقرأ السورة،کان له فسخ الإجارة،و علیه حینئذ اجرة المثل و له إمضاؤه و دفع الاجرة المسماة،و الفرق بین القید و الشرط:أن متعلق الإجارة فی موارد التقیید حصة خاصة مغایرة لسائر الحصص،و أما فی موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبیعی العمل،لکن الالتزام العقدی معلق علی الالتزام بما جعل شرطا.
نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهارا
أعطاه دینارین صح.
علی المؤجر أن یعطیه دینارا واحدا إن لم یوصله نهارا
صح ذلک.
لیلا بدینار،
بحیث تکون الإجارة علی أحد الأمرین مرددا بینهما،فهل تبطل الإجارة أو لا؟
ص:221
و الجواب:الأظهر عدم بطلانها.
لیلة النصف من شعبان و لکن لم یذکر ذلک فی العقد
و لم تکن قرینة علی التعیین، استحق الاجرة و إن لم یوصله لیلة النصف من شعبان،و أما إذا استأجرها علی ان یوصله إلی کربلاء یوم عرفة مثلا و لم یوصله،فإن کان ذلک لضیق الوقت أو لمانع آخر،فتبطل الإجارة إذا لم یکن ضیق الوقت أو المانع الآخر مستندا إلی تسامح الأجیر و تماهله،و إلا فالإجارة صحیحة و للمستأجر أن یطالبه بالاجرة التی یتقاضاها الاجراء عادة فی مثل ذلک.
بینهما، أو یکون للفاسخ الخیار،بلا فرق بین أن یکون إنشائها بالصیغ الخاصة أو الألفاظ الدالة علیه أو یکون بالمعاطاة.
وقوع العقد،
فلو أجر داره فی سنة قادمة،أو فی شهر مستقبل صح.
لم تنفسخ الإجارة،بل تنتقل العین إلی المشتری مسلوبة المنفعة مدة الإجارة،و إذا کان المشتری جاهلا بالإجارة أو معتقدا قلة المدة فتبین زیادتها،کان له فسخ
ص:222
البیع و لیس له المطالبة بالأرش،و إذا فسخت الإجارة-و الحال هذه-رجعت المنفعة إلی البائع لا إلی المشتری.
یکون البیع علی المستأجر و غیره،
و تظهر الثمرة إذا کان البیع علی المستأجر فیما إذا فسخت الإجارة،فإن المنفعة ترجع إلی البائع،و تبقی العین مسلوبة المنفعة مدة الإجارة عند المستأجر الذی اشتراها،و للبائع حینئذ أن یطالبه بقیمة المنفعة.
علی شخص آخر و اقترن البیع و الإجارة زمانا،
بطلت الإجارة و صح البیع مسلوب المنفعة مدة الإجارة،و یثبت الخیار حینئذ للمشتری.
حتی فیما إذا استأجر دارا علی أن یسکنها بنفسه فمات،علی أساس أن ملکیته للمنفعة لا تکون مقیدة بحیاته بل هی مطلقة،غایة الأمر قد اشترط علیه المؤجر أن ینتفع من العین المستأجرة بنفسه و مباشرة،و علیه فإذا مات ترتب علی موته امران:
أحدهما:انتقال ملکیة المنفعة إلی ورثته.و الآخر:ثبوت الخیار للمؤجر من جهة تخلف الشرط،فیتخیر بین أن یمضی الإجارة إلی آخر فترة عمرها و بین أن یفسخها،فإذا فسخها فعلیه أن یرد من الاجرة للمستأجر بالنسبة إلی الفترة الباقیة من مدة الإجارة التی لم یستوف المنفعة فی تلک المدة علی الأظهر،و إن کان الأولی و الأجدر التصالح بینهما برد المستأجر تمام الاجرة المسماة إلی المؤجر بدیلا عن اجرة المثل للمنفعة المستوفاة.نعم،إذا أجر شخص نفسه لعمل بنفسه و مباشرة کخیاطة ثوب أو کتابة شیء أو بنایة دار مثلا و هکذا،فإنه إذا مات قبل أن یمضی زمان یتمکن فیه من الوفاء بالإجارة بطلت؛علی أساس أن موته
ص:223
کاشف عن عدم قدرته علی العمل المستأجر علیه،هذا شریطة أن یکون عنوان المباشرة قیدا للعمل المستأجر علیه،و أما إذا کان شرطا و کان متعلق الإجارة نفس العمل،فلا تبطل بموته و إن کان قبل مضی ذلک الزمان من جهة إمکان قیام شخص آخر مقامه فی الوفاء بها.نعم،یثبت خیار تخلف الشرط للمستأجر.
فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت،و إذا آجرها البطن السابق ولایة منه علی العین لمصلحة البطون جمیعها،لم تبطل بانقراضه.
فإنها لا تبطل بموته إذا کان متمکنا منه و لو بالتسبیب،و یجب حینئذ أداء العمل من أصل ترکته کسائر الدیون.
و إذا آجر الولی الصبی کذلک،ففی صحتها فی الزیادة إشکال بل منع،حتی إذا کانت هناک مصلحة تقتضی ذلک.
اثنائها،
لم تبطل الإجارة إذا لم تکن الخدمة منافیة لحق الزواج،و إلا بطلت،فإن وجوب الوفاء بالإجارة لا یصلح أن یزاحم وجوب إطاعة الزوج فی حقوقه الواجبة علیها،علی أساس أن:«شرط اللّه قبل شرطکم»و لا فرق فی ذلک بین أن یکون زمان الإجارة مقدما علی زمان التزویج بها أو مقارنا أو متأخرا.
إجازة الزوج فیما ینافی حقه،
و نفذت الإجارة فیما لا ینافی حقه.
ص:224
الإجارة لم تبطل الإجارة،
و تکون نفقته فی کسبه إن أمکن له الاکتساب لنفسه فی غیر زمان الخدمة،و إن لم یمکن فمن بیت المال،و إلا فهی علی المسلمین کافة.
فإن کان عالما به حین العقد فلا أثر له،و إن کان جاهلا،فإن کان موجبا لفوات بعض المنفعة- کخراب بعض بیوت الدار-قسطت الاجرة و رجع علی المالک بما یقابل المنفعة الفائتة،و له فسخ العقد من أصله.هذا،إذا لم یکن الخراب قابلا للانتفاع أصلا و لو بغیر السکنی،و إلا لم یکن له إلا خیار العیب،و إن کان العیب موجبا لعیب فی المنفعة مثل عرج الدابة،کان له الخیار فی الفسخ و لیس له مطالبة الأرش،و إن لم یوجب العیب شیئا من ذلک لکن یوجب نقص الاجرة کان له الخیار أیضا،کما إذا کانت الدابة مقطوعة الاذن أو الذنب،فإن ذلک قد یؤدی إلی قلة رغبة الناس فی إیجارها الموجبة لقلة الاجرة؛لأن الاجرة تتفاوت قلة و کثرة باختلاف رغبات الناس.نعم،إذا لم یکن مثل هذا العیب موجبا لقلة الاجرة و نقصانها لم یوجب الخیار أیضا،و کذا له الخیار إذا حدث فیها عیب بعد العقد سواء أ کان قبل القبض أم بعده و إن کان فی أثناء المدة.هذا إذا کانت العین شخصیة،أما إذا کانت کلیة و کان الفرد المقبوض معیبا،کان له المطالبة بالصحیح و لا خیار فی الفسخ،و إذا تعذر الصحیح،کان له الخیار فی أصل العقد.
الفسخ،
و لیس له المطالبة بالأرش،و إذا کانت الاجرة کلیا فقبض فردا معیبا منها،فلیس له فسخ العقد،بل له المطالبة بالصحیح،فإن تعذر کان له الفسخ.هذا إذا کانت الاجرة منفعة أو کانت کلیا و إن کانت عینا،و أما إذا کانت الاجرة عینا
ص:225
شخصیة،فظهر کونها معیبة قبل العقد،فلا یبعد ثبوت الأرش فیها إذا لم یمکن الرد؛إذ هناک فرق بین کون الاجرة منفعة شخصیة معیبة و بین کونها عینا شخصیة کذلک،فإن الأول غیر مشمول لدلیل الأرش؛لأن مورده العین الخارجیة دون الاعم منها و من المنفعة،و أما الثانی فشمول دلیل الأرش له غیر بعید؛لأن مورده و إن کان البیع،إلا أن شموله لکل عین خارجیة معیبة منقولة بعوض لا یخلو عن قوة.
للأجنبی-
و خیار العیب،و خیار تخلف الشرط و تبعض الصفقة،و تعذر التسلیم و التفلیس و التدلیس و الشرکة،و خیار شرط رد العوض نظیر شرط رد الثمن، و لا یجری فیها خیار المجلس،و لا خیار الحیوان.
و إذا حصل اثناء المدة،فالأظهر أنه یوجب انفساخ العقد فی المدة الباقیة لا من الأول، فیرجع المستأجر إلی الاجرة بالنسبة إلی ما مضی.
و فیه مسائل فی أحکام التسلیم فی الإجارة
إذا وقع عقد الإجارة ملک المستأجر المنفعة فی إجارة الأعیان،و العمل فی الإجارة علی الأعمال بنفس العقد،و کذا المؤجر و الأجیر یملکان الاجرة بنفس العقد،لکن لیس للمستأجر المطالبة بالمنفعة و العمل إلا فی حال تسلیم الاجرة،
ص:226
و لیس للأجیر و المؤجر المطالبة بالاجرة إلا فی حال تسلیم المنفعة،و یجب علی کل منهما تسلیم ما علیه تسلیمه إلا إذا کان الآخر ممتنعا عنه.
کما إذا أجر شخص نفسه علی عمل،فتارة لا یکون العمل متعلقا بمال المستأجر بید المؤجر،و أخری متعلقا بماله بیده،و الأول کما إذا آجره علی الصلاة و الصیام عن المیت و الحج أو حفر بئر فی دار المستأجر و هکذا،و الثانی کما إذا آجره علی خیاطة ثوبه أو صیاغة خاتمه أو کتابة کتابه و هو بیده،أی:بید المؤجر،فتسلیم المنفعة علی الأول، إنما هو بتسلیم العمل و إنجازه بکامله،و علی الثانی بتسلیم العین کالثوب أو الخاتم إلی المالک بعد إتمام العمل فیها و إکماله،و لیس للأجیر فی کلا الفرضین المطالبة بالاجرة قبل إتمام العمل إلا إذا کان المؤجر قد اشترط علیه تقدیم الاجرة صریحا أو کانت العادة جاریة علی ذلک،کما فی الإجارة علی الحج عن المیت أو الحی العاجز،کذلک لیس للمستأجر المطالبة بالعین المستأجرة إذا کانت الإجارة متعلقة بالعین،کالدار أو الدکان أو غیر ذلک أو العمل المستأجر علیه،کما فی المقام مع تأجیل الاجرة،إلا إذا کان قد شرط ذلک أو جرت العادة علیه،و إذا امتنع المؤجر من تسلیم العین المستأجرة مع بذل المستأجر الاجرة،جاز للمستأجر إجباره علی تسلیم العین،کما جاز له الفسخ و أخذ الاجرة إذا کان قد دفعها،و له إبقاء الإجارة و المطالبة بقیمة المنفعة الفائتة،و کذا إذا دفع المؤجر العین ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو فی أثناء المدة،و مع الفسخ فی الأثناء فهل یرجع بتمام الاجرة،و علیه اجرة المثل لما مضی أو یرجع إلی الاجرة بالنسبة إلی المدة الباقیة فقط؟الظاهر هو الثانی،و کذا الحکم فیما إذا امتنع المستأجر من تسلیم الاجرة مع بذل المؤجر للعین المستأجرة.
ص:227
فتلفت العین بعد تمام العمل قبل دفعها إلی المستأجر من غیر تفریط،استحق الأجیر المطالبة بالاجرة،فإذا کان أجیرا علی خیاطة ثوب فتلف بعد الخیاطة و قبل دفعه إلی المستأجر،استحق الأجیر مطالبة الاجرة،فإذا کان الثوب مضمونا علی الأجیر استحق علیه المالک قیمة الثوب مخیطا،و إلا لم یستحق علیه شیئا.
الاجرة،
و إذا حبسها لذلک فتلفت من غیر تفریط لم یضمن.
فإن کان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم یستحق المالک علی المستأجر شیئا،و إن کان بعد القبض بمدة کان للمستأجر الخیار فی فسخ الإیجار،فإن فسخ فقد مر أن الأظهر أنه یرجع علی المؤجر بالاجرة بالنسبة إلی الفترة الباقیة من عمر الإجارة لا بتمام الاجرة المسماة،علی أساس أن فسخ العقد و إنشائه من الآن، فلا یمکن أن یکون أثره-و هو حل العقد و انفساخه-من حین وقوع العقد و صدوره،و أما إذا لم یفسخ فأیضا الأمر کذلک،یعنی أن الاجرة قسطت علی النسبة و کان للمالک حصة من الاجرة علی نسبة المدة.هذا إذا تلفت العین بتمامها، و أما إذا تلف بعضها و لم یمکن الانتفاع به،تبطل الإجارة بنسبته من أوّل الأمر إذا کان التلف من الأول،و إذا کان فی أثناء المدة تبطل الإجارة بنسبته من الأثناء فی الفترة الباقیة فحسب لا من حین العقد،و یثبت الخیار للمستأجر حینئذ أیضا بالنسبة إلی الباقی خیار تبعض الصفقة.
ص:228
کما إذا استأجر دابة أو سفینة للرکوب أو حمل المتاع فلم یرکبها و لم یحمل متاعه علیها،أو استأجر دارا و قبضها و لم یسکنها حتی مضت المدة استقرت علیه الاجرة،و کذا إذا بذل المؤجر العین المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها و استیفاء المنفعة منها حتی انقضت مدة الإجارة،و کذا الحکم فی الإجارة علی الأعمال،فإنه إذا بذل الأجیر نفسه للعمل و امتنع المستأجر من استیفائه،کما إذا استأجر شخصا لخیاطة ثوبه فی وقت معین فهیأ الأجیر نفسه للعمل،فلم یدفع المستأجر إلیه الثوب حتی مضی الوقت،فإنه یستحق الاجرة سواء اشتغل الأجیر فی ذلک الوقت بشغل لنفسه أو غیره أم لم یشتغل،کما لا فرق-علی الأقوی-فی الإجارة الواقعة علی العین،بین أن یکون العین شخصیة مثل أن یؤجره الدابة فیبذلها المؤجر للمستأجر فلا یرکبها حتی یمضی الوقت،و أن تکون کلیة کما إذا أجره دابة کلیة فسلم فردا منها إلیه أو بذله له حتی انقضت المدة،فإنه یستحق تمام الاجرة علی المستأجر،کما لا فرق فی الإجارة الواقعة علی الکلی بین تعیین الوقت و عدمه إذا کان قد قبض فردا من الکلی بعنوان الجری علی الإجارة،فإن الاجرة تستقر علی المستأجر فی جمیع ذلک و إن لم یستوف المنفعة.هذا إذا کان عدم الاستیفاء باختیاره.
فإن کان عاما مثل نزول المطر المانع من السفر علی الدابة أو فی السفینة حتی انقضت المدة بطلت الإجارة، و لیس علی المستأجر شیء من الاجرة،علی أساس أن مثل هذه المنفعة التی هی غیر قابلة للتحقق و الاستیفاء خارجا فی فترة الإجارة کالمعدوم،فلا تکون مملوکة للمؤجر حتی یملکها للمستأجر،و إن کان العذر خاصا بالمستأجر،کما إذا مرض فلم یتمکن من السفر،فلا إشکال فی الصحة فیما لم تشترط فیه المباشرة، بل الأقوی الصحة فیما إذا اخذت مباشرته فی الاستیفاء أیضا،إذا کان الأخذ علی
ص:229
نحو الشرطیة،بأن یکون مصب الإجارة مطلق الرکوب أو السکنی و لکن مشروطا بکون الراکب أو الساکن خصوص المستأجر،و أما إذا کان علی نحو القیدیة فهل تصح الإجارة أو لا؟و الجواب:الأقرب الصحة أیضا؛لأن عجز المستأجر خاصة عن الاستیفاء لا یمکن أن یکون قیدا لمتعلق الإجارة،فإن متعلقها و مصبها منفعة الدار،و هی عبارة عن صلاحیة الدار للسکنی و منفعة الدابة و هی صلاحیتها للرکوب،و أما تمکن المستأجر من الانتفاع بها فهو خارج عن متعلق الإجارة،فإذا لا مانع من صحة الإجارة حینئذ علی کلا التقدیرین؛ لأن الفرق بینهما إنما هو فی مقام الإثبات،و أما فی مقام الثبوت فلا فرق بینهما.
الإیجار زال الموجب للعملیة،فهل تبطل الإجارة أو لا؟
و الجواب:أن ذلک یختلف باختلاف الموارد،فاذا آجر طبیبا لشق بطن المرأة الحامل مثلا و إخراج طفلها منه،علی أساس أنها لا تقدر علی الولادة أو تشق علیها مشقة شدیدة،و بعد العقد و تعیین موعد العملیة ولدت،ففی مثل ذلک لا یبعد الحکم ببطلان الإجارة،و أما إذا آجره لقلع ضرسه و بعد العقد طاب و زال الألم،فلا یبعد الحکم بصحة الإجارة،و لا سیما إذا احتمل عود الألم بعد فترة أو لم یحتمل و لکنه أراد قلعه بسبب أو آخر،و لا دلیل علی حرمة قلعه إذا برئ من الألم.
جرت الأقسام المذکورة بعینها و جرت علیه أحکامها.
ص:230
فإن کان الغصب قبل القبض،تخیر المستأجر بین الفسخ،فیرجع علی المؤجر بالاجرة إن کان قد دفعها إلیه و الرجوع علی الغاصب باجرة المثل،و إن کان الغصب بعد القبض تعین الثانی،و کذلک إذا منعه الظالم من الانتفاع بالعین المستأجرة من دون غصب العین،فیرجع علیه بالمقدار الذی فوته علیه من المنفعة.
منفعتها،
فتلزمه الاجرة.
بالاجرة،و بین الرجوع علیه بقیمة المنفعة.
بالقیمة،
و إن کان قبل القبض تخیر بین الفسخ و الرجوع إلی المؤجر بالاجرة، و بین الإمضاء و الرجوع إلی المتلف بالقیمة.
بطلت الإجارة،
فإن کان ذلک قبل أن یسکن فیها و کان بعد القبض رجع المستأجر علی المؤجر بتمام الاجرة،و إن کان ذلک بعد أن یسکن فیها رجع علیه بالنسبة،و إن خرجت عن الانتفاع بالنسبة بطلت الإجارة کذلک،و أما فی الباقی فیثبت للمستأجر خیار تبعض الصفقة،و أما إذا انهدم بعضها فی وقت لا حاجة للمستأجر إلیه،کما لو انهدم بعض جدار السطح أو قسم من السرداب فی فصل الشتاء مثلا و بادر المؤجر إلی تعمیره و تجدید بنائه علی نحو لم یتضرر المستأجر بوجه،فلا فسخ و لا انفساخ،و أما إذا لم یبادر إلی تعمیره أو بادر إلیه و لکنه یتوقف علی وقت معتد به فیتضرر به المستأجر،ففی مثل ذلک تبطل الإجارة
ص:231
بالنسبة إلی المقدار المهدوم و یرجع المستأجر علی المؤجر بما یقابله من الاجرة، کما أن له خیار تبعض الصفقة و فسخ الإجارة فی الجمیع،فإذا فسخ فإن کان فی ابتداء مدة الإیجار رجع علی المؤجر بتمام الاجرة،و إن کان فی أثناء المدة رجع إلی الاجرة بالنسبة،أی بنسبة الفترة الباقیة منها علی الأظهر کما مرّ.
عالما بالبطلان فیها أو جاهلا به.
لکن لا یجوز تسلیمها إلی المستأجر إلا بإذن الشریک إذا کانت العین مشترکة.
المنفعة،
فیقتسمانها بینهما کالشریکین فی ملک العین.
کحمل متاع أو غیره أو بناء جدار أو هدمه أو غیر ذلک فیشترکان فی الاجرة،و علیهما معا القیام بالعمل الذی استؤجرا علیه.
فیجوز أن یؤجر داره سنة مثلا متأخرة عن العقد بسنة أو أقل أو أکثر،و لا بدّ من تعیین مبدأ المدة،و إذا کانت المدة محدودة و أطلقت الإجارة و لم یذکر البدء،انصرف إلی الاتصال.
کان علی المؤجر دفع فرد آخر.
ص:232
تعیبت إلا بالتعدی أو التفریط،
و إذا اشترط المؤجر ضمانها علی المستأجر بمعنی:
أداء قیمتها أو أرش عیبها بنحو شرط الفعل صح،و أما إذا اشترط علیه بمعنی:
اشتغال ذمته بمثلها أو قیمتها علی تقدیر تلفها بنحو شرط النتیجة فهل هو صحیح أو لا؟
و الجواب:الأظهر أنه صحیح،و لا نقصد بشرط الضمان و اشتغال الذمة فی المقام نقل الدین من ذمة إلی ذمة الذی هو مفاد عقد الضمان لکی یقال:إنه غیر متصور هنا،بل نقصد به التعهد بالشیء و جعله فی عهدة الشخص و مسئولیته، و هذا التعهد یؤدی إلی اشتغال ذمته ببدله من المثل أو القیمة علی تقدیر تلفه،و فی المقام اشترط المؤجر علی المستأجر تعهده بالعین المستأجرة و جعلها فی عهدته و مسئولیته المؤدی إلی اشتغال ذمته ببدلها من المثل أو القیمة علی تقدیر تلفها، و هذا معنی آخر للضمان یتصور فی الدیون و الأعیان الخارجیة معا.
فیها کالثوب الذی أخذه لیخیطه،
لا یضمن تلفه أو نقصه إلا بالتعدی أو التفریط.
بمعنی:أداء قیمتها أو أرش عیبها صح الشرط،بل لا یبعد صحته إذا کان بنحو شرط النتیجة
ص:233
أیضا.و دعوی:أن مفاد الاشتراط تملیک الشرط للمشروط له،و هذا إنما یتصور فی موارد شرط الفعل،کاشتراط الخیاطة أو الکتابة أو غیرها؛لأن معناه:تملیک الفعل للمشروط له،و لا یتصور ذلک فی موارد شرط النتیجة؛لأن الشرط فیها نفس الملکیة و الضمان،و الملکیة حکم شرعی غیر قابلة للتملیک،فلا یعقل اشتراطها.
مدفوعة:بأن مفاد الاشتراط فی موارد شرط الفعل لیس هو تملیک الشرط،بل هو التزام المشروط علیه بالشرط للمشروط له،و هذا المعنی هو المتفاهم العرفی من الشرط،و اللام فی مثل قولنا عند الاشتراط:علیک أن تخیط لی ثوبی مثلا،لا تدل علی الملک،بل تدل علی أن المشروط علیه ملتزم بخیاطة الثوب للمشروط له،فتکون متعلقة للالتزام،و علی هذا فمعنی شرط النتیجة فی المقام:جعل الضمان لا بمعنی الضمان العقدی،و هو نقل الشیء من ذمة إلی ذمة،فإنه لا یتصور بالنسبة إلی المال الخارجی،بل بمعنی:التعهد بالشیء و جعله فی مسئولیة الشخص،و یؤدی هذا التعهد إلی الضمان و اشتغال ذمته بقیمته علی تقدیر التلف،و الضمان بهذا المعنی عقلائی یتصور فی الدیون و الأعیان الخارجیة معا،و علی هذا فلا مانع من اشتراط المستأجر علی المؤجر ضمان العین المستأجرة علی تقدیر تلفها،و یکفی فی صحة هذا الشرط و وجوب الوفاء به عمومات أدلة الشروط،هذا إضافة الی النصوص الخاصة،و هنا اشکال آخر و هو أن شرط الضمان باطل لا من جهة أنه غیر متصور،بل من جهة أنه مخالف لما دل علی عدم ضمان الأمین،فیکون من الشرط المخالف للکتاب.
و الجواب:أن شرط الضمان لا یکون مخالفا لما دل علی عدم ضمان المستأجر،لا من جهة أنه یوجب خروج المستأجر عن کونه مستأجرا حتی
ص:234
یکون حاکما علیه،لوضوح أنه لا یوجب ذلک،بل من جهة أن الروایات النافیة للضمان ناظرة إلی نفیه بقاعدة الید المرتکزة فی أذهان العرف و العقلاء و المتشرعة،و دالة علی خروج ید المستأجر عن هذه القاعدة،و أما اشتراط الضمان علیه فی المقام،فلیس بمعنی اشتراط أن یده سبب له لکی یکون مخالفا لروایات عدم سببیة ید المستأجر للضمان،و بالنتیجة یکون مخالفا للکتاب و السنة،بل بمعنی:جعل الضمان علیه ابتداء بالشرط،أی:جعله بنفس الإنشاء به علی تقدیر التلف،أو فقل:إن الضمان المعاملی علی نحوین:
أحدهما:نقل العین من ذمة إلی ذمة،و هذا هو مفاد عقد الضمان،و الآخر:
تعهد الشخص بالشیء و جعله فی مسئولیته المؤدی إلی اشتغال ذمته بقیمته علی تقدیر التلف و ضمانه بها،و من الواضح أن جعله ابتداء بالشرط علی المستأجر لا ینافی عدم سببیّة یده للضمان،فإذن لا تنافی بینه و بین الروایات النافیة له،ثم إن هناک طائفة أخری من الروایات تنص علی عدم ضمان الأمین، و صدق هذا العنوان علی المستأجر أو العامل فی باب المضاربة أو نحوها،إنما هو علی أساس إذن المالک له فی وضع یده علی المال و تسلیطه علیه،فیکون هذا الوصف،أی وصف الأمین منتزعا من تسلیط المالک و إذنه مطلقا،و إذا کان مقیدا بالضمان فلا ینتزع منه،فإذن یکون جعل الضمان علی المستأجر بالشرط حاکما علی تلک الطائفة من الروایات و رافعا لموضوعها،فالنتیجة أنه لا مانع من اشتراط ضمان المستأجر بنحو شرط النتیجة،و لا یکون مخالفا لما دل علی عدم ضمان الأمین،و من هنا یظهر أن الشرط فی المقام لیس بمعنی الالتزام فی ضمن التزام،بل بمعنی:تقیید الإذن و التسلیط بوضع الید علی المال علی وجه الضمان.
فإن کان قبل
ص:235
مضی زمان یمکن فیه إتمام العمل بطلت الإجارة،و رجعت الاجرة تماما إلی المستأجر إذا کان التلف أو الإتلاف قبل العمل،و بعضا إذا کان ذلک فی الأثناء، و إن کان بعده صحت،و هل یضمن المؤجر قیمة العمل أو لا؟
و الجواب:أنه یضمن،علی أساس أنه متمکن من تسلیم العمل فی فترة قد مضت.
مثال ذلک:زید أجر عمروا علی أن یخیط ثوبه مثلا و تلف الثوب عند عمرو بتلف سماوی،فإن کان التلف قبل أن تمر فترة کان بإمکان عمرو خیاطة الثوب بکامله بطلت الإجارة،علی أساس عدم تمکن الموجر من تسلیم العمل فی تلک الفترة،و رجعت الاجرة إلی المستأجر تماما أو بعضا کما مرّ،و إن کان بعد أن تمر فترة کان بإمکانه الخیاطة بکاملها صحت،و علیه قیمة الخیاطة فیدفعها إلی المستأجر،و أما إذا أتلفه الأجنبی،فیضمن للمستأجر بدله من المثل أو القیمة مطلقا،أی سواء أ کانت الإجارة باطلة أم لا،و سواء أ کان الإتلاف قبل مرور فترة أم بعده.
فیستحق الأجیر علیه تمام الاجرة.
کما أنه مخیر بین فسخ العقد و إمضائه،فإن أمضی جاز له مطالبة الأجیر بقیمة العمل الفائت.
ص:236
ضمن،کالحجام إذا جنی فی حجامته،و الختان فی ختانه،و هکذا کالخیاط و النجار و الحداد إذا افسدوا.هذا إذا تجاوز الحد المأذون فیه،أما إذا لم یتجاوز ففی الضمان إشکال و الأظهر العدم،و کذا الطبیب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد.هذا إذا لم یبلغ الفساد حد الموت،و أما إذا بلغ حد الموت مستندا إلی الختان أو الحجامة أو الطبابة فالظاهر الضمان؛لأن دم المسلم لا یذهب هدرا کما نطق به النص.نعم،إذا کان الطبیب واصفا للدواء من دون أن یکون آمرا بشربه لم یضمن.
یقصر فی الاجتهاد،
فهل یبرأ من الضمان بالتلف إذا کان مباشرا للعلاج أو لا؟ و الجواب:أن براءته من الضمان بالموت لا تخلو عن إشکال،بل لا یبعد الضمان و عدم البراءة.
ضمنه مع التفریط فی مشیه،و لا یضمنه مع عدمه،و کذلک إذا عثر فوقع ما علی رأسه علی إناء غیره فکسره.
فقطعه فلم یکفه
ضمن،علی أساس أن أمره بالقطع کان معلقا علی الکفایة و مع عدم الکفایة،فلا أمر بالقطع و لا إذن به،و أما إذا قال له:هل یکفینی قمیصا فقال:
نعم،فقال:اقطعه فقطعه فلم یکفه،فالظاهر أنه لا ضمان،علی أساس أن أمره بالقطع کان مطلقا و إن کان الداعی إلیه اعتقاده بقول الخیاط.
فإن لم یف فعلی ذمة العبد یتبع به بعد العتق،و إن عجز فلا شیء علیه و إن کان
ص:237
الأحوط و الأولی أن یدفع مولاه.هذا إذا لم یکن جنایة علی نفس أو طرف،و إلا تعلق برقبته و للمولی فداؤه بأقل الأمرین:من الأرش و القیمة إن کانت خطأ، و إن کانت عمدا تخیر ولی المجنی علیه بین قتله و استرقاقه علی تفصیل یأتی فی محله.
فلا ضمان علی صاحبها إلاّ إذا کان هو السبب بنخس أو ضرب،و إذا کان غیره السبب کان هو الضامن.
یضمن صاحبها،
و لو شرط علیه أداء قیمة التالف أو أرش النقص صح الشرط و لزم العمل به،و أما لو اشترط علیه الضمان فهل یصح أو لا؟
و الجواب:أنه لا یبعد صحته کما مر.
بالشرط أو لأجل التعارف،فتلفت أو تعیبت ضمن ذلک،
و علیه اجرة المثل للزیادة مضافة إلی الاجرة المسماة،و کذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معینة فزاد علی ذلک.
بالعکس،
لزمته الاجرة المسماة و اجرة المثل للمنفعة المستوفاة،و کذا الحکم فی أمثاله مما کانت فیه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة،بلا فرق بین الإجارة الواقعة علی الأعیان کالدار و الدابة،و الإجارة الواقعة علی الأعمال، کما إذا استأجره لکتابة فاستعمله فی الخیاطة.
ص:238
للمستأجر عمدا أو خطأ
لم یستحق علی المستأجر شیئا.
لم یستحق اجرة لا علی زید و لا علی عمرو.
غیرها عمدا أو خطأ،
لزمته الاجرة المسماة للاولی و اجرة المثل للثانیة،و إذا اشتبه فرکب دابة عمرو،لزمته اجرة المثل لها مضافة إلی الاجرة المسماة لدابة زید.
خمرا مع الخل المعین،
استحق المالک علیه الاجرة المسماة و اجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه کان حلالا.
یکبحها باللجام علی النحو المتعارف المألوف إلا مع منع المالک،
و إذا تعدی عن المتعارف أو مع منع المالک ضمن نقصها أو تلفها إذا وقع،و فی صورة الجواز لا ضمان للنقص علی الأقوی.
إلا إذا جعلت عنده ودیعة و قد تعدی أو فرط.
لم یضمن إلا مع التقصیر فی الحفظ،و الظاهر أن غلبة النوم لا تعد من التقصیر،إلا إذا نام بعد الغلبة اختیارا بحیث کان بإمکانه أن لا ینام و یقاوم غلبة النوم.نعم،إذا اشترط علیه أداء القیمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به،و هل یستحق الاجرة أو لا؟و الجواب:
ص:239
لا یستحق فی الصورتین،علی أساس أن الإجارة إنما کانت علی حفظ المتاع بتخیل أنه قادر علیه،ثم تبین أنه عاجز و لا یملک القدرة علی الحفظ.
استیفاء المنفعة علی تسلیمها،
کما فی إجارة آلات النساجة و النجارة و الخیاطة أو کان المستأجر قد اشترط ذلک و إلا لم یجب،فمن استأجر سفینة للرکوب لم یجب علی المؤجر تسلیمها إلیه.
للعین،
فمن استأجر دارا جاز له أن یؤجرها من غیره و إن لم یکن مالکا لنفس الدار،فإذا توقف استیفاء المنفعة علی تسلیمها،وجب علی المؤجر الثانی تسلیمها إلی المستأجر منه،و لا یحق لمالک العین أن یمنع عن التسلیم و لم یأذن به،فإن مقتضی إطلاق العقد أنه مأذون بالإیجار الثانی و تسلیط المستأجر منه علی العین، و علیه فافتراض عدم الإذن منه فی ذلک خلف،و إذا لم یتوقف استیفاء المنفعة علی التسلیم،کالسفینة و السیارة لم یجب علی المؤجر الأول تسلیمها إلی الثانی إلا إذا اشترط علیه ذلک،کما أنه لا یجوز للمؤجر الثانی تسلیمها إلی المستأجر منه و إن اشترط علیه،علی أساس أنه تصرف فی مال الغیر من دون أن یقتضی عقد الإجارة إذنه فیه،و من هنا لو اشترط ذلک لکان الشرط باطلا.نعم،إذا إذن له المالک فلا بأس،کما أنه فی الصورة السابقة التی یجب فیها تسلیم المؤجر الثانی إلی المستأجر منه لا یجوز التسلیم إلا إذا کان المستأجر منه أمینا،فإذا لم یکن أمینا و سلمها إلیه کان ضامنا،هذا إذا کانت الإجارة مطلقة،أما إذا کانت مقیدة-کما إذا استأجر دابة لرکوب نفسه-فلا تصح إجارتها من غیره،فإذا آجرها من غیره بطلت الإجارة،فإذا رکبها المستأجر الثانی و کان عالما بالفساد کان آثما،و یضمن
ص:240
للمالک اجرة المثل للمنفعة المستوفاة و للمؤجر اجرة المثل للمنفعة الفائتة و إن کان المؤجر عالما بالحال نعم،إذا کان المستأجر الثانی جاهلا بالحال و المؤجر عالما بها،یرجع إلی المؤجر بما غرمه للمالک.
المنفعة بنفسه
أو أن لا یؤجرها من غیره فآجرها،فهل تبطل الإجارة أو أنها صحیحة،و لکن یثبت الخیار للمالک من جهة تخلف الشرط؟فیه قولان الأقرب هو القول الأول،علی أساس أن المرتکز من هذا الشرط فی المقام لیس هو تعلیق الالتزام بالعقد علی عدم إجارتها من غیره،بل قصر سلطنة المشروط علیه و هو المستأجر فی المقام،و تحدیدها بتصرفاته فیها مباشرة الکاشف عن عدم رضاه بتصرفات غیره فیها،فإذا لم یکن راضیا بها لم تصح الإجارة علیها؛لأنها من الإجارة علی الحرام.
إرجاعه إلی المالک،
و لا یجوز له إیجاره من ثالث إلا بإذن المالک،کما لا یجوز له أخذ مال من ثالث لیمکنه من الدکان المسمی فی عرفنا( سرقفلیة)إذا لم یشترط له ذلک،إلا إذا رضی المالک به.و إذا مات المستأجر و الحال هذه،لم یجز لوارثه أخذ (السرقفلیة)إلا إذا رضی المالک به،فإذا أخذها برضا المالک لم یجب إخراج ثلث للمیت منها إذا کان قد أوصی به؛لأنها لیست من ترکته،إلا إذا کان رضا المالک مشروطا بإخراج الثلث.
یلی:
شخص یستأجر المحل من المالک و یشترط علیه الامور التالیة:
ص:241
الأول:أنه له حق البقاء فی المحل متی أراد،و عدم حق للمالک بإلزامه بالتخلیة.
الثانی:أن له انتقال هذا الحق منه إلی غیره فی أی وقت شاء من دون أی حق للمالک بالتدخل فیه و منعه عن ذلک.
الثالث:أن یحدد اجرة المحل شهریا أو سنویا بمبلغ معین من دون حق للمالک أن یزید علیه ما دام هو فی المحل.
الرابع:أن کل ذلک یکون لقاء مبلغ من المستأجر للمالک،فإذا اشترط المستأجر علی المالک تلک الامور فی ضمن العقد لقاء المبلغ المعین زائدا علی الاجرة الشهریة أو السنویة و قبل المالک،أصبح المستأجر صاحب حق فی المحل کالمالک،و المالک أصبح أجنبیا عنه،و حینئذ فله أن یبیع هذا الحق متی أراد و بأکثر مما أعطاه للمالک،و له أن یصالح مع غیره فی مقابل التنازل عن هذا الحق و هکذا،و یدخل فی أرباح مکاسبه،و یجب علیه إخراج الخمس منه کسائر الأرباح و الفوائد فی آخر السنة،و إذا مات صار إرثا کسائر أمواله و حقوقه،و إذا أوصی بالثلث وجب إخراج الثلث منه أیضا.
ما دام هو فی قید الحیاة،
أو جیلا بعد جیل مع اجرة شهریة محدودة لقاء مبلغ معین یدفع للمالک من دون أن یشترط علیه أن یکون له حق انتقال المحل إلی غیره،ففی هذه الصورة لا یسمح له شرعا إلا البقاء فیه فحسب متی شاء من دون حق الانتقال له.نعم،له حینئذ أن یأخذ مبلغا من المالک لقاء التنازل عن هذا الحق و تخلیة المحل.
ص:242
فله الحریة التامة فی التصرف فیه،و بعد انتهاء فترة الإجارة فله إلزام المستأجر بتخلیة المحل،کما أن له أن یزید فی الاجرة إذا وافق بالإجارة منه مرة ثانیة،و لیس للمستأجر أی حق للاعتراض علی ذلک،و لا یسمح له شرعا أن یأخذ مبلغا من المستأجر الجدید لقاء التنازل عن المحل الذی تحت تصرفه،إلا إذا استغل قانون منع الملاک عن إجبار المستأجرین علی تخلیة المستغلات و الزیادة فی بدل الإیجار و الالتجاء إلیه فی الامتناع عن التخلیة،و قبول الزیادة و أخذ السرقفلیة من غیره إزاء التخلیة عن المحل،فإن کل ذلک لا یجوز له شرعا،أی لا أخذ السرقفلیة و لا التصرف فی المحل من دون رضا المالک فإنه غصب و حرام، و قد تسأل:أن المحلات المستأجرة بعد صدور القانون المذکور،هل تبتنی إجارتها علی ذلک القانون بنحو الشرط الضمنی،علی أساس أنه معهود و مرتکز فی أذهان الملاک و المستأجرین،حتی یکون لامتناع المستأجرین عن تخلیة المحلات أو الزیادة فی بدل الإیجار أو تنازلهم للغیر لقاء مبلغ معین مبرر شرعی؟
و الجواب:أن ابتناء إجارات تلک المحلات علی ذلک القانون بنحو الشرط الضمنی بعید،باعتبار أن ذلک القانون من منظار الشرع لا قیمة له،و الإجارات المذکورة بما أنها متبادلة بین المتشرعة،فبطبیعة الحال تکون واقعة علی طبق الموازین الشرعیة ارتکازا،و أما استغلال کثیر منهم هذا القانون فی الخارج و الامتناع عن التخلیة أو زیادة الاجرة لا یکشف عن هذا الشرط الضمنی،بل هو کاشف عن عدم مبالاتهم بالدین فی مقابل اهتمامهم بالدنیا،هذا إضافة إلی أنه یمکن أن یکون بناء المستأجر علی ذلک،و لکن لا یمکن أن یکون بناء المالک علیه.
یؤجر العین المستأجرة بأقل مما استأجرها به و بالمساوی،
و کذا بالأکثر منه إذا
ص:243
أحدث فیها حدثا أو کانت الاجرة من غیر جنس الاجرة السابقة،بل یجوز أیضا مع عدم الشرطین المذکورین عدا الدار و الدکان و الحانوت و الأجیر و السفینة،فلا یجوز إجارته بالأکثر حینئذ،و الأحوط إلحاق الرحی و البیت بها، بل الأحوط إلحاق الأرض أیضا و إن کان الأقوی فیها الجواز.
استأجرها به،لا یجوز أن یؤجر بعضها أیضا بأکثر مما استأجر به تمام العین،
کما إذا استأجر دارا بعشرة دراهم فسکن بعضها و آجر البعض الآخر بأکثر من عشرة دراهم إلا أن یحدث فیها حدثا،و أما إذا آجره بأقل من العشرة فلا إشکال،و الأقوی الجواز بالعشرة أیضا.
الانصراف إلیها،
یجوز أن یستأجر غیره لذلک العمل بتلک الاجرة أو الأکثر،و لا یجوز بالأقل إلا إذا أتی ببعض العمل و لو قلیلا،کما إذا تقبل خیاطة ثوب بدرهمین ففصله أو خاط منه شیئا و لو قلیلا،فإنه یجوز أن یستأجر غیره علی خیاطته بدرهم،بل لا یبعد الاکتفاء فی جواز الاستیجار بالأقل بشراء الخیوط و الإبرة.
الی الأجیر،إذا جاز للأجیر أن یستأجر غیره علی العمل الذی استؤجر علیه،
جاز له أن یسلم العین إلی الأجیر الثانی،نظیر ما تقدم فی تسلیم العین المستأجر إلی المستأجر الثانی.
زمان یتمکن فیه الأجیر من العمل،
بطلت الإجارة و لم یستحق الأجیر الاجرة، و کذلک إذا استؤجر علی عمل فی ذمته لا بقید المباشرة،ففعله غیره لا بقصد
ص:244
التبرع عنه،و أما إذا فعله بقصد التبرع عنه کان اداء للعمل المستأجر علیه و استحق الأجیر الاجرة.
الأول:أن تکون الإجارة واقعة علی منفعته الخارجیة من دون اشتغال ذمته بشیء،نظیر إجارة الدابة و الدار و نحوهما من الأعیان المملوکة.
الثانی:أن تکون الإجارة واقعة علی عمل فی ذمة الأجیر،فلذلک حالتان:
الحالة الاولی:أنها واقعة علی جمیع منافعه فی مدة معینة کشهر أو أقل أو أکثر،و فی هذه الحالة لا یسمح له فی تلک المدة العمل لنفسه و لا لغیره لا تبرعا و لا بإجارة و لا بجعالة،علی أساس أن تمام منافعه مملوکة لغیره،فلا یکون تصرفه فیها جائزا و لا ممضاة شرعا.نعم،لا بأس ببعض الأعمال التی تنصرف عنها الإجارة و لا تشملها و لا تکون منافیة لما شملته،کما أنه إذا کان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلا،فإنه حینئذ لا مانع من الاشتغال فی اللیل لنفسه أو لغیره تبرعا أو بإجارة أو جعالة،إلا إذا أدّی ذلک إلی عدم تمکنه من القیام بما استؤجر علیه فی النهار،فإنه حینئذ لا یجوز له الاشتغال باللیل، و علی هذا فإذا خالف الأجیر و عمل فی فترة الإجارة ما ینافی حق المستأجر فلذلک صور:
الاولی:أنه أتی بالأعمال التی کانت موردا للإجارة لنفسه،و فی هذه الصورة تخیر المستأجر بین فسخ الإجارة و استرجاع تمام الاجرة منه إذا کان غیر آت بشیء من الأعمال المذکورة،و بین إمضاء الإجارة و مطالبة الأجیر بقیمة المنفعة الفائتة و قد تسأل:أن المستأجر إذا فسخ الإجارة بعد عمل الأجیر ببعض تلک الأعمال،فهل له استرجاع تمام الاجرة أو بالنسبة؟
ص:245
و الجواب:أنه لا یبعد الثانی،علی أساس أن الإجارة فی الواقع تنحل بانحلال أجزاء العمل المستأجر علیه و توزع الاجرة علیها بالنسبة،فإذا سلم الأجیر بعض العمل إلی المستأجر دون الجمیع ثبت له الخیار،فإذا فسخ عقد الإیجار کان مقتضاه رجوع ما کان من الاجرة بإزاء ما لم یسلم إلیه من العمل دون تمامها،بنکتة أن الفسخ معناه:حل العقد من حینه لا من الأول و هو لا یتطلب أکثر من هذا،مثال ذلک:زید آجر نفسه من عمرو فی یوم الخمیس من طلوع الشمس إلی غروبها بتمام منافعه فیه،فإذا أمره المستأجر فیه بخیاطة ثوب و اشتغل بها إلی الظهر ثم خالف و عمل بقیة الیوم لنفسه،ففی مثل ذلک قد سلم الأجیر نصف منفعة الیوم إلی المستأجر و أتلف علیه نصفها الآخر،و علی هذا فإذا فسخ المستأجر العقد استحق استرجاع نصف الاجرة دون تمامها؛باعتبار أنه تسلم ما یقابل نصفها من العمل المستأجر علیه،و لکن-مع هذا-فالأحوط أن یصالح المستأجر مع الأجیر فی استرجاع تمام الاجرة،أو أخذ الأجیر أجرة المثل لما أتی به من العمل المستأجر علیه.
الثانیة:أنه عمل بها لغیره تبرعا،و فی هذه الصورة أیضا تخیر المستأجر بین الفسخ و الامضاء علی تفصیل قد مر الآن،و هل له مطالبة المتبرع له بقیمة العمل أو لا؟
و الجواب:لا یحق له ذلک حتی إذا کان المتبرع له هو الآمر بالتبرع؛لأن المتلف للعمل إنما هو الأجیر نفسه،فلا مبرر لضمان غیره،فإن المبرر له أحد أمرین:
إما الإتلاف أو الید المضمونة،و الفرض أن المتبرع له لا یکون متلفا،و لا کون المنفعة تحت یده،و أما الأمر بالإتلاف فلیس هو بنفسه من موجبات
ص:246
الضمان،و من هنا لو أمر زید بکرا أن یتلف مال عمرو فاتلفه باختیاره و إرادته،لم یکن الآمر ضامنا.
الثالثة:أنه عمل لغیره بعنوان الإجارة أو الجعالة،و فی هذه الصورة تخیر المستأجر بین فسخ الإجارة أو إمضائها،و بین إجازة الإجارة الثانیة أو الجعالة، علی أساس أنها فضولیة تتوقف صحتها علی إجازته،فإذا أجازها صحت و انتقلت الاجرة أو الجعل المسمی فیها إلیه،و لا یجوز له أن یرجع إلی المستأجر الثانی و یطالبه بقیمة العمل التالف؛لأنه کالمتبرع له فلیس بضامن.
الحالة الثانیة:أن مورد الإجارة منفعة خاصة له کالخیاطة أو الکتابة أو نحوها دون جمیع منافعه،و فی هذه الحالة لا یسمح له أن یعمل ذلک العمل الخاص لنفسه أو لغیره لا تبرعا و لا بإجارة أو جعالة،فإذا خالف و مارس العمل لنفسه، تخیر المستأجر بین فسخ الإجارة و استرجاع تمام الاجرة منه و إمضائها و المطالبة بقیمة المنفعة الفائتة،و کذلک إذا عمل به لغیره تبرعا،و أما إذا عمل به لغیره بعنوان الإجارة أو الجعالة،فله إمضاء تلک الإجارة أو الجعالة،باعتبار أنها فضولیة،فإذا أجازها جازت و انتقلت الاجرة أو الجعل المسمی فیها إلیه.نعم،لا مانع فی هذه الحالة من أن یعمل عملا لنفسه أو لغیره بإجارة أو جعالة إذا لم یکن منافیا للعمل المستأجر علیه،کما إذا آجر نفسه الصوم فی یوم عن زید مثلا،فإنه لا ینافی أن یمارس عملیة الخیاطة أو الکتابة فیه لنفسه أو لغیره متبرعا أو بإجارة أو جعالة،ثم أن الإجارة فی هذه الحالة بما أنها تکون علی العمل فی ذمة المؤجر، فتارة تؤخذ مباشرته للعمل قیدا علی نحو وحدة المطلوب،و تارة علی نحو تعدد المطلوب،فإن کانت علی النحو الأول جاز له کل عمل لا ینافی الوفاء بالإجارة، و لا یجوز له ما ینافیه،سواء أ کان من نوع العمل المستأجر علیه أم من غیره،و إذا
ص:247
عمل ما ینافیه تخیر المستأجر بین فسخ الإجارة و المطالبة بقیمة العمل الفائت المستأجر علیه،و إذا آجر نفسه لما ینافیه،بطلت من جهة عدم تمکنه من تسلیم العمل المستأجر علیه الذی هو شرط فی صحة الإجارة.نعم،لو فسخت الإجارة الأولی بالتقایل و التراضی بینهما،صحت الثانیة من جهة أنه صار حینئذ متمکنا من التسلیم فی وقته و هو یکفی فی الصحة و إن لم یکن متمکنا منه فی وقت العقد، و بکلمة:أن الإجارة الثانیة محکومة بالبطلان،علی أساس أنها فاقدة للشرط و هو تمکن الأجیر من تسلیم العمل المستأجر علیه؛باعتبار أن صحة الإجارة الاولی تؤدی إلی عجزه عن التسلیم و عدم تمکنه منه،و أما إجازة المستأجر الأول للإجارة الثانیة فلا أثر لها؛لأنها لم تقع علی ماله أو حقه،و إنما المانع عن صحتها و وجوب الوفاء بها صحة الإجارة الأولی و وجوب الوفاء بها کما مر، و أما إن کانت علی النحو الثانی-و هو تعدد المطلوب-فالظاهر صحة الإجارة الثانیة،غایة الأمر یثبت خیار تخلف الشرط للمستأجر الأول،علی أساس أن الإجارة الثانیة علی ضوء کون قید المباشرة شرطا لا تنافی صحة الإجارة الاولی،و إنما تنافی شرطها و لا یترتب علیه إلاّ الخیار.
شعیر مقدارا معینا،
کما لا تصح إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعا أو نصفا، و تصح إجارتها بالحنطة أو الشعیر فی الذمة،و لو کان من جنس ما یزرع فیها،
ص:248
و الأقوی صحة إجارتها بما یحصل منها من الحبوب غیر الحنطة و الشعیر،و قد تسأل ان الاجرة معدومة فعلا،فإذا کانت معدومة کذلک فکیف تصح الإجارة بها؟
و الجواب:أن تعهد المستأجر بدفعها فی ظرفها خارجا یجعلها بمثابة الموجود فی الذمة،فلذلک لا مانع من الإجارة بها.هذا إضافة إلی أن مثل هذه الإجارة کما أنها لیست غرریة؛باعتبار أن تحقق الاجرة فی ظرفها متأکد و مضمون لیست سفهائیة أیضا،بل هی إجارة عقلائیة متعارفة لدی العرف و العقلاء،و لا مانع من کونها مشمولة للعمومات.
فیکون المستأجر شریکا مع المالک،کما تصح إجارة حصة منها علی نحو الکلی فی المعین.
لتوقف مسجدا؛
لأن المعتبر فیه التأبید و الدوام،و لا یمکن أن یجتمع مع التوقیت.نعم،تصح إجارتها لتعمل مصلی یصلی فیه أو یتعبد فیه أو نحو ذلک من أنواع الانتفاع،و لا یترتب علیها أحکام المسجد.
کربط الدواب و نشر الثیاب،و یجوز استئجار البستان لفائدة التنزه.
و نحوها،
فإن کانت الإجارة واقعة علی المنفعة الخاصة وحدها أو مع غیرها، ملک المستأجر العین المحازة و إن قصد الأجیر نفسه أو شخصا آخر غیر المستأجر،و إن کانت واقعة علی العمل فی الذمة،فإن قصد الأجیر تطبیق العمل المملوک علی فعله الخاص،بأن کان فی مقام الوفاء بعقد الإجارة ملک المستأجر
ص:249
المحاز أیضا،و إن لم یقصد ذلک بل قصد الحیازة لنفسه أو غیره فیما یجوز الحیازة له، کان المحاز ملکا لمن قصد الحیازة له،و کان للمستأجر الفسخ و الرجوع بالاجرة المسماة،و الإمضاء و الرجوع بقیمة العمل المملوک له بالإجارة الذی فوته علیه.
بمعنی:أن الطفل ینتفع منها و یتغذی بلبنها مدة معینة و إن لم یکن بفعل منها اصلا،و لا یعتبر فی صحة إجارتها لذلک إذن زوجها و رضاه،بل لیس له أن یمنعها عن ذلک إذا لم یکن منافیا لحقه،و حینئذ فإن اشترطت المرأة المرضعة شروطا بالنسبة إلی الطفل و زمان الرضاع و مکانه و کمیته فی کل یوم،أو اشترط المستأجر علیها شروطا لزم الوفاء بها،و التخلف منها یوجب الخیار للآخر،و أما إذا لم تکن هناک شروط لا من قبل المرأة المرضعة و لا من قبل المستأجر،فالمعیار إنما هو بالمتعارف و المعتاد،فإذا کانت المرأة المرضعة أو الطفل خارجة عن المتعارف و المعتاد ثبت الخیار للآخر،و قد تسأل:هل لها أخذ الاجرة من زوجها علی إرضاع ولده کان منها أم من زوجته الاخری؟
و الجواب:نعم،لها ذلک،و قد تسأل:أن المرأة إذا کانت خلیة فآجرت نفسها للإرضاع أو غیره من الأعمال،ثم تزوجت،فإن لم یکن العمل المستأجر علیه منافیا لحق الزوج و مزاحما فلا إشکال،و إن کان منافیا له،فهل یقدم حق المستأجر علی حق الزوج أو بالعکس؟
و الجواب:الظاهر تقدیم حق الزوج علی المستأجر،فإن وجوب الوفاء بالإجارة لا یصلح أن یزاحم وجوب إطاعة الزوج فی حقوقه الواجبة علیها، علی أساس أن شرط اللّه قبل شرطکم کما فی النص،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون زمان التزویج مقدما علی زمان الإجارة أو مقارنا له أو متأخرا عنه،لأن
ص:250
وجوب الوفاء بالإجارة فی کل آن و زمان منوط بأن لا یکون هناک إلزام من قبل اللّه تعالی علی خلافه و إلا فلا وجود له،و علی هذا فإذا وقع التزاحم بین حق الزوج و حق المستأجر قدم الأول علی الثانی،و إن کان حدوثه متأخرا زمانا عن حدوثه.
الذی یتکون فیها بعد الإیجار،و کذلک استئجار الشجرة للثمرة و البئر للاستقاء، و فی جواز استئجارها للمنافع الموجودة فیها فعلا من اللبن و الثمر و الماء إشکال، بل منع لعدم صدق الإجارة علیه.
و نحوهما و إشعال سراجهما و نحو ذلک.
عن المستطیع العاجز عن المباشرة،
و تجوز فی المستحبات کالزیارات و نحوها، و لکن فی جوازها فیها علی الإطلاق حتی فی مثل الصلاة و الصیام المستحبین إشکالا بل منعا.
و تصح أیضا الإجارة علی أن یعمل الأجیر عن نفسه و یهدی ثواب عمله إلی غیره.
فإن قصد المأمور التبرع لم یستحق اجرة،و إن کان من قصد الآمر دفع الاجرة،و إن قصد الاجرة استحقها،و إن کان من قصد الآمر التبرع إلا أن تکون هناک قرینة علی قصد المجانیة،کما إذا جرت العادة علی فعله مجانا أو کان المأمور ممن لیس من شأنه فعله باجرة أو نحو ذلک،مما یوجب ظهور الطلب فی المجانیة،و أما إذا أمره آمر
ص:251
بعمل له اجرة،فأتی به المأمور استنادا إلی أمره من دون أن یقصد المجانیة و إن لم یقصد الاجرة أیضا،فهل علیه ضمان أو لا؟و الجواب:الظاهر أن علیه الضمان.
فمع إطلاق الإجارة یکون المداد و الخیوط علی الأجیر،کما هو المتعارف و المعتاد فی مثل ذلک فی الخارج،و أما إذا کانت الإجارة علی البنایة،فتوفیر المواد لها من الطابوق و الجص و الإسمنت و الحدید و غیرها علی المستأجر دون الأجیر،إلا إذا اشترط فی ضمن عقد الإیجار أن توفیرها علیه،و هذا بخلاف الإجارة علی الحج عن المیت أو الحی العاجز أو الصلاة عن المیت،فإن مقتضی إطلاق عقد الإجارة أن تهیئة مقدمات الحج من الزاد و الراحلة و تحصیل الجواز و تأشیر الدخول و غیر ذلک علی الأجیر دون المستأجر،و کذلک الحال فی الصلاة،فهذا یختلف باختلاف الموارد و لیس له معیار کلی فی جمیع تلک الموارد.
مقدورا له و یتعارف قیامه به،
و الأقوی أن نفقته حینئذ علی نفسه لا علی المستأجر،إلا مع الشرط أو قیام القرینة و لو کانت هی العادة،کالأجیر للخدمة فی سفر الحج و الأجیر الملازم للإنسان لیلا و نهارا.
اجرة،
و یکون علیه اجرة المثل لاستیفاء عمل العامل،و لیس من باب الإجارة و لا الجعالة بل من باب العمل مع الضمان،و لکن ذلک مکروه.
انقضاء تلک المدة،
فإذا انقضت المدة جاز للمالک أن یأمره بقلعه،و کذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس،و لیس له الإبقاء من دون رضا المالک و إن
ص:252
بذل الاجرة،کما أنه لیس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع،و کذلک إذا غرس ما لا یبقی فاتفق بقاؤه لبعض الطواری علی الأظهر.
نعم،إذا شرط أن تکون علی المستأجر صح علی الأقوی.
و فضائل أهل البیت علیهم السّلام
و الخطب المشتملة علی المواعظ و نحو ذلک،مما له فائدة عقلائیة دینیة أو دنیویة.
التی تشرع فیها النیابة دون ما لا تشرع فیه،کالواجبات العبادیة مثل الصلاة و الصیام عن الأحیاء،و تجوز عن الأموات.و تجوز الإجارة علی تعلیم الحلال و الحرام و تعلیم الواجبات مثل الصلاة و الصیام و غیرهما مما هو محل الابتلاء و ان کان الأحوط الترک،اما إذا لم یکن محل الابتلاء فلا إشکال فیه أصلا.
و لا یجوز أخذ الاجرة علی تغسیل الأموات و تکفینهم و دفنهم.نعم، الظاهر أنه لا بأس بأخذ الاجرة علی حفر القبر علی نحو خاص من طوله و عرضه و عمقه.أما أخذ الاجرة علی مسمی حفر القبر اللازم،فلا یجوز و لا تصح الإجارة علیه.
فنبتت،
فإن أعرض المالک عنها فهی لمن سبق إلیها،بلا فرق بین مالک الأرض و غیره.نعم،لا یجوز الدخول فی الأرض إلا بإذنه و إن لم یعرض عنها فهی له.
ص:253
ضمن،و کذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه کذلک.
جاز لغیره التبرع عنه فیه،و حینئذ یستحق الأجیر الاجرة المسماة لا العامل،و إذا خاطه غیره لا بقصد النیابة عنه بطلت الإجارة،إذا لم یمض زمان یتمکن فیه الأجیر من الخیاطة،و إلا ثبت الخیار للمستأجر.هذا فیما إذا لم تکن الخیاطة من غیر الأجیر بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانیة،و إلا فالظاهر أن الأجیر یستحق الاجرة،لأن التفویت حینئذ مستند إلی المستأجر نفسه،کما إذا کان هو الخائط.و أما الخائط فیستحق علی المالک اجرة المثل إن خاط بأمره،و أما إذا کان قد استأجره ثانیة للخیاطة،فقیل:أن الإجارة الثانیة باطلة و یکون للخائط اجرة المثل،و لکن الأظهر صحتها و استحقاق الأجیر الاجرة المسماة و إن خاط بغیر أمره و لا إجازته لم یستحق علیه شیئا و ان اعتقد أن المالک أمره بذلک.
فسافر بالمتاع،و فی أثناء الطریق حصل مانع عن الوصول
بطلت الإجارة،فإن کان المستأجر علیه نفس إیصال المتاع لم یستحق شیئا،و إن کان مجموع السفر و ایصال المتاع علی نحو تعدد المطلوب،استحق من الاجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلی مجموع المستأجر علیه،أما إذا کان علی نحو وحدة المطلوب، فالأظهر عدم استحقاقه شیئا.
وجود عیب أو غیرها،
فإن فسخ قبل الشروع فی العمل فلا شیء له،و إن کان بعد تمام العمل کان له اجرة المثل،و إن کان فی أثنائه استحق بمقدار ما أتی به من اجرة المثل،إلا إذا کان مجموع العمل ملحوظا بنحو وحدة المطلوب،کما إذا استاجره
ص:254
علی الصلاة أو الصیام،فإنه لو فسخ فی الأثناء لم یکن له شیء،و کذا إذا کان الخیار للمستأجر،و یحتمل بعیدا أنه إذا کان المستأجر علیه هو المجموع علی نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر فی الأثناء-کما إذا استاجره علی الصلاة ففسخ فی اثنائها-أن یستحق الأجیر بمقدار ما عمل من اجرة المثل.
فالإجارة باقیة علی صحتها،و إذا باعها فی أثناء المدة،ففی تبعیة المنفعة للعین وجهان،أقواهما ذلک.
و جعل الاجرة تعمیرها من کری الأنهار و تنقیة الآبار و غرس الأشجار و نحو ذلک،و لا بد من تعیین مقدار التعمیر کما و کیفا.
سواء أ کانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة،کجبر الکسیر و تضمید القروح و الجروح و نحو ذلک.
ذلک،
کما فی سائر موارد الإجارة علی الأعمال الموقوفة علی مقدمات غیر اختیاریة للأجیر،و کانت توجد عادة عند إرادة العمل.
بلد المیت إلی(النجف)مثلا،و آخر من(النجف)إلی(المدینة)،و ثالثا من المدینة
إلی(مکة)،
بل لا بد من أن یستأجر من یسافر من البلد بقصد الحج إلی أن یحج؛ لأنه الظاهر منه.
ص:255
فإن کانت الإجارة علی الصلاة الصحیحة-کما هو الظاهر عند الاطلاق-استحق تمام الاجرة،و کذلک إن کانت علی نفس الأعمال المخصوصة،و کان النقص علی النحو المتعارف،کما إذا صلی من دون أذان أو اکتفی فی ذکر الرکوع أو السجود بالتسبیحات الصغیرة ثلاث مرات و إن کان علی خلاف المتعارف،کما إذا صلی من دون إقامة أو من دون قنوت أو یکتفی بالتسبیحات الأربع فی الرکعتین الأخیرتین مرة واحدة،نقص من الاجرة بمقداره،باعتبار أن تلک الخصوصیات داخلة فی الإجارة.
فالأحوط الترتیب بین السور،و الظاهر لزوم الترتیب بین آیات السور و کلماتها،و إذا قرأ بعض الکلمات غلطا و التفت إلی ذلک بعد الفراغ من السورة أو الختم،فإن کان بالمقدار المتعارف لم ینقص من الاجرة شیء،و إن کان بالمقدار غیر المتعارف،ففی إمکان تدارکه بقراءة ذلک المقدار صحیحا إشکال،و الأحوط للأجیر أن یقرأ السورة من مکان الغلط إلی آخرها.
فإن کان علی نحو الخطأ فی التطبیق-بأن کان مقصودة الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ فی اعتقاده أنه عمرو-صح عن زید و استحق الاجرة و إن کان علی نحو آخر-بأن یصلی عنه عامدا أو ملتفتا إلی أنه لم یستأجر للصلاة عنه -لم یستحق الاجرة و لم یصح عن زید.نعم،إذا علم بأن ذمة عمرو مشغولة بتلک الصلوات و قصد بها التبرع عنه صح،و لکن لم یستحق شیئا.
المستحبة،یجوز فیها أیضا استئجار الصبی،
و اللّه سبحانه العالم.
ص:256
المزارعة هی الاتفاق بین مالک الأرض و الزارع علی زرع الأرض بحصة من حاصلها.
بکل ما یدل علی تسلیم الأرض للزراعة،و قبول الزارع لها،من لفظ کقول المالک للزارع مثلا:سلمت إلیک الأرض لتزرعها،فیقول الزارع:قبلت،أو فعل دال علی تسلیم الأرض للزارع و قبول الزارع لها من دون کلام،و لا یعتبر فیها العربیة و الماضویة،کما لا یعتبر تقدیم الإیجاب علی القبول،و لا یعتبر أن یکون الإیجاب من المالک و القبول من الزارع،بل یجوز العکس.
و أن یکون المالک متمکنا من التصرف فی الأرض،فلو کان ممنوعا منه لسفه أو فلس أو کانت منفعتها مملوکة لغیره،لم تصح المزارعة،و کذلک العامل بأن یکون متمکنا
ص:257
من التصرف فیها بکامل حریته،فلو کان عمله مملوکا لغیره بالإجارة أو نحوها، أو کان هناک عائق آخر من عمله فیها،لم تصح.
فلو جعل لأحدهما أول الحاصل و للآخر آخره بطلت المزارعة،و کذا الحال لو جعل الجمیع لأحدهما.
و نحوهما،
فلو قال للزارع:ازرع و أعطنی ما شئت،لم تصح بعنوان المزارعة، و کذلک لو عین للمالک أو الزارع مقدار معین کعشرة أطنان،و قد تسأل:أن تعیین المدة بالأشهر أو السنین أو الفصل هل یعتبر فی صحة المزارعة أو لا؟
و الجواب:أنه لا یعتبر فیها،فلو قال المالک للعامل:ازرع هذه الأرض علی الثلث کفی و إن لم یعین نوع الزرع من الحنطة أو الشعیر أو نحوهما و لا یکون فی ذلک غرر هذا إضافة إلی أن الغرر لا یوجب البطلان،و إنما یوجب الخیار فحسب.
و أما إذا لم تکن کذلک-کما إذا کانت الأرض سبخة لا یمکن الانتفاع بها أو نحوها-بطلت المزارعة.
و إلا لم یلزم التعیین.
نعم،لو عین کلیا موصوفا علی وجه لا یکون فیه غرر-کمقدار جریب من هذه القطعة من
ص:258
الأرض التی لا اختلاف بین أجزائها-صحت،بل و إن اختلفت أجزاؤها،فإن غایة ما یوجب اختلافها الغرر دون البطلان؛لما مر.
بأن یجعل علی أحدهما أو کلیهما،و یکفی فی ذلک المتعارف الخارجی؛لانصراف الإطلاق فیه.
مع غیره.
هذا فیما إذا لم یشترط المالک علیه المباشرة،و إلا لزم أن یزرع بنفسه.
بینهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما،فهل هو من المزارعة المصطلحة أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه من المزارعة المصطلحة،علی أساس ما مر من أنه لا یعتبر فی إنشاء مضمونها لفظ خاص و صیغة مخصوصة،بل بکل ما یکون دالا علیه و ان کان فعلا خارجیا،و کذلک الحال لو أذن لکل من یتصدی للزرع من دون أن یعین شخصا معینا،بأن یقول:کل من زرع أرضی هذه فله نصف حاصلها أو ثلثه،فإنه بذلک أنشأ ملکیة نصف الحاصل لمن یتصدی للزرع خارجا،کما أن تصدیه کذلک قبول له.
لأحدهما فی ضمن عقد المزارعة أو لا؟
و الجواب:أن اشتراط هذا المقدار و إن کان لمالک البذر،فلا مانع منه و لا ینافی مقتضی عقد المزارعة،فإن مقتضاه اشتراکهما فی النتاج بنسبة معینة بحسب القرار الواقع بینهما و لو کان علی البعض،و إن کان لغیر مالک البذر،فان کان مرده إلی أن هذا المقدار من الحاصل دخل فی ملکه ابتداء،فهو باطل علی القاعدة
ص:259
و مخالف لقانون المعاوضة،و إن کان مرده إلی أنه یکون ملکا له فی طول دخوله فی ملک المالک بنحو شرط النتیجة فلا بأس به،و أما إن کان البذر مشترکا بینهما، فحینئذ إذا اشترط مقدار معین من الحاصل لأحدهما،فإن لم یکن هذا المقدار بضمیمة حصته أکثر من نسبته اشتراکه فی البذر صح و لا بأس به،و إن کان أکثر ففیه التفصیل المتقدم.نعم،یجوز جعل هذا المقدار المعین لأحدهما بإضافة حصته فی نفس عقد المزارعة لا بالشرط الخارجی،و یجوز استثناء مقدار البذر من الحاصل لمن کان البذر منه،و استثناء مقدار خراج السلطان و ما یصرف فی تعمیر الأرض.
نحو ذلک فی ضمن عقد المزارعة،
تعین ذلک علی الزارع،فلا یجوز له التعدی عنه، و لکن لو تعدی إلی غیره و زرع نوعا آخر منه،فللمالک الخیار بین الفسخ و الامضاء،فإن فسخ رجع علی العامل باجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض.و أما الحاصل فهو للعامل إن کان البذر له،و إن کان البذر للمالک فله المطالبة ببدله أیضا،و علی تقدیر البذل کان الحاصل للعامل أیضا،و لیست له مطالبة المالک باجرة العمل مطلقا؛باعتبار أن عمله هذا لیس بإذنه.هذا إذا علم المالک بذلک بعد بلوغ الحاصل،و أما إذا علم به قبل بلوغه فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة، و إلزام العامل بقطع الزرع أو إبقائه بالاجرة أو مجانا إن کان البذر له،و أما إذا کان للمالک،فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أیضا،و مع بذله یکون الزرع للعامل.هذا إذا کان علی نحو الاشتراط،و أما إذا کان التعیین علی نحو التقیید بطلت المزارعة،و حکمه ما تقدم فی فرض الفسخ.
فإن کان البذر للمالک کان
ص:260
الزرع له،و یضمن للزارع ما صرفه من الأموال،و کذا اجرة عمله و اجرة الآلات التی استعملها فی الأرض،و إن کان البذر للزارع فالزرع له،و یضمن للمالک اجرة الأرض و ما صرفه المالک و اجرة أعیانه التی استعملت فی ذلک الزرع.ثم إن رضی المالک و الزارع ببقاء الزرع فی الأرض بالاجرة أو مجانا فهو،و إن لم یرض المالک بذلک،جاز له إجبار الزارع علی إزالة الزرع و إن لم یدرک الحاصل و تضرر بذلک،و لیس للزارع إجبار المالک علی بقاء الزرع فی الأرض و لو باجرة،کما أنه لیس للمالک إجبار الزارع علی إبقاء الزرع فی الأرض و لو مجانا.و کذلک الحال فیما إذا انقضت مدة المزارعة الصحیحة و لم یدرک الحاصل.
ذهب أو فضة أو نحوهما
مضافا إلی حصته.
لا ینفسخ إلا بالتقایل أو الفسخ بخیار الشرط أو بخیار تخلف بعض الشروط المشترطة فیه،و لا ینفسخ بموت أحدهما فیقوم الوارث مقامه.نعم،ینفسخ بموت الزارع إذا قیدت المزارعة بمباشرته للعمل.
انقضت المدة،
فإن کانت الأرض فی تصرفه و کان ترکه بلا عذر،یضمن منفعة الأرض للمالک التی قد فاتت تحت یده و استیلائه علی الأرض من دون رضاه و عدوانا تطبیقا لقاعدة ضمان الغاصب للمنافع کالأعیان،نظیر من غصب دار غیره،فإنه ضامن لمنفعتها الفائتة تحت یده غصبا،و لا یضمن له اجرة مثل العمل، علی أساس أنه لا یکون مملوکا له،و لا فرق فی ضمانه فی هذه الصورة بین أن یکون المالک عالما بالحال أو غیر عالم بها،و إن لم تکن الأرض تحت یده بل کانت
ص:261
تحت ید المالک،فحینئذ إن کان المالک مطلعا علی ذلک،فالظاهر عدم ضمان الزارع،فإن فوت المنفعة فی هذه الحالة مستند إلی ترک المالک الانتفاع بأرضه اختیارا لا إلی الزارع،و إن لم یکن المالک مطلعا فالظاهر ضمانه؛لأن فوتها فی هذه الحالة مستند إلیه لا إلی المالک.
تقبل حصة الآخر بحسب الخرص بمقدار معین بالتراضی،
فلو تبین بعد ذلک زیادتها أو نقیصتها فعلی المتقبل تمام ذلک المقدار،سواء کان أقل من حصة صاحبة أو أکثر منها،و لا یجوز ذلک قبل بلوغ الحاصل و إدراکه؛لأنه من تقسیم المعدوم و هو بحاجة إلی دلیل،ثم أن صحة الخرص منوطة بکون المقدار المخروص علیه من حاصل ذلک الزرع،فلا یصح جعله من نوع آخر من ذلک الحاصل،و الأظهر اللزوم بعد القبول و التراضی،و لو تلف الزرع أو بعضه بعد الخرص کان علیهما،علی أساس أن الملحوظ فی المقدار المعین إنما هو نسبته إلی المجموع،فإذا ورد النقص علی المجموع،ورد علیه أیضا بنفس النسبة.
قبل إدراکه بطلت المزارعة،
و إذا غرق بعضها تخیر المالک و العامل فی الباقی بین الفسخ و الإمضاء.
بأن تکون الأرض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع،و کذا الحال إذا وقع العقد بین جماعة علی النحو المذکور.
أو العامل أو منهما معا،
و لکن کل ذلک یحتاج إلی تعیین و جعل فی ضمن العقد،إلا
ص:262
أن یکون هناک متعارف ینصرف إلیه الإطلاق،و کذا لا فرق بین أن تکون الأرض مختصة بالمزارع أو مشترکة بینه و بین العامل،کما أنه لا یلزم أن یکون تمام العمل علی العامل،فیجوز أن یکون علیهما،و کذا الحال فی سائر التصرفات و الآلات.و الضابط:أن کل ذلک تابع للجعل فی ضمن العقد.
و إدراکه
-کما إذا انقطع الماء عنه و لم یمکن تحصیله،أو استولی علیه الماء و لم یمکن قطعه،أو وجد مانع لم یمکن رفعه-فالظاهر بطلان المزارعة من الأول؛لکشفه عن عدم قابلیة الأرض للزراعة،و علیه فیکون الزرع الموجود لصاحب البذر فإن کان البذر للمالک فعلیه اجرة مثل عمل العامل،و إن کان للعامل فعلیه اجرة مثل أرضه.
البذر من العامل
بطلت المزارعة بالإضافة إلی المزارع،فإن أجاز المالک عقد المزارعة وقع له،و إلا کان الزرع للزارع و علیه اجرة المثل لمالک الأرض،و یرجع فیما خسره إلی المزارع إن کان مغرورا من قبله،بحیث تکون خسارته مستندة إلیه عرفا،و إلا فلیس له الرجوع إلیه.و إذا انکشف الحال قبل بلوغ الزرع و إدراکه، کان المالک مخیرا أیضا بین الإجازة و الرد فإن رد،فله الأمر بالإزالة أو الرضا ببقائه و لو باجرة،و علی الزارع اجرة المثل بالنسبة إلی ما مضی،و یرجع إلی المزارع بالخسارة مع الغرور کما تقدم.
منها حد النصاب،
و تجب علی أحدهما إذا بلغت حصته کذلک.هذا إذا کان الزرع مشترک بینهما من الأول أو من حین ظهور الثمر قبل صدق الاسم.و أما إذا کان
ص:263
الاشتراک بعد صدق الاسم أو من حین الحصاد و التصفیة،فالزکاة علی صاحب البذر فقط،سواء أ کان هو المالک أم العامل دون غیره،و هل یصح هذا الاشتراک أو لا؟و الجواب:الظاهر أنه لا مانع منه؛لأنه تابع للقرار الواقع بینهما فی عقد المزارعة.
المدة،إذا نبت فی السنة الجدیدة و أدرک،
فحاصله فی العام الآتی لمالک البذر،فإن کان البذر لهما فهو لهما،و إن کان لأحدهما فله.نعم،إذا أعرض عنه فهو لمن استولی علیه،سواء أ کان مالک الأرض أم کان غیره،غایة الأمر لا یجوز استیلاء غیر صاحب الأرض علیه إلا برضاه؛باعتبار أنه یستلزم التصرف فیها.
و الآخر القلة فالقول قول منکر الزیادة،
و لو اختلفا فی الحصة قلة و کثرة،فالقول قول صاحب البذر المدعی للقلة.و أما إذا اختلفا فی اشتراط کون البذر أو العمل أو العوامل علی أیهما،فالمرجع التحالف،و مع حلفهما أو نکولهما تنفسخ المعاملة علی أساس عدم إمکان تحقق المزارعة من دون ذلک،فإذا تحققها بحاجة إلی عقد جدید.
للانتفاع بها و قل الحاصل،فهل یضمن أو لا؟
و الجواب:أنه لا یضمن نسبة التفاوت فی الحاصل،لعدم صدق الإتلاف علیها،و من دونه لا مبرر له،و لکن لا یبعد أن یضمن نسبة المنفعة الفائتة للأرض؛باعتبار أن فوتها مستند إلی تقصیره و تسامحه،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون البذر له أو للمالک.نعم،إذا کان هناک تقصیر منه فی زرع الحبوب فی
ص:264
الأرض-کما إذا زرعها فیها قبل توفیر الشروط لها-فحینئذ إن کانت الحبوب للمالک ضمن المقدار التالف منها،و إلا فلا شیء علیه،کما أنه لو قصر فی تربیة الزرع بعد وجوده و أدّی تقصیره و تسامحه فیها إلی تلف مقدار منه،ضمن.
الفسخ فی الأثناء،
إما بالتقایل أو بخیار الشرط لأحدهما أو بسبب آخر،فهل یکون معناه رفع العقد من الأول و فرضه کأن لم یقع نهائیا أو لا؟
و الجواب:الأقرب الثانی،لأن معنی الفسخ:حل العقد من حینه،و لا یعقل أن یکون الفسخ من الآن،و أثره و هو حل العقد من السابق،و علی هذا فإن کان مفاد عقد المزارعة اشتراک المالک و العامل فی الزرع من حین ظهوره،فقد ظل الزرع مشترکا بینهما إلی حین الفسخ،و من هذا الحین ینتقل الزرع إلی ملک صاحب البذر فقط،و حینئذ فإن کان البذر لمالک الأرض،فعلیه أن یدفع بدل ذلک الاجرة التی یتقاضاها الأجراء عادة فی مثل ذلک العمل للعامل،و إن کان للعامل فعلیه أن یدفع بدیلا عن ذلک قیمة منفعة الأرض التی استوفاها لحد الآن،و أما بقاء الزرع بعد ذلک فهو منوط بإذن مالک الأرض به مجانا أو مع الاجرة،و إلا فعلی العامل قطعه و تخلیة الأرض منه،و إن کان مفاد العقد اشتراکهما فی الحاصل من حین ظهوره فحینئذ إن فسخ العقد قبل ظهور الحاصل ظل الزرع فی ملک من له البذر،سواء أ کان المالک أم الزارع.نعم،إذا کان المالک فللزارع أن یرجع علیه و یطالبه باجرة المثل و هی الاجرة التی یتقاضاها الاجراء عادة فی مثل ذلک العمل،و إذا کان الزارع،فللمالک أن یرجع علیه و یطالبه بقیمة منفعة الأرض التی استوفاها بزرع بذره فیها،و إن فسخ العقد بعد ظهور الحاصل و قبل إدراکه،رجع الحاصل إلی ملک صاحب البذر من
ص:265
الآن،و علیه فإن کان صاحب البذر هو المالک اشتغلت ذمته للعامل باجرة مثل عمله لحد الآن،و إن کان هو العامل اشتغلت ذمته بقیمة منفعة الأرض التی استوفاها،و إن کان کلاهما معا،کما إذا کان البذر بینهما مشترکا ظل الحاصل کذلک بنفس النسبة،و حینئذ فللمالک أن یرضی ببقاء حصة العامل علی الأرض مجانا أو مع الاجرة،کما أن له أن یطلب منه قطعها و تخلیة الأرض منها،و أما علی القول الأول-و هو أن معنی الفسخ إنهاء العقد من الأول-فإن وقع الفسخ فی الأثناء،فحینئذ إن کان البذر للزارع کان الزرع له،و للمالک أن یرجع علیه و یطالبه بقیمة منفعة الأرض التی استوفاها من الأول بزرع بذره فیها،و لا شیء للزارع علیه،و إن کان البذر للمالک کان الزرع له و للزارع أن یرجع علیه و یطالبه باجرة المثل لعمله الذی بذله فیها بأمره من حین البدء فی الزرع،و لا شیء للمالک علیه،و لا فرق علی هذا القول بین أن یکون مبدأ الاشتراک بینهما من البذر أو من الزرع أو من ظهور الحاصل.نعم،لو کان البذر مشترکا بینهما ظل الزرع مشترکا بینهما بعد الفسخ أیضا،و حکمه ما تقدم.
الاشتراک من حین ظهور الزرع أو من حین ظهور الحاصل؟
و الجواب:الظاهر أن مقتضی إطلاق العقد هو الثانی،إلا إذا کانت هناک قرینة علی الأول.
ضمن عقد المزارعة من بعض الأعمال،
أو ادعی تقصیره فیه علی وجه یضر بالزراعة أو تقصیره فی الحفظ أو نحو ذلک،و أنکره الزارع،فالقول قوله.
و کذلک الحال فی کل مورد ادعی أحدهما شیئا و أنکره الآخر ما لم یثبت ما
ص:266
ادعاه شرعا.
علی البطون إلی مدة حسب ما یراه صالحا لهم لزم،
و لا یبطل بالموت،و أما إذا أوقعه البطن المتقدم من الموقوف علیهم ثم مات فی الأثناء قبل انقضاء المدة،بطل العقد من ذلک الحین،إلا إذا أجاز البطن اللاحق.
الآخر عن حصته
بمقدار معین من جنسه أو غیر جنسه بعد التخمین بحسب المتعارف فی الخارج،بل یجوز ذلک قبل ظهور الحاصل مع الضمیمة.
من حین العقد و فی السنة الاولی،
بل یصح العقد علی أرض بائرة و خربة لا تصلح للزرع،إلا بعد إصلاحها و تعمیرها سنة أو أکثر.و علیه فیجوز للمتولی أن یزارع الأراضی الموقوفة وقفا عاما أو خاصا التی أصبحت بائرة إلی عشر سنین أو أقل أو أکثر حسب ما یراه صالحا.
ص:267
المساقاة هی اتفاق شخص مع آخر علی سقی أشجار مثمرة و إصلاح شئونها إلی مدة معینة بحصة من أثمارها،
و یکفی فیه کل ما یدل علی المعنی المذکور من لفظ أو فعل أو نحوهما،و لا یعتبر فیها العربیة و لا الماضویة.
و أما عدم الحجر لسفه أو فلس،فهو إنما یعتبر فی المالک دون العامل محضا.نعم،یعتبر فیه أن لا یکون عمله مملوکا لآخر بإجارة أو نحوها.
أو یکون تصرفه فیها نافذا بولایة أو وکالة أو تولیة.
و لا یضر اختلاف تلک المدة زیادة و نقیصة باختلاف الجو من حیث الحرارة
ص:268
و البرودة و الاعتدال،و لا حاجة إلی تعیینها بالأشهر أو السنین،فإن تعیینها بها لا بد أن یکون بمقدار تبلغ فیه الثمرة،فلو کان أقل من ذلک بطلت المساقاة.
فلا یجوز أن یجعل للعامل ثمرة شجر معین دون غیره.و قد تسأل:هل یجوز أن یجعل للعامل مقدار معین من الثمرة کطنّ مثلا بالإضافة إلی الحصة المشاعة له أو لا؟
و الجواب:إن کان ذلک بالشرط فی ضمن عقد المساقاة،و کان مدلوله دخول هذا المقدار فی ملکه ابتداء فهو باطل علی القاعدة،و إن کان مدلوله دخوله فی ملکه فی طول دخوله فی ملک المالک بنحو شرط النتیجة،فلا یبعد صحته.
نعم،یجوز اشتراط ذلک للمالک مضافا إلی الحصة المشاعة،و لا یلزم منه المحذور المذکور.
و قد تسأل:أن المزارعة و المساقاة و نحوهما من المعاملات بما أنها تتضمن تملیک المعدوم،فمقتضی القاعدة فیها الفساد؛لعدم کونها مشمولة لعمومات الصحة؟
و الجواب:الظاهر أن هذه المعاملات معاملات شائعة بین الناس و متعارفة،و لیست من المعاملات السفهائیة لدی العقلاء حتی لا تکون مشمولة للعمومات،بل هی معاملات عقلائیة و مشمولة لها،و دعوی:أنها تتضمن تملیک المعدوم،فیرد علیها:أنه إن أرید به تملیک المعدوم بما هو معدوم،فهو غیر معقول؛ لأن المعدوم بما هو لیس بشیء حتی یعقل تملیکه،و إن أرید به:أن الحاصل من الزرع و کذا الثمرة من الشجرة معدوم حین إنشاء تملیک حصة منه للعامل،فیرد علیه:أن الأمر و إن کان کذلک،إلا أن معناه لیس تملیک الحاصل و النتاج فی حال کونه معدوما،بل معناه:إنشاء ملکیة مقدار منه للعامل من حین ظهوره و بروزه
ص:269
فی الخارج،و لا مانع من ذلک،أی:من إنشاء ملکیة شیء مقیدة بقید متأخر زمانا،کما هو الحال فی الوصیة التملیکیة،و فی الوقف علی البطون اللاحقة،و من الواضح أن جعل ملکیة شیء کذلک لا یکون لدی العرف و العقلاء من جعل ملکیة شیء معدوم،کی یکون علی خلاف قانون المعاوضة،و دعوی:أن لازم ذلک انفکاک المنشأ عن الإنشاء و هو مستحیل،مدفوعة:بأن المنشأ فی عالم الجعل و الاعتبار عین الإنشاء،و الاختلاف بینهما بالاعتبار،و لا یمکن انفکاکه عنه کالإیجاد و الوجود فی عالم التکوین،فإن الوجود عین الإیجاد و لا اختلاف بینهما إلا بالاعتبار،و أما المنشأ فی عالم المجعول فلا مانع من تأخره عن الإنشاء زمانا؛ باعتبار أن وجوده فی هذا العالم متوقف علی وجود موضوعه فی الخارج،و علی هذا فالملکیة الإنشائیة فی المقام عین الإنشاء،و یستحیل انفکاکه عنه،و الملکیة الفعلیة متأخرة عنه و هی غیر منشأة به،فالنتیجة علی ضوء هذا الأساس أن المرجع عند الشک فی صحة عقد المزارعة أو المساقاة و فساده من جهة الشک فی اعتبار شیء فیه العمومات،و مقتضاها الصحة،کما هو الحال فی البیع و الإجارة و نحوهما.
و یکفی الانصراف أو إذا کان هناک قرینة علی التعیین.
محتاجا إلی السقی و نحوه،
و أما إذا لم یحتج إلی ذلک،فصحتها بلحاظ القطف و الحفظ محل إشکال بل منع.
و الباذنجان و نحوهما
-فالظاهر عدم وقوع المساقاة علیها،و لکن لا مانع من
ص:270
کونها معاملة مستقلة إذا کانت مع تراضی الطرفین لوضوح أنها لیست من المعاملات السفهائیة عند العقلاء حتی لا تکون مشمولة للعمومات،و علیه فلا تتوقف صحتها علی دلیل خاص،و لا تصح المساقاة علی الأشجار غیر المثمرة کالصفصاف و الغرب و نحوهما،و تصح علی الشجر الذی ینتفع بورقه کالحناء و نحوه.
بمص رطوبة الأرض
إذا احتاجت إلی أعمال اخری.
زائدا علی الحصة من الثمرة،
و هل یجب الوفاء به إذا لم تسلم الثمرة أو لا؟قولان، بل أقوال،أظهرها الوجوب،بلا فرق بین أن یکون الشرط للمالک و أن یکون للعامل،و لا بین صورة عدم ظهور الثمرة أصلا،و صورة تلفها بعد الظهور.
واحدا،
و یجوز العکس فیساقی المالک الواحد عاملین بالنصف له مثلا و النصف الآخر لهما،و یجوز تعددهما معا.
الناضح
و نحو ذلک مما لا یرجع إلی الثمرة،و إنما یرجع إلی غیرها من الأرض أو الشجرة.
ظهور الثمرة،
و إذا کانت المساقاة بعد الظهور ملک الحصة من حین تحقق العقد
و هی أن یدفع شخص
ص:271
أرضه إلی غیره لیغرس فیها،علی أن تکون الأشجار المغروسة بینهما بالسویة أو بالتفاضل،علی حسب القرار الواقع بینهما،و لکنه لا یخلو عن إشکال،و الأقرب الصحة.
حیث إنه لیس بعقد مساقاة؛لأن عمل العامل یکون حینئذ بلا عوض،و إذا انتفی عقد المساقاة کان الحاصل بکامله للمالک،و لا یستحق العامل علی المالک شیئا،أما مع علمه بفساد العقد و عدم استحقاقه شیئا من الحاصل،فقد أقدم علی التبرع مجانا،و ما مع جهله بالحال فلأنه و إن تخیل لزوم العمل علیه بملاک وجوب الوفاء بالعقد و عدم قصده التبرع،إلا أن مجرد ذلک لا یکفی فی الضمان و استحقاقه الاجرة علی عمله،فإن الموجب للضمان أحد أمرین:
الأول:وجود العقد الصحیح،و هو مفقود فی المقام علی الفرض.
الثانی:صدور العمل منه بأمر الغیر لا بقصد التبرع،و هو أیضا مفقود؛ لأن أمر المالک بالعمل فی مفروض المسألة یکون بالمجانیة لا بالضمان،و أما إذا جعل تمام الحاصل للعامل،فهل هو صحیح أو لا؟
و الجواب:أنه و إن لم یکن صحیحا بعنوان عقد المساقاة،إلا أنه لا مانع من الحکم بصحته،بعنوان أنه معاملة مستقلة بینهما؛إذ للمالک أن یجعل تمام الحاصل للعامل فی مقابل عمله بسقایة الأصول و الحفاظ عیها،فإنه أمر عقلائی و لیس بسفهی و مشمول للعمومات.نعم،إذا کان بطلان المساقاة من جهة أخری وجب علی المالک أن یدفع للعامل اجرة مثل عمله حسب المعتاد و المتعارف.
لا یبطل و لا ینفسخ إلا بالتقایل و التراضی أو الفسخ ممن له الخیار و لو من جهة تخلف بعض الشروط التی
ص:272
جعلاها فی ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان.
و لا تنفسخ المساقاة،و إذا مات العامل قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة فی العمل قیدا،فإن لم یقم الوارث بالعمل و لا استأجر من یقوم به،فهل للحاکم الشرعی أن یستأجر من مال المیت من یقوم بالعمل،و یقسم الحاصل بین المالک و الوارث أو لا؟ و الجواب:أن المشهور و إن کان ذلک،و لکنه لا یخلو عن إشکال،و الأظهر ثبوت الخیار للمالک حینئذ،و أما إذا اخذت المباشرة فی العمل قیدا انفسخت المعاملة.
الأشجار و سقیها علیها و الآلات مشترکة بین المالک و العامل،
بمعنی:أنهما علیهما لا علی خصوص واحد منهما.نعم،إذا کان هناک تعیین أو انصراف فی کون شیء علی العامل أو المالک فهو المتبع،و الضابط:أن کون عمل خاص أو آلة خاصة علی أحدهما دون الآخر تابع للجعل فی ضمن العقد بتصریح منهما أو من جهة الانصراف من الإطلاق،و إلا فهو علیهما معا.
فهل للمالک إجباره علی العمل المزبور أو لا؟
و الجواب:لیس له ذلک علی الأظهر،و إنما له الخیار و حق الفسخ من جهة تخلف الشرط.نعم،له حق الإجبار علی العمل الذی یکون موردا للعقد لا للشرط.
لم تشترط علیه المباشرة،
فیجوز له أن یستأجر شخصا فی بعض أعمالها أو فی تمامها و علیه الاجرة،کما أنه یجوز أن یشترط کون اجرة بعض الأعمال علی
ص:273
المالک.
کالنخل و الکرم و الرمان و نحوها من أنواع الفواکه،فلا یعتبر العلم بمقدار کل واحد من هذه الأنواع تفصیلا فی صحة المساقاة علیها،بل یکفی العلم الإجمالی بها علی نحو یرتفع معه الغرر.
أو الثلث أو نحوهما،و بین أن تکون علی کل نوع منها بحصة مخالفة لحصة نوع
آخر،
کأن تجعل فی النخل النصف مثلا و فی الکرم الثلث و فی الرمان الربع و هکذا.
و بالثلث إن کان السقی بالسیح،و لا یضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها.
من الذهب أو الفضة أو غیرهما،
سواء أ کان بنحو شرط الفعل أم کان بنحو شرط النتیجة،و قد تسأل:أنه إذا تلف بعض الثمرة أو کلها،فهل ینقص عما اشترط أحدهما علی الآخر من ذهب أو فضة أو نحوهما بنسبة ما تلف من الثمرة علی الأول أو لا؟و هل یسقط الشرط تماما علی الثانی أو لا؟
و الجواب:أن الشرط المذکور إن کان منوطا بسلامة الثمرة و عدم تلفها لا کلا و لا بعضا سقط بتلفها و لو بعض منها،علی أساس أن المعلق علیه الشرط،هو سلامة الثمرة کلا و هی لم تبق سالمة کذلک،و إن کان منوطا بسلامة الثمرة بالنسبة، فحینئذ إن تلف جمیع الثمرة بآفة سماویة أو غیرها،سقط جمیع الشرط أیضا،و إن تلف بعضها سقط من الشرط بالنسبة،و إن کان منوطا بصحة العقد لم یسقط الشرط أصلا و إن تلف جمیع الثمرة.نعم،إذا بطل العقد حینئذ بطل الشرط أیضا،
ص:274
باعتبار أنه معلق علی العقد الصحیح.
فعندئذ إن أجاز المالک المعاملة صحت المساقاة بینه و بین العامل و إلا بطلت، و کان تمام الثمرة للمالک،و للعامل اجرة المثل یرجع بها إلی الغاصب.
فعندئذ للمالک أن یرجع إلی الغاصب فقط بتمام عوضها،
و له أن یرجع إلی کل منهما بمقدار حصته،و لیس له أن یرجع إلی العامل بتمام العوض.
منها حد النصاب،فیما إذا کانت الشرکة قبل زمان الوجوب،
و إلا فالزکاة علی المالک فقط.
و عدمه،فالقول قول منکره.
مدعی الصحة.
قول المالک المنکر للزیادة،
و کذا الحال فیما إذا اختلفا فی المدة.
و أما إذا اختلفا فی مقدار الحاصل زیادة و نقیصة-بأن یطالب المالک العامل بالزیادة-فالقول قول العامل،و لا تسمع دعوی المالک علی العامل الخیانة أو السرقة أو الإتلاف،أو کون التلف بتفریط منه ما لم تثبت شرعا بعد ما کان المفروض أن العامل کان أمینا له.
ص:275
الجعالة من الإیقاعات،لا بد فیها من الإیجاب عاما مثل:من رد عبدی الآبق أو بنی جداری فله کذا،أو خاصا مثل:إن خطت ثوبی فلک کذا.
و لا یحتاج إلی القبول،لأنها لیست معاملة بین طرفین حتی یحتاج إلی قبول،بخلاف المضاربة و المزارعة و المساقاة و نحوها،بل إنها فی الحقیقة استحقاق الجعل المحدد بملاک ضمان عمل الغیر بأمره به لا علی وجه التبرع،و من هنا تکون الجعالة بحسب الارتکاز العرفی منحلة إلی جزءین:
الجزء الأول:الأمر العام أو الخاص بالعمل الذی تکون له اجرة المثل فی نفسه،و قابل للضمان بالأمر به،و الآخر تعیین الاجرة بإزاء ذلک العمل،و الجزء الأول من الجعالة هو ملاک الضمان،و یکون الضمان هناک من قبیل ضمان الغرامة لا الضمان المعاوضی.
الجزء الثانی:یحدد قیمة العمل المضمون بضمان الغرامة،و هی اجرة المثل، فإنها الأصل فی الضمان،و تصح علی کل عمل محلل مقصود عند العقلاء و له اجرة.
ص:276
و یجوز أن یکون مجهولا،کما یجوز فی العوض أن یکون مجهولا،إذا کان بنحو لا یؤدی إلی التنازع،مثل:من رد عبدی فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب.
و إذا کان العوض مجهولا محضا،مثل:من رد عبدی فله شیء بطلت،و کان للعامل اجرة المثل.
سواء أجعل لغیره أم لم یجعل.
کما إذا قال:من خاط ثوب زید فله درهم،فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زید.
أما إذا کان المجعول علیه غیره،کما إذا قال:من أوصل عبدی إلی البلد کان له درهم، استحق العامل الدرهم بإیصاله إلی البلد و ان لم یسلمه إلی أحد،و إذا قال:من خاط هذا الثوب فله درهم،استحق الخیاط الدرهم بمجرد الخیاطة.
یجوز للجاعل الرجوع فیها قبل العمل،و فی جواز الرجوع فی أثنائه إشکال،فإن صح رجوعه فیها،فلا إشکال فی أن للعامل اجرة المقدار الذی عمله.
ثم قال:من خاط هذا الثوب فله دینار،کان العمل علی الثانی،فإذا خاطه الخیاط لزم الجاعل الدینار لا الدرهم.و لو انعکس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدینار،و إذا لم تکن قرینة علی العدول من الأول الی الثانی وجب الجعلان معا.
کبنایة
ص:277
بیت أو خیاطة ثوب متعدد الجوانب أو اثواب،فإذا اشترک جماعة فی إیجاده فأوجدوه،کان الجعل المحدد یقسم للجمیع بینهم علی نسبة عمل کل واحد منهم فیه،و إذا کان الفعل قابلا للتعدد وجودا و صدر من کل واحد منهم مستقلا،کان لکل واحد منهم جعل مستقل،کما إذا قال الجاعل:کل من قرأ هذا الکتاب فله کذا مبلغا،فإذا قرأه أفراد متعددة کل منهم مستقلا،کان لکل منهم جعل کذلک.
کان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزیع،
و إذا جعل جعلا علی دلالة مکان الشارد مثلا فدله علی مکانه استحق الجعل.
المجعول علیه أو القدر المجعول علیه أو فی سعی العامل،
کان القول قول المالک.
و الأظهر أنه مع التنازع فی قدره یکون القول قول مدعی الأقل،و مع التنازع فی ذاته یکون القول قول الجاعل فی نفی دعوی العامل،و تجب علیه التخلیة بین ما یدعیه للعامل و بینه.
المستحدثة و هو صحیح شرعا،
علی أساس أن التأمین إما أن یکون من صغریات باب الضمان المعاوضی أو من صغریات الهبة المعوضة أو أنه معاملة مستقلة،و تخریجه علی الأول:أن الضمان المعاملی علی نحوین:
أحدهما:نقل الدین من ذمة فرد إلی ذمة فرد آخر،و الآخر التعهد بالشیء و جعله فی مسئولیة،و یؤدی هذا التعهد إلی اشتغال ذمته بقیمته علی تقدیر التلف،و هذا النحو من الضمان یتصور فی الدیون و الأعیان،فإذا تعلق التعهد
ص:278
بالدین فلا یتطلب نقل الدین من ذمة المدین إلی ذمة الضامن،بل یتطلب تعهد الضامن بوفاء ذلک الدین،و علی هذا فنقول:إن حقیقة عقد التأمین الضمان بالمعنی الثانی؛لأن شرکة التأمین أو البنک تتعهد بدفع المبلغ المؤمن علیه فی حالات خاصة،کحدوث الوفاة أو المرض أو غیره من الحوادث أو ما یتلف من ممتلکات الإنسان فی مقابل الحصول علی مقدار من المال یتفق الطرفان علیه،فإذا تعهدت الشرکة بذلک،و قبل الطرف الآخر المؤمن له بحسب الشروط و القرار الواقع بینهما تحقق الضمان شرعا،فإذا کان التأمین علی الحیاة فالشرکة متعهدة بدفع المبلغ المؤمن علیه عند الوفاة،و إذا کان علی الصحة فهی متعهدة لدفع المبلغ المذکور عند تدهور حالته الصحیة أو تمارس علاجه مباشرة،و إذا کان علی المال فهی متعهدة بدفع المبلغ عند التلف منه.و التأمین المعبر عنه فی هذا العصر بال«سیکورته»صحیح بعنوان الضمان المعاوضی.
و تخریجه علی الثانی:أن من أراد التأمین علی نفسه أو ماله یصدر خطابا إلی الشرکة یتضمن الطلب منها بتحمل الخسارة لو حدث حادث بمالی أو نفسی لقاء هبتی مبلغا معینا شهریا،فإذا وافقت الشرکة علی ذلک،و تسجل علی نفسها جمیع ما اشترط فی الخطاب علیها کانت تلک قبولا منها لهذه الهبة المشروطة.
و تخریجه علی الثالث:إذا توافق الطرفان،أی:الشرکة و طالب التأمین و تعاقدا بینهما،بموجب وثیقة تصدرها الشرکة لهذا الغرض،و تذکر فیها جمیع الشروط المطلوبة،فتشمل المعاملة حینئذ علی الإیجاب و القبول و الرضا من الطرفین،و فی نفس الوقت لا تکون المعاملة معاملة سفهیة،علی أساس أن الشرکة لا تقدم علی المعاملة و المعاقدة مع طالب التأمین،و لا توقع علی الوثیقة
ص:279
إلا بعد حصول الاطمئنان بالنفع،و کذلک طالب التأمین،فتکون المعاملة حینئذ معاملة عقلائیة،و حیث أنه لا ینطبق علیها شیء من العناوین الخاصة للمعاملات الشرعیة،فهی معاملة مستقلة،و بما أنها نوع من التجارة عن تراض فیحکم بصحتها.
ص:280
و إنما یصحان فی السهام، و الحراب و السّیوف و الإبل،و الفیلة و الخیل و البغال و الحمیر،و لا یبعد صحة المسابقة فی جمیع الآلات المستعملة فی الحرب،کالآلات المتداولة فی زماننا بغرض الحفاظ علی حدود البلاد الإسلامیة.
أحدهما أو من بیت المال،
و یجوز جعله للسابق و للمحلل و لیس المحلل شرطا.
موجبا للنزاع،
فلا بد من تقدیر المسافة و العوض و تعیین الدابة أو غیرها،و لا بدّ فی الرمایة من تقدیر عدد الرمی و عدد الإصابة و صفتها من الخزق أو الخرق، و الأول ما ینفذ فی الهدف و الثانی ما یخرج منه،و قدر المسافة،و الغرض ما یقصد إصابته و هو الرقعة و الهدف ما یجعل فیه الغرض،و العوض و نحو ذلک.
ص:281
فله العوضان،فمن سبق من الثلاثة فهما له،فإن سبقا فلکل ماله،و إن سبق أحدهما و المحلل،فللسابق ماله و نصف الآخر و الباقی للمحلل.
بل یجری دابته بینهما أو فی أحد الجانبین علی وجه یتناوله العقد،علی أنه إن سبق بنفسه أو مع غیره أخذ العوض أو بعضه علی حسب الشرط،و إن لم یسبق لم یغرم شیئا.
و یضمن العوض إذا ظهر مستحقا للغیر مع عدم اجازته و عدم کون الباذل غارّا،و یحصل السبق بتقدم العنق أو الکتد،و هو العظم الناتئ بین الظهر و أصل العنق إذا لم تکن قرینة علی خلاف ذلک.
ص:282
کما إذا ورثوا دارا أو بستانا أو أرضا أو غیر ذلک،و قد تتحقق اختیارا بالعمل لا بالعقد، کما إذا قام شخصان بإحیاء أرض موات بالاشتراک أو حفر بئر أو عین کذلک أو قلع شجر أو جمع حطب و غیر ذلک،و قد تتحقق بالمزج،کما إذا مزج حنطة بحنطة أو دقیق إحداهما بالاخری أو دقیق الحنطة بدقیق الشعیر أو دهن بدهن،سواء أ کانا من جنس واحد أم من جنسین.
و قد تتحقق بالعقد،فإذا قال مالک العین کالدار أو نحوها مثلا:شارکتک فیها،و قال الآخر:قبلت،حصلت الشرکة بینهما فی العین،و تترتب علیها أحکامها،و إذا کانت لکل منهما عین،و قال أحدهما:شارکتک فیها،و قبل الآخر أصبحت عینه مشترکة بینهما،و إذا قال الآخر:شارکتک و قبل الأول صارت عینه مشترکة بینهما،فتکون الشرکة فی العینین،و هناک قسم آخر من الشرکة،و هو ما إذا اشتری أحد سلعة،و قال لآخر:انقد ثمنها علی أن یکون الربح بینهما،فإذا قبل الآخر و انقد ثمنها،حصلت الشرکة بینهما فی السلعة.
ص:283
فیجوز لکل من المتعاقدین فسخه،فإذا فسخ أحدهما لم یجز للآخر التصرّف فی المال المشترک فیه،و ینفسخ عقد الشرکة بعروض الموت أو الجنون أو الحجر بفلس أو سفه لأحد الشریکین،و یکره مشارکة الذّمی.
و أما فی الدیون و المنافع،فالمشهور عدم صحتها فیهما،و لکنه لا یخلو عن إشکال، و أما فی الأعمال بأن یتعاقدا علی أن تکون اجرة عمل کل منهما مشترکة بینهما، سواء کانا متفقین فی العمل،کما إذا کان کلاهما خیاطا مثلا أم مختلفین فیه،کما إذا کان أحدهما خیاطا و الآخر نجارا أو بناء و هکذا،فهل تصحّ أو لا؟ و الجواب أن الصحة لا تخلو عن إشکال،و الأحوط ترک ذلک.نعم،لو صالح کل منهما صاحبه،علی أن یکون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدّة معیّنة،فقبل الآخر صح،و کان عمل کل منهما مشترکا بینهما بالصلح.
منهما نصف اجرته للآخر،
صح ذلک و وجب العمل بالشرط.
بأن یتعاقدا علی أن یشتری کل منهما مالا بثمن فی ذمّته إلی أجل،ثم یبیعانه و یکون ربحه بینهما و الخسران علیهما؟و الجواب:أن صحتها محل إشکال و الأحوط الترک.
بأن یتعاقدا علی أن یکون ما یحصل لکل منهما من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غیر ذلک بینهما، و ما یرد علی کل منهما من غرامة تکون علیهما معا.
ص:284
فالأحوط أن یتصالحا فی الربح و الخسارة فی ضمن عقد آخر لازم،علی أنه إن ربح أحدهما أعطی صاحبه نصف ربحه و إن خسر أحدهما تدارک صاحبه نصف خسارته.
مالا واحدا عینا کان أو دینا
بإرث أو وصیة أو بفعلهما معا کما تتحقق بمزج أحد المالین بالآخر،علی نحو یرتفع الامتیاز بینهما مع الاتحاد فی الجنس،کمزج الحنطة بالحنطة أو مع الاختلاف فیه.
فإن تساویا فی الحصة کان الربح و الخسران بینهما بالسویة،و إن اختلفا فبالنسبة.
اشترطا الاختلاف مع تساوی الحصص،
صح إذا کان للمشروط له عمل،و أما إذا لم یکن له عمل بإزائه،فهل یصح هذا الشرط أو لا؟و الجواب:أنه إن ارید بهذا الشرط أن الزائد من الربح ینتقل إلیه و یدخل فی ملکه ابتداء،فهو شرط باطل علی القاعدة،و لا یکون نافذا و لو بالصلح علیه؛لأنه مخالف لقانون المعاوضة،و إن ارید به أن الزائد من الربح یدخل فی ملکه فی طول دخوله فی ملک الآخر بنحو شرط النتیجة،فلا بأس به.
دون إذن شریکه،
و إذا أذن له فی نوع من التصرّف،لم یجز التعدّی إلی نوع آخر.
نعم،إذا کان الاشتراک فی أمر تابع مثل البئر و الطریق غیر النافذ و الدهلیز و نحوها،مما کان الانتفاع به مبنیا عرفا علی عدم الاستئذان،جاز التصرّف و إن لم یأذن الشریک.
ص:285
کما لو کانا مشترکین فی طعام،فإذا لم یأذن أحدهما فی التصرّف رجع الشریک إلی الحاکم الشرعی لیأذن فی أکله أو بیعه أو نحوهما؛لیسلم من الضرر إن أمکن،و إلاّ فیجوز له التصرّف فیه بمقدار حصّته.
الإذن فی جمیع التصرفات،
بحیث أدّی ذلک إلی الضرر،رجع الشریک إلی الحاکم الشرعی لیأذن فی التصرّف الأصلح حسب نظره إن أمکن،و إلاّ فیجوز له التصرف فی ماله المشترک.
فإن لزم الضرر منها لنقصان فی العین أو القیمة بما لا یتسامح فیه عادة،لم تجب إجابته،و إلاّ وجبت الإجابة و یجبر علیها لو أمتنع.
الثمن،
فإنه تجب الإجابة و یجبر الشریک علیها لو أمتنع.
أجل بعینه،
لم تجب الإجابة حینئذ إلی أن ینتهی الأجل.
بمجرد التراضی وجه،
لکن الأحوط-استحبابا-خلافه.
و لا تصح قسمة الوقف فی نفسه إذا کانت منافیة لشرط الواقف،و إلاّ صحت.
لا یضمن ما فی یده من المال المشترک
ص:286
ألاّ بالتعدی أو التفریط،و إذا ادعی التلف قبل قوله مع یمینه،و کذلک یقبل قوله مع یمینه إذا ادعی علیه التعدی أو التفریط فأنکر.
ص:287
المضاربة هی أن یدفع الإنسان مالا إلی غیره لیتجر فیه،علی أن یکون الربح بینهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلک،
و یکفی فیها کل ما یدل علیهما من لفظ أو فعل أو نحو ذلک،و لا یعتبر فیهما العربیة و لا الماضویة.
و أمّا عدم الحجر من سفه أو فلس،فهو إنما یعتبر فی المالک دون العامل.نعم،یعتبر فی العامل أن لا یکون عمله مملوکا لآخر بالإجارة أو نحوها.
إلا أن یکون هناک تعارف خارجی ینصرف إلیه الإطلاق.
صحیح أو لا؟
و الجواب:أن مرجع هذا الشرط إن کان إلی دخول هذا المقدار من الربح فی ملک الأجنبی ابتداء،فهو باطل جزما و مخالف لقانون المعاوضة،و إن
ص:288
کان إلی دخوله فی ملکه فی طول دخوله فی ملک المالک بنحو شرط النتیجة، فالظاهر أنه لا بأس به.نعم،إذا اشترط علی الأجنبی عمل فیها صح الشرط المذکور و إن قلنا ببطلان شرط النتیجة.
للعمل،
فإذا کان عاجزا عنه لم تصح.هذا إذا اخذت المباشرة قیدا،و أما إذا کانت شرطا لم تبطل المضاربة،و لکن یثبت للمالک الخیار عند تخلف الشرط.و أما إذا کان العامل عاجزا عن التجارة حتی مع الاستعانة بالغیر،بطلت المضاربة.و لا فرق فی البطلان بین تحقق العجز من الأول،و طروه بعد حین،فتفسخ المضاربة من حین طروّ العجز.
بسکة المعاملة من الأوراق النقدیة و نحوها،
و فی صحتها بالمنفعة إشکال و الأقرب الصحة،و کذلک الحال فی الدین.
فلو کان بید المالک و تصدی العامل للمعاملة صحت.
و یکون لکل من العامل و المالک ما جعل له من الحصة نصفا أو ثلثا أو نحو ذلک،و إذا وقع فاسدا، کان للعامل اجرة المثل و للمالک تمام الربح.
فلا یجوز التعدی عنه،فلو أمره أن یبیعه بسعر معین أو بلد معین أو سوق معین أو جنس معین،فلا یجوز له التعدی عن النوع المأذون فیه من التجارة،و لو تعدی إلی غیره من أنواع التجارة،فإن أجاز المالک فهو المطلوب،و إن لم یجز،فعندئذ ان
ص:289
خسر فیها فالخسارة علیه،کما انه لو تلف المال کله کان ضامنا؛لأن التلف مستند إلی تقصیره و تعدیه عن حدود المأذون و المسموح له،فلا تکون یده ید أمین،و إن ربح فیها کان الربح بینهما،و بکلمة:أن المالک إذا اشترط علی العامل ما یرجع إلی تقیید عمله و اتجاره بالبیع و الشراء،کان ذلک من تقیید الإذن،و أنه مجاز فی المقدار المأذون دون أکثر منه،و لازم ذلک بطلان تجارته فی غیر الحدود المأذون فیها،و عدم استحقاقه شیئا لا من الربح و لا اجرة المثل،و لکن مقتضی الروایات الصحة و الربح بینهما و هو المتعین.
و وصفا،
کما لا یعتبر ان یکون معینا،فلو أحضر المالک مالین و قال قارضتک بأحدهما صحت و إن کان الأحوط أن یکون معلوما کذلک و معیّنا.
علی العامل أن تکون الخسارة علیهما کالربح فی ضمن العقد،
فهل یصح هذا الشرط أو لا؟و الجواب:أنه لا یبعد صحته فی نفسه،و دعوی:أنه فاسد من جهة أنه مخالف لما دلّ علی عدم ضمان الأمین،فیکون من الشرط المخالف للکتاب و السنة،مدفوعة:بأن عنوان الأمین انما ینتزع للعامل فی باب المضاربة من تسلیط المالک علی ماله مطلقا،و الإذن له فی التصرف فیه کذلک،و أما إذا کان التسلیط و الإذن منه مقیدا بالضمان علی تقدیر التلف،فلا منشأ لانتزاع عنوان الأمین له،فیکون شرط الضمان علی هذا الأساس حاکما علی دلیل نفی الضمان عن الأمین.هذا إضافة أن مفاد أدلة عدم ضمان العامل هو نفی الضمان عنه بالید.
یعنی،أن یده لیست ید مضمنة،و مفاد هذا الشرط هو جعل الضمان علیه ابتداء علی تقدیر التلف،لا أن یده ید مضمنة،فلا تنافی بین الأمرین،فالنتیجة أن
ص:290
مقتضی القاعدة جواز جعل الضمان علی عامل المضاربة،بمعنی:التعهد و جعل المال فی العهدة و المسئولیّة،سواء کان ذلک بعقد مستقل أم کان بشرط فی ضمن عقد ما بنحو شرط النتیجة،و کذلک الحال فی سائر الامناء کالأجیر و نحوه،إلاّ أن الالتزام بذلک فی خصوص عامل المضاربة لا یخلو عن إشکال بل منع؛للنص الخاص فی المسألة الظاهر فی أن استحقاق المالک من الربح لا یجتمع مع ضمان العامل الخسارة،فإذا ضمنها العامل فلیس للمالک إلا رأس ماله،و معنی ذلک بطلان المضاربة،و قد تسأل:هل النصّ یشمل اشتراط التدارک بنحو شرط الفعل لا شرط النتیجة أو لا؟
و الجواب لا یبعد الشمول؛لأنه و إن لم یکن تضمینا واقعا و بالمعنی الدقیق، إلا أنه مشمول لإطلاق قوله علیه السّلام فی الحدیث:«من ضمن تاجرا فلیس له إلاّ رأس ماله»إذ یصدق علی من اشترط علیه التدارک أنه ضمنه.
فضاربه علیه
صح ذلک.
فضاربه علیه،فهل یرتفع الضمان بذلک أو لا؟
قولان،الأقوی هو الأول،و ذلک لأن عقد المضاربة فی نفسه و إن لم یقتض رضا المالک ببقاء المال فی یده؛لما عرفت من أنه لا یعتبر فی صحته کون المال بید العامل،إلا أنّ عقد المضاربة من المالک علی ذلک المال قرینة عرفیة علی رضاه ببقاء هذا المال فی یده و تصرفه فیه.نعم، إذا لم تکن قرینة علی ذلک لم یرتفع الضّمان.
سواء کان قبل الشروع فی العمل أم بعده،کان قبل تحقق الربح أم بعده،کما أنه لا
ص:291
فرق فی ذلک بین کونه مطلقا أو مقیدا إلی أجل خاص.
غیره،
إلاّ مع إذن المالک عموما أو خصوصا،و علیه فلو خلط من دون إذنه ضمن ما تلف تحت یده من ذلک المال،و لکن هذا لا یضرّ بصحة المضاربة،بل هی باقیة علی حالها و الربح بینهما علی النسبة.
یراه مصلحة
من حیث البائع و المشتری و نوع الجنس.نعم،لا یجوز له أن یسافر به من دون إذن المالک،إلاّ إذا کان هناک تعارف ینصرف الإطلاق إلیه،و علیه فلو خالف و سافر و تلف المال ضمن،و کذا الحال فی کل تصرف و عمل خارج عن عقد المضاربة.
أمرا متعارفا فی الخارج یشمله الإطلاق،
و أما إذا لم یکن أمرا متعارفا،فلا یجوز من دون الإذن الخاص.
فعندئذ إن استوفی الثمن قبل اطلاع المالک فهو،و إن اطلع المالک قبل الاستیفاء،فإن أجاز صح البیع،و إلاّ بطل.
بل یجوز بیع الجنس بجنس آخر أیضا.نعم،لو کان الجنس من الأجناس التی لا رغبة للناس فیها أصلا،فعندئذ لا یجوز ذلک؛لانصراف الإطلاق عنه.
ص:292
و علیه أن یتولی ما یتولاه التاجر لنفسه من الامور المتعارفة فی التجارة اللائقة بحاله،فیجوز له استئجار من یکون متعارفا استئجاره،کالدلال و الحمال و الوزان و الکیال و المحل و ما شاکل ذلک.و من هنا یظهر أنه لو استأجر فیما کان المتعارف مباشرته فیه بنفسه،فالاجرة من ماله لا من الوسط،کما أنه لو تولّی ما یتعارف الاستئجار،جاز له أن یأخذ الاجرة ان لم یتصد له مجانا.
و اجرة الرکوب و غیر ذلک مما یصدق علیه النفقة من رأس المال،
إذا کان السفر بإذن المالک،و لم یشترط نفقته علیه،و کذلک الحال بالإضافة إلی کل ما یصرف من الأموال فی طریق التجارة،فإنه یجب أن یکون ذلک بإذن المالک،أما تصریحا من جهة أنه المعتاد و المتعارف فی طریق التجارة.نعم،ما یصرفه مما لا تتوقف علیه التجارة فعلی نفسه.و المراد من النفقة هی اللائقة بحاله،فلو أسرف حسب علیه.نعم،لو قتّر علی نفسه أو حل ضیفا عند شخص لا یحسب له.
توزعت النفقة علی نسبة العملین علی الأظهر،لا علی نسبة المالین کما قیل.
بل ینفق من أصل المال.نعم،إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه،و یعطی المالک تمام رأس ماله،ثم یقسم الربح بینهما.
فإن لم یمنعه من شغله،فله أخذ النفقة.نعم،لیس له أخذ ما یحتاج إلیه للبرء من المرض،و أمّا إذا منعه عن شغله فلیس له أخذ النفقة،إلاّ إذا کانت هناک قرینة علی ذلک،أو اشترط علیه أن تکون نفقة العلاج من المرض علیه فی السفر کان أم فی الحضر.
ص:293
فنفقة الرجوع علیه لا علی المال المضارب به،و کذلک إذا انفسخ العقد بموت أو غیره،و أما إذا کان الفسخ من قبل المالک،فهل نفقة رجوع العامل علیه أو علی المالک؟
و الجواب:لا یبعد کون نفقة الرجوع علیه أیضا لا علی المالک؛إذ لا مبرر لأخذ النفقة من المال المضارب به بعد فسخ العقد و حله،و لا التزام من المالک بکون نفقاته فی سفره علیه مطلقا حتی بعد حل العقد.
و لم یکن هناک دلیل معین لأحدهما،فقد یکون الاختلاف من جهة أن العامل یدعی القرض لیکون الربح له،و المالک یدعی المضاربة؛لئلاّ یکون علیه غیر اجرة المثل و یکون الربح له،ففی مثل ذلک یتوجه الحلف علی المالک،باعتبار أن قوله مطابق للأصل.بمعنی:أنه لا یکون مطالبا بالإثبات،و علی العامل الإثبات، علی أساس أنه یدعی قرضا،یعنی:انتقال المال من المالک إلیه،فیکون مطالبا بإثباته شرعا،و إلاّ فعلی المالک الیمین،و بعدها یحکم بکون الربح للمالک،و ثبوت اجرة المثل علیه للعامل.و قد یکون من جهة أن المالک یدعی القرض لدفع الخسارة عن نفسه أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشیء،و العامل یدعی المضاربة الفاسدة بکون الخسارة علی المالک و اشتغال ذمّته له،فیکون المقام من التّداعی، علی أساس أن کلا منهما یدعی شیئا،فیکون مطالبا بإثباته شرعا،و بعد التحالف یکون الخسارة علی المالک و عدم اشتغال ذمته للعامل.هذا إذا کان الاختلاف بینهما فی کونها مضاربة فاسدة أو قرضا،و أما إذا کان الاختلاف بینهما فی أنها مضاربة فاسدة أو بضاعة،بأن یدعی العامل المضاربة الفاسدة و المالک
ص:294
البضاعة،فالظاهر فی هذه الصورة أن یکون الربح تماما للمالک بعد حلف المالک، و لا یکون للعامل اجرة المثل.
سواء أ کان المال أیضا واحدا أم کان متعددا،و سواء أ کان العمال متساوین فی مقدار الجعل فی العمل أم کانوا متفاضلین،و کذا یجوز أن یکون المالک متعددا و العامل واحدا.
و اشترطا له النصف و تفاضلا فی النصف الآخر،بأن جعل لأحدهما أکثر من الآخر مع تساویهما فی رأس المال،أو تساویا فیه،بأن کانت حصة کل منهما مساویة لحصة الآخر مع تفاضلهما فی رأس المال،فهل هذا صحیح بعنوان المضاربة أو لا؟ و الجواب:أن فیه تفصیلا،فإن مرجع هذا الجعل إن کان إلی دخول الزائد فی ملک من لا یستحقه بعنوان المضاربة ابتداء،فهو باطل علی القاعدة کما مر،و إن کان إلی دخوله فی ملکه فی طول دخوله فی ملک المالک بنحو شرط النتیجة فلا یبعد صحته.
أما علی الأول فلفرض انتقال المال إلی وارثه بعد موته،فإبقاء المال بید العامل یحتاج إلی مضاربة جدیدة.و أما علی الثانی فلفرض الإذن به و انتفائه بموته.
إلاّ بإذن المالک،
کما لا یجوز أن یضارب غیره إلا بإذنه،فلو فعل ذلک من دون إذنه و تلف ضمن.نعم،لا بأس بالاستیجار أو التوکیل فی بعض المقدمات علی ما هو المتعارف فی الخارج المنصرف إلیه الإطلاق.
ص:295
کخیاطة ثوب أو نحوها،أو إیقاع بیع أو صلح أو وکالة أو قرض أو نحو ذلک،و یجب الوفاء بهذا الشرط،سواء أتحقق الربح بینهما أم لم یتحقق،و سواء أ کان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجی أم من جهة ترک العامل العمل بالتجارة.
ظهور الربح،
و لا تتوقف علی الإنضاض أو القسمة.نعم،لو عرض بعد ذلک خسران أو تلف علی الربح السابق،یجبر بالربح اللاحق الذی یحصل بعد ذلک إلی أن تستقر ملکیة العامل.و هل یکفی فی الاستقرار قسمة تمام الربح و المال بینهما فحسب من دون فسخ المضاربة خارجا،أو لا یکفی؟ وجهان،الظاهر هو الأول لأنها فسخ فعلی لوضوح أن المالک إذا أخذ رأس ماله مع حصته من الربح، و أخذ العامل حصته منه لم یبق بعد ذلک موضوع للمضاربة،و علیه فلا یکون التلف بعد القسمة محسوبا من الربح بل هو علی مالکه.
فإن رضی الآخر فلا مانع منها،و إن لم یرض،فإن کان هو المالک فلیس للعامل إجباره علیها،علی أساس أن الربح وقایة لرأس المال،و ملکیة العامل له بالظهور متزلزلة،فلو عرض علیه خسران أو تلف یجبر به،فإن الربح-بمقتضی عقد المضاربة-متعلق لحق المالک،فلا یجوز التصرّف فیه من دون إذنه ما لم ینته أمده، و إن کان هو العامل فالظاهر أن للمالک إجباره علیها.
جبر به إذا کان بمقداره أو أکثر،
و أما إذا کان أقل منه وجب علی العامل ردّ أقل الأمرین من مقدار الخسران و ما أخذه من الربح.
ص:296
طرأت الخسارة علی مال المضاربة،
وجب علی العامل دفع أقل الأمرین من قیمة ما باعه أو وهبه و مقدار الخسران،و لا یکشف الخسران اللاحق عن بطلان البیع أو الهبة أو نحوهما،بل هو فی حکم التلف.
ما دام عقد المضاربة باقیا،
بل الأظهر الجبر و إن کانت الخسارة قبل الشروع فی التجارة،کما إذا سرق فی أثناء سفر التجارة قبل الشروع فیها أو فی البلد قبل الشروع فی السفر.هذا فی تلف البعض،و أما لو تلف الجمیع قبل الشروع فی التجارة،فالظاهر أنه موجب لبطلان المضاربة.هذا فی التلف السماوی،و أما إذا أتلفه العامل أو الأجنبی،فالمضاربة لا تبطل إذا أدّی المتلف بدل التالف،و أما إذا امتنع عن ذلک فللمالک إجباره و لو بالرجوع إلی الحاکم الشرعی.
حصل الخسران أو التلف،
یجبر بالربح السابق عدا المقدار الشائع منه فی الذی أخذه المالک من رأس المال،علی أساس أن المضاربة قد انفسخت بالنسبة إلی ذلک المقدار المأخوذ منه،فینحصر رأس المال بالباقی،و یکون العامل حینئذ مالکا لحصته من الربح فی المقدار المذکور کالمالک،و معه لا موضوع لجبران ما یقع من الخسارة أو التلف علی رأس المال الجدید به؛لأن الفسخ بالنسبة إلی ذلک المقدار موجب لاستقرار ملکه فیه،کما هو الحال فی فسخ العقد فی الجمیع.
العمل و اخری بعده و قبل ظهور الربح،
و علی کلا التقدیرین لا شیء للمالک و لا علیه،و کذا العامل،من دون فرق بین أن یکون الفسخ من العامل أو المالک.
ص:297
و صرف مقدار من رأس المال فی نفقته،فهل هو علی المالک أو لا؟و الجواب:الأقرب أنه لیس علیه بل علی العامل،بل لا یبعد کونه علیه و إن کان الفسخ من المالک،حیث إنه لا موجب لضمانه ما صرفه العامل فی السفر،فإن إذنه فی التصرّف فیه مشروط بشرط متأخّر،و هو تحقق التجارة الخارجیة و لا یکون مطلقا،فإذا لم تتحقق فلا إذن.
فإن رضی کل من المالک و العامل بالقسمة فلا کلام،و إن لم یرض أحدهما اجبر علیها.
أخذهما بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا؟
وجهان،و الوجوب إن لم یکن أقوی فهو أحوط.
ماله،
و أما الإیصال إلیه فلا یجب،إلاّ إذا أرسله إلی بلد آخر،فعندئذ الأظهر وجوب الرد إلی بلده.
العامل،
بأن ادعی المالک الزیادة و أنکرها العامل،قدّم قول العامل مع یمینه إذا لم تکن للمالک بیّنة علیها.و لا فرق فی ذلک بین کون رأس المال موجودا أو تالفا مع ضمان العامل.
بأن یدعی المالک الأقل و العامل یدعی الأکثر،فالقول قول المالک.
ص:298
فالقول قول العامل.
بأن لا یشتری الجنس الفلانی أو لا یبیع من فلان أو نحو ذلک،و العامل ینکره،فالقول قول المالک،فإن الشک یرجع إلی أن المالک هل أذن فیما یدعیه العامل أو لا،فالأصل عدمه.
و کذا الحال إذا ادعی الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات،مع فرض کونه مأذونا فی المعاملات ذات النسیئة.
الدعوی قبل فسخ المضاربة أو بعده،
بل الأظهر سماع قوله حتی فیما إذا ادعی بعد الفسخ التلف بعده.
فإن کان معلوما بعینه فلا کلام،و إن علم بوجوده فی الترکة من غیر تعیین فیأخذ المالک مقدار ماله منها،و لا یکون المالک شریکا مع الورثة بالنسبة.
فسخ أحد الشریکین دون الآخر،
فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلی حصة الآخر.
قلیلة أو کثیرة،
لم یستحق المالک علیه غیر أصل المال و إن کان عاصیا فی تعطیل
ص:299
مال الغیر.
الربح جابرا للخسران المتقدم علی الربح أو المتأخر عنه،
فالظاهر الصحة.
ص:300
و هی من العقود الجائزة،و مفادها الائتمان فی الحفظ.
و إذا عین المالک محرزا تعین،فلو خالف ضمن،إلا مع الخوف إذا لم ینص المالک علی الخوف،و إلا ضمن حتی مع الخوف.
للاستئمان و موجبا لصدق الخیانة،
کما إذا خلطها بماله بحیث لا تتمیز،أو أودعه کیسا مختوما ففتح ختمه،أو أودعه طعاما فأکل بعضه،أو دراهم فاستقرض بعضها.
کما إذا کتب علی الکیس بیتا من الشعر أو نقش علیه نقشا أو نحو ذلک،فإنه لا یوجب ضمان الودیعة و إن کان التصرّف حراما؛لکونه غیر مأذون فیه.
ص:301
و یرجع به علی المالک.
و لا یزول الضمان إلاّ بالرد إلی المالک أو الإبراء منه.
و لو أقرّ له ضمن.
کافرا،
إلاّ إذا کان المودع غاصبا،فلا یجوز ردها إلیه،بل یجب ردها إلی مالکها، فإن ردها إلی المودع ضمن.و لو جهل المالک عرّف بها،فإن لم یعرفه تصدق بها عنه،فإن وجد و لم یرض بذلک،فالأظهر عدم الضمان،و لو أجبره الغاصب علی أخذها منه لم یضمن.
فالأحوط أنه تحرم علیه الخیانة و لا یصح له تملک المال و لا بیعه.
القول قول الودعی مع یمینه،
و کذلک إذا اختلفا فی التلف إن لم یکن الودعی متهما.
فلا یبعد أن یکون القول قول الودعی مع یمینه،و کذلک إذا اختلفا فی أنّها دین أو ودیعة مع التلف.
فإن لم یکن ممیزا لم یضمن الودیعة حتی إذا اتلف،و کذلک المجنون.
و لا یضمن
ص:302
بمجرد القبض،و لا سیّما إذا کان بإذن الولی،و فی ضمانه بالتفریط و الإهمال إشکال، و الأظهر الضمان.
ص:303
و هی التسلیط علی العین للانتفاع بها مجانا.
و تجوز إعارة ما تملک منفعته و إن لم تملک عینه.
و لا یجوز له التعدی عن ذلک،فإن تعدی ضمن،و لا یضمن مع عدمه،إلا أن یشترط علیه الضمان أو تکون العین من الدینار و الدرهم،بل مطلقا و إن لم یکونا مسکوکین،و لو اشترط عدم الضمان فیهما صح.
و إذا استعار من الغاصب ضمن،فإن کان جاهلا رجع علی المعیر بما أخذ منه إذا کان قد غرّه.
لم یجز التعدی عنه إلی غیره و إن کان معتادا.
ص:304
و لا یبطل الرهن بها.
فإن کان الرهن عاریة ضمن المستعیر العین بما بیعت به،إلا أن تباع بأقل من قیمة المثل، و فی ضمان الراهن العین لو تلفت بغیر الفک إشکال،و الظاهر عدم الضمان إلاّ مع اشتراطه.
ص:305
و هی المال الضائع الذی لا ید لأحد علیه المجهول مالکه.
الأول:یسمی لقیطا.
الثانی:یسمی ضالة.
الثالث:یسمی لقطة بالمعنی الأخص.
و کذا لقیط دار الکفر إذا کان فیها مسلم أو ذمی یمکن تولده منه،و وارثه الإمام إذا لم یکن له وارث، و کذلک الإمام عاقلته،و إذا بلغ رشیدا فأقر برقیته قبل منه.
یمکن تولده منه،هل یجوز استرقاقه أو لا؟
و الجواب:ان استرقاقه لا یخلو عن إشکال،و الأحوط ترکه.
ص:306
فإذا أخذه کان أحق بتربیته و حضانته من غیره،إلاّ أن یوجد من له الولایة علیه لنسب أو غیره،فیجب دفعه إلیه حینئذ،و لا یجری علیه حکم الالتقاط.
فلا اعتبار بالتقاط الصبی و المجنون و العبد إلاّ بإذن مولاه،بل یشترط الإسلام فیه إذا کان اللقیط محکوما بإسلامه،فلو التقط الکافر صبیا فی دار الإسلام لم یجر علی التقاطه أحکام الالتقاط و لا یکون أحق بحضانته.
و إلاّ فإن کان له مال انفق علیه منه بعد الاستئذان من الحاکم الشرعی أو من یقوم مقامه،و إلاّ أنفق الملتقط من ماله علیه و رجع بها علیه إن لم یکن قد تبرع بها،و إلا لم یرجع.
و الفلوات و نحوها من المواضع الخالیة من السکان،
فإن کان الحیوان یحفظ نفسه و یمتنع عن السباع لکبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته کالبعیر و الفرس و الجاموس و الثور و نحوها لم یجز أخذه،سواء أ کان فی کلاء و ماء أم لم یکن فیهما، إذا کان صحیحا یقوی علی السعی إلیهما،فإن أخذه الواجد حینئذ کان آثما و ضامنا له،و تجب علیه نفقته و لا یرجع بها علی المالک،و إذا استوفی شیئا من
ص:307
نمائه-کلبنه و صوفه-کان علیه مثله أو قیمته.و إذا رکبه أو حمّله حملا کان علیه اجرته،و لا یبرأ من ضمانه إلا بدفعه إلی مالکه.نعم،إذا یئس من الوصول إلیه و معرفته،تصدق به عنه بإذن الحاکم الشرعی علی الأحوط.
جاز أخذه کالشاة و أطفال الإبل و البقر و الخیل و الحمیر و نحوها،و قد تسأل:هل یجب علیه التعریف أو أنه بأخذه إیاه و استیلائه علیه یصبح مالکا لها و لا شیء علیه بعد ذلک؟و الجواب:الأظهر هو الثانی،و هو مدلول الروایات التی تنصّ علی أن من أصاب الضالة بالفلاة فهی له أو لأخیه أو للذئب،و هذا یعنی:أن الواجد لو لم یأخذها لنفسه،فإما أن یأخذها غیره أو یأکلها الذئب،و قد تسأل:
أنه إذا أخذها و تصرف فیها بالأکل أو البیع أو غیر ذلک،فهل یضمن قیمتها لصاحبها أو لا؟
و الجواب:أن الضمان و إن کان مشهورا،و لکن الأقرب عدمه،حتی إذا جاء صاحبها و طلبها منه،فإنه لا یجب علیه دفع شیء له؛لأن مقتضی الروایات أنها لواجدها،من دون أی إشعار فیها أنها له علی وجه الضمان مطلقا أو إذا طالبه بها،ثم إن ما ذکرناه من عدم الضمان إنما هو فیما إذا کان أمر الضالة مرددا بین ثلاثة احتمالات،إما أنها للواجد أو لغیره أو للذئب،و أمّا إذا کان هناک احتمال رابع-هو انها للمالک-فلا یمکن الحکم بعدم الضمان.
فإن کان قد أعرض عنه، جاز لکل أحد تملکه کالمباحات الأصلیة و لا ضمان علی الآخذ،و إذا ترکه عن جهد و کلل بحیث لا یقدر أن یبقی عنده و لا یقدر أن یأخذه معه،فإذا کان الموضع الذی ترکه فیه لا یقدر الحیوان علی التعیش فیه،لأنه لا ماء و لا کلاء و لا یقوی
ص:308
الحیوان فیه علی السعی إلیهما،جاز لکل أحد أخذه و تملکه،و أما إذا کان الحیوان یقدر فیه علی التعیش،لم یجز لأحد أخذه و لا تملکه،فمن أخذه کان ضامنا له، و کذا إذا ترکه عن جهد،و کان ناویا للرجوع إلیه قبل ورود الخطر علیه.
و هو المواضع المسکونة التی یکون الحیوان فیها مأمونا کالبلاد و القری و ما حولها مما یتعارف وصول الحیوان منها إلیه،لم یجز له أخذه و من أخذه ضمنه،و یجب علیه التعریف إذا أمکن،و یبقی فی یده مضمونا إلی أن یؤدیه إلی مالکه،فإن یئس منه تصدق به بإذن الحاکم الشرعی علی الأحوط.نعم،إذا کان غیر مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ، و کان واثقا بذلک،فهل یجری علیه حکم الحیوان الواجد فی الصحراء أو لا؟ و الجواب:أنه لا یجری،فإن وظیفته التعریف إن أمکن،فإن یئس و انقطع أمله عن وجدان صاحبه تصدّق به،فإن جاء صاحبه بعد ذلک خیّره بین أجر الصدقة و بین قیمة الحیوان،فإن اختار الأول فهو المطلوب،و إلاّ فعلیه أن یدفع قیمته إلیه و له أجرها.
أخذها،
و یجوز إخراجها من الدار و لیس علیه شیء إذا لم یکن قد أخذها،أما إذا أخذها ففی جریان حکم اللقطة علیها إشکال بل منع،و علیه التعریف بها حتی یحصل الیأس من معرفة مالکها،ثم إذا شاء یتصدق بها و بعد ذلک إذا جاء مالکها، فإن رضی بالتصدق فهو،و إن طالبه بها،وجب أن یدفع إلیه قیمتها و له أجر الصّدقة.
فإن وجد متبرع بها أنفق علیها،و إلاّ أنفق علیها من ماله و رجع بها علی المالک.
ص:309
ما أنفقه علیها،
و لکن لا بدّ أن یکون ذلک بحساب القیمة،و إذا زاد فالزائد للمالک.
و هی عبارة عن المال الضائع غیر الحیوان و الإنسان و له مالک محترم بالفعل مجهول،و لها أحکام خاصة،منها:أن علی الملتقط أن یقوم بتعریفها سنة کاملة شریطة توفر امور:
الأول:أن لا یکون جازما بعدم فائدة للتعریف للیأس عن وجدان صاحبها.
الثانی:أن تکون ذات علامة ممیّزة.
الثالث:أن لا یکون فیه تعریض النفس للخطر،فإذا توفرت هذه الامور الثلاثة وجب علیه تعریفها طول السنة برجاء أن یجد صاحبها،و لا فرق فی ذلک بین أن تکون قیمتها أقل من الدرهم أو أکثر منه،و منها:أن الملتقط إذا لم یجد صاحبها بعد التعریف یکون مخیرا بین التصدق بها مع الضمان و بین جعلها فی عرض ماله،و یجری علیها ما یجری علی ماله حتی یجیء لها طالب،و إلاّ فیوصی بها فی وصیته و بین تملّکها،و منها:أنّها إذا لم تکن ذات علامة ممیزة قابلة للتعریف،فالمشهور علی جواز تملکها،و لکنه لا یخلو عن إشکال بل منع.
لصاحبها،
و ما اخرج بالغوص فهو لمخرجه إذا کان صاحبه قد ترکه.
بمجرد الأخذ،
و لا یجب فیها التعریف و لا الفحص عن مالکها.ثمّ إذا جاء المالک فإن کانت العین موجودة ردّها إلیه،و إن کانت تالفة لم یکن علیه البدل،و لکنّه لا
ص:310
یخلو عن إشکال،لما مرّ من أنّه لا فرق فی وجوب التعریف و غیره من الأحکام بین أن تکون قیمة اللقطة أقلّ من الدّرهم أو أکثر.
عند توفّر شروط التعریف،
فإن لم یعرفه،فإن کان قد التقطها فی الحرم،فالأظهر أن یتصدّق بها عن مالکها و لیس له تملّکها،و إن التقطها فی غیر الحرم تخیّر بین الامور الثلاثة المتقدّمة:تملّکها،و التصدّق بها مع الضمان،و ابقائها أمانة فی یده بلا ضمان إلی أن یجیء صاحبها.
و المدار فی القیمة علی مکان الالتقاط و زمانه دون غیره من الأمکنة و الأزمنة،و مرّ أنه لا فرق فی ذلک بین أن تکون قیمته أقل من الدّرهم أو أکثر.
المسکوکة،
فإن عشرة دراهم تساوی خمسة مثاقیل صیرفیة و ربع مثقال.
إمّا لأنّه لا علامة فیه کالمسکوکات المفردة و المصنوعات بالمصانع المتداولة فی هذه الأزمنة،أو لأن مالکه قد سافر إلی البلاد البعیدة التی یتعذّر الوصول إلیها،أو لأنّ الملتقط یخاف من الخطر و التهمة إن عرّف به،أو نحو ذلک من الموانع سقط التعریف،و الأظهر التصدّق به عنه،و جواز التملّک لا یخلو من إشکال بل منع.
علی وجه التوالی العرفی،
بحیث لا یصدق أنه تسامح فیه و تماهل،فإن لم یبادر إلیه کان عاصیا،و لکن لا یسقط وجوب التعریف عنه،بل تجب المبادرة إلیه بعد ذلک إلی أن ییأس عن المالک.و کذا الحکم لو بادر إلیه من حین الالتقاط،و لکن ترکه
ص:311
بعد ستّة أشهر مثلا حتی تمّت السنة،فحینئذ إن انقطع أمله عن معرفة المالک فهو، و إلاّ فعلیه أن یواصل فی الفحص و التعریف،فإذا تمّ التعریف تخیر بین التصدّق و الإبقاء للمالک و التملک.
الالتقاط لعذر،
أو ترک الاستمرار علیه کذلک إلی انتهاء السّنة،فالحکم کما تقدّم.
نعم،مع الیأس عن المالک تخیر بین الامور الثلاثة.
فتجوز له الاستنابة فیه بلا اجرة أو باجرة،و الأقوی کون الاجرة علیه لا علی المالک و إن کان الالتقاط بنیّة إبقائها فی یده للمالک.
فقد عرفت أنّه یتخیر بین التصدّق و غیره من الامور المتقدّمة،و لا یشترط فی التخییر بینهما الیأس القطعی من معرفة المالک.
علی السنة،
فالأظهر لزوم التعریف حینئذ،و عدم جواز التملک أو التصدق.
جاز أن یقومها الملتقط علی نفسه و یتصرّف فیها بما شاء من أکل و نحوه و یبقی الثمن فی ذمته للمالک،و الأحوط أن یکون بإذن الحاکم الشرعی ان أمکن،کما یجوز له أیضا بیعها علی غیره و یحفظ ثمنها للمالک،و الأحوط أن یکون بیعها علی غیره أیضا بإذن الحاکم الشرعی،و لا یسقط التعریف عنه علی الأحوط،بل یحفظ صفاتها و یعرف بها سنة،فإن وجد صاحبها دفع إلیه الثمن الذی باعها به أو القیمة التی فی ذمته،و إلاّ لم یبعد جریان التخییر المتقدم علی ثمنه.
ص:312
التعریف بها سنة،
فإن وجد المالک دفعها إلیه،و إن لم یجده و وجد الملتقط الأول جاز دفعها إلیه إذا کان واثقا بأنه یعمل بوظیفته،و علیه إکمال التعریف سنة و لو بضمیمة تعریف الملتقط الثانی،فإن لم یجد أحدهما حتی تمّت السنة،جری التخییر المتقدم من التملک أو التصدق أو الإبقاء للمالک.
فقال بعضهم:یتحقق التتابع بأن لا ینسی اتصال الثانی بما سبقه،و یظهر أنه تکرار لما سبق،و نسب إلی المشهور أنه یعتبر فیه أن یکون فی الاسبوع الأول کل یوم مرّة،و فی بقیة الشهر الأوّل کل اسبوع مرة،و فی بقیة الشهور کل شهر مرة.
و کلا القولین مشکل،و اللازم الرجوع إلی العرف فیه و صدق أنه عرفها سنة کامله.و لا یبعد صدقه إذا کان فی کل ثلاثة أیام،هذا إذا کان التعریف بالإعلان،و أما إذا کان بإلصاق المنشور علی الجدار أو نحوه فی مظان وجود المالک فیه،فلا حاجة إلی التکرار؛لأن المنشور ما دام موجودا و ملتصقا به فهو تعریف.
حیث یحتمل عود المالک إلیه و تواجده فیه،و لا یجزئ فی غیره.
و نحو ذلک،
وجب أن یکون التعریف فی مجامع الناس کالأسواق و محل إقامة الجماعات و المجالس العامة و نحو ذلک،مما یکون مظنة وجود المالک فیه.
فإن کان فیها نزّال عرّفهم،و إن کانت خالیة فالأحوط التعریف فی المواضع القریبة التی هی مظنة
ص:313
وجود المالک فیها.
جاز له السفر و استنابة شخص أمین فی التعریف،و لا یجوز السفر بها الی بلده.
جاز له السفر بها و التعریف بها فی بلد المسافرین.
جاز له السفر و استنابة أمین فی التعریف.
السامع لتفقد المال الضائع و ذکر صفاته،
فلا یکفی أن یقول:من ضاع له شیء أو مال،بل لا بدّ أن یقول:من ضاع له ذهب أو فضة أو إناء أو ثوب،أو نحو ذلک مع الاحتفاظ ببقاء إبهام للقطة،فلا یذکر جمیع صفاتها.و بالجملة یتحری ما هو أقرب إلی الوصول إلی المالک،فلا یجدی المبهم المحض و لا التعین المحض،بل أمر بین الأمرین.
و أمکن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصیات التی هی فیها مثل العدد الخاص و الزمان الخاص و المکان الخاص وجب التعریف،و لا تکون حینئذ مما لا علامة له الذی تقدم سقوط التعریف فیه.
فلولیهما أو غیره التعریف بها سنة،و بعد التعریف-سواء أ کان من الولی أم من غیره-یجری التخییر المتقدم.
فإن
ص:314
کانت العین موجودة أخذها،و لیس به إلزام الملتقط بدفع البدل من المثل أو القیمة،کما أنه لیس للملتقط إلزام المالک بأخذ البدل عوضا عن العین،و إن کانت تالفه أخذ مثلها أو قیمتها.
و حینئذ فإن رضی بالتصدّق کان له أجره،و أن لم یرض به و طالب بها فعلی الملتقط أن یغرم له المثل إن کانت مثلیة،و القیمة إن کانت قیّمیة،و له أجر التصدق،و لیس للمالک الرجوع بالعین علی المتصدّق علیه إن کانت موجودة،و لا بالمثل أو القیمة إن کانت مفقودة.
التفریط بها،
و لا فرق بین مدة التعریف و ما بعدها.نعم،إذا تملکها أو تصدق بها بعد التعریف ضمنها إذا جاء صاحبها و لم یرض علی ما مرّ.
عنه وجوب التعریف،
و لکنه لا یخلو عن إشکال بل منع،فإن الحاکم الشرعی إن قبلها فعلیه التعریف،و إلاّ فعلی الملتقط،هذا إضافة إلی أنه لا یجوز له أن یقبلها بعنوان الولایة؛إذ لا ولایة له علیه قبل التعریف.
و سقط التعریف،
سواء أ کان ذلک قبل التعریف أم فی اثنائه أم بعده قبل التملک.
نعم،إذا کان بعد التملک فقد مرّ أن الأقرب عدم وجوب دفعها إلیه و إن کان أحوط.
فان کانت غیر مضمونة-بأن لم یکن تعدّ أو تفریط-سقط التعریف،و إذا کانت مضمونة لم یسقط،و کذا إذا کان
ص:315
التلف فی أثناء التعریف،ففی الصورة الاولی یسقط التعریف،و فی الصورة الثانیة یجب إکماله،فإذا عرف المالک دفع إلیه المثل أو القیمة.
و کذا إذا وصفها بصفاتها الموجودة فیها مع حصول الاطمئنان بصدقه،و لا یکفی مجرد التوصیف،بل لا یکفی حصول الظن أیضا.
و النماء،
سواء حصل النماء قبل التصدّق أم بعده.
للمالک،
و إن حصل بعده کان للملتقط علی الأظهر.
فإن کان متّصلا ملکه الملتقط تبعا لتملک اللقطة،و أما إذا کان منفصلا،ففی جواز تملّکه إشکال، و الأظهر التصدق به.
وکیله،
فإن أمکن الاستیذان منه فی التصرّف فیها و لو بمثل الصدقة عنه أو دفعها إلی أقاربه أو نحو ذلک تعیّن،و إلاّ تعیّن التصدّق بها عنه.
وارثه کسائر أملاکه،
و إن کان بعد التعریف و قبل التملک،فهل یقوم الوارث مقامه فی التخییر بین الأمور الثلاثة أو لا؟
و الجواب:لا یبعد ذلک.و إن کان قبل التعریف أو فی أثنائه،فهل یقوم الوارث مقامه فیه أو فی إتمامه؟و الجواب:أنه غیر بعید.و علیه فإذا تمّ التعریف،
ص:316
تخیر الوارث بین الامور الثلاثة،و إن کان الأحوط و الأجدر به فی هذا الفرض أن یتصدّق به عنه إذا حصل له الیأس عن الوصول إلی مالکه.
فإن کان لا یدخل أحد یده فی صندوقه فهو له،و إن کان یدخل أحد یده فی صندوقه عرفه إیّاه إن أمکن،فإن عرفه دفعه إلیه،و إن أنکره فهو له،و إن جهله لم یبعد الرجوع إلی القرعة،کما فی سائر موارد تردد المال بین مالکین.هذا إذا کان الغیر محصورا، أما إذا لم یکن،فلا یبعد أن تکون الوظیفة الرجوع إلی القرعة من الأول دون التعریف،و حینئذ فإن خرجت القرعة باسم غیره،فحص عنه و عرف و بعد الیأس منه تصدّق به عنه.
فإن لم یدخلها أحد غیره أو یدخلها قلیل فهو له،و إن کان یدخلها کثیر کما فی المضایف و نحوها، جری علیه حکم اللّقطة.
فإن علم أن الذی بدله قد تعمّد ذلک جاز له أخذ البدل من باب المقاصة،فإن کانت قیمته أکثر من مال الآخر تصدّق بالزائد إن لم یمکن إیصاله إلی المالک،و إن لم یعلم أنه قد تعمّد ذلک،فإن علم رضاه بالتصرّف جاز له التصرّف فیه،و إلاّ جری علیه حکم مجهول المالک،فیفحص عن المالک،فإن یئس منه،ففی جواز أخذه وفاء عما أخذه إشکال بل منع،و الأظهر التصدّق به و إن کان الأحوط الاولی أخذه وفاء،ثمّ التصدّق به عن صاحبه.
ص:317
و هو حرام عقلا و شرعا،و یتحقق بالاستیلاء علی مال الغیر ظلما و جعله تحت یده و تصرّفه،بلا فرق فیه بین المنقول و غیره کالعقارات،و لا بین الأعیان و المنافع،و علی هذا فإذا کان مستولیا علی تمام المال بالاستقلال عدوانا ضمن التمام،و إذا کان علی بعضه ضمن ذلک البعض،کما لو سکن الدار قهرا مع المالک ضمن النّصف لو کانت بینهما بنسبة واحدة،و لو اختلفت فبتلک النسبة،و یضمن المنفعة إذا کانت مستوفاة،و کذا إذا فاتت تحت یده،و لو غصب الحامل ضمن الحمل.
أو من القعود علی بساطه فسرق،أو عن الدخول فی داره أو عن بیع متاعه لم یضمن من جهة الغصب؛لعدم کون المال تحت یده،فلو هلکت الدابة أو تلف البساط أو انهدمت الدار أو نقصت قیمة المتاع بعد المنع لم یکن علی المانع ضمان الید،و أمّا ضمانه من جهة الاتلاف،فإن کان إتلافها مستندا إلیه ضمن و إلاّ فلا.
ص:318
فإن رجع علی الأوّل رجع الأوّل علی الثانی،و إن رجع علی الثانی لم یرجع علی الأول،علی أساس استقرار الضمان علیه.
فلا ضمان علی المستولی لا عینه و لا منفعته و إن کان الحرّ صغیرا،إلاّ أن یکون تلفه مستندا إلیه.
إلاّ إذا کان أجیرا خاصا لغیره فیضمن لمن استأجره،و لو کان أجیرا له لزمته الاجرة،و لو استعمل الحرّ فعلیه اجرة عمله.
و کذا الحکم فی کل حیوان جنی علی غیره من إنسان أو حیوان أو غیرهما،فإن صاحبه یضمن جنایته إذا کان بتفریط منه،إمّا بترک رباطه أو بحله من الرباط إذا کان الحیوان من شأنه أن یربط وقت الجنایة للتحفظ منه.
فصاحب الدّار ضامن إذا کان عالما بالانهیار فلم یصلحه أو یهدمه و ترکه حتی انهدم فاصاب عینا فأتلفها.و کذا لو کان الجدار فی الطریق العام،فإن صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه إذا لم یبادر إلی قلعه أو إصلاحه،و ضمان صاحب الجدار فی الفرضین مشروط بجهل التالف بالحال إن کان إنسانا،و بجهل مالکه إن کان من الأموال،فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار أو ربط حیوانه هناک مع علمه بالحال فانهدم الجدار،فتلف الإنسان أو الحیوان لم یکن علی صاحب الجدار ضمان.
لا علی عاقلته.
ص:319
ضمن السارق.
ضمنه،و إذا لم یکن من شأنها السرایة،فاتفقت السرایة بتوسط الریح أو غیره لم یضمن.
الاستتار،
و هل یثبت للمسلم حق اختصاص بهما إذا استولی علیهما لغرض صحیح أو لا؟
و الجواب:أن ثبوته لا یخلو عن إشکال،و علی هذا فلو أتلفهما ففی ثبوت الضمان علیه تأمّل،و لا یبعد عدمه.
فإن تعیب ضمن الأرش،فإن تعذّر الردّ ضمن مثله،و لو لم یکن مثلیّا ضمنه بقیمته یوم الغصب،و الأحوط-استحبابا- التصالح لو اختلفت القیمة من یوم غصبه إلی یوم أدائه.
ثمّ نقصت ضمنها،
فعلیه ردّ العین و قیمة تلک الزّیادة،کما لو غصبت دابة مهزولة ثم سمنت الدابة،أو عبدا جاهلا ثم تعلّم صنعة فزادت قیمتها بذلک،ثم هزلت الدابة أو نسی العبد الصنعة،ضمن الغاصب تلک الزیادة التی حصلت تحت یده ثم زالت.نعم،لو تجدّدت صفة لا قیمة لها لم یضمنها.
الجنایة،
و لو زادت العین زیادة حکمیّة أو عینیّة کانت الزیادة للمالک و إن کانت
ص:320
مستندة إلی فعل الغاصب.نعم،إذا کانت الزیادة ملک الغاصب،کما إذا غرس فی الأرض المغصوبة شجرا رجع الغاصب بها و علیه أرش نقصان الأرض لو نقصت،و لیس للغاصب الرجوع بأرش نقصان عینه إلی المالک.
أو أنفه أو یدیه أو رجلیه،فهل علیه دفع العبد مع قیمته إلی مولاه أو لا؟
و الجواب:الأظهر أن علیه دفع القیمة فحسب و أخذه العبد بدیلا عن قیمته،و لیس لمولاه إلاّ المطالبة بالقیمة.
فإن کان بما یساویه،شارک المالک بقدر کمیته و إن کان بأجود منه أو بالأدون،فله أن یشارک بقدر مالیته، و له أن یطالب الغاصب ببدل ماله،و کذا لو کان المزج بغیر جنس المغصوب،فإن لم یؤد ذلک إلی التلف أو نقص القیمة،فله أن یشارک الغاصب بقدر مالیته و إلا یطالبه ببدل ماله.
رجع بالثمن علی الغاصب، و بما غرم للمالک عوضا عما لا نفع له فی مقابله أو کان له فیه نفع،و لو کان عالما فلا رجوع بشیء مما غرم للمالک.
الاجرة للمالک،
و القول قول الغاصب فی مقدار القیمة مع الیمین و تعذر البیّنة.
و إذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاکم الجائر جاز ذلک،و لا یجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه فی سبیل أخذ الحق.
ص:321
سبیل تحصیله،
لا یجوز له أن یأخذه من المدین،إلا إذا اشترط علیه ذلک فی ضمن معاملة لازمة.
و لا یتوقف علی إذن الحاکم الشرعی،کما لا یتوقف ذلک علی تعذّر الاستیفاء بواسطة الحاکم الشرعی.
جنس المغصوب و غیره،
کما لا فرق بین أن یکون ودیعة عنده و غیره.
أخذ منه حصة تساوی ماله،و کان بها استیفاء حقّه،و لا یبعد جواز بیعها أجمع و استیفاء دینه من الثمن،و الأحوط أن یکون ذلک بإجازة الحاکم الشرعی،و یرد الباقی من الثمن إلی الغاصب.
عدم الغصب
لم تجز المقاصة منه.
ص:322
المراد بالموات:الأرض المتروکة التی لا ینتفع بها إما لعدم المقتضی لإحیائها و إما لوجود المانع عنه،کانقطاع الماء عنها أو استیلاء المیاه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ علیها أو نحو ذلک.
1-الموات بالأصل،و هو ما لم تعرض علیه حیاة أصلا،لا بشریا و لا طبیعیا،کأکثر البراری و المفاوز و البوادی و سفوح الجبال و نحو ذلک.
2-الموات بالعارض،و هو ما عرض علیه الخراب و الموتان بعد الحیاة و العمران،کالأرض التی باد أهلها.
و هل عملیة الإحیاء توجب علاقة المحیی بالأرض علی مستوی الملک أو علی مستوی الحق؟
و الجواب:الأظهر أنها توجب علی مستوی الحق دون الملک،علی
ص:323
أساس أن رقبة الأرض ملک للإمام علیه السّلام و ظلت فی ملکه،و قد تسأل:هل یعتبر فی الإحیاء إذن الإمام علیه السّلام أو لا؟
و الجواب:الأقرب أنه معتبر،ثم إن هذا الإذن قد ثبت علی نحو الإطلاق لکل من شملته أخبار التحلیل،فإذا قام بعملیة الإحیاء،فلا یحتاج إلی إذن خاص من الإمام علیه السّلام أو نائبه.
الأول:ما لا یکون له مالک،و ذلک کالأراضی الدارسة المتروکة و القری أو البلاد الخربة و القنوات الطامسة التی کانت للامم الماضیة،التی لم یبق منها أحد،بل و لا اسم و لا رسم،أو أنها تنسب إلی طائفة لم یعرف عنهم سوی الاسم.
الثانی:ما یکون له مالک مجهول لم یعرف شخصه.
الثالث:ما یکون له مالک معلوم.
أما القسم الأول:فحاله حال الموات بالأصل،و لا یجری علیه حکم مجهول المالک.
و أما القسم الثانی من الأراضی الخربة:فهل یجوز القیام بعملیة احیائها أو یعامل معها معاملة الأرض المجهول مالکها؟و الجواب:أنه علی القول بأن عملیة الإحیاء تمنح علاقة المحیی بالأرض علی مستوی الحق دون الملک،یجوز القیام بإحیائها،علی أساس سقوط حق المحیی عنها باندراسها و خرابها بسقوط موضوعه،و لا یبقی له بعد ذلک أی حق فیها،و أما علی القول بأنها تمنح علاقة المحیی بها علی مستوی الملک،فلا تخرج الأرض عن ملکه
ص:324
باندراسها و خرابها،و علی ضوء هذا القول یعامل مع تلک الأراضی معاملة المجهول مالکها،فیجب الفحص عنه،و بعد الیأس و انقطاع الأمل عن الظفر به یرجع إلی الحاکم الشرعی،و حینئذ فإما أن یشتریها منه إذا کانت المصلحة فی الشراء و یصرف ثمنها علی الفقراء من قبل أصحابها،أو یستأجرها باجرة معینة،أو یقدّر لها اجرة المثل و تصرف الاجرة علی الفقراء،و هذا فیما إذا لم یعلم بإعراض مالکها عنها،و إلا جاز إحیاؤها و تملکها بلا حاجة إلی الإذن أصلا، و قد تسأل:أن الأقرب هل هو القول الأول أو الثانی؟و الجواب:الأقرب القول الأول،و علی هذا فلا فرق بین هذا القسم من الأراضی و القسم الأول منها فی هذا الحکم.نعم،علی القول الثانی،فإن أعرض المالک عنها جاز لکل أحد إحیاؤها،و إن لم یعرض،فإن إبقاءها مواتا للانتفاع بها علی تلک الحال من حشیشها أو قصبها أو جعلها مرعی لدوابها و أنعامها أو أنه کان عازما علی إحیائها،و إنما أخر ذلک لانتظار وقت صالح له أو لعدم توفّر الآلات و الأسباب المتوقف علیها الإحیاء و نحو ذلک،ففی جمیع هذه الحالات لا یجوز لأحد أن یقوم بإحیائها و التصرف فیها من دون إذن مالکها،بل مطلقا الاّ إذا رأی الحاکم الشرعی مفسدة فی تعطیلها.
أما القسم الثالث من الأراضی الخربة:فإذا علم بأن إبقاء تلک الأراضی معطلة،إنما هو من جهة عدم الاعتناء بها،علی أساس عدم حاجته إلیها فعلا، لا أنه أعرض عنها،فهل یجوز إحیاءها لغیره؟و الجواب:المشهور جواز إحیائها،إذا کان سبب ملک المالک الأول عملیة الإحیاء،و عدم الجواز إذا کان سببه عملیة الشراء أو الإرث،و لکنه لا یخلو عن إشکال بل منع؛لأن عملیة الإحیاء لو کانت سببا للملک لم یکن فرق بینها و بین عملیة الشراء أو الإرث أو غیره،فکما أن علی الثانی لا یجوز التصرف فی تلک الأراضی بإحیائها
ص:325
و توفیر الشروط للاستفادة منها من دون إذن أصحابها،فکذلک علی الأول؛ لأن ملکیتها المتعلقة برقبتها لا تزول بزوال الحیاة عنها؛لأنها جهة تعلیلیة لا تقییدیة،و أما إذا کانت سببا للحق دون الملک-کما هو الأظهر-فیجوز التصرف فیها بعد زوال الحیاة عنها و خرابها؛لأن الحق متمثل فی حیاتها،فما دامت حیة متعلقة له،فإذا ماتت و خربت خرجت عن مورده،و بکلمة:أن المحیی إنما یملک نتیجة عمله دون نفس الأرض،و هی خلق الشروط فیها التی تتیح للفرد فرصة الاستفادة منها و الانتفاع بها،و ما دامت تلک الشروط فیها متوفرة و الفرصة متاحة فعلاقته بها ثابتة،سواء کان یمارس الانتفاع بها أم لم یمارس،و أما إذا زالت تلک الفرصة و الشروط عنها،فقد زالت علاقته بها أیضا،علی أساس أنها کانت معلولة لهذه الشروط و الفرصة،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون موتها مستندا إلی ترکه الممارسة للانتفاع بها و الاستفادة منها بالاختیار،أو مستندا إلی مانع خارجی.هذا من ناحیة،و من ناحیة اخری أنه علی هذا القول لا فرق فی جواز التصرف فی تلک الأراضی و إحیائها،بین أن یکون منشأ علاقة أصحابها بها عملیة الإحیاء أو عملیة الشراء و نحوه،علی أساس أن مصدر علاقة الإنسان بالأرض مباشرة إنما هو عملیة الإحیاء و کذلک بسائر ثرواتها الطبیعیة،و أما الأسباب الاخری فهی أسباب ثانویة لها و فی طولها،و علی هذا فمن کانت علاقته بالأرض علی مستوی الحق بعملیة الإحیاء،فشراء الأرض میتة لا یوجب إلاّ منح المشتری نفس العلاقة التی کانت له،فإن حقیقة البیع منح البائع نفس علاقة المشتری بالثمن،و منح المشتری نفس علاقة البائع بالمبیع،فإن کانت علی مستوی الملک کانت کذلک، و إن کانت علی مستوی الحق کانت کذلک،و لا یتصور أن تکون علاقة البائع بالمبیع علی مستوی الحق،و لکن البیع یوجب منح المشتری العلاقة به علی
ص:326
مستوی الملک،و حیث إن سببیة الشراء أو الإرث أو الهبة أو غیر ذلک سببیة ثانویة،فلا بد و أن تنتهی فی نهایة المطاف إلی سببیة الإحیاء،فلا وجه للتفصیل بین ما إذا کان سبب علاقة الإنسان بالأرض الإحیاء أو الشراء أو غیره.
باد أهلها،کذلک یجوز حیازة موادها و أجزائها الباقیة
من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاکل ذلک،و یملکها الحائز إذا أخذها بقصد التملک.
أقسام:
1-ما لا یعلم کیفیة وقفها أصلا،و أنّها وقف خاص أو عام أو أنها وقف علی الجهات أو علی أقوام.
2-ما علم أنها وقف علی أقوام و لم یبق منهم أثر،و علی طائفة لم یعرف منهم سوی الاسم خاصة.
3-ما علم أنها وقف علی جهة من الجهات،و لکن تلک الجهة غیر معلومة أنها مسجد خاص أو مدرسة خاصّة أو مشهد أو مقبرة کذلک أو غیر ذلک،فالجهة الموقوف علیها مجهولة عینا و وصفا.
4-ما علم أنّها وقف علی أشخاص و لکنّهم غیر معلومین بأشخاصهم و أعیانهم،کما إذا علم أن مالکها وقفها علی ذریّته مع العلم بوجودهم فعلا، و لکنّهم غیر معلومین بأشخاصهم و أعیانهم.
5-ما علم أنها وقف علی جهة معیّنة أو أشخاص معلومین بأعیانهم.
6-ما علم إجمالا بأن مالکها قد وقفها،و لکن لا یدری أنه وقفها علی
ص:327
جهة کمدرسته المعیّنة أو أنه وقفها علی ذریّته المعلومین بأعیانهم،و لم یکن طریق شرعی لإثبات وقفها علی أحد الأمرین.
أما القسم الأول و الثانی:فالظاهر أنهما من الأنفال،و لا إشکال فی جواز إحیائهما شرعا،فحالهما من هذه الناحیة حال سائر الأراضی الموات.
و أمّا القسم الثالث:فالأقوی أن أمره راجع إلی الحاکم الشرعی،علی أساس أنه وقف،فلا یجوز التصرّف فیه من دون إذن المتولّی و هو فعلا منحصر به،و علیه فمن یقوم بإحیائه و عمارته بزرع أو نحوه،یراجع الحاکم الشرعی و یأخذه منه مزارعة أو إجارة أو یشتری منه،و یصرف حصة الوقف علی الأول و ثمنه علی الثانی فی وجوه البرّ و الإحسان مع مراعاة الأقرب فالأقرب.
و کذلک الحال فی القسم الرابع.
و أما القسم الخامس:فیجب علی من أحیاه و عمره اجرة مثله، و یصرفها فی الجهة المعیّنة إذا کان الوقف علیها و یدفعها إلی الموقوف علیهم المعینین،إذا کان الوقف علیهم،و یجب أن یکون التصرّف بإجازة المتولّی أو الموقوف علیهم.
و أمّا السادس:فیجب علی من یقوم بعمارته و إحیائه اجرة مثله،و یجب صرفها فی الجهة المعیّنة بإجازة من الذریة،کما أنه یجب علیه أن یستأذن فی تصرّفه فیه منهم أو من المتولّی لتلک الجهة إن کان،و إلاّ فمن الحاکم الشرعی أو وکیله،و إذا لم یجز الذریة الصرف فی تلک الجهة،فینتهی الأمر إلی القرعة فی تعیین الموقوف علیه کما یأتی.
ص:328
و حریم کل شیء مقدار ما یتوقّف علیه الانتفاع به،و لا یجوز لأحد أن یحیی هذا المقدار من دون رضا صاحبه.
فی الجهة التی یفتح إلیها باب الدار و مطرح ترابها و رمادها و مصبّ مائها و ثلوجها و ما شاکل ذلک عند الحاجة کما هو الغالب فی القری و الأریاف،و أما فی البلاد-و لا سیما فی العصر الحاضر-فلا یتوقّف جمع ترابها علی وجود مکان له،و أما الرماد فلا وجود له فعلا،و أما ماؤها و ثلوجها فلا یتوقّفان علی وجود مصب لها علی وجه الأرض.
و الطین و الجص،
إذا احتاج إلی الترمیم و البناء لدی الحاجة و التوقف.
إذا احتاج إلی الإصلاح و التنقیة و المجاز علی حافّتیه للمواظبة علیه إذا توقّف علیه،و إلاّ فلا یکون حریما،و هذا یختلف باختلاف الأزمنة.
إذا کان الاستسقاء منها بالید،و موضع تردّد البهیمة و الدولاب،و الموضع الذی یجتمع فیه الماء للزرع أو نحوه و مصبّه و مطرح ما یخرج منها من الطین عند الحاجة و التوقف.
علی نحو ما مرّ فی غیرها.
ص:329
من مجمع ترابها و کناستها و مطرح سمادها و رمادها و مجمع أهالیها لمصالحهم،و مسیل مائها و الطرق المسلوکة منها و إلیها،و مدفن موتاهم و مرعی ماشیتهم و محتطبهم و ما شاکل ذلک.کل ذلک بمقدار حاجة أهل القریة،بحیث لو زاحم مزاحم لوقعوا فی ضیق و حرج،و هی تختلف باختلاف سعة القریة و ضیقها و کثرة أهلها و قلّتهم و کثرة مواشیها و دوابها و قلّتها و هکذا،و لیس لذلک ضابط کلّی غیر ذلک،و من هنا تختلف حاجة القریة سعة و ضیقا باختلاف الأزمنة،فإنها تحتاج فی الأزمنة السابقة إلی موارد الاحتطاب،و أمّا فی زماننا هذا فتستغنی عنها بقیام شیء آخر مقام الحطب،فعندئذ تخرج تلک الموارد عن کونها حریما للقریة.
و یکون من مرافقها،کمسالک الدخول إلیها و الخروج منها و محل بیادرها و حظائرها و مجتمع سمادها و نحو ذلک،کلّ ذلک بمقدار الحاجة.
لمجاورتها لبیوتهم و مساکنهم من دون تملکهم لها بالإحیاء باقیة علی إباحتها
الأصلیة،
فلا یجوز لهم منع غیرهم من الانتفاع بها،و لا یجوز لهم أخذ الاجرة ممّن ینتفع بها،و إذا قسموها فیما بینهم لرفع التشاجر و النزاع لا تکون القسمة صحیحة،فیجوز لکلّ من المتقاسمین التصرّف فیما یختصّ بالآخر بحسب القسمة.نعم،إذا کانوا یحتاجون إلیها لرعی الحیوان أو نحو ذلک کانت من حریم أملاکهم،و لا یجوز لغیرهم مزاحمتهم فی ذلک و تعطیل حوائجهم.
و هو أن یکون الفصل بین بئر و بئر اخری بمقدار لا یکون فی إحداث البئر الثانیة ضرر علی الأولی،من جذب
ص:330
مائها تماما أو بعضا أو منع جریانه من عروقها،و هذا هو الضابط الکلّی فی جمیع أقسامها.
و هو أن یکون الفصل بین عین و عین اخری و قناة و قناة ثانیة فی الأرض الصلبة خمسمائة ذراع،و فی الأرض الرخوة ألف ذراع.و لکن الظاهر أن هذا التحدید غالبی،حیث إنّ الغالب أن یندفع الضرر بهذا المقدار من البعد و لیس تعبدیّا.و علیه فلو فرض أن العین الثانیة تضرّ بالأولی و ینقص ماؤها مع هذا البعد،فالظاهر عدم جواز إحداثها،و لا بد من زیادة البعد بما یندفع به الضرر أو یرضی به مالک الأولی، کما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر علیها فی إحداث قناة اخری فی أقل من هذا البعد،فالظاهر جوازه بلا حاجة إلی الإذن من صاحب القناة الأولی،و لا فرق فی ذلک بین إحداث قناة فی الموات و بین إحداثها فی ملکه،فکما یعتبر فی الأول أن لا یکون مضرا بالأولی فکذلک فی الثانی،کما أن الأمر کذلک فی الآبار و الأنهار التی تکون مجاری للماء،فیجوز إحداث بئر یجری فیها الماء من منبعها قرب بئر اخری کذلک،و کذلک إحداث نهر قرب آخر،و لیس لمالک الأول منعه إلاّ إذا استلزم ضررا،فعندئذ یجوز منعه.
و تعمیرها بجعلها مزرعة أو بستانا أو ما شاکل ذلک،شریطة أن یکون الإحیاء فی غیر المقدار الذی یتوقّف علیه الانتفاع من تلک القنوات و الآبار،و أما اعتبار البعد المذکور فی القنوات و الآبار فإنّما هو بالإضافة إلی إحداث قناة أو بئر اخری فقط.
ص:331
جاز إحیاؤها لکل أحد و إن کانت بقرب العامر،و لا تختص بمن یملک العامر و لا أولویّة له.
سواء أ کان حریم قناة أم بئر أم قریة أم بستان أم دار أم نهر أو غیر ذلک،و إنّما لا یجوز لغیره مزاحمته فیه باعتبار أن انتفاعه من ملکه یتوقّف علیه.
مثلا لو بنی المالکان المتجاوران حائطا فی البین لم یکن له حریم من الجانبین،و کذا لو بنی أحدهما فی نهایة ملکه حائطا أو غیره لم یکن له حریم فی ملک الآخر کما هو الحال فی البلدان.
ضررا علی جاره،
و إلاّ فالظاهر عدم جوازه،کما إذا تصرّف فی ملکه علی نحو یوجب خللا فی حیطان دار جاره أو حبس ماء فی ملکه،بحیث تسری الرطوبة إلی بناء جاره أو أحدث بالوعة أو کنیفا بقرب بئر الجار،فأوجب فساد مائها أو حفر بئرا بقرب بئر جاره،فأوجب نقصان مائها.و الظاهر عدم الفرق بین أن یکون النقص مستندا إلی جذب البئر الثانیة ماء الأولی،و أن یکون مستندا إلی کون الثانیة أعمق من الأولی.نعم،لا مانع من تعلیة البناء و إن کانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء.
و لم یکن مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فیما بین الجیران،لم یجز له التصرّف فیه،و لو تصرّف وجب علیه رفعه.هذا إذا لم یکن فی ترک التصرّف ضرر علی المالک، و أما إذا کان فی ترکه ضرر علیه لا یقل من الضرر علی جاره،ففی جواز
ص:332
تصرّفه عندئذ و عدمه وجهان،و الأقرب جوازه و إن کان الأحوط الأولی ترکه.کما أن الأقرب ضمانه للضرر الوارد علی جاره إذا کان مستندا إلیه عرفا، مثلا لو حفر بالوعة فی داره تضرّ ببئر جاره،وجب علیه طمّها،إلاّ إذا کان فیه ضرر علی المالک،و عندئذ ففی وجوب طمّها و عدمه وجهان،و الأقرب عدم وجوبه.نعم الظاهر عدم جریان هذا الحکم لو کان حفر البئر من الجار متأخّرا عن حفر البالوعة.
-کما إذا کانت ذات أشجار و قابلة للانتفاع-کان أحقّ بها،و لا یتحقّق السبق إلیها إلاّ بالاستیلاء علیها و صیرورتها تحت سلطانه و فی حوزته و خروجها من إمکان استیلاء غیره علیها.
المعاشرة مع الجیران
و کفّ الأذی عنهم و حرمة إیذائهم،و قد ورد فی بعض الروایات:أنّ الجار کالنفس و انّ حرمته کحرمة أمه،و فی بعضها الآخر:أن حسن الجوار یزید فی الرزق و یعمر الدیار و یزید فی الأعمار.و فی الثالث:من کفّ أذاه عن جاره أقاله اللّه عثرته یوم القیامة،و فی الرابع:لیس منّا من لم یحسن مجاورة من جاوره،و غیرها ممّا قد اکّد فی الوصیة بالجار و تشدید الأمر فیه.
مع الحاجة،
و لو أذن جاز له الرجوع قبل البناء علیه،و کذا بعد البناء إذا لم یضرّ الرفع،و إلاّ فالظاهر عدم جوازه.
فهو للحالف منهما
ص:333
مع نکول الآخر،و لو حلفا فهو لهما و إن نکلا فالمرجع القرعة،و لو اتّصل الجدار ببناء أحدهما دون الآخر أو کان له علیه طرح،فهو له مع الیمین باعتبار أنّه تحت یده و تصرّفه.
السفل فی جدران البیت،
و قول مالک العلو فی السقف و جدران الغرفة و الدرجة،و أمّا المخزن تحت الدرجة فلا یبعد کونه لمالک السفل،و طریق العلو فی الصحن بینهما و الباقی للأسفل.
علیه،
فإن تعذّر عطفها قطعها بإذن مالکها،فإن امتنع أجبره الحاکم الشرعی.
و مالک الأسفل أولی بالغرفة المفتوح بابها إلی الجار من الجار مع التنازع و الیمین و عدم البیّنة.
غیره،
و لو أحیاها من دون إذن المحجر لم یحصل له الحقّ فیها،و یتحقّق التحجیر بکلّ ما یدلّ علی إرادة الإحیاء،کوضع الأحجار فی أطرافها أو حفر أساس أو حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة،فإنّه تحجیر بالإضافة إلی بقیّة آبار القناة،بل هو تحجیر أیضا بالإضافة إلی الأراضی الموات التی تسقی بمائها بعد جریانه،فلا یجوز لغیره إحیاؤها،و بکلمة:أنّ التحجیر إنما یوجب حقّ الأولویّة إذا کان مقدمة للإحیاء و شروعا فیه لا مطلقا.
فالظاهر أنّه تحجیر بالإضافة إلی أصل القناة و بالإضافة إلی الأراضی الموات التی یصل إلیها ماؤها بعد تمامها،و لیس لغیره إحیاء تلک الأراضی.
ص:334
و لکن مع ذلک لا بأس بنقله إلی غیره ببیع أو غیره بنقل متعلّقه،فإنّ الحقّ- بما هو حکم شرعی-غیر قابل للانتفاع بنفسه بقطع النظر عن انتقال متعلّقه.
و إحیائه،
فإن لم یتمکّن من إحیاء ما حجره لمانع کالفقر أو العجز عن تهیئة الأسباب المتوقّف علیها الإحیاء،جاز لغیره إحیاؤه،و کذلک إذا کان متمکّنا من الإحیاء و لکن کان غرضه من التحجیر الاستیلاء و السیطرة علی المحجر من دون إرادة إحیائه فعلا،فإنّه لا یوجب حقّ الأولویّة له و لا یمنع من إحیاء غیره.
بالإضافة إلی المقدار الزائد.
لم یحصل له حقّ فیها لکی یکون له نقله إلی غیره بصلح أو هبة أو بیع أو نحو ذلک.
بل یجوز أن یکون بالتوکیل و الاستیجار،و علیه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموکل و المستأجر لا للوکیل و الأجیر.
النیابة،فهل یثبت الحق للمنوب عنه أو لا؟
وجهان لا یبعد عدم الثبوت.
بطل حقّه و جاز لغیره إحیاؤه،و إذا لم یکن من جهة إهماله و تسامحه و کان
ص:335
زوالها من دون اختیاره،کما إذا أزالها عاصف و نحوه،ففی بطلان حقّه إشکال بل منع.
التحجیر،
فلو أهمل و ترک الإحیاء و طالت المدّة،فهل یجوز لغیره إحیاءه من دون اذنه أو لا؟
و الجواب:أن الجواز غیر بعید،علی أساس أن التحجیر بعنوانه لا یوجب حدوث حقّ للمحجر و إنّما یوجب ذلک باعتبار أنّه شروع فی عملیة الإحیاء،فإذا ترک المحجّر العملیة متسامحا و متماهلا و من دون أی عذر و مانع و طالت مدّة الترک،لم یصدق علیه عرفا أنّه شروع فیها و مقدّمة لها،و من هنا إذا کان التحجیر بعنوان الاستیلاء و السیطرة علی الأراضی الشاسعة لا بفرض إحیائها و استثمارها و الاستفادة من ثرواتها،فلا قیمة له و لا یمنع عن قیام الغیر بإحیائها،بلا فرق فی ذلک بین أن یکون متمکّنا من إحیائها فعلا و لکنّه لا یرید الإحیاء،و إنّما کان قصده السّیطرة علیها برجاء أنها تفیده فی المستقبل أو لا یکون متمکّنا من إحیاء کلّها فعلا،فعلی کلا التقدیرین لا أثر للتحجیر و لا یوجب حقّ الأولویة له بها،و لکن مع هذا فالأحوط و الأولی فی المقام أن یرفع أمره إلی الحاکم الشرعی مع بسط یده أو وکیله،فیلزم المحجر بأحد أمرین:إما الإحیاء أو رفع الید عنه.نعم،إذا أبدی عذرا مقبولا-کعدم توفّر المواد للإحیاء أو نحو ذلک-یمهل بمقدار زوال عذره،فإذا اشتغل بعده بالتعمیر و نحوه فهو،و إلاّ بطل حقّه و جاز لغیره إحیاؤه،و إذا لم یکن الحاکم موجودا، فالظاهر سقوط حقّ المحجر إذا أهمل بمقدار یعدّ عرفا تعطیلا له،و الأحوط الأولی مراعاة حقّه إلی ثلاث سنین.
ص:336
بل یکفی قصد الإحیاء و الانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته،فلو حفر بئرا فی مفازة بقصد أن یقضی منها حاجته کان أحقّ بها،و لکن إذا ارتحل و أعرض عنها فهی مباحة للجمیع.
علیه أحد العناوین العامرة،
کالدار و البستان و المزرعة و الحظیرة و البئر و القناة و النهر و ما شاکل ذلک،و لذلک یختلف ما اعتبر فی الإحیاء باختلاف العمارة،فما اعتبر فی إحیاء البستان و المزرعة و نحوهما غیر ما هو معتبر فی إحیاء الدار و ما شاکلها،و علیه فحصول الحقّ تابع لصدق أحد هذه العناوین و یدور مداره وجودا و عدما،و عند الشک فی حصوله یحکم بعدمه.
فإذا أعرض المالک عن ملکه صار کالمباح الأصلی،فیجوز لکلّ فرد حینئذ أن یأخذه،فإذا أخذه ملک.
ص:337
المراد بالمشترکات:الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المیاه و المعادن.
أما الأول فهو الطریق المسمی بالشارع العام و الناس فیه شرع سواء،و لا یجوز التصرّف لأحد فیه بأحیاء أو نحوه،و لا فی أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار و نحو ذلک ممّا یزاحم المارة عادة،هذا فی غیر الطریق المسبّل،و سوف یأتی حکمه و الفرق بینه و بین الطریق العام فی الأرض الموات.و أمّا حفر بالوعة فیه لیجتمع فیها ماء المطر و نحوه،فلا إشکال فی جواز؛لکونها من مصالحه و مرافقه.و کذا لا بأس بحفر سرداب تحته إذا أحکم أساسه و سقفه.کما أنّه لا بأس بالتصرّف فی فضائه بإخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب میزاب أو غیر ذلک.
و الضابط:أن کلّ تصرّف فی فضائه لا یکون مضرّا بالمارّة جائز.
ص:338
فإن کان من قصده تجدیده ثانیا،فالظاهر أنه لا یجوز للآخر اشتغال ذلک الفضاء،و إن لم یکن من قصده تجدیده جاز له ذلک.
لکونه محاطا بالدور من جوانبه الثلاثة،
و هو المسمّی بالسکة المرفوعة و الدریبة، فهو ملک لأرباب الدور التی أبوابها مفتوحة إلیه،دون کلّ من کان حائط داره إلیه،و هو مشترک بینهم من صدره إلی ساقه،و حکمه حکم سائر الأموال المشترکة،فلا یجوز لکلّ واحد منهم التصرّف فیه بدون إذن الآخرین.نعم،یجوز لکلّ منهم فتح باب آخر و سدّ الباب الأوّل.
للاستطراق إلاّ بإذن أربابها.
نعم،له فتح ثقبة و شباک إلیها،و أمّا فتح باب لا للاستطراق،بل لمجرّد دخول الهواء أو الاستضاءة،فالظاهر أنّه لا مانع منه.
و التردّد منها إلی داره بنفسه و عائلته و دوابه،
و کل ما یتعلّق بشئونه من دون إذن باقی الشرکاء و إن کان فیهم القصر،و من دون رعایة المساواة معهم.
کالجلوس أو النّوم أو الصلاة أو البیع أو الشراء أو نحو ذلک،ما لم یکن مزاحما للمستطرقین،و لیس لأحد منعه عن ذلک و إزعاجه،کما أنّه لیس لأحد مزاحمته فی قدر ما یحتاج إلیه بوضع متاعه و الوقوف للمعاملة و غیر ذلک.
فإن کان جلوسه جلوس استراحة و نحوها بطل حقّه،و إن کان لحرفة و نحوها،فإن کان
ص:339
قیامه بعد استیفاء غرضه أو أنّه لا ینوی العود بطل حقّه أیضا،فلو جلس فی محلّه غیره لم یکن له منعه.
مهامه مع قصده العود إلیه مرّة اخری،فهل یسقط حقّه بذلک أو لا؟
و الجواب:أنّ السقوط غیر بعید حتی إذا بقی منه فیه متاع أو رجل أو بساط،علی أساس أنّ الثابت لکلّ فرد حقّ الانتفاع فیه فما دام أنّه یمارس هذا الحق،فلا یجوز لغیره أن یزاحمه،و أما إذا ترک الانتفاع منه فقد انتفی حقّه بانتفاء موضوعه.و علی هذا فالإنسان ما دام جالسا فی الطریق للاستراحة أو للبیع و الشراء أو لغرض آخر،فلا یجوز لغیره مزاحمته،و أما إذا قام من مکانه،فلا یبقی له حقّ فیه؛لأنّ حقّه الجلوس،فإذا قام منه سقط بسقوط موضوعه،فعندئذ یجوز لغیره الجلوس فیه و لا یحقّ له أن یمنعه عن ذلک،و کذلک الحال فی المسجد و نحوه ممّا تکون نسبته إلی الجمیع علی حدّ سواء،فإذا صلّی شخص فی المسجد أو جلس فیه لقراءة القرآن أو غیرها،فما دام یمارس عمله فیه فلا یحقّ لأی فرد آخر أن یزاحمه،و أما إذا قام منه فلا حقّ له فیه بعد ذلک و إن کان ناویا العود إلیه مرّة اخری و الصلاة فیه،و من هنا إذا أخذ مکان فرد منه بالقوّة و صلّی فیه کانت صلاته صحیحة و إن کان آثما،و هذا شاهد علی أنّ المکان لیس متعلّقا بحقّه،نعم لو کانت فترة الخروج منه و القیام قلیلة جدا،بحیث لا تضرّ بوحدة الجلوس عرفا و اتّصاله،فعندئذ یبقی حقّه ببقاء تواجده فیه،کما إذا قام لشرب ماء لا یبعد منه إلاّ خطوات أو لغسل یدیه أو وجهه أو نحو ذلک،فلا یقال عرفا:أنّه قام من مکانه،و لا یضرّ باستمرار جلوسه و تواجده فیه عرفا تخلل فترات القیام فی أثنائه الذی هو أمر اعتیادی فی مجلس واحد.
ص:340
الأول:کثرة الاستطراق و التردّد و مرور القوافل و الوسائل النقلیة فی الأرض الموات.
الثانی:جعل الإنسان ملکه شارعا عاما و تسبیله تسبیلا دائمیا لسلوک کافة الناس فیه،فإذا جعل ملکه کذلک لم یجز لأحد التصرّف فیه بإحیاء أو نحوه، و إن لم یکن مزاحما للمارة علی أساس أنّه وقف،فلا یجوز التصرّف فی الوقف مما ینافی جهته،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون حدّه سبعة أذرع أو أقل أو أکثر، و سواء کان الزائد علی الخمسة موردا-للحاجة کما هو الغالب فی زماننا هذا-أم لا،و بذلک یمتاز الطریق المسبل عن الطریق المبتکر فی الأرض الموات،فإنّه یجوز التصرّف فی الزائد علی الخمسة إذا لم تکن مزاحمة للمارة.
الثالث:من الطریق العام هو الواقع بین الأراضی العامرة للناس،کما إذا فرض وجود قطعة من الأرض الموات بین تلک الأراضی العامرة و أصبحت تلک القطعة طریقا عاما للناس من جهة کثرة الاستطراق و المرور منها،و لیس لهذا الطریق حدّ خاص سعة و ضیقا،فإنّه علی ما هو علیه القطعة المذکورة من السعة، فلا یجب علی الملاک توسعته إذا کان أقلّ من خمسة أذرع،و إن فرض أنه أصبح ضیقا علی المارّة إلاّ بتدخّل ولی الفقیه علی أساس مصلحة عامة.نعم،إذا کان زائدا علی الخمسة و لم یکن الزائد موردا للحاجة،جاز التصرّف فی الزائد بإحیاء أو نحوه،و کذلک الحال فیما لو سبل شخص فی وسط أرضه العامرة أو فی أحد أطرافها المجاور لأرض غیره مقدارا معیّنا لعبور الناس،فإنّه لا یزید و لا ینقص.
طرفیه،
فلا یجوز إحیاء ذلک الموات بمقدار یوجب نقص الشارع عن خمسة
ص:341
أذرع،فإنّ ذلک حدّ الطریق المعیّن من قبل الشرع،و علیه فلو کان الإحیاء إلی حدّ لا یبقی للطریق خمسة أذرع وجب علیه هدمه.نعم،لو أحیی شخص من أحد طرفیه،ثمّ أحیی آخر من طرفه الآخر بمقدار یوجب نقصه عن حدّه،لزم علی الثانی هدمه دون الأوّل.
إمّا لعدم المقتضی أو لوجود المانع أو حدوث طریق آخر یوجب الاستغناء عن الطریق الأوّل،زال حکمه،بل ارتفع موضوعه و عنوانه،و علیه فیجوز التصرّف فیه بإحیاء أو غیره، و قد تسأل:أنّ الطریق العام المبتکر فی الأرض الموات بما أنّه لا یخضع لمبدإ الحقّ الخاص أو العام،و إنّما الثابت هو عدم جواز مزاحمة المارّة فیه،فهل یجوز تبدیله بطریق آخر و تغییره أو لا؟
و الجواب:أنّه یجوز إذا لم تکن فیه مزاحمة للمارّة فیه،علی أساس أنّه لیس فیه تفویت لحقّها،و کذلک الحال فی الطریق بین الأراضی العامرة،فإنّه یجوز لأصحاب تلک الأراضی تبدیله بطریق آخر بهذا الشرط.
فإن کان مسبلا فلا یجوز لأحد إحیاء ما زاد علیها و تملّکه.و أما إذا کان غیر مسبل،فإن کان الزائد موردا للحاجة لکثرة المارّة و الوسائط النقلیة کما فی العصر الحدیث،فلا یجوز ذلک أیضا،و إلاّ فلا مانع منه.
و لا سیّما فی البلدان الکبیرة المزدحمة بالسکان بحاجة إلی توسّع أکثر بکثیر من الحدّ المنصوص فی الروایة لإشباع حاجة الناس فی النقل و الانتقال من هنا و هناک بالوسائل النقلیة الحدیثة،و لا موضوعیة للحدّ المذکور للطریق العام،فإنّه إنّما هو بلحاظ حاجة
ص:342
الناس فیختلف سعة الطریق و ضیقه باختلاف الحاجة فی کلّ بلد و قریة.
المسلمین فیه شرع سواء،
و لا یجوز لأحد أن یزاحم الآخر فیه إذا کان الآخر سابقا علیه،لکن الظاهر تقدّم الصلاة علی غیرها،فلو أراد أحد أن یصلّی فیه جماعة أو فرادی،فلا یجوز لغیره أن یزاحمه و لو کان سابقا علیه،کما إذا کان جالسا فیه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التّدریس،بل یجب علیه تخلیة ذلک المکان للمصلّی.و لا یبعد أن یکون الحکم کذلک حتی لو کان اختیار المصلّی هذا المکان اقتراحا منه،فلو اختار المصلّی مکانا مشغولا بغیر الصلاة و لو اقترحا،یشکل مزاحمته بفعل غیر الصلاة و إن کان سابقا علیه.
فیه جماعة منعه و إزعاجه،
و إن کان الأولی للمنفرد حینئذ أن یخلی المکان للجامع إذا وجد مکانا آخر فارغا لصلاته،و لا یکون مناعا للخیر.
فإن أعرض عنه بطل حقّه،و لو عاد إلیه و قد أخذه غیره،فلیس له منعه و إزعاجه.و أما إذا کان ناویا للعود،فإن بقی رحله فیه،فالمشهور بقاء حقّه،و لکنّه لا یخلو عن إشکال بل منع،علی أساس أنّ المکان لیس متعلّقا لحقّه،فإن حقّه إنما هو الصلاة فیه،فما دام هو مشغول فیها لا یحقّ لأیّ فرد أن یزاحمه و یمنعه عن ذلک،فإذا فرغ منها ثم قام من مکانه انتهی حقّه بانتهاء موضوعه و إن کان ناویا العود إلیه،و یجوز لغیره أن یصلّی مکانه.
یوجب حقّ الأولویّة فیه أو لا؟
ص:343
و الجواب:الأقرب أنّه لا یوجب حقّ الأولویّة فیه،بلا فرق فی ذلک بین أن یکون الفصل بین وضع الرحل فیه و مجیئه زمان طویل أو قصیر،باعتبار أنّ لکل فرد حقا أن یصلّی فی أی موضع من المسجد شاء و أراد،شریطة أن لا یکون الموضع مشغولا بالصلاة من قبل غیره،و وضع الرحل فیه لا یحدث له حقّا فیه، و علیه فیجوز لغیره رفع الرحل عنه و الصلاة فی مکانه،إذا کان شغل المحلّ علی نحو لا یمکن الصلاة فیه إلاّ برفعه.و هل أنّه یضمنه برفعه أو لا؟ وجهان الظاهر عدم الضّمان؛إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلی حقّه و هو الصلاة فیه.
فإن لکلّ فرد حقّا أن یمارس ما هو المطلوب فیها من الزیارة و الدعاء و قراءة القرآن و الصلاة فی أی نقطة منها شاء،و ما دام هو مشغول فیها بشیء من الأعمال المذکورة لا یجوز لأیّ أحدّ أن یزاحمه و یمنعه من ذلک،و إذا فرغ و قام من مکانه سقط حقّه بسقوط موضوعه، من دون فرق بین أن یکون ناویا العود إلیه أو لا،و حینئذ فلا مانع من أن یمارس غیره العمل فیه،و إذا عاد الأوّل لم یجز له أن یزاحمه و یمنعه عن العمل.
لکیفیّة وقف الواقف،
فإذا خصّها الواقف بطائفة خاصّة کالعرب أو العجم،أو بصنف خاص کطالبی العلوم الشرعیة أو خصوص الفقه أو الکلام مثلا،فلا یجوز لغیر هذه الطائفة أو الصنف السکنی فیها.و أمّا بالنسبة إلی مستحقّی السکنی بها فهی کالمساجد،فمن حاز غرفة و سکنها فهو أحقّ بها،و لا یجوز لغیره أن یزاحمه ما لم یعرض عنها و إن طالت المدّة،إلاّ إذا اشترط الواقف مدّة خاصة کخمس سنین مثلا،فعندئذ یلزمه الخروج بعد انقضاء تلک المدّة بلا مهلة.
ص:344
أو یکون مشغولا بالتدریس أو بالتحصیل،فإذا تزوّج أو طرأ علیه العجز لزمه الخروج منها.و الضابط أن حقّ السکنی-حدوثا و بقاء-تابع لکیفیة وقف الواقف بتمام شروطه،فلا یجوز السکنی لفاقدها حدوثا أو بقاء.
من المأکول و المشروب و الملبس و ما شاکل ذلک،کما لا یبطل بالخروج منها للسفر یوما أو یومین أو أکثر،و کذلک الأسفار المتعارفة التی تشغل مدّة من الزمن کالشهر أو الشهرین أو ثلاثة أشهر أو أکثر،کالسفر إلی الحجّ أو الزیارة، أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلک مع نیّة العود و بقاء رحله و متاعه،فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف.نعم،لا بدّ من صدق عنوان ساکن المدرسة علیه،فإن کانت المدّة طویلة بحیث توجب عدم صدق العنوان علیه بطل حقّه.
خاصّة أو فی جمیع اللیالی،
لم یجز لساکنها أن یبیت فی مکان آخر،و لو بات فیه بطل حقّه.
إلاّ إذا کانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضی قابلیّتها معدة لسکنی طالب واحد.
کالمدارس فی جمیع ما ذکر.
أحدهما:المیاه المکشوفة علی سطح الأرض کالبحار و الأنهار و العیون العامرة طبیعیة.
ص:345
ثانیهما:المیاه المکنوزة فی أعماق الأرض التی لا یمکن الوصول إلیها إلاّ من خلال عملیّات الحفر و بذل الجهد،کمیاه الآبار و العیون العامرة بشریة،و المیاه بکلا نوعیها خاضعة لمبدإ الملکیة العامة،سواء کانت فی الأراضی الموات أم کانت فی الأراضی المفتوحة عنوة،فعلی الأوّل فهی من الأنفال و ملک للإمام علیه السّلام.
و علی الثانی فهی ملک للمسلمین کالأراضی.
و علی کلا التقدیرین فکل من شملته أخبار التحلیل،کما أنّه مأذون فی القیام بعملیة إحیاء هذه الأراضی جمیعا و الاستفادة من ثرواتها الطبیعیة،کذلک أنّه مأذون فی الاستفادة من میاهها المکنوزة و المکشوفة،فإنّ لکلّ فرد منهم حقّ الانتفاع بها بقدر ما هو نتیجة عمله و جهده،و لا یجوز لأیّ أحد منهم أن یزاحم الآخر فی ذلک و یمنعه منه،و علی هذا فمیاه الشطوط و الأنهار الکبار کدجلة و الفرات و ما شاکلهما،أو الصغار التی جرت بنفسها من العیون أو السیول أو ذوبان الثلوج و کذا العیون المتفجّرة من الجبال أو فی أراضی الموات و غیر ذلک من المشترکات فی الانتفاع،و کذلک المیاه المکنوزة فی أعماق الأرض.
علیها ما دامت المیاه فی مکانها الطبیعی؛
لأنّ الإسلام لم یعترف بالحیازة علی أساس القوّة و التحکیم علی الآخرین فی میدان المنافسة،و إنّما اعترف بها علی أساس العمل و بذل الجهد فی سبیل ذلک من دون مزاحمة الآخرین،و علی هذا فکلّ ماء جری بنفسه أو اجتمع فی مکان بلا ید خارجیة علیه،فهو من المباحات الأصلیة،فمن حازه بإناء أو سحب منها بآلة أو حفر حفیرة و أوصلها بها أو استجدّ نهرا و أوصله بها أو نحو ذلک،ممّا یوجب جعلها فی حوزته فهو أحقّ به،
ص:346
و لا یجوز لغیره أن یزاحمه فیه.
الّتی یصل الإنسان إلیها من خلال عملیّات الحفر و بذل الجهد و العمل فی سبیل اکتشافها،أصبحت موردا لعلاقة الإنسان العامل بها علی مستوی الحقّ دون الملک.نعم،لو کانت هذه العملیات و بذل الجهد لاکتشافها و الوصول إلیها قبل تشریع الأنفال لمنحت علاقة العامل بها علی مستوی الملک.
له أم بحفره فی الموات بقصد إحیائه نهرا-کان أحقّ بما یدخل فیه من الماء،
و لا یجوز لغیره أن یزاحمه فیه.
حصّته من النّهر،
فإن کانت حصّة کلّ منهم من النهر بالسویة،اشترکوا فی الماء بالسویة،و إن کانت بالتفاوت احقوا بالماء بتلک النسبة،و لا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضی التی تسقی منه.
المشترکة،
فلا یجوز لکلّ واحد من الشرکاء التصرّف فیه من دون إذن الباقین.
و علیه فإن أباح کلّ منهم لسائر شرکائه أن یقضی حاجته منه فی کلّ وقت و زمان و بأیّ مقدار شاء،جاز له ذلک.
و المهایاة بالأیام أو الساعات فهو،
و إلاّ فلا محیص من تقسیمه بینهم بالأجزاء، بأن توضع فی فم النّهر حدیدة مثلا ذات ثقوب متعدّدة متساویة،و یجعل لکلّ منهم من الثقوب بمقدار حصّته.فإن کانت حصّة أحدهم سدسا و الآخر ثلثا
ص:347
و الثالث نصفا،فلصاحب السدس ثقب واحد،و لصاحب الثلث ثقبان و لصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستّة.
و الظاهر أنّها قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشرکاء اجبر الممتنع منهم علیها.و أمّا القسمة بالمهایاة و التناوب،فهی لیست بقسمة حقیقة حتی تکون لازمة،بل هی موقوفة علی التراضی بینهم،فیجوز لکلّ منهم الرجوع عنها.نعم،الظاهر عدم جواز رجوع من استوفی تمام نوبته دون الآخر.
ذلک،
کان للجمیع حقّ السقی منه و الانتفاع به بقدر حاجته،و لیس لأحد منهم شق نهر فوقها لیقبض الماء کلّه أو ینقصه عن مقدار احتیاج الباقین.و عندئذ فإن کفی الماء للجمیع من دون مزاحمة فهو،و إلاّ کان الحقّ للأسبق فالأسبق فی الإحیاء إن کان،و إلاّ قدم الأعلی فالأعلی و الأقرب إلی فوهة العین أو أصل النهر،و کذا الحال فی الأنهار المملوکة المنشقّة من الشطوط،فإن کفی الماء للجمیع، و إلاّ قدم الأسبق فالأسبق،أی:من کان شقّ نهره أسبق من شقّ نهر الآخر.
و هکذا إن کان هناک سابق و لاحق ،و إلاّ فیقبض الأعلی بمقدار ما یحتاج إلیه،ثمّ ما یلیه و هکذا.
حقّهم إذا کانوا مقدمین علی ذلک باختیارهم،
و امّا إذا لم یقدم علیها إلاّ البعض لم یجبر الممتنع،کما أنّه لیس للمقدمین مطالبته بحصّته من المئونة،إلاّ إذا کان اقدامهم بالتماس منه و تعهّده ببذل حصّته.
و کان اقدام غیر
ص:348
القاصر متوقّفا علی مشارکة القاصر،إما لعدم اقتداره من دونه أو لغیر ذلک، وجب علی ولی القاصر-مراعاة لمصلحته-مشارکته فی الإحیاء و التعمیر و بذل المئونة من مال القاصر بمقدار حصّته.
شریطة أن لا یکون الأبعد أسبق منه فی الإحیاء و حیازة الماء،فإذا لم یکن فللأقرب أن یأخذ من الماء أو یحبسه للزرع إلی الشراک و للشجر إلی القدم و للنخل إلی الساق،ثمّ یرسل الماء إلی من هو دونه و هکذا الأقرب فالأقرب.
تحویل النهر من مجراه إلی مجری آخر
بحیث یوجب تعطیل هذه الرحی إلاّ بإذن صاحبها،و کذلک غیر الرحی من الأشجار المغروسة علی حافّتیه أو غیرها.
رعی مواشیه أو لا؟
و الجواب:لا یجوز له ذلک،إلاّ أن یکون المرعی ملکا له،فیجوز له حینئذ أن یحمیه.
الأول:المعادن الظاهرة،هی التی تکون طبیعتها المعدنیة ظاهرة و بارزة، سواء کان الوصول إلیها بحاجة إلی بذل جهد و عمل-کما إذا کانت فی أعماق الأرض-أم لم یکن،و ذلک کالملح و القیر و الکبریت و المومیاء و الفیروزج و ما شاکل ذلک.
الثانی:المعادن الباطنة و هی التی لا یبدو جوهر معدنیّتها إلاّ ببذل جهد
ص:349
و عمل فی سبیل إنجازه،و ذلک کالذهب و الفضّة فإنّ المادّة الذهبیة لا تصبح ذهبا بشکله الکامل الاّ بعد التصفیة و التطویر العملی،ثمّ إنّ کلا النوعین من المعادن خاضعان لمبدإ الملکیة العامة إذا کانا فی الأراضی الموات أو المفتوحة عنوة، و یسمح لکلّ من شملته أخبار التحلیل الانتفاع منهما علی حدّ سواء،بحسب بذل الجهد و إنفاق العمل فی سبیل حیازتها و إحیائها،و لا یجوز لأیّ أحد أن یزاحم الآخر فی ذلک،و علی هذا فالأولی تخضع لمبدإ الحقّ بالحیازة،فمن حاز منها شیئا کان أحقّ به قلیلا کان أو کثیرا،و بقی الباقی علی الاشتراک فی الانتفاع.
و الثانیة:تخضع لمبدإ الحقّ بالإحیاء بعد اکتشافها و الوصول إلیها.
علاقة بالمعدن حتّی علی مستوی الحق،
غایة الأمر لا یجوز اکتشافه و الوصول إلیه و استخراجه من الطریق الذی هو قام بحفره،و لکن لا مانع من القیام بالحفر لاکتشافه و الوصول إلیه من طریق آخر و استخراجه من ذلک الطریق.نعم،لو کان طریق الوصول إلیه منحصرا بما حفره ذلک الشخص،فعندئذ لا یبعد سقوط حقّه إذا طالت مدّة الإهمال و التعطیل بدرجة سقط الحفر عن الانتفاع به و الاستفادة منه،و إلاّ فللحاکم الشرعی أو وکیله إجباره علی إتمام العمل أو رفع الید عنه،إذا رأی فی ذلک مصلحة.نعم،لو أبدی عذرا أمهله إلی أن یزول عذره ثمّ یلزمه علی أحد الأمرین.
متکوّنة علی وجهها،هل تخضع للأرض فی مبدأ الملکیة أو لا؟
و الجواب:أنّ ملکیة الأرض إذا کانت مجعولة من قبل اللّه تعالی ابتداء- کجعل ملکیة الأراضی الموات للامام علیه السّلام و الأراضی المفتوحة عنوة للمسلمین
ص:350
کافة-فکلّ ما فیها من المعادن و المیاه و غیرها من الثروات الطبیعیة ملک له علیه السّلام إذا کانت فی أراضی الموات و للمسلمین إذا کانت فی الأراضی المفتوحة عنوة،و إذا کانت مجعولة بأسباب خاصة کالإحیاء و الشراء و نحوهما لم تخضع الأرض فی مبدأ الملکیة،فإنّ عملیة الإحیاء إنّما توجب علاقة المحیی بالأرض،سواء کانت علی مستوی الملک أم کانت علی مستوی الحق،و لا توجب علاقته بالمعادن سواء کانت فی أعماق الأرض أم کانت علی وجهها؛لأنّها موجودة مستقلّة فی مقابل وجود الأرض،و نسبتها إلیها نسبة المظروف إلی الظرف،و علی هذا فمن أحیا أرضا کان أحقّ بها،و لا یوجب حصول الحقّ له بما کان فیها من الثروات الطبیعیة،کالمعادن و المیاه و نحوهما التی لها کیان مستقل،و قد مرّ أنّ أحقّیة الشخص للمعادن علی وجه الأرض مرتبطة بالحیازة بحسب بذل الجهد و العمل فیها،و أمّا أحقّیته للمعادن فی أعماق الأرض،فإنّما هی باکتشافها و الوصول إلیها بالحفر،و بکلمة:أنّ مصدر علاقة الإنسان بالمواد المعدنیة إنّما هو عملیة استخراجها،إذا کانت فی أعماق الأرض،و هذا یعنی:أنّ الإنسان یملک المادّة التی استخرجها،و لا یملک شیئا منها ما دام یظلّ فی موضعه الطبیعی.نعم،هو باکتشافها و الوصول إلیها من خلال عملیة الحفر،أصبح أحقّ بها من الآخرین، و هذا الحقّ انّما هو علی أساس أنّه خلق بعمله و جهده.
هذه فرصة الانتفاع بها و الاستفادة منها،و ما دامت تلک الفرصة موجودة،فقد ظلّ حقّه و إن لم یمارس عملیة الانتفاع و الاستفادة منها،و لیس لأیّ فرد أن یستخدم الحفرة التی حفرها فی سبیل الوصول إلیها و استخراجها من دون إذنه،کما لیس له أن یزاحمه فی استخدامها،و إذا کانت المعادن متکوّنة علی وجه الأرض،ملکها بعملیة الأخذ و الاستیلاء علیها خارجا بحسب ما بذله من الجهد و العمل فی سبیل ذلک،و یتحصّل من ذلک أنّ المناجم و المعادن الموجودة فی
ص:351
الأراضی المملوکة بالملکیّة الخاصة لا تخضع الأرض فی مبدأ الملکیة و لا فی مبدأ الحقیّة إذا کانت متعلّقة للحقّ.
کمیّة أکبر من قدر حاجته أو لا؟
و الجواب:نعم،له ذلک بحسب إمکاناته المادیة و العلمیة و الاستفادة من الوسائل الحدیثة و التقنیّات المتطوّرة،فإذا افترضنا أنّ فردا من جهة توفّر تلک الوسائل عنده استخرج من المواد المعدنیّة من أعماق الأرض أو حاز من المناجم المتکوّنة علی وجه الأرض بکمیّة کبیرة جدا و بدون کونه مزاحما للآخرین فی الانتفاع بها ملک تلک الکمیة،علی أساس أنّ الإسلام قد اعترف بأنّ کلّ فرد یملک نتیجة عمله مهما کانت،و أنّ کلّ فرد حرّ فی ممارسة أی نشاط اقتصادی مشروع بحسب طاقاته و إمکاناته فی الإطار العام الإسلامی،و قد أکّد الإسلام علی ذلک و أمر به و نهی عن الکسل و التسامح و الإهمال.
فلا یبعد أن یکون ذلک من باب الإجارة،بجعل اجرته نصف ما أخرجه من المواد المعدنیّة،و دعوی:أنّ الاجرة مجهولة،فمن أجل ذلک لا تصحّ الإجارة،مدفوعة:
بأن صاحب المعدن بحسب تجاربه و خبرته واثق و مطمئن بأن ما یستخرج منه لا یقل عادة عن کذا مقدار،فإذا کان الأجیر واثقا بذلک فلا مانع من إجارته،غایة الأمر إذا ظهر بعد ذلک أنه مغبون فسخ الإجارة،و یمکن أن یکون ذلک جعالة، فإن حقیقة الجعالة ضمان عمل الغیر بأمره به،و هذا نحو من ضمان الغرامة فی الأعمال علی حد ضمان الغرامة فی الأموال،و بإمکان الجاعل تحدید الجعل،و هو أجرة مثل العمل،بمقدار محدّد،و ما نحن فیه کذلک،و یمکن أن یکون ذلک معاملة مستقلة،و حیث إنّها کانت مع التراضی فیحکم بصحّتها.
ص:352
فلو دفع مالا إلی أحد بقصد القرض و هو تملیک عین علی وجه الضّمان بمثلها إن کانت مثلیة،و بقیمتها إن کانت قیمیّة،و أخذه المدفوع له بهذا القصد صحّ القرض.
مهما أمکن،
و الإقراض أفضل من الصّدقة.
لم یصحّ القرض.
نعم،یصحّ إقراض الکلی فی المعین،کإقراض درهم من درهمین خارجیین.
فلا یصحّ إقراض الخمر و الخنزیر،و لا یعتبر فیه تعیین مقداره و أوصافه و خصوصیّاته التی تختلف المالیة باختلافها،سواء أ کان مثلیا أم قیمیا.نعم،علی المقترض تحصیل العلم بمقداره و أوصافه مقدمة لأدائه،و هذا أجنبی عن اعتباره فی صحة القرض.
ص:353
إلاّ بعد قبضه.
و الفضة و نحوها،
ثبت فی ذمة المقترض مثل ما اقترض،و عملیة أداء المثل سواء أبقی علی سعره وقت الأداء أم زاد أم تنزّل،و لیس للمقرض مطالبة المقترض بالقیمة،فإذا اقترض دینارا عراقیا مثلا،فالثابت فی ذمّته هو الدینار العراقی دون قیمته،فإذا تنزّل سعره وقت الأداء-و إن کان فاحشا-لم یحقّ للمقرض أن یطالبه بقیمته،کما أنّه إذا زاد سعره کذلک،لم یجز للمقترض أن یکتفی بأداء قیمته وقت القرض،فإنّ الواجب علیه أن یؤدّی نفس الدینار،سواء أزاد سعره أم نقص.نعم،یجوز الأداء بالقیمة مع التراضی،و العبرة عندئذ بالقیمة وقت الأداء.
و إذا کان قیمیا ثبتت فی ذمّته قیمته وقت القرض.
و طالب بالعین،
لا تجب إعادة العین علی المقترض.
و یصحّ تعجیل المؤجّل بإسقاط بعضه،و لا یصحّ تأجیل الحال بإضافة شیء؛لأنّه ربا.
وقت کان إذا کان الدین حالا،
و أما إذا کان مؤجّلا فکذلک بعد حلوله.و أما قبل حلوله،فهل للدّائن حقّ الامتناع من قبوله أو لا؟فیه وجهان و الظاهر أنّه لیس له ذلک،إلاّ إذا علم من الخارج أنّ التّأجیل حقّ للدائن أیضا.
لکن
ص:354
الظاهر أنّ القرض لا یبطل بذلک،بل یبطل الشرط فقط،و یحرم أخذ الزیادة،فلو أخذ الحنطة مثلا بالقرض الربوی فزرعها جاز له التصرّف فی حاصله،و کذا الحال فیما إذا أخذ مالا بالقرض الربوی،ثمّ اشتری به ثوبا.نعم،لو اشتری شیئا بعین الزیادة التی أخذها فی القرض لم یجز التصرّف فیه.
راجعة إلی المقرض و غیره،
فلو قال:أقرضتک دینارا بشرط أن تهب زیدا أو تصرف فی المسجد أو المأتم درهما،لم یصح،و کذا إذا اشترط أن یعمر المسجد أو یقیم المأتم أو نحو ذلک ممّا لوحظ فیه المال فإنّه یحرم،و یجوز قبولها مطلقا من غیر شرط،کما یجوز اشتراط ما هو واجب علی المقترض،مثل:أقرضتک بشرط أن تؤدّی زکاتک أو دینک ممّا کان مالا لازم الأداء،و کذا اشتراط ما لم یلحظ فیه المال،مثل:أن تدعو لی أو تدعو لزید:أن تصلی أنت أو تصوم،من غیر فرق بین أن ترجع فائدته للمقرض أو المقترض و غیرهما،فالمدار فی المنع ما لوحظ فیه المال و لم یکن ثابتا بغیر القرض،فیجوز شرط غیر ذلک،و لو شرط موضع التسلیم لزم،و کذا إذا اشترط الرّهن،و لو شرط تأجیله فی عقد لازم صحّ و لزم الأجل،بل الظاهر جواز اشتراط الأجل فی عقد القرض نفسه،فلا یحقّ للدائن حینئذ المطالبة قبله.
قیمته أو یؤجره بأقلّ من اجرته دخل فی شرط الزیادة،
فلا یجوز.و أما إذا باع المقترض المقرض شیئا بأقل من قیمته أو اشتری منه شیئا بأکثر من قیمته و شرط علیه أن یقرضه مبلغا من المال جاز،و لم یدخل فی القرض الربوی.
ص:355
بأن یؤدی بدل الدراهم دنانیر و بالعکس،و یلزم علیه هذا الشرط إذا کانا متساویین فی القیمة،أو کان ما شرط علیه أقلّ قیمة ممّا اقترضه.
و أمّا إذا شرطها للمقترض فلا بأس به،کما إذا أقرضه عشرة دنانیر علی أن یؤدّی تسعة دنانیر،کما لا بأس أن یشترط المقترض علی المقرض شیئا له.
علیه،
و لو ببیع سلعته و متاعه أو عقاره أو مطالبة غریمة أو استقراضه إذا لم یکن حرجیا علیه أو إجارة أملاکه.و أما إذا لم یقدر علیه بذلک،فهل یجب علیه التکسّب اللائق بحاله و الأداء منه أو لا؟لا یبعد وجوبه.نعم،یستثنی من ذلک بیع دار سکناه و ثیابه المحتاج إلیها و لو للتجمّل و خادمه و نحو ذلک،ممّا یحتاج إلیه و لو بحسب حاله و شئونه.
و الضابط:هو کلّ ما احتاج إلیه بحسب حاله و شرفه،و کان بحیث لولاه لوقع فی عسر و شدّة أو حزازة و منقصة.و لا فرق فی استثناء هذه الأشیاء بین الواحد و المتعدّد،فلو کانت عنده دور متعدّدة و احتاج إلی کلّ منها لسکناه و لو بحسب حاله و شرفه لم یبع شیئا منها،و کذلک الحال فی الخادم و نحوه.نعم،إذا لم یحتج إلی بعضها أو کانت داره أزید ممّا یحتاج إلیه،وجب علیه بیع الزائد.ثمّ إنّ المقصود من کون الدار و نحوها من مستثنیات الدین أنّه لا یجبر علی بیعها لأدائه، و لا یجب علیه ذلک.و أمّا لو رضی هو بذلک و قضی به دینه،جاز للدائن أخذه و إن کان ینبغی له أن لا یرضی ببیع داره.
کافیة لسکناه،و له دار مملوکة،
فإن لم تکن فی سکناه فی الدّار الموقوفة أیّة حزازة
ص:356
و منقصة،فالأحوط بل الأظهر أنّ علیه أن یبیع داره المملوکة لأداء دینه.
و لکنّها لا تباع إلاّ بأقل من قیمتها السوقیة،
وجب علیه بیعها بالأقل لأداء دینه.
نعم،إذا کان التفاوت بین القیمتین بمقدار لا یتحمّل عادة و لا یصدق علیه الیسر فی هذه الحال لم یجب.
و تبرأ ذمته به،
و لا فرق فی ذلک بین أن یکون التبرّع به بإذن المدین أو بدونه،بل و إن منعه المدین عن ذلک.
فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدین،و تبقی ذمته مشغولة به.
و إذا مات الدائن بقی الأجل علی حاله،و لیس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل.
و علی هذا فلو کان صداق المرأة مؤجّلا،و مات الزوج قبل حلوله،استحقّت الزوجة مطالبته بعد موته.و هذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة،فإنّه لیس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل،و هل یلحق بموت الزوج طلاقه أو لا؟
فیه وجهان،الظاهر هو الإلحاق؛لانصراف اشتراط التأجیل إلی جواز التأخیر مع بقاء الزّوجیة.
فلو کانت علیه دیون حالة و مؤجّلة،قسمت أمواله بین أرباب الدیون الحالة و لا یشارکهم أرباب الدیون المؤجّلة.
ص:357
وجب علی المستدین نیّة القضاء و الوصیّة به عند الوفاة،فإن جهل خبره و مضت مدّة یقطع بموته فیها، وجب تسلیمه إلی ورثته،و مع عدم معرفتهم أو مع عدم التمکّن من الوصول إلیهم یتصدّق به عنهم.و یجوز تسلیمه إلی الورثة مع انقطاع خبره بعد مضی عشر سنین و إن لم یقطع بموته،بل یجوز ذلک بعد مضی أربع سنین من غیبته إذا فحص عنه فی هذه المدّة.
أشخاص متعدّدة،
کما إذا افترضنا أنهما باعا مالا مشترکا بینهما من أشخاص عدیدة أو ورثا من مورثهما دینا علی أشخاص،ثمّ قسما الدین بینهما بعد التعدیل، فجعلا ما فی ذمة بعضهم لأحدهما،و ما فی ذمة الباقی لآخر لم تصح،و یبقی الدین علی الاشتراک السابق بینهما.نعم،إذا کان لهما دین مشترک علی واحد،جاز لأحدهما أن یستوفی حصته منه و یتعیّن الباقی فی حصة الآخر،و هذا لیس من تقسیم الدین المشترک فی شیء.
بل علیه الصبر و النظرة إلی المیسرة.
و جاءت بدنانیر اخری غیرها،
کانت علیه الدنانیر الأولی.نعم،إذا اقترض الأوراق النقدیة المسماة ب«اسکناس»ثمّ أسقطت عن الاعتبار،لم تسقط ذمّة المقترض بأدائها،بل علیه أداء قیمتها فی زمن الإسقاط.
و الجواب:أنّه لا یخلو عن إشکال بل لا یبعد عدم صحّته،فإذا باع الدائن
ص:358
دینه بأقلّ منه،فلا یستحقّ المشتری من المدین الاّ بقدر ما دفعه إلی البائع، و یعتبر الزّائد ساقطا من ذمة المدین رأسا،و علی هذا فتخریج خصم الکمبیالة علی أساس بیع الدین بأقلّ منه مشکل،و بکلمة:أن نتیجة بیع الدین بأقلّ منه بمقتضی ظاهر النصوص سقوط الزائد عن ذمّة المدین،و لا تکون مشغولة بعد البیع إلاّ بما دفعه المشتری إلی الدائن من المبلغ بعنوان الثمن و برائتها عن الزائد، و مع هذا فالاحتیاط بالتصالح فی محلّه.
و لا فرق فیه بین أن یکون العوضان کلاهما دینا قبل البیع،کما إذا کان زید مدینا لعمرو بحنطة فی ذمّته، و عمرو مدینا لزید بدینار کذلک،فإنّه لا یجوز بیع تلک الحنطة بذلک الدینار فی الذمة؛لأنّه من بیع الدین بالدین أو یکون أحدهما دینا قبل البیع،فإنّه حینئذ یجوز بیعه بثمن حاضر،و لا یجوز بیعه بثمن فی الذمة؛لأنّه داخل فی بیع الدین بالدین الممنوع شرعا.
المحرمات،
و لو أسلم الذمی بعد البیع لم یسقط استحقاقه المطالبة بالثمن،و لیس للعبد الاستدانة من دون إذن المولی،فإن فعل یضمن العین فیرد ما أخذ،و لو تلفت ففی ذمته مثله أو قیمته،و لو أذن المولی له لزمه دون المملوک و إن اعتق، و غریم المملوک أحد غرماء المولی،و لو أذن له فی التجارة فاستدان لها،الزم المولی مع إطلاق الإذن،و إلاّ تبع به بعد العتق.
آخر إذا کان له مال علی ذمّة صاحبه فی ذلک البلد،
بلا فرق بین أن یکون التحویل بأقلّ مما دفعه أو أکثر.
ص:359
سواء کان جهله بالحکم أم بالموضوع،ثمّ علم بالحال،فإن تاب فما أخذه له و علیه أن یترک فیما بعد.
فإن کان مخلوطا بالمال الحلال، فلیس علیه شیء،و إن کان معلوما و معروفا و عرف صاحبه ردّه إلیه،و إن لم یعرف عامله معاملة المال المجهول مالکه.
إقراض المؤمن من المستحبّات الأکیدة سیّما لذوی الحاجة منهم؛لما فیه من قضاء حاجة المؤمن و کشف کربته،و عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم:«من کشف عن مسلم کربة من کرب الدنیا کشف اللّه عنه کربه یوم القیامة»و عنه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم:«من أقرض مؤمنا قرضا ینظر به میسوره کان ماله فی زکاة و کان هو فی صلاة من الملائکة حتی یؤدّیه»،و عنه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم:«من أقرض أخاه المسلم کان له بکلّ درهم أقرضه وزن جبل احد من جبال رضوی و طور سیناء حسنات و إن رفق به فی طلبه تعدّی علی الصراط کالبرق الخاطف اللاّمع بغیر حساب و لا عذاب،و من شکا إلیه أخوه المسلم و لم یقرضه حرّم اللّه عز و جل علیه الجنّة یوم یجزی المحسنین».
و عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:«ما من مؤمن أقرض مؤمنا یلتمس به وجه اللّه إلاّ حسب اللّه له أجره بحساب الصدقة حتی یرجع ماله إلیه»و عنه علیه السّلام أیضا:«مکتوب علی باب الجنّة الصّدقة بعشرة و القرض بثمانیة عشر»إلی غیر ذلک من الروایات.
ص:360
و لا بد فیه من الإیجاب و القبول من أهله،و لا یعتبر فی الإیجاب و القبول التلفظ،بل یتحقّقان بالفعل أیضا،و فی اشتراط الإقباض إشکال أقواه ذلک.
قبضها و یصحّ بیعها،
و أن یکون الرهن علی حقّ ثابت فی الذمة عینا کان أو منفعة.
و لو ضمّ مملوک غیره إلی مملوکه فرهنهما،لزم الرهن فی ملکه و توقّف فی الضّمیمة علی إجازة مالکها.
علی الآخر،
و لو استدان من الدائن دینا آخر و جعل الرهن علی الأول رهنا
ص:361
علیهما صحّ.
و لا بأس بتصرّف الراهن فی المرهون تصرّفا لا ینافی حقّ الرهانة،و لا یجوز له التصرّف المنافی من دون إذن المرتهن،و تقدّم حکم بیع الراهن العین المرهونة مع علم المشتری و جهله فی شروط العوضین.
الرهن مجانا،
فإن لم یرجع ذلک إلی الاشتراط فی القرض أو فی تأجیل الدین صحّ،و کذلک ما لو شرط استیفاءها بالاجرة مدّة،و إذا صحّ الشرط لزم العمل به إلی نهایة المدّة و إن برئت ذمة الراهن من الدین.
البیع
لم ینعزل ما دام حیّا.
حقّه منها،
لزمت الوصیة و لیس للوارث إلزامه بردّ العین و استیفاء دینه من مال آخر.
فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه.
و یضمن مع التفریط لمثله إن کان مثلیا و إلاّ فلقیمته یوم التعدّی.نعم،لو شرط الراهن ضمانه علی تقدیر التلف،فالظاهر أنّه نافذ،و لا ینافی ذلک کونه أمینا کما تقدّم تفصیله فی کتاب الإجارة و المضاربة.
ص:362
فادّعی الراهن أنّ قیمتها ألف دینار مثلا و ادّعی المرتهن أنّها تسعمائة دینار، فالقول قول المرتهن مع یمینه،و کذلک إذا کان الاختلاف بینهما فی التفریط و عدمه، فإنّ القول قول المرتهن فی عدم التفریط مع یمینه،و أمّا إذا کان الاختلاف بینهما فی مقدار الدین،فادّعی الراهن الأقل و المرتهن الأکثر فالقول قول الراهن مع یمینه.
الراهن مفلسا،
و لو فضل من الدین شیء شارکهم فی الفاضل،و لو فضل من الرّهن و له دین بغیر رهن تساوی الغرماء فیه.
ضمن و علیه الاجرة.
فلا یجوز له التصرّف فی الثمن إلاّ بإذن الراهن حتی بعد الأجل،باعتبار أنّه ماله،فلا یجوز له استیفاء حقّه منه إلاّ إذا امتنع بعد الأجل،فعندئذ یجوز له الاستیفاء من دون الإذن،کما أنّه لو لم یأذن فی البیع حینئذ و امتنع من وفاء الدین،جاز للمرتهن البیع و الاستیفاء بلا إذن،و الأحوط-استحبابا-مراجعة الحاکم الشرعی.
کالإثمار،
فإن شرط الراهن عدم بیعه قبل الأجل بطل الرهن،و إلاّ لزم بیعه و یجعل ثمنه رهنا،فإن باعه الراهن أو وکیله فهو،و إن امتنع أجبره الحاکم،فإن تعذّر باعه الحاکم أو وکیله و مع فقده باعه المرتهن.
له
جاز أن یستوفی حقّه من الرهن ممّا فی یده.
ص:363
لا یؤجّر داره مثلا إلاّ أن یدفع المستأجر مبلغا معیّنا مسبقا،
و فی مقابل دفع هذا المبلغ فالمالک یقبل الإجارة بأقل من اجرة المثل و هل هذا جائز شرعا أو لا؟
و الجواب:أنّه یمکن تخریج ذلک فقهیّا بأوجه متعدّدة:
الوجه الأول:أنّ المستأجر یقبل دفع المبلغ المذکور للمالک بشروط:
1-أن لا یحقّ للمالک أن یخرجه من الدار بعد انتهاء فترة الإجارة،فإذا کان یرغب للسکنی فیها،کان المالک ملزما بتجدید الإجارة مرّة اخری و هکذا.
2-أن لا یزید علی الاجرة التی عیّنها فی بدایة الإجارة لکل شهر أو سنة فی الشهر الآتی أو السنة الاخری و هکذا.
3-أن یکون له انتقال هذا الحق منه إلی غیره من دون الرجوع إلی المالک، و علی ضوء هذا التخریج الفقهی إذا قبل المالک تلک الشروط فلا إشکال فی جواز دفع المستأجر شرعا المبلغ المحدّد للمالک مقدّمة،و جواز أخذ المالک له شرعا.
الوجه الثانی:أن المبلغ المذکور رهن و وثیقة علی الإجارة مع إذن المستأجر للمؤجر بالتصرّف فیه بکمال الحریة مع الضمان،و لا نعنی بالضمان الضمان بالقرض،و هو التملیک علی وجه الضمان بالمثل أو القیمة،لکی یجیء محذور الربا،بل الضمان بالعقد و هو المسمّی بالضمان المعاملی فإنه علی نوعین:أحدهما:
نقل الدین من ذمة إلی ذمة اخری،و الآخر التعهد بالشیء و جعله فی عهدته و مسئولیته مع بقائه فی ملک مالکه،و مردّ هذا التعهّد إلی اشتغال ذمة المتعهد ببدله علی تقدیر التلف،و الضمان هنا من النوع الثانی،ثم إن المؤجر یشترط علی المستأجر أن یکون الربح ملکا له بنحو شرط النتیجة،لا بمعنی:أنه یدخل فی
ص:364
ملکه ابتداء،فإنه شرط مخالف لقانون المعاوضة و التبعیّة شرعا،بل بمعنی:أنه یدخل فی ملکه فی طول دخوله فی ملک المستأجر،و هذا لا بأس به،و فی مقابل ذلک یشترط المستأجر علی المؤجر أن یتنازل عن الاجرة الاعتیادیة و یؤجّر بأقل من اجرة المثل،و علی ضوء هذا التخریج الفقهی أیضا لا إشکال فی المسألة شرعا.
الوجه الثالث:أن دفع المبلغ المذکور قرض من المستأجر للمؤجّر،و لکن بجعل القرض شرطا فی ضمن الإجارة،فیؤجّر المالک بأقلّ من اجرة المثل مشروطا بإقراض المستأجر مبلغا معیّنا له.نعم،لو شرط المستأجر علی المؤجر أن یؤجّر بأقل من اجرة المثل فی ضمن عقد القرض فهو ربا و محرّم.
أنّها رهن،
فالقول قول مدّعی الودیعة إذا رجعت إلی دعوی ثبوت الدّین و عدم ثبوته،علی أساس أن من یدّعی أنها الودیعة عنده ینکر الدّین،و من یدعی أنها رهن یثبت الدّین،فمن أجل ذلک یکون القول قول مدعی الودیعة،و أما إذا لم ترجع إلیها،فالقول قول من یدّعی أنها رهن،فإنه یدعی فی الحقیقة عدم جواز رجوع المالک إلیها،و من یدعی أنها ودیعة یدعی جواز رجوع المالک إلیه، فلذلک یکون القول قول مدّعی الرهن دون الودیعة.
ص:365
فالصغیر ممنوع من التصرّف،حتی یبلغ و یعلم بنبت الشعر الخشن علی العانة أو الاحتلام،من دون فرق فی ذلک بین الذکر و الانثی،أو إکمال خمس عشرة سنة فی الذکر و تسع فی الانثی،و أما الحیض فی الانثی فهل هو علامة للبلوغ أو لا؟و الجواب:أنّه کاشف عن سبق البلوغ لا أنّه علامة له،و الصبی کما أنّه لا ینفذ تصرّفه فی أمواله لا ینفذ تصرّفه فی ذمّته،فلا یصحّ منه البیع و الشراء فی الذمة و لا الاقتراض و إن بلغ فی وقت الأداء،و کذا لا ینفذ منه التزویج و الطلاق و لا إجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملا فی المضاربة و المزارعة و نحو ذلک،إلاّ بعد البلوغ و الرشد،و نقصد بالرشد زائدا علی البلوغ أنّه صفة فی الإنسان التی تبعث صاحبها علی السلوک العقلائی فی التصرّف فی أمواله و معاملاته و تمنعه عن الإفساد و الصرف فی الوجوه غیر اللائقة و غیر العقلائیة.
فلا یصح تصرّفه إلاّ فی أوقات إفاقته.
ص:366
فیحجر السفیه من التصرّف فی أمواله شرعا،و لا یکون تصرّفه فیها نافذا،و الظاهر اختصاص حجره بأمواله،فیجوز أن یکون وکیلا من قبل غیره فی التصرّف فی أمواله کالبیع و الشراء و نحوها،و یعلم الرشد بإصلاح ماله عند اختباره،بحیث یسلم من المغابنات و التصرّفات غیر العقلائیة، و لا یزول الحجر مع فقد الرشد و إن طعن فی السن،و یثبت الرشد فی الرجال بشهادة أمثالهم،و فی النساء بشهادة الرجال و کذلک بشهادتهن.
فلا ینعقد تصرّف المملوک من دون إذن مولاه،و لو ملکه مولاه شیئا ملکه علی الأصح،و کذا غیره إذا کان بإذن المولی.
و یحجر علی المفلس بشروط أربعة:
1-ثبوت دیونه عند الحاکم.2-حلولها.3-قصور أمواله عنها.
4-مطالبة أربابها من الحاکم المنع،و الحجر من جهة مماطلته علی غراماته،و إذا حجر علیه الحاکم لم یجز تصرّفه فی ماله.
أمواله إذا اقترض أو اشتری فی الذمة،فهل یشارک المقرض أو البائع الغرماء أو
لا؟
و الجواب:أنّ المشهور عدم المشارکة،علی أساس أنّ أمواله بعد الحجر أصبحت متعلّقة لحقّ الغرماء الموجودین حین حکم الحاکم بالحجر،و علی هذا فالاقتراض أو الاشتراء فی الذمة لا یوجب اشتراک المقرض أو البائع معهم؛ لاستلزامه تضییع حقّهم،و لکنه لا یخلو عن إشکال،و لا یبعد الاشتراک باعتبار أن الثابت شرعا هو أنّ المدین إذا ماطل علی غرمائه و رفع الأمر إلی الحاکم الشرعی،أمره الحاکم بتقسیم أمواله بینهم بحسب حصصهم فإن امتنع یقوم
ص:367
الحاکم الشرعی بذلک،و لیست هناک أی إشارة إلی أنّ أمواله أصبحت متعلّقة لحقّ الغرماء؛إذ لیس هنا إلاّ حکم الحاکم بتقسیم الأموال و المنع من التصرّف فیها،و لا دلالة فیه علی أنّ حقّهم تعلّق بها،و لا دلیل علی انّه ممنوع من کلّ التصرّف حتی من الاقتراض و الشراء فی الذمة و غیرهما،و علی هذا فإذا اقترض أو اشتری فی الذمة،فإن کان قبل القسمة شارک المقرض أو البائع مع الغرماء فیها علی الأظهر،کما أنّ المال المقروض أو المبیع یدخل فی القیمة کسائر أمواله،و من هنا یظهر حکم ما إذا أتلف مال غیره بعد أمر الحاکم بالقسمة و قبل أعمالها خارجا.
و أولی من ذلک ما إذا أقرّ المفلس بدین سابق أو بعین کذلک،فإنّه نافذ حتّی لو قلنا بأنّ أمواله متعلّقة لحقّ الغرماء،و عدم جواز تصرّفه فیها،علی أساس أنّ اقراره بذلک لیس تصرّفا فی أمواله بعد الحجر من جدید،بل هو اعتراف منه بدین سابق و أن صاحبه من الغرماء،و کذلک اعترافه بالعین فإنّه لیس تصرّفا منه فی أمواله من جدید حتی یکون ممنوعا،بل هو اعتراف بحقّ شخص قبل الحجر،و علی هذا فإن کانت العین موجودة فعلا أخذها صاحبها، و إن کانت فی الذمة شارک صاحبها مع الغرماء.
أو لا؟
الظاهر أنّ له ذلک،باعتبار أنّه لیس من التصرّف فی ماله بعد الحجر من جدید،بل هو إعمال حقه الثابت له قبل الفلس و الحجر،و لا مانع منه حتی علی القول بأن أمواله متعلّقة لحقّ الغرماء.
فی الذّمة،
فإن کان قبل حلول الأجل،فلا خیار له بین أن یأخذ العین و بین
ص:368
الضرب مع الغرماء،و إن کان بعد حلول الأجل کان له الخیار بینهما،فله حینئذ أن یفسخ البیع و یأخذ العین من بین أمواله،و بین أن یشارک مع الغرماء بالثمن.
الأصل،
فیرجع البائع إلیها إذا فسخ العقد و رجع إلی العین أو لا؟
و الجواب:أنّ الزیادة المتّصلة إذا کانت من قبیل السمن و الطول و نحوهما ممّا لا یمکن انفصاله عنها،فهی کالأصل ترجع إلی البائع،و أمّا إذا کانت من قبیل الصوف و الثمرة للشجرة و نحوهما ممّا یمکن انفصاله عن الأصل،فالظاهر أنّها لا ترجع إلی البائع،علی أساس أنّها مال زائد علی أصل المبیع،و الفسخ إنّما یقتضی رجوع المبیع إلی البائع من حینه لا من الأوّل،و من هنا یظهر حال الزیادة المنفصلة.
المفلس،فهل یسوغ له أن یأخذ العین أو یشارک مع الغرماء؟
و الجواب:إن کان ذلک قبل حلول الأجل،فلا حقّ له لا فی أخذ العین و لا فی المشارکة مع الغرماء،و إن کان بعده کان من أحد الغرماء،و لا یجوز له أن یأخذ العین لأنّها ملک للمفلس و ذمته مشغولة ببدلها من المثل أو القیمة،و لا یکون فلسه سببا لخروجها عن ملکه و دخولها فی ملک المقرض مرّة ثانیة،فلا یکون المقرض کالبائع.
المفلس،
فهل له أن یفسخ البیع و یأخذ عین ماله أو یشارک مع الغرماء؟
و الجواب:أنّ الخلط إذا کان علی نحو لا یعد ماله عرفا من التالف،فله
ص:369
الفسخ و الرجوع إلی عین ماله،کما إذا کان المبیع حنطة و قد خلطها بحنطة اخری أو بشعیر،و إن عدّ تالفا کان من أحد الغرماء.
أن یوفی ثمنه،
و کان الفرس موجودا فی ترکته،فحینئذ إن فسخ البائع البیع رجع الفرس إلیه،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون ما ترکه وافیا بدین غرمائه أو لا،أمّا علی الأوّل فظاهر،و أما علی الثانی فلأن الفرس بشخصه ملک للبائع و لا یحسب من ترکته لکی یوزع علی غرمائه،فإنّ الترکة إنّما توزع علیهم بالنسبة إذا ظلّت فی ملک المیّت،و الفرض أنّ الفرس فی المثال قد خرج عن ملکه بفسخ البائع و عاد إلی ملکه مرّة ثانیة،فمن أجل ذلک لا معنی لأن یکون البائع من أحد غرماء المیت و یوزع الفرس-کغیره-علی الجمیع بالنسبة،و أمّا إذا لم یفسخ البیع فیکون البائع من أحد الغرماء؛لأنّ الفرس حینئذ-کغیره من ترکته-ملک للمیّت، و ذمته مشغولة للبائع بثمنه.
منها فرخ ثمّ صار المشتری مفلسا،
ففی هذه الحالة إذا فسخ البائع البیع فلیس له أخذ ما حصده أو الفرخ؛لأنّه لیس عین ماله،بل یرجع إلیه بالبدل فی ذمته من المثل أو القیمة،و عندئذ یکون البائع من أحد الغرماء.
و إذا کان فی الترکة عین زکویة قدمت الزکاة علی الدیون،و کذلک الخمس،و إذا کانا فی ذمة المیت کانا کسائر الدّیون.
الولد،
و أما قبله ففیه إشکال،و الجواز أظهر.
ص:370
عادته و کان عسرا علیه،
و لا بیع دار سکناه اللائقة بحاله و لا عبد خدمته و لا غیره ممّا یعسر علیه بیعه،کما تقدّم فی کتاب الدین.
و لو مات من علیه الدین حل، و لا یحل بموت صاحبه.
و لو مات قدم الکفن و غیره من واجبات التجهیز.
بعد القسمة نقضت و شارکهم،
و مع القسمة یطلق سراحه من الحبس و یزول الحجر بالأداء.
و الجد له،
فإن فقدا فللوصی إذا کان وصیا فی ذلک،فإن فقد فللحاکم،و فی مال السفیه و المجنون اللذین عرض علیهما السفه و الجنون بعد البلوغ للحاکم خاصة.
ص:371
الضمان هو نقل الدین من ذمة المضمون عنه إلی ذمة الضامن للمضمون له،و هو مفاد عقد الضمان.
له
بکلّ ما یدلّ علی تعهّد الأوّل بالدین،و رضا الثانی بذلک.
فالتعلیق علی أمر مشکوک الحصول باطل.
و هنا معنی آخر للضمان،و هو:تعهّد الشخص بالشیء و جعله فی مسئولیّته،و مرد هذا التعهد إلی اشتغال ذمته بقیمته علی تقدیر التلف،کما إذا تعهّد المستأجر بالعین المستأجرة،و معنی هذا التعهّد:أنّه جعلها علی عهدته و مسئولیته،و مرجع ذلک إلی اشتغال ذمته بقیمتها علی تقدیر تلفها،و إذا کان هذا التعهّد متعلّقا بالدین فهو لا یتطلّب نقل الدین إلی ذمة المتعهّد من ذمة المدین بل یتطلّب تعهّد المتعهد بوفاء ذلک الدین:بمعنی أنّه جعل نفسه مسئولة عن أداء
ص:372
الدین،أی:عن خروج المدین عن عهدة الدین و تفریغ ذمّته،و من هنا لیس للدائن أن یرجع ابتداء علی الضامن و هو المتعهّد و یطالبه بالدین لأنّ الضامن بهذا المعنی لیس مسئولا مباشرا عن الدین،کما هو کذلک فی الضامن بالمعنی الأوّل،بل هو مسئول و متعهّد بأداء المدین دینه و خروجه عن عهدته،و مثل هذا التعهّد یوجب ثقة الدائن بأنّ دینه مضمون،و استحقاقه المطالبة من الضامن و المتعهّد إذا امتنع المدین عن الوفاء و الأداء،فإذا امتنع عن ذلک اشتغلت ذمة المتعهّد بالأداء،علی أساس أنّ أداء الدین ذو قیمة مالیة،و هی قیمة الدین،فإذا تلف الأداء علی الدائن بامتناع المدین عنه قصورا أو تقصیرا،فأصبح مضمونا علی المتعهّد بمقتضی تعهّده،و تشتغل ذمّته بقیمة الأداء التی هی قیمة الدّین،و من هنا یظهر أنّ الضّمان بهذا المعنی لا یرجع إلی ضمّ ذمة إلی ذمة أو ضمّ مسئولیة إلی مسئولیة،فإنّ معنی الضمّ هو:أنّ کلا الشخصین من المدین و الضامن مسئول أمام الدائن فی عرض واحد،و له أن یرجع إلی أی منهما شاء،و هذا بخلاف المقام، فإن المدین مسئول عن ذات المبلغ و مشغول الذمة بها،و الضامن مسئول عن أداء المدین ذلک المبلغ و خروجه عن عهدة مسئولیّته أمامه،فلهذا لا یرجع الدائن إلی الضامن ابتداء،بل بعد امتناع المدین عن الأداء قصورا أو تقصیرا، فتکون مسئولیة الضامن فی طول مسئولیّة المدین،و من الضمان بهذا المعنی ما إذا تعهد ثالث للبائع بوفاء المشتری للثمن،فإنّ معنی ذلک:أنّ المشتری إذا امتنع عن الوفاء و الأداء کان للبائع أن یرجع إلی الضامن و هو المتعهّد؛لأنّ مرجع تعهّده إلی اشتغال ذمّته بقیمة الأداء عند امتناع المشتری عنه،و منه قبول البنک للکمبیالة، فإنّ نتیجته اشتغال ذمّة البنک بقیمة الکمبیالة،لکن لا فی عرض اشتغال ذمة المدین و لا بدلا عنه،بل فی طول امتناعه عن الأداء کما مرّ.
و هذا الضمان موافق للارتکاز العقلائی و یتصوّر فی الدیون و الأعیان
ص:373
الخارجیة معا،و هو نوع من الضمان المعاملی و مشمول للعمومات،ثمّ إنّ الضمان بهذا المعنی لیس ضمانا مطلقا و منجزا،بل هو مشروط و معلّق علی التلف أو امتناع المدین عن الأداء.
و أمّا فی المدیون فلا یعتبر شیء من ذلک،فلو ضمن شخص ما علی المجنون أو الصغیر من الدین صحّ.
المضمون عنه إذا کان الضمان بطلبه،
و إلاّ لم یرجع.
و لا یجوز له الرجوع إلی المضمون عنه،و إذا أبرأ ذمّته عن بعضه برئت عنه،و لا یرجع إلی المضمون عنه بذلک المقدار،و إذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل،فلیس للضامن مطالبة المضمون عنه إلاّ بذلک المقدار دون الزائد،و کذا الحال لو ضمن الدین بمقدار أقل من الدین برضا المضمون له.و الضابط:أن الضامن لا یطالب المضمون عنه إلاّ بما خسر دون الزائد،و منه یظهر أنه لیس له المطالبة فی صورة تبرّع أجنبی لأداء الدّین.
له،
بلا فرق فی ذلک بین الضمان بالمعنی الأول أو الثانی.
بالاشتراط أو بغیره؟
و الجواب:أن الثبوت لا یخلو عن قوة؛إذ لا مانع من أن یشترط لکل من
ص:374
الضامن و المضمون له الخیار فی عقد الضمان،و لا ینافی مقتضاه،فإنه انتقال الدین من ذمة المضمون عنه إلی ذمة الضامن،أو تعهد الضامن بالأداء عند امتناع المدین،و إذا ثبت الخیار و فسخ العقد کان مقتضاه انتقال الدین من ذمة الضامن إلی مکانه الأول،و هو ذمة المضمون عنه فی الضمان بالمعنی الأول،و رفع التعهد و المسئولیة عن الضامن فی الضمان بالمعنی الثانی،و رجوعه إلی حالته الأولی، و هی الحالة قبل التعهد و المسئولیة،و لا مانع من ذلک؛لأن فسخ العقد معناه حله و رفع مقتضاه،سواء کان مقتضاه التعهد بشیء و قبول مسئولیته،أم نقل مال من ملک شخص إلی ملک آخر،أو من ذمة فرد إلی ذمة فرد آخر.
فیکون الأجل للضمان لا للدین،فلو أسقط الضامن الأجل و أدّی الدین حالا،فله مطالبة المضمون عنه کذلک،و کذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الاجل المذکور،فإنه قد حلّ،و إذا أدّاه الورثة من ترکته،کان لهم الرجوع علی المضمون عنه.
الأجل و أدّی الدین حالا،
فلیس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.
و کذا الحال إذا مات الضامن فی الأثناء،فإن المضمون له یأخذ المال المضمون من ترکته حالا،و لکن لیس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.
عنه،و أدّی الدین،
فالظاهر جواز الرجوع إلیه بعد أداء الدین؛لأنّه المتفاهم العرفی من إذنه بذلک.
-کما إذا کان أجله ثلاثة أشهر مثلا و ضمنه بمدة شهر و أداه بعد هذه المدّة،و قبل حلول الأجل
ص:375
-فلیس له مطالبة المضمون عنه بذلک قبل انقضاء الأجل الأول،و هو أجل الدین،و إذا ضمنه بأکثر من أجله،ثم أسقط الزائد و أدّاه،فله مطالبة المضمون عنه بذلک،و کذا الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدین و قبل انقضاء المدة الزائدة.
بإجازة من الحاکم الشرعی أو صدقة،
فالظاهر أن للضامن أن یطالب المضمون عنه بذلک،و کذا الحال إذا أخذه منه ثم رده إلیه بعنوان الهبة أو نحوها،و هکذا إذا مات المضمون له و ورث الضامن ما فی ذمته.
ینفک بالضمان بانفکاک موضوعه،
علی أساس أنّ الدّین ینتقل به من ذمة المضمون عنه إلی ذمة الضامن،فلا یبقی موضوع للرهن علی الدین فی ذمته، و کذلک ینفک بالضمان بالمعنی الثانی،فإنّ الضامن إذا تعهد بالأداء لو امتنع المدین عنه و جعله فی عهدته و مسئولیته،لم یبق موضوع للرهن و الوثیقة.
بنحو العموم المجموعی أو بنحو العموم الاستغراقی،
فعلی الأول یقسط الدین علیهما،و علی الثانی یکون کل واحد منهما ضامنا بالمعنی الثانی،و هو تعهد کل منهما بأداء الدین إذا امتنع المدین عنه،و أما الضمان بالمعنی الأول-و هو انتقال الدین إلی ذمة کل منهما فی عرض الآخر-فهو غیر متصور،و أمّا علی نحو تعاقب الأیدی فقد تقدّم أنّ ضمان غیر من تلف المال تحت یده من الأیادی السابقة، بمعنی:التعهد و جعل إیصال المال إلی صاحبه فی عهدتها و مسئولیتها لا اشتغال
ص:376
ذمتها ببدله من المثل أو القیمة علی الأظهر،و علی هذا فإذا أبرأ المضمون له فی المقام أحدهما بخصوصه،برأت ذمته من التعهّد و المسئولیة دون الآخر.
المعیّن،
و لا یصح ضمانه لأحدهما لا علی التعیین،حتی الضمان بالمعنی الثانی و هو التعهد و الالتزام بالأداء عند امتناع المدین عنه،فإن متعلقه إذا لم یکن معینا خارجا فلا أثر له،و کذا الحال إذا کان شخصان مدیونین لواحد،فضمن عنهما شخص،فإن کان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعین صح،و إن کان عن أحدهما لا علی التعیین لم یصح.
لم یجز له أن یفی الدین من الخمس أو الزکاة أو المظالم.و لا فرق فی ذلک بین أن تکون ذمة الضامن مشغولة بها فعلا أم لا.
صح أن یضمن عنه شخص للحاکم الشرعی أو وکیله بکلا معنیی الضمان.
المضمون من أصل ترکته.
هذا إذا کان الضمان بالمعنی الأول،و أمّا إذا کان بالمعنی الثانی-و هو جعل أداء الدین فی عهدته و مسئولیّته-فهل الأمر کذلک أیضا أو لا؟و الجواب:نعم،و ذلک لما مرّ من أنّ مردّه إلی اشتغال ذمّته بقیمة الأداء علی تقدیر امتناع المدین عنه و هی قیمة الدین،و علی هذا فهو مدین،و إذا مات أخرج دینه من أصل ترکته،و حینئذ فإن کان الضمان بإذن المضمون عنه ترجع الورثة إلی المضمون عنه و إلاّ فلا.
و أما ضمانه
ص:377
لنفقاتها الآتیة فالظاهر أنّه لا مانع منه أیضا،علی أساس أنّها دین علی الزوج، فإذا ضمن عنه انتقلت إلی ذمّة الضامن،و أمّا ضمانها بمعنی آخر و هو التعهّد بها علی تقدیر امتناع الزوج عن الإنفاق،فلا إشکال فیه.و أمّا نفقة الأقارب فلا یصحّ ضمانها بمعنی:نقل الدین من ذمّة إلی ذمّة بلا إشکال لأنّها مجرد تکلیف و لا ذمة فی البین.نعم،لا بأس بضمانها بمعنی التعهّد بها علی تقدیر الامتناع عن الإنفاق.
بمعنی:کون العین فی عهدة الضامن و مسئولیته،و أثر ذلک وجوب ردّ بدلها من المثل أو القیمة عند تلفها و الامتناع من ردّها.و من هذا القبیل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتری،إذا ظهر المبیع مستحقّا للغیر أو ظهر بطلان البیع من جهة اخری،و الضابط:أنّ الضمان فی الأعیان الخارجیة بمعنی التعهّد لا بمعنی الثبوت فی الذمة،فهو قسم آخر من الضمان کما تقدّم شرحه.
من بناء أو غرس أو نحو ذلک،
إذا ظهر کون الأرض مستحقة للغیر،بمعنی اشتغال ذمته به فعلا؛لأنّه غیر معقول؛إذ لم یحدث المشتری فیها شیئا حتی تکون ذمّته مشغولة بدرکه بعد،و أمّا ضمانه بمعنی التعهّد به علی التقدیر المذکور،فلا مانع منه.
فألقاه ضمنه،
سواء أ کان لخوف غرق السفینة أم لمصلحة اخری من خفّتها أم نحوها،و هکذا إذا أمره بإعطاء دینار مثلا لفقیر أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه، فإنّه یضمن إذا لم یقصد المأمور المجانیة.
-کما إذا ادعی
ص:378
المدیون الضمان و أنکره الدائن-فالقول قول الدائن،و هکذا إذا ادّعی المدیون الضمان فی تمام الدین،و أنکره المضمون له فی بعضه.
المنکر،
و إذا اعترف بالضمان و اختلفا فی مقداره،بأن یدّعی الدائن الضمان فی تمام الدین و یدّعی الضامن الضمان فی بعضه أو فی اشتراط التعجیل،إذا کان الدین مؤجّلا،بأن یدّعی الدائن التعجیل و یدّعی الضامن عدمه،فالقول قول الضامن، و إذا اختلف الدائن و المدین فی اشتراط التأجیل مع کون الدّین حالا،أو فی وفائه للدین،أو فی إبراء المضمون له،کما إذا ادّعی المدین اشتراط التأجیل و الدائن عدمه أو الوفاء بالدین،و الدائن عدم الوفاء أو الإبراء و الدائن عدمه،فإنّ القول قول الدائن فی جمیع هذه الفروض.
أو فی وفاء الضامن للدین،أو فی مقدار الدین المضمون،أو فی اشتراط شیء علی المضمون عنه،قدم قول المضمون عنه فی جمیع هذه الموارد.
الحقّ منه بإقامة بیّنة،
فلیس له مطالبة المضمون عنه؛لاعترافه بأنّ المضمون له أخذ المال منه ظلما.
فلیس للضامن الرجوع إلی المضمون عنه إذا لم یصدّقه فی ذلک.
بکر عن زید و هکذا،
فتبرأ ذمّة غیر الضامن الأخیر و تشتغل ذمّته للدائن،فإذا أداه رجع به إلی سابقه و هو إلی سابقه و هکذا إلی أن ینتهی إلی المدین الأول،هذا
ص:379
إذا کان الضّمان بإذن المضمون عنه،و إلاّ فلا رجوع علیه،فلو کان ضمان زید بغیر إذن عمرو،و کان ضمان بکر بإذن زید و أدّی بکر الدین،رجع به إلی زید و لا یرجع زید إلی عمرو.
ص:380
الحوالة هی تحویل المدین ما فی ذمّته من الدّین إلی ذمّة غیره بإحالة الدائن علیه.
بکلّ ما یدلّ علیهما من لفظ أو فعل أو کتابة.
کما یعتبر عدم التفلیس فی المحیل إلاّ فی الحوالة علی البریء،فإنّه یجوز فیها أن یکون المحیل مفلسا،و یعتبر فی المحیل و المحال الاختیار،و فی اعتباره فی المحال علیه إشکال، و الأظهر عدم الاعتبار إلاّ فی الحوالة علی البریء أو بغیر الجنس،فیعتبر عندئذ قبول المحال علیه برضاه و اختیاره.
فلا تصحّ الحوالة مما یستقرضه.
فإذا کان
ص:381
شخص مدینا لآخر بمنّ من الحنطة و دینار،لم یصحّ أن یحیله بأحدهما من غیر تعیین.نعم،یصحّ أن یحیله بالجامع و جعل تعیینه بید المحال.
و إن لم یعلم المحیل و المحال بجنسه أو مقداره حین الحوالة.فإذا کان الدین مسجّلا فی الدفتر،فحوّله المدین علی شخص قبل مراجعته فراجعه،و أخبر المحال بجنسه و مقداره صحّت الحوالة.
و إن لم یکن المحال علیه فقیرا و لا مماطلا فی أداء الحوالة.
قبل أدائه إلی المحال،
و إذا تصالح المحال مع المحال علیه علی أقلّ من الدین،لم یجز أن یأخذ من المحیل إلاّ الأقل.
منفعة
أو عملا لا یعتبر فیه المباشرة،کخیاطة ثوب و نحوها،بل و لو مثل الصلاة و الصوم و الحجّ و الزیارة و القراءة و غیر ذلک،و لا فرق فی ذلک بین أن تکون الحوالة علی البریء أو علی المشغول ذمته،کما لا فرق بین أن یکون المال المحال به مثلیا أو قیمیّا.
فلیس للمحیل و المحال فسخه.نعم،لو کان المحال علیه معسرا حین الحوالة،و کان المحال جاهلا به جاز له الفسخ بعد علمه بالحال و إن صار غنیّا فعلا لأنّ الخیار لا یزول بتبدّل فقره بالیسار،و أمّا إذا کان حین الحوالة موسرا أو کان المحال عالما بإعساره،فلیس له الفسخ،أمّا علی الأوّل فلأنّ الفقر الطارئ لا یوجب الخیار،و أمّا علی الثانی فلأنّه لا یجب علی
ص:382
المحال قبول الحوالة،و لو کان علی غیر مما طل لأنّه غیر ملزم بقبول الدین من غیر المدین له مباشرة،و لکن إذا قبلها لزم و إن کانت علی فقیر معسر،و علی هذا فإذا علم بإعسار المحال علیه،و مع ذلک قبل الحوالة علیه فلا خیار له.
فإذا کان بطلب من المحال علیه و کان مدینا،فله أن یطالب المحال علیه بما أدّاه،و أمّا إذا لم یکن بطلبه،أو لم یکن مدینا له،فلیس له ذلک.
و کذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال.
و ادّعی المحیل أنّ له علیه مالا و أنکره المحال علیه،فالقول قوله مع عدم البیّنة،فیحلف علی براءته.
علی مکاتبه،
سواء أ کانت قبل حلول النجم أم بعده،و بها یتحرّر المکاتب لبراءة ذمّته لمولاه،و تشتغل ذمّته للمحال،و لا یتوقّف تحرّره علی قبوله الحوالة،لفرض أنّه مدین لمولاه.
فأحال المکاتب سیّده علیه بمال الکتابة،فقبلها صحّت الحوالة و ینعتق المکاتب،سواء أدّی المحال علیه المال للسیّد أم لا.
حوالة أو وکالة،
فمع عدم قیام البیّنة یقدم قول منکر الحوالة،سواء أ کان هو
ص:383
الدائن أم المدین.
لعمرو بالعملة الأجنبیّة کالتومان الایرانی مثلا،
فأحال بکر عمروا علی زید، فإن کانت الحوالة بالعملة الأجنبیّة،فهی حوالة علی البریء،باعتبار أنّ ذمّة زید مشغولة بالدینار العراقی الداخلی دون العملة الأجنبیّة،فصحّة هذه الحوالة منوطة بقبول المحال علیه،و إن کان الغرض منها المحاولة لتسدید الدّین الذی علیه من عمرو،فهو من الوفاء بغیر الجنس،فإذا رضی الدائن بذلک فلا مانع منه،و یمکن أن تصبح الحوالة هنا حوالة علی المدین واقعا إذا سبقتها مبادلة بین العملة الداخلیة و العملة الأجنبیّة،بأن یبیع بکر ما فی ذمّة زید من العملة الداخلیة بالعملة الأجنبیّة،فإذا قبل زید اشتغلت ذمّته بالعملة الأجنبیّة،و بعد ذلک إذا أحال بکر عمروا علی زید بالعملة الأجنبیّة،کانت من الحوالة علی المدین،هذا کلّه فی التحویل الخارجی و أمّا فی التحویل الداخلی،کما إذا کان کلّ من زید و بکر فی المثال مدینا بالعملة الداخلیة،فتکون الحوالة حوالة علی المدین.
ص:384
الکفالة هی التعهّد بإحضار المدین و تسلیمه إلی الدائن عند طلبه ذلک.
و التزامه،
و القبول من الدائن بکلّ ما یدلّ علی رضاه بذلک.
إحضار المدین و عدم السفه،
و لا یشترط فی الدائن البلوغ و الرشد و العقل و الاختیار،فتصحّ الکفالة للصبیّ و السفیه و المجنون إذا قبلها الولی.
و لا یشترط العلم بمبلغ ذلک المال.
فلا شبهة فی صحة الکفالة،و أمّا إذا لم یکن ثابتا فی الذمة فعلا،و لکن وجد سببه کالجعل فی عقد الجعالة و کالعوض فی عقد السبق و الرمایة و ما شاکل ذلک،ففی صحّة الکفالة فی هذه الموارد إشکال،و الصحّة أقرب.
ص:385
إلاّ بالإقالة،أو بجعل الخیار له.
فأخذ المکفول له المال من الکفیل،فإن لم یأذن المکفول لا فی الکفالة و لا فی الأداء،فلیس للکفیل الرجوع علیه و المطالبة بما أدّاه،و إذا أذن فی الکفالة و الأداء أو أذن فی الأداء فحسب،کان له أن یرجع علیه،و إن أذن له فی الکفالة دون الأداء،فالظاهر عدم رجوعه علیه بما أدّاه،و إن کان غیر متمکّن من إحضاره عند طلب المکفول له ذلک.
المکفول،
فإذا احتاج إلی الاستعانة بشخص قاهر،و لم تکن فیها مفسدة دینیّة وجبت الاستعانة به.
فالظاهر أنّها علی الکفیل،إلاّ إذا کان صرفها بإذن من المکفول.
صلح أو حوالة أو هبة،
بطلت الکفالة.
یظفر به لیأخذ منه دینه،
فهو بحکم الکفیل یجب علیه إحضاره لدیه،و إلاّ فیضمن عنه دینه،و یجب علیه تأدیته له.
الأول:أن یسلم الکفیل المکفول إلی المکفول له.الثانی:أن یؤدّی دینه.الثالث:ما إذا أبرأ المکفول له ذمّة المدین.
الرابع:ما إذا مات المدین.الخامس:ما إذا رفع المکفول له یده عن الکفالة.
ص:386
الصلح عقد شرعی للتراضی و التسالم بین شخصین فی أمر من تملیک عین أو منفعة أو إسقاط دین أو حقّ أو غیر ذلک مجانا،أو بعوض.
فائدتها،
فیفید فائدة البیع إذا کان الصلح علی عین بعوض،و فائدة الهبة إذا کان علی عین بغیر عوض،و فائدة الإجارة إذا کان علی منفعة بعوض،و فائدة الإبراء إذا کان علی إسقاط حقّ أو دین.
و هو مال الصلح،و یعتبر فی الأوّل و الثانی البلوغ و العقل و الاختیار و جواز التصرّف فیما یقع الصلح علیه،بأن لا یکون محجورا بالسفه و غیره،و یعتبر فی المصالح علیه صحّة التملّک بأن لا یکون خمرا أو خنزیرا،و متی توفّرت شروطه صار لازما من الطرفین،و تجری فیه جمیع الخیارات إلاّ خیار المجلس و الحیوان و التأخیر.
سواء أ کان مع العوض أم بدونه.و کذا إذا تعلّق بدین علی غیر المصالح له أو حقّ
ص:387
قابل للانتقال،کحقّی التحجیر و الاختصاص،و منه حقّ الاختصاص لمن بیده الأراضی المفتوحة عنوة،و إذا تعلّق بدین علی المتصالح أفاد سقوطه.و کذا الحال إذا تعلّق بحقّ قابل للإسقاط و غیر قابل للنقل و الانتقال،کحقّ الشفعة و نحوه.
و أمّا ما لا یقبل الانتقال و لا الإسقاط،فلا یصحّ الصلح علیه،و منه حقّ مطالبة الدین الثابت للدائن فی الدین الحال،و منه حقّ المدین أن لا یقبل أداء الدین فی غیر بلد الدین،و منه حقّ الدائن أن لا یقبل تسلم الدین إلاّ فی بلده، و منه حقّ العزل الثابت للموکل فی الوکالة،و منه حقّ الرجوع الثابت للزوج فی الطلاق الرجعی،و منه حقّ الرجوع فی البذل الثابت للزوجة فی الخلع،و غیر ذلک.
کأن یصالح شخصا علی أن یسکن داره أو یلبس ثوبه فی مدّة،أو علی أن یکون جذوع سقفه علی حائطه،أو یجری ما علی سطح داره،أو یکون میزابه علی عرصة داره،أو یکون الممرّ و المخرج من داره أو بستانه،أو علی أن یخرج جناحا فی فضاء ملکه،أو علی أن یکون أغصان أشجاره فی فضاء أرضه،و غیر ذلک.و لا فرق فیه بین أن یکون بلا عوض أو معه.
کما یجری فی البیع و نحوه.
فإذا اختلط مال أحد الشخصین بمال الآخر جاز لهما أن یتصالحا علی الشرکة بالتساوی أو بالاختلاف،کما یجوز لأحدهما أن یصالح الآخر بمال خارجی معیّن،و لا یفرق فی ذلک بین ما إذا کان التمییز بین المالین متعذّرا،و ما إذا لم یکن متعذّرا.
ص:388
حتی مع إنکار المدّعی علیه،و یسقط بهذا الصلح حقّ الدعوی،و کذا یسقط حقّ الیمین الذی کان للمدّعی علی المنکر،فلیس للمدّعی بعد ذلک تجدید المرافعة،و لکن هذا قطع للنزاع ظاهرا،و لا یحلّ لغیر المحقّ ما یأخذه بالصلح،إلاّ إذا کان معذورا فی اعتقاده بأنّه محقّ،و ذلک مثل ما إذا ادّعی شخص علی آخر بدین فأنکره،ثمّ تصالحا علی النّصف،فهذا الصلح و إن أثر فی سقوط الدعوی،و لکن المدّعی لو کان محقّا فقد وصل إلیه نصف حقّه، و یبقی نصفه الآخر فی ذمّة المنکر،و حینئذ فإن کان المنکر معذورا فی اعتقاده و یری نفسه محقّا لم یکن علیه إثم،و إلاّ فهو آثم،و یجب علیه أن یدفع نصفه الآخر إلیه أیضا.نعم،لو رضی المدّعی بالصلح به عن جمیع ما فی ذمّته،فقد سقط حقّه.
إقرارا بالحق؛
لما عرفت من أنّ الصلح یصحّ مع الإقرار و الإنکار.و أمّا لو قال:
بعنی أو ملّکنی،کان إقرارا.
و لا تعتبر فیه صیغة خاصة.
سنة مثلا،
و یتصرّف فی لبنها و یعطی له مقدارا معیّنا من الدهن مثلا صحّت المصالحة،بل لو آجر نعاجه من الراعی سنة علی أن یستفید من لبنها بعوض مقدار معیّن من دهن أو غیره،صحّت الإجارة.
و أمّا المصالحة علیه فتحتاج إلی القبول.
ص:389
لم تبرأ ذمّته عن المقدار الزائد،إلاّ أن یعلم برضا الدائن بالمصالحة بهذا المقدار،حتّی لو علم بمقدار الدّین أیضا.
إذا کان ممّا یکال أو یوزن مع العلم بالزیادة فی أحدهما علی الأحوط الأولی،و لا بأس بها مع احتمال الزیادة.
واحد،
کما إذا کان زید مدیونا لعمرو بعشرة أمنان من حنطة مثلا و مدیونا لخالد بعشرة أمنان من شعیر،أو علی شخصین مع التفاضل و إن کان الدینان من المکیل أو الموزون و کانا من جنس واحد،علی أساس أنّ التفاضل إنّما هو ربا فی بیع المکیل أو الموزون لا فی مطلق المعاملة.نعم،لو فرض أنّ الصلح لیس بعقد مستقل بل هو بیع فی مثل المقام بصورة الصلح،لم تجز إلاّ إذا کانا متساویین فی الکیل أو الوزن،أو لم یکونا من جنس واحد،و لکن مع هذا فالأحوط و الأولی ترک المصالحة مع التفاضل إذا کان العوضان فی المال المصالح علیه من المکیل أو الموزون.
إذا کان الغرض إبراء ذمّة المدیون من بعض الدین و أخذ الباقی منه نقدا.هذا فیما إذا کان الدین من جنس الذهب أو الفضّة أو غیرهما من المکیل أو الموزون،بل قد مرّ أنّ الأظهر جواز الصلح فیه بأقلّ منه علی نحو تکون النتیجة هی المعاوضة و المبادلة بینهما دون الإبراء،و إن کان الأولی و الأجدر ترکه،و أمّا فی غیر ذلک فلا إشکال فی جواز الصلح بالأقل،سواء کان الأقل دینا أم کان غیره،و قد تسأل:هل یجوز بیع الدین المؤجّل بالأقل نقدا أو لا؟و الجواب:أنّ جوازه لا یخلو عن إشکال کما
ص:390
تقدّم،بلا فرق فی ذلک بین بیع الدّین المؤجّل بالأقل حالا أو بیع الدین الحال بالأقل،و علی هذا فبیع الکمبیالات المؤجّلة من البنوک و المصارف بالأقل نقدا لا یخلو عن إشکال.
حتی فیما إذا کان بلا عوض و کانت فائدته فائدة الهبة،و لا ینفسخ إلاّ بتراضی المتصالحین بالفسخ أو بفسخ من جعل له حقّ الفسخ فی ضمن الصلح.
فی الصلح.
نعم،لو أخّر تسلیم المصالح به عن الحد المتعارف،أو اشترط تسلیمه نقدا فلم یعمل به،فللآخر أن یفسخ المصالحة،لکن من جهة تخلف الشرط لا من جهة التأخیر،و أمّا الخیارات الباقیة فهی تجری فی عقد الصلح.
و أمّا الأرش-و هو أخذ التفاوت بین قیمتی الصحیح و المعیب-ففیه إشکال،و لا یبعد عدمه.
خاصة
ترجع إلی المصالح نفسه أو إلی غیره أو جهة عامة فی حیاة المصالح أو بعد وفاته صحّ،و لزم الوفاء بالشرط.
عام واحد من دون ضمیمة
و إن کان لا یجوز ذلک فی البیع علی ما مرّ.
و للآخر سلعة تسوی ثلاثین،و اشتبهتا و لم تتمیّز إحداهما عن الأخری،فإن تصالحا علی أن یختار أحدهما فلا إشکال،و إن تشاجرا بیعت السلعتان و قسم الثمن بینهما بالنسبة،فیعطی لصاحب العشرین سهمان و للآخر ثلاثة أسهم.هذا
ص:391
فیما إذا کان المقصود لکلّ من المالکین المالیة،و أمّا إذا کان مقصود کلّ منهما شخص المال من دون نظر إلی قیمته و مالیّته،کان المرجع فی التعیین هو القرعة.
ص:392
و الإقرار إخبار عن حقّ ثابت علی المخبر أو نفی حقّ له علی غیره،و لا یختصّ بلفظ،بل یکفی کلّ لفظ دال علی ذلک عرفا و لو لم یکن صریحا،و کذا تکفی الإشارة المعلومة.
و استفادته من الکلام بالدلالة المطابقیة أو التضمنیّة،فلو استفید من کلام آخر-علی نحو الدلالة الالتزامیة-کان نافذا أیضا،فإذا قال:الدار التی أسکنها اشتریتها من زید،کان ذلک إقرارا منه بکونها ملکا لزید سابقا،و هو یدّعی انتقالها منه إلیه، و من هذا القبیل ما إذا قال أحد المتخاصمین فی مال للآخر:بعنیه،فإنّ ذلک یکون اعترافا منه بمالکیّته له.
کان للمقرّ له إلزامه و مطالبته به،و ذلک بأن یکون المقرّ به مالا فی ذمّته أو عینا خارجیة أو منفعة أو عملا أو حقّا،کحقّ الخیار و الشفعة و حقّ الاستطراق فی ملکه أو إجراء الماء فی نهره أو نصب المیزاب علی سطح داره و ما شاکل ذلک،
ص:393
و أمّا إذا أقر بما لیس للمقرّ له إلزامه به،فلا أثر له،کما إذا أقرّ بأنّ علیه لزید شیئا من ثمن خمر أو قمار و نحو ذلک،لم ینفذ إقراره.
فإن کان رجوعا عن إقراره لم یسمع و لا أثر له.فلو قال لزید:لک علیّ عشرون دینارا،ثمّ قال:لا بل عشرة دنانیر،الزم بالعشرین،و أمّا إذا لم یکن رجوعا،بل کان قرینة علی بیان مراده،لم ینفذ الإقرار إلاّ بما یستفاد من مجموع الکلام،فلو قال لزید:لک علیّ عشرون دینارا إلاّ خمسة دنانیر،کان هذا إقرارا علی خمسة عشر دینارا فقط، و لا ینفذ إقراره إلاّ بهذا المقدار.
فلا ینفذ إقرار الصبی و المجنون و لا إقرار العبد بالنسبة إلی ما یتعلّق بحقّ المولی من دون تصدیقه مطلقا، و لو کان ممّا یوجب الجنایة علی العبد نفسا أو طرفا،و أمّا بالنسبة إلی ما یتعلّق به نفسه مالا کان أو جنایة،فیتبع به بعد عتقه،و ینفذ إقرار المریض فی مرض موته علی الأظهر.
و لو أقرّ للعبد فهو له-لو قیل بملکه-کما هو الظّاهر.
فإن فسّره بما لا یملک لم یقبل.
فإنّ العین تدفع للأوّل،و یغرم بدلها من المثل أو القیمة للثانی،علی أساس أنّ لازم إقراره أنّه قد أتلف العین علی عمرو،فیکون ضامنا لبدلها من المثل أو القیمة،و هذا إقرار علی نفسه فیکون حجّة؛إذ لا فرق فی حجیّة الإقرار بین المدلول المطابقی و المدلول الالتزامی،فإنّه کما یکون حجّة فی الأوّل کذلک یکون حجة فی الثانی،و إذا أقرّ
ص:394
بالنقد کان الظاهر منه نقد البلد،إلاّ إذا کانت هناک قرینة،و کذلک إذا أقرّ بالکیل أو الوزن.
و لو أقرّ بالدین المؤجل ثبت المؤجل،و لم یستحقّ المقرّ له المطالبة به قبل الأجل،و لو أقرّ بالمردّد بین الأقل و الأکثر ثبت الأقل.
بالتعیین،
فإن عیّن أحدهما فالدار له،إلاّ إذا ادّعی الآخر أنّه صاحب الدار،و یعلم المقرّ بذلک،فحینئذ کان له إلزام المقرّ علی الیمین بعدم العلم بالحال،فإن حلف المقرّ علی ذلک سقطت دعواه العلم علیه،و أمّا دعواه أصل ملکیّة الدار فهی ظلّت بحالها،و عندئذ فإن تمکّن من إقامة بیّنة علی ما ادّعاه من ملکیّة الدار کانت الدار له،و إلاّ فعلی من عیّنه المقرّ الیمین،و إن لم یعین المقرّ أحدهما و ادّعی عدم المعرفة بالحال و صدّقاه فی ذلک،سقط عنه الإلزام بالتعیین،و علی هذا فإن ادّعی کلّ منهما ملکیّة الدار،فإن کانت لأحدهما بیّنة دون الآخر،فالدار له،و إن لم تکن لأیّ منهما بیّنة،فإن حلف أحدهما و نکل الآخر حکم له،و أمّا إذا کانت لکلّ منهما بیّنة أو حلف کلاهما معا سقطت الدعوی،و حینئذ فهل یحکم بالتصالح بینهما و تنصیف الدار،أو یرجع إلی القرعة و تعیین المالک بها؟فیه وجهان الأظهر الوجه الثانی.
فإن کان المقرّ به دینا علی ذمة المقرّ سقط حقّه،و لا أثر للإقرار حینئذ،و لا یطالب المقرّ بشیء و إن کان عینا خارجیّة،قیل:إنّ للحاکم الشرعی انتزاعها من یده بمقتضی إقراره،و لکن الظاهر عدمه،علی أساس أنّه یؤخذ بإقراره،بملاک أنّه یثبت به الحقّ علی نفسه
ص:395
للمقرّ له،فإذا فرض أنّ المقرّ له قد أسقط حقّه عنه و أنکره،ظلّ إقراره بلا أثر، و حینئذ فإن علم المقرّ بأنّ المقرّ له کان مشتبها و أنّ له علیه حقّا،وجب إیصاله إلیه بأیّ وسیلة متاحة له،و إن لم یکن ذلک،فإن انقطع أمله عن إیصاله إلیه نهائیا تصدّق به من قبله،و إلاّ فعلیه الانتظار إلی أن یتمکّن،و إن حصل له التردّد من إنکار المقرّ له و احتمل أنّ المال لغیره،فعندئذ بما أنّ أمره یدور بین کونه للمقرّ له أو لغیره فیرجع إلی القرعة،و لو قال:لک أحد هذین المالین ممّا کان تحت یده،الزم بالتعیین،فإن عیّن فی أحدهما اخذ به،و حینئذ فإن صدّقه المقرّ له فهو المطلوب، و إن أنکره سقط حقّه،و علی هذا فإن کان المقرّ عالما بالحال و باشتباه المقرّ له وجب ردّ ماله إلیه بأی طریق متاح له،و إن لم یمکن ذلک،فإن یئس عن ذلک نهائیا تصدّق به من قبله،و إلاّ فعلیه أن ینتظر،و أمّا إذا ادّعی المقرّ له ملکیة غیر ما عیّنه المقرّ،فعلیه أن یثبت ذلک،و إلاّ فالقول قول المقرّ مع یمینه،و إن لم یعیّن فی أحدهما و ادّعی عدم العلم بالحال،فحینئذ إن ادّعی المقرّ له العلم بملکیّة أحدهما معینا،قبل منه؛لعدم المعارض له،و إلاّ فالمرجع القرعة.هذا إذا کان المال مالا خارجیا تحت ید المقرّ،و أمّا إذا کان فی الذمة،فلا مجال للرجوع إلی القرعة،فلا بدّ عندئذ من التراضی و التصالح بینهما.
کان علیه إقامة البیّنة علیها أو إحلاف المشتری علی إقباض الثمن.
نفذ إقراره مع احتمال صدقه فی ما علیه من وجوب إنفاق أو حرمة نکاح أو مشارکة فی إرث و نحو ذلک،و أمّا بالنسبة إلی غیر ما علیه من الأحکام ففیه تفصیل،فإن کان الإقرار بالولد فیثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه و عدم المنازع إذا کان الولد صغیرا
ص:396
و کان تحت یده،و لا یشترط فیه تصدیق الصغیر و لا یلتفت إلی إنکاره بعد بلوغه،و یثبت بذلک النسب بینهما و بین أولادهما و سائر الطبقات.و أمّا فی غیر الولد الصغیر فلا أثر للإقرار إلاّ مع تصدیق الآخر،فإن لم یصدّقه الآخر لم یثبت النسب،و إن صدّقه و لا وارث غیرهما توارثا،و فی ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشکال،و الأظهر عدمه و إن کان الاحتیاط فی محلّه،و کذلک فی تعدّی التوارث إلی غیرهما من أنسابهما حتی إلی أولادهما،فإنّه لم یثبت و إن کان الاحتیاط أولی و أجدر،و لو أقرّ بولد أو غیره،ثمّ نفاه بعد ذلک لزم إقراره و لا أثر لنفیه.
و لو کان مساویا دفع بنسبة نصیبه من الأصل،و لو أقر باثنین فتناکرا لم یلتفت إلی تناکرهما، فیعمل بالإقرار و لکن تبقی الدعوی قائمة بینهما،و لو أقرّ بأولی منه فی المیراث،ثمّ أقرّ بأولی من المقرّ له أولا،کما إذا أقرّ العمّ بالأخ،ثمّ أقر بالولد،فإن صدّقه المقرّ له أولا دفع إلی الثانی،و إلاّ فإلی الأوّل و یغرم للثانی علی تفصیل قد مرّ فی المسألة (1145).
کان للثالث النّصف و للثانی السدس،و لو کانا معلومی النسب لا یلتفت إلی إنکاره، و کذلک الحکم إذا کان للمیّت ولدان و أقرّ أحدهما له بثالث و أنکره الآخر،فإنّ نصف الترکة حینئذ للمنکر و ثلثها للمقرّ و للمقرّ له السدس.و إذا کانت للمیّت زوجة و اخوة مثلا،و أقرّت الزوجة بولد له،فإن صدّقتها الاخوة کان ثمن الترکة للزوجة و الباقی للولد،و إن لم تصدّقها أخذت الاخوة ثلاثة أرباع الترکة و أخذت الزوجة ثمنها و الباقی و هو الثمن للمقرّ له.
ص:397
و امرأتین و لا بشهادة رجل و یمین،
و لو شهد الأخوان بابن للمیّت و کانا عدلین کان أولی منهما و یثبت النسب،و لو کانا فاسقین لم یثبت النسب،و یثبت المیراث إذا لم یکن لهما ثالث،و إلاّ کان إقرارهما نافذا فی حقّهما دون غیرهما.
ص:398
و لا بدّ فی الوکالة من الإیجاب و القبول بکلّ ما یدلّ علیهما من لفظ أو فعل، و لا یعتبر فیها اتّصال القبول بالإیجاب،کما لا یشترط فیها التنجیز،فلو علّقها علی شرط غیر حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حینه فالظاهر الصحّة، و یصحّ تصرّف الوکیل حینئذ عند تحقّق الشرط.
و لکن یعتبر فی عزل الموکل له بإعلامه به،فلو تصرّف قبل علمه به صحّ تصرّفه.
و تلف متعلّقها،و بإیقاع الموکل متعلّق الوکالة،کما إذا وکّل شخصا فی بیع داره ثمّ قام بنفسه ببیعها و مباشرة.
و الجواب:الأظهر أنّها لا تبطل بذلک،علی أساس أنّه لا دلیل علی البطلان غیر دعوی الإجماع فی المسألة و هی غیر ثابتة.
سواء کان الزوج غائبا أم حاضرا،
ص:399
بل یصحّ توکیل الزّوجة فی أن تطلّق نفسها بنفسها وکالة،أو بأن توکّل الغیر عن الزوج أو عن نفسها،فإذا اشترطت الزوجة علی الزوج فی ضمن عقد النکاح الوکالة منه فی طلاق نفسها إذا لم ینفق علیها مدّة ستّة أشهر أو أقل أو أکثر،أو کان غائبا عنها فی تلک المدّة،أو أمر آخر صحّ،و لها أن تطلّق نفسها بنفسها أو بتوکیل غیرها وکالة إذا لم یف بالشرط،و قد تسأل:هل یصحّ لها أن تشترط علیه الوکالة فی الطلاق عند عروض الجنون أو الإغماء علیه أو لا؟
و الجواب:أنّ الصحّة لا تخلو عن قوّة.
و یعلم ذلک ببناء العرف و المتشرعة علیه.
السوق،
إلاّ إذا علم أنّه ذکره من باب أحد الأفراد.
مطلقا إلاّ فی الإقرار.
نعم،إذا:قال أنت وکیلی فی أن تقرّ علیّ بکذا لزید مثلا، کان هذا إقرارا منه لزید به.
المثل
و بنقد البلد و ابتیاع الصحیح دون الأعم،و تسلیم المبیع و تسلیم الثمن بالشراء و الردّ بالعیب.
بأن یوکّل کلّ من المدّعی و المدّعی علیه شخصا من قبله فی القیام بوظائفهما فی مقام المرافعة و الخصومة،فالشخص إذا کان وکیلا و محامیا عن المدّعی،
ص:400
فوظیفته إثارة الدعوی علی المدّعی علیه و إقامة البیّنة و تعدیل الشهود و طلب الحلف منه إذا لم تکن عنده بیّنة و غیر ذلک،و إذا کان وکیلا و محامیا عن المدّعی علیه،فوظیفته إنکار ما ادّعاه المدّعی و إقامة البیّنة علی جرح الشهود و الحلف إذا طولب منه،ثمّ إنّ هذا التوکیل لا یتطلّب التوکیل فی القبض و بالعکس.
فیصحّ توکیل الصغیر فیما جاز له مباشرته کالوصیة فی ماله إذا بلغ عشرا،و یجوز أن یکون الصغیر وکیلا و لو بدون إذن ولیّه.
و لکن الأظهر الجواز.
و لا تبطل وکالته به.
و التفریط،
و کذلک فی العزل و العلم به و التصرّف،و فی قبول قوله فی ردّ المال إلی الموکّل إشکال،و الأظهر العدم.
فیطالب بالبیّنة.
ص:401
سواء کان من الأصیل أم من الأجنبی،و إذا اختلف الوکیل مع الموکّل،فادّعی الوکیل الإذن فی بیع سلعة بثمن معیّن و أنکر الموکّل ذلک،فالقول قوله مع یمینه،فإذا حلف فعلی الوکیل استعادة العین إن کانت موجودة،و إلاّ فبدلها من المثل إن کانت مثلیة و القیمة إن کانت قیمیة.
عمرو،
فحینئذ إن کانت لزید بیّنة علی الوکالة فالصداق علی الموکل،و إن لم تکن له بیّنة،فإن حلف عمرو علی عدم الوکالة،فعلی زید نصف الصداق للمرأة،و علی هذا فان کان عمرو صادقا فی إنکاره الوکالة فالحکم کما مرّ،و ان کان کاذبا فی إنکاره لها فعلیه إما أن یطلّقها أو یمسکها،و علی کلا التقدیرین فالصداق علیه لا علی زید؛لأنه وکیل منه و قد عمل بوکالته فلا شیء علیه، و ان لم یفعل شیئا من الأمرین،فإن علمت المرأة بکذبه رفعت أمرها إلی الحاکم الشرعی لکی یطالب منه النفقة أو الطلاق،فإن امتنع عن کلیهما معا طلقها الحاکم الشرعی.
إلاّ إذا کانت هناک دلالة علی توکیل کل منهما علی الاستقلال.
و المطالبة
ضمن.
البائع بالثمن،
و یرجع علیه المشتری بالمثمن،و ترد علیه العین بالفسخ بعیب و نحوه و یؤخذ منه العوض.
ص:402
تابعا لما یتمکّن منه،
کما إذا وکّله فی شراء دار له و بیعها أو وکّله فی شراء عبد و عتقه أو فی تزویج امرأة و طلاقها و نحو ذلک،و أمّا التوکیل فیه استقلالا،بأن یوکّله فی بیع دار یملکها بعد ذلک أو فی تزویج امرأة معتدّة بعد انقضاء عدّتها أو فی طلاق امرأة یتزوّجها بعد حین و نحو ذلک،ففی صحّته إشکال و الأقرب الصحّة.و یجوز التوکیل فی القبض و الإقباض فی موارد لزومهما و اعتبارهما فی صحّة العقد،کما فی القرض و الرهن و بیع الصرف و فی موارد عدم لزومهما کذلک،کما إذا باع داره من زید و وکل عمرو فی قبض الثمن،فإن قبض الوکیل فی جمیع هذه الموارد بمنزلة قبض الموکّل،و لا یعتبر فی صحّة التوکیل حینئذ قدرة الموکل علی القبض خارجا،فیجوز لمن لا یقدر علی أخذ ماله من غاصب أن یوکل من یقدر علی أخذه منه،فیکون أخذه بمنزلة أخذ الموکّل.
و هی عبارة عن استیلاء العامل علیها بإنفاق عمل و بذل جهد فی سبیل ذلک،و لا یکفی استیلائه علیها بالقوّة و التحکّم علی الآخرین،فإذا وکّل شخصا فی حیازتها و قام الوکیل بعملیّتها من قبل الموکّل،منحت علاقة الموکّل بها علی مستوی الحقّ دون الوکیل.
علیه الحقّ
لم یکن للوکیل مخاصمته و المرافعة معه لإثبات الحقّ علیه،إلاّ إذا کان وکیلا فی ذلک أیضا.
بالإتیان بالعمل الموکّل فیه،
فلو وکّله فی البیع أو الشراء و جعل له جعلا لم
ص:403
یکن للوکیل أن یطالب به إلاّ بعد إتمام العمل.نعم،له المطالبة به قبل حصول القبض و الإقباض.
قبل الأداء بطلت الوکالة،
و لیس للوکیل مطالبة الورثة.نعم،إذا کانت الوکالة عامة و شاملة لأخذ الدین-و لو من الورثة-لم تبطل الوکالة،و کان حینئذ للوکیل مطالبة الورثة بذلک.
ص:404
و الهبة تملیک عین مجانا من دون عوض و هی عقد یحتاج إلی إیجاب و قبول،و یکفی فی الإیجاب کلّ ما دلّ علی التملیک المذکور من لفظ أو فعل أو إشارة،و لا تعتبر فیه صیغة خاصة و لا العربیّة،و یکفی فی القبول کلّ ما دلّ علی الرضا بالإیجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلک.
و عدم الحجر علیه بسفه أو فلس أو ملک.
الثلث،
کما یصحّ سائر تصرّفاته من بیع أو صلح أو نحو ذلک.
و لا تبعد أیضا صحّة هبة ما فی الذمة لغیر من هو علیه و یکون قبضه بقبض مصداقه.و لو وهبه ما فی ذمّته کان ابراء.
و لا بدّ فیه من إذن الواهب
ص:405
إلاّ أن یهبه ما فی یده،فلا حاجة حینئذ إلی قبض جدید و لا تعتبر الفوریة فی القبض،و لا کونه فی مجلس العقد،فیجوز فیه التراخی عن العقد بزمان کثیر، و متی تحقّق القبض صحّت الهبة من حینه،فإذا کان للموهوب نماء سابق علی القبض قد حصل بعد الهبة کان للواهب دون الموهوب له،و إذا وهبه شیئین فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر،صحّت الهبة فی المقبوض دون غیره.
إذا بلغ مجنونا.
أمّا لو جنّ بعد البلوغ،فولایة القبول و القبض للحاکم علی المشهور،لکنّه لا یخلو عن إشکال،و الاحتیاط لا یترک،و لو وهب الولی أحدهما و کانت العین الموهوبة بید الولی لم یحتجّ إلی قبض جدید.
عن الموهوب
و جعله تحت استیلاء الموهوب له و سلطانه،و یتحقّق فی المنقول بوضعه تحت ید الموهوب له.
أو بعد التلف أو مع التعویض،
و فی جواز الرجوع مع التصرّف خلاف، و الأقوی جوازه إذا کان الموهوب باقیا بعینه،فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلی غیره لم یجز له الرجوع،و له الرجوع فی غیر ذلک،فإن عاب فلا أرش،و إن زادت زیادة منفصلة فهی للموهوب له،و إن کانت متّصلة فإن کانت غیر قابلة للانفصال کالطول و السمن و بلوغ الثمرة و نحوها فهی تتّبع الموهوب،و إن کانت قابلة للانفصال کالعیون و الثمرة و نحوهما ففی التبعیّة إشکال،و الأظهر عدمها،و أنّ الزیادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أیضا.
ص:406
و الأقرب عدمه.
و انتقل الموهوب إلی ورثة الواهب.
فلیس للواهب الرجوع إلی ورثة الموهوب له،کما أنّه لیس لورثة الواهب الرجوع إلی الموهوب له.
فیصحّ الرجوع مع جهله أیضا.
فإذا وهبه شیئا بشرط أن یهبه شیئا،وجب علی الموهوب له العمل بالشّرط، فإذا تعذّر أو امتنع المتّهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع فی الهبة، بل الظاهر جواز الرجوع فی الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.
لکن لو عوض المتّهب لزمت الهبة،و لم یجز للواهب الرجوع.
و إن کان مطلقا أجزأ الیسیر إلاّ إذا کانت قرینة من عادة أو غیرها علی إرادة المساوی.
بل یجوز أن یکون عقدا أو إیقاعا،کبیع شیء علی الواهب أو إبراء ذمّته من دین له علیه أو نحو ذلک.
ص:407
و هی عبارة عن إنشاء تملیک عین أو منفعة من ترکته لزید أو للفقراء مثلا بعد وفاته،فیکون إنشاء التملیک من الآن و تحقق المنشأ و فعلیّته بعد الوفاة،و لا مانع من ذلک لأنّ هذا لیس من تعلیق الإنشاء حتی یکون باطلا،بل الإنشاء فعلی و منجّز،و فعلیة المنشأ معلّقة علی الموت الذی هو بمثابة الموضوع له،و بکلمة:أنّ لکلّ حکم شرعی مجعول فی الشریعة المقدّسة مرحلتین:الأولی مرحلة الجعل و الإنشاء علی الموضوع المقدّر وجوده فی الخارج و الثانیة مرحلة المجعول و هی مرحلة فعلیّة الحکم المجعول و المنشأ بفعلیّة موضوعه فیه،و المعلّق إنّما هو فعلیّة الحکم دون إنشائه،و ما نحن فیه من هذا القبیل،فإنّ الموصی قد أنشأ ملکیّة عین أو منفعة علی الموضوع المقدّر وجوده خارجا و هو الموت،و علی هذا فبطبیعة الحال تتوقف فعلیّة المجعول و المنشأ علی فعلیّة موضوعه فی الخارج.
بأن یأمر بالتصرّف بشیء یتعلّق به من بدن أو مال،کأن
ص:408
یأمر بدفنه فی مکان معیّن،أو زمان معیّن،أو یأمر بأن یعطی من ماله أحد،أو یستناب عنه فی الصوم و الصلاة من ماله،أو یوقف ماله،أو یباع،أو نحو ذلک، فإذا وجّه أمره بذلک إلی شخص معیّن فقد جعله وصیّا عنه و جعل له ولایة التصرّف فی أمواله،و إن لم یوجّه أمره بذلک إلی شخص معیّن و لم تکن قرینة علی التعیین،-کما إذا قال:أوصیت بأن یحجّ عنّی أو یصام عنّی أو نحو ذلک، فلم یجعل له وصیّا معیّنا-کان تنفیذه من وظائف الحاکم الشرعی.
سواء جعل له وصیا أم لم یجعل.و أمّا الوصیّة التملیکیّة،فکما إذا قال:هذا المال لزید بعد مماتی فالمشهور احتیاجه إلی القبول من الموصی له،لکن الأظهر عدمه.
إذا لم یطمئنّ المکلّف بالتمکّن من الامتثال بها مع التأخیر،کقضاء الصلاة و الصیام و أداء الکفّارات و النذور و نحوها من الواجبات البدنیّة و غیرها،فتجب المبادرة إلی أدائها.و إذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإیصاء و الإعلام بها علی الأقوی،إلاّ أن یعلم بقیام الوارث أو غیره به.
و مال المضاربة و نحوها،
ممّا یکون تحت یده و سلطانه،وجب علیه ردّها إلی أهلها إذا کانوا مطالبین لها،و إلاّ لم یجب،إلاّ إذا لم تکن له ثقة بورثته و خاف منهم عدم الأداء.و یجب علیه الإیصاء بها و الإشهاد علیها إذا کان الأداء متوقّفا علیهما،و إلاّ لم یجب ذلک،و کذا یجب علیه أداء دیون الناس الحالة،و مع عدم تمکّنه منه أو کونها مؤجّلة یجب الوصیّة بها و إن لم یخف الموت،و کذلک إذا کان علیه خمس أو زکاة أو مظالم،فإنّه یجب علیه أداءها إن أمکن،و إلاّ
ص:409
فعلیه أن یوصی بها،و لا فرق فی ذلک بین أن تکون له ترکة تفی بها أو لا،إذا احتمل وجود متبرّع من الورثة أو غیرهم و لو فی المستقبل أو أدّاها الحاکم الشرعی من بیت المال.
غیر صریح
أو فعل و إن کان کتابة أو إشارة بلا فرق بین صورتی الاختیار و عدمه،بل یکفی وجود مکتوب بخطه أو بإمضائه،بحیث یظهر منه إرادة العمل به بعد موته،و إذا قیل له هل أوصیت أو لا؟فقال:لا،فقامت البینة علی أنّه قد أوصی،کان العمل علی البیّنة و لم یعتد بخبره لأنه لا یصلح أن یعارض البینة.نعم،إذا کان قاصدا بإنکاره هذا إنشاء العدول عن الوصیة تحقق العدول،علی أساس أنه لا معارض له،و کذا الحکم لو قال:نعم،و قامت البینة علی عدم الوصیة منه،فإنّه إن قصد الإخبار کان العمل علی البینة،و إن قصد إنشاء الوصیة صح الإنشاء و تحققت الوصیّة.
مبطل لها،
إذا کان الردّ بعد الموت و لم یسبق بقبوله،و لکنه لا یخلو عن إشکال بل منع،أما إذا سبقه القبول بعد الموت أو فی حال الحیاة فلا أثر له،و کذا الرد حال الحیاة.
وفاته،
فقبل زید أحدهما و ردّ الآخر،فلا شبهة فی صحة الوصیة فیما قبل،و هل تصح فیما ردّ أیضا الأظهر الصحة کما مرّ،و یکون الرد لاغیا و لا قیمة له،و کذا لو أوصی له بشیء واحد فقبل فی بعضه ورد فی البعض الآخر،فإنه لا أثر للرّد.
ص:410
لأنّها ملک للموصی له،قبل الوصیة أم لا.
الموصی بها إلیه
حتی إذا فرض أن الموصی له ردّ الوصیّة و لم یقبلها؛لما مرّ من أنه لا أثر لردّه،و لا فرق فی ذلک بین أن یکون موت الموصی له فی حیاة الموصی أو بعد وفاته علی الأظهر الأقوی.
الموصی له إذا مات بعد موت الموصی،
فتخرج منه دیونه و وصایاه،و لا ترث منه الزوجة إذا کان أرضا،و ترث قیمته إن کان نخلا أو بناء،و أما إذا مات الموصی له قبل الموصی،فالظاهر أن ورثة الموصی له یتلقون الموصی به من الموصی نفسه،فلا یجری علیه حکم ترکة المیت الموصی له،و فی کلتا الصورتین المدار علی الوارث للموصی له عند موته إذا کان قبل موت الموصی،لا الوارث عند موت الموصی.
و أما إذا مات الوارث فی حیاة الموصی أیضا،فهل ینتقل المال الموصی به إلی ورثته أو لا،الأظهر هو الانتقال.
فهل یجری الحکم المذکور و هو الانتقال إلی الوراث لو مات الشخص فی حیاة الموصی أو لا؟و الجواب:الأظهر الجریان.
فلا تصح وصیة الصبی إلا إذا بلغ عشرا و کان قد عقل،
ص:411
و کانت وصیته فی وجوه الخیر و المعروف لأرحامه.و فی نفوذ وصیته لغیر أرحامه إشکال و لا یبعد عدم نفوذها.
فلا تصح وصیة المجنون و المغمی علیه و السکران حال جنونه و إغمائه و سکره،و إذا أوصی حال عقله ثم جن أو سکر أو أغمی علیه لم تبطل وصیته،و فی اعتبار الرشد فیه إشکال،و الأظهر عدم اعتباره.
فلا تصح وصیة المکره.
فلا تصح وصیة المملوک فی أمواله إلا أن یجیز مولاه، و هل تصحّ وصیّته فی غیر ماله،کما إذا أوصی أن یدفن فی مکان معین أو یصلی علیه العالم الفلانی أو غیر ذلک،مما لا یتوقف تنفیذها علی صرف مال أکثر من المصرف المتعارف لتجهیز المیت الاعتیادی أو لا؟
و الجواب:أن صحّتها لو لم تکن أظهر،فلا أقل أنها موافقة للاحتیاط،و إذا أوصی ثم انعتق و أجازها صحّت و إن لم یجزها المولی.
فإذا أوصی بعد ما أحدث فی نفسه ما یوجب هلاکه من جرح أو شرب سمّ أو نحو ذلک،لم تصح وصیته إذا کانت فی ماله،أما إذا کانت فی غیره من تجهیز و نحوه صحت،و کذا تصح الوصیة إذا فعل ذلک لا عن عمد،بل کان خطأ أو سهوا أو کان لا بقصد الموت،بل لغرض آخر أو علی غیر وجه العصیان،مثل الجهاد فی سبیل اللّه،و کذا إذا عوفی ثم أوصی،و اما إذا أوصی بعد ما فعل السبب،أی:سبب القتل،ثم عوفی ثم مات فهل تصح وصیته أو لا؟و الجواب:أن صحّتها غیر بعیدة.
ص:412
صحّت وصیته و إن کان حین الوصیة بانیا علی أن یحدث ذلک بعدها.
مع فقد الآخر،
و لا تصح مع وجوده.
فقدوا الأب و الجد من قبل الأب،
و له أن یجعل من یری صالحا ولیا و قیّما علیهم بکافة شئونهم الحیاتیة و جهاتهم الفردیة و الاجتماعیّة،کالمحافظة علی أنفسهم و أموالهم و التصرّف فیهما بما یری فیه مصلحة لهم،و تربیتهم و تعلیمهم بما فیه صلاح لهم دینیا و دنیویا،و لا ینعزل هو عن الولایة بموت الفقیه،فإنه لیس کالوکیل من قبله الذی ینعزل بموته.
بمال،
و لکنه جعل أمره إلی غیر الأب و الجد و غیر الحاکم لم یصح هذا الجعل، بل یکون أمر ذلک المال للأب و الجد مع وجود أحدهما و للحاکم مع فقدهما.
نعم،لو أوصی أن یبقی ماله بید الوصی حتی یبلغ ثم یملکه له صحّ.و کذا إذا أوصی أن یصرف ماله علیه من دون أن یملکه له.
الأطفال لاثنین أو أکثر،
کما یجوز أن یجعل الناظر علی القیم المذکور،بمعنی:
کونه مشرفا علی عمله أو بمعنی:کون العمل بنظره و تصویبه کما یأتی فی الناظر علی الوصی.
القاصرین و أولاد ولدی و لم یقید الولایة بجهة بعینها،
جاز له التصرّف فی جمیع الشئون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم و تربیتهم و حفظ أموالهم و الإنفاق
ص:413
علیهم و استیفاء دیونهم و وفاء ما علیهم من نفقات أو ضمانات أو غیر ذلک من الجهات.
وجب علی الولی الاقتصار علی محل الإذن دون غیره من الجهات،و کان المرجع فی الجهات الاخری الحاکم الشرعی.
التی یتقاضاها الاجراء عادة علی مثل ذلک العمل إذا کانت له اجرة،
و لا فرق فی ذلک بین أن یکون غنیّا أو فقیرا و إن کان الأولی ترک أخذها إذا کان غنیّا.
سواء أ کان عینا موجودة أم معدومة إذا کانت متوقعة الوجود،کما إذا أوصی بما تحمله الجاریة،أو الدابة،أو تثمره الشجرة،أو منفعة لعین موجودة،أو معدومة متوقعة الوجود،أو حق من الحقوق القابلة للنقل،مثل حق التحجیر و نحوه،لا مثل حق القذف و نحوه،مما لا یقبل الانتقال إلی الموصی له.
فی غیر الشرب،
أو أوصی بآلات اللهو إذا کان ینتفع بها إذا کسرت،صح.
فإذا
ص:414
أوصی بما زاد علیه بطل الإیصاء فی الزائد،إلا مع إجازة الوارث.و إذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ فی حصة المجیز دون الآخر،و إذا أجازوا فی بعض الموصی به وردوا فی غیره،صحّ فیما أجازوه و بطل فی غیره.
بها حال الحیاة قولان
أقواهما الأول.
بعد وفاته،
کما لا أثر للرّد إذا لحقته الإجازة.
صحّته،
و لا بین کون الوارث غنیّا أو فقیرا.
الذی جعله الشارع له،
فإذا أوصی بعین غیر ملتفت إلی ذلک و کانت بقدره أو أقل،صح.
ثلثی الورثة،
فإن أجازوا صحّت الثانیة،و إلاّ بطلت.
ثلثها،
و توقفت فی ثلثیها علی إجازة الورثة،کما إذا قال:فرسی لزید و ثلثی من باقی الترکة لعمرو،فإنه تصح وصیته لعمرو،و أما وصیته لزید فتصح إذا رضی الورثة،و إلا صحت فی ثلث الفرس،و کان الثلثان للورثة.
فإن کانت الدار بقدر ثلث مجموع الترکة کانت الوصیة نافذة،و إن کانت زائدة علی الثلث
ص:415
نفذت فی الثلث،و توقف نفوذها فی الزائد علی اجازة الورثة.
دینار،
یلاحظ فی کون الموصی به بمقدار الثلث أو أقل أو أکثر،بالإضافة إلی مجموع أموال الموصی حین الموت،لا حین الوصیة.فإذا أوصی لزید بعین کانت بقدر نصف أمواله حین الوصیة،و صارت حین الموت بمقدار الثلث،إما لنزول قیمتها أو لارتفاع قیمة غیرها أو لحدوث مال له لم یکن حین الوصیة،صحت الوصیة فی تمامها.
من الثلث حال الموت،
إما لزیادة قیمتها أو لنقصان قیمة غیرها أو لخروج بعض أمواله عن ملکه،نفذت الوصیة بما یساوی الثلث،و بطلت فی الزائد،إلاّ إذا أجاز الورثة.
فإن کان حین الوفاة مساویا له حین الوصیة،فلا إشکال فی صحة الوصیة بتمامه،و کذا إذا کان أقل فتصح فیه بتمامه حین الوفاة،أما إذا کان حین الوفاة أکثر منه حین الوصیة-کما لو تجدد له مال-فهل یحب إخراج ثلث الزیادة المتجدّدة أیضا أو یقتصر علی ثلث المقدار الموجود حین الوصیة؟و الجواب:أنه یجب إخراج ثلث مجموع أمواله من الزیادة المتجددة و غیرها،علی أساس أنّ المرتکز فی ذهن الموصی من الوصیة بالثلث هو ثلث ما ترکه من الأموال بعد وفاته،و لا نظر له إلی ثلث أمواله حین الوصیة علی نحو بشرط لا،و لهذا لو سأله سائل عن مقصوده بالثلث،لأجاب أنه ثلث ما ترکه بعد الوفاة،إلا إذا قامت قرینة علی أنه أراد الوصیة بثلث الأعیان الموجودة حین الوصیة لا غیر،فإذا تبدّلت أعیانها،لم
ص:416
یجب إخراج شیء،أو تقوم القرینة علی إرادة الوصیة بمقدار ثلث الموجود حینها،و إن تبدّلت اعیانها،فلا یجب إخراج الزائد،کل ذلک خلاف ظاهر الوصیة بالثلث و بحاجة إلی قرینة.و کذا إذا کان کلامه محفوفا مما یوجب إجمال المراد،فإنه یقتصر حینئذ علی القدر المتیقّن و هو الأقل.
الخطأ،
و کذا فی العمد إذا صالح علیها أولیاء المیت،و کما إذا نصب شبکة فی حیاته فوقع فیها صید بعد وفاته،فیخرج من جمیع ذلک الثلث إذا کان قد أوصی به.
و نحوها تساوی الثلث،
نفذت وصیته فیها بتمامها.
الدیون المالیة،أعمّ من الشرعیة و العرفیة،
و نفقات حجة الإسلام إذا کانت علیه،فإذا أخرج جمیع ذلک من الترکة کان ثلث الباقی منها مورد العمل بالوصیة.
فی أدائه بعد وفاته،
لم یکن مستثنی من الترکة و کان بمنزلة عدمه.
إمضاء الوصیة و تنفیذها،
و لا یکفی فیها مجرد الرضا النفسانی.
و إذا فوض التعیین إلی الوصی،فعینه فی عین مخصوصة تعیّن أیضا،بلا حاجة إلی رضا الوارث.و إذا لم یحصل منه شیء من ذلک،کان ثلثه مشاعا فی الترکة،و لا یتعیّن
ص:417
فی عین بعینها بتعیین الوصی إلا مع رضا الورثة.
الموصی،
و هی الأموال الّتی اشتغلت بها ذمّته مثل المال الذی اقترضه و المبیع الذی باعه سلفا و ثمن ما اشتراه نسیئة و عوض المضمونات و اروش الجنایات و نحوها،و منها الخمس و الزکاة و المظالم،و أما الکفارات و النذور و نحوها، فالظاهر أنها لا تخرج من الأصل.
وجب إخراج الواجبات المالیة من الباقی و إن استوعبه،و کذا إذا غصب بعض الترکة.
الدین ما یلزم فی حصته،أو یجب علی غیره وفاء الجمیع من حصته؟
و الجواب:لا یجب علیه أن یسدّد تمام الدین من حصته،فإذا کان الدین بقدر ثلث الترکة،فلیس علیه إلاّ أن یدفع ثلث ما عنده من أجل الدین،و من هذا القبیل ما إذا اختلف الورثة فأقر بعضهم بأن علی المیت حجة الإسلام و أنکر الآخرون،فإنه لیس علی المقر أن یسدّد کل نفقات الحج من حصته الخاصة به، بل علیه أن یسدّد ما یلزم فی حصته،فإذا فرضنا أن نفقة الحج بقدر خمس الترکة فلیس علیه إلاّ أن یبذل خمس ما عنده من أجل الحج،و حینئذ فإن اتفق وجود متبرع بسائر النفقة أدّی إلیه خمس ما عنده،و إلا تصرف فی کامل حصته و لا شیء علیه،ثم إذا و فی غیره تمام الدین،سواء أ کان بإذن الحاکم الشرعی أم لا فله أن یرجع علی المتمرّد و یطالبه بالمقدار الذی یلزم فی حصته،و فی فرض عدم التمکن من أخذ ما یلزم من حصته،یجوز له التقاص من أمواله بهذا المقدار.
ص:418
و أما الحج النذری فیخرج من الثلث.
و تکون ناسخة للأولی،
فإذا أوصی بعین شخصیة لزید،ثم أوصی بها لعمرو اعطیت لعمرو،و کذا إذا أوصی بثلثه لزید ثم أوصی به لعمرو.
کان الثلث بینهما علی السّویة.
کانت الثانیة ناسخة للأولی بمقدارها.
یخرج من الأصل،
وجب إخراجها من الأصل و إن زادت علی الثلث.
کالواجبات البدنیة و الکفارات و النذور اخرجت من الثلث،فإن زادت علی الثلث و أجاز الورثة اخرجت جمیعها،و إن لم یجز الورثة ورد النقص علی الجمیع بالنسبة،سواء أ کانت مرتبة-بأن ذکرت فی کلام الموصی واحدة بعد اخری کما إذا قال:اعطوا عنی صوم عشرین شهرا و صلاة عشرین سنة-أم کانت غیر مرتبة،بأن ذکرت جملة واحدة کما إذا قال:اقضوا عنی عباداتی مدّه عمری صلاتی و صومی.فإذا کانت تساوی قیمتها نصف الترکة،فإن أجاز الورثة نفذت فی الجمیع و إن لم یجز الورثة ینقص من وصیة الصلاة الثلث و من وصیة الصوم الثلث.و کذا الحکم إذا کانت کلها تبرعیة غیر واجبة،فإنها إن زادت علی الثلث و أجاز الورثة،وجب إخراج الجمیع،و إن لم یجز الورثة ورد النقص علی الجمیع بالنسبة.
ص:419
بعضها واجب یخرج من الأصل،و بعضها واجب لا یخرج من الأصل،کما إذا قال:أعطوا عنی ستین دینارا عشرین دینارا زکاة و عشرین دینارا صلاة و عشرین دینارا صوما، فإن وسعها الثلث اخرج الجمیع،و کذلک إن لم یسعها و أجاز الورثة.أما إذا لم یسعها و لم یجز الورثة،فیقسم الثلث علی الجمیع،و ما یجب إخراجه من أصل الترکة یلزم تتمیمه منها.فإن کان المیت قد ترک مائة دینار یخرج من أصل ترکته عشرة دنانیر للزکاة،ثم یخرج ثلثه ثلاثون دینارا فیوزع علی الزکاة و الصلاة و الصوم.و کذا الحال فیما إذا تعدّدت الوصایا و کان بعضها واجبا یخرج من الأصل،و بعضها تبرعیة.نعم،إذا لم یمکن التتمیم من الترکة تعین التتمیم من الثلث فی کلتا الصورتین.
الأصل،و بعضها تبرعیة و لم یف الثلث بالجمیع و لم یجزها الورثة،
ففی تقدیم الواجب علی غیره إشکال و کلام.و الأظهر هو التقدیم،و علی هذا فإذا أوصی بالواجبات المالیة کالخمس أو الزکاة أو حجة الإسلام،و أوصی بالواجبات البدنیة کالصلاة و الصیام،و أوصی بوجوه البر و الإحسان کاطعام الفقراء أو الزیارة أو نحوها،فإن أطلق و لم یعین المخرج من الثلث،بدأ بالواجب المالی أولا،فیخرج من أصل الترکة،فإذا بقی منها شیء یعین ثلثه و یصرف منه فی الواجب البدنی و وجوه البر و الإحسان،فإن وفی بهما فهو المطلوب،و إلاّ نفذ الأول علی الأظهر و ألغی الثانی،و إن عین من الثلث،فإن اتّسع الثلث للکل فهو المطلوب،و إن لم یتسع إلاّ لنصف النفقة التی تتطلبها کل تلک الامور الموصی بها،فهل یخرج الخمس أو الزکاة أو نفقة الحج من الثلث أولا،فإن بقی منه یصرف فی الثانی و الثالث أو لا؟
ص:420
و الجواب:أن الثلث یوزع علی الجمیع بنسبة النصف،فیخرج نصف الواجب المالی من الثلث و النصف الآخر من باقی الترکة،و لکن بما أنه یقدم الوصیة بالواجب البدنی،کالصلاة و الصیام-کما مرّ-علی الوصیة بوجوه البر و الإحسان،فیصرف الباقی من الثلث فی نفقات الواجب البدنی،فإن زاد عنها یصرف الزائد فی وجوه البر و الإحسان،و الاّ الغیت الوصیة بها.
بما لا یکون واجبا علیه فی حیاته،
سواء أ کانت تملیکیة-کما إذا قال:فرسی لزید بعد وفاتی-أم عهدیة کما إذا قال:تصدقوا بفرسی بعد وفاتی.
یکون الموصی له شریکا مع الورثة،
فله الثلث و لهم الثلثان،فإن تلف من الترکة شیء کان التلف علی الجمیع،و إن حصل لترکته نماء کان النماء مشترکا بین الجمیع.
و المستحبات،یکون الثلث باقیا علی ملکه،
فإن تلف من الترکة شیء کان التلف موزعا علیه و علی بقیة الورثة،و إن حصل النماء کان له منه الثلث.
کما عرفت،فإذا حصل منها نماء کان النماء له وحده،و إن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به و لم یشارکه فیه بقیة الورثة.
کما إذا قال:أنفقوا علیّ ثلثی و أعطوا فرسی لزید،وجب إخراج ثلثه من غیر الفرس و تصح وصیته بثلث الفرس لزید،و أما وصیته بالثلثین الآخرین من
ص:421
الفرس لزید،فصحتها موقوفة علی إجازة الورثة،فإن لم یجیزوا بطلت کما تقدّم.و إذا کان الشیء الآخر غیر معین خارجا،کما إذا قال:أنفقوا علی ثلثی و أعطوا زیدا مائة دینار،توقفت الوصیة بالمائة علی إجازة الورثة،فإن أجازوها فی الجمیع صحت فی تمامها،و إن أجازوها فی البعض صحت فی بعضها،و إن لم یجیزوا منها شیئا بطلت فی جمیعها،و نحوه إذا قال:أعطوا ثلثی لزید و أعطوا ثلثا آخر من مالی لعمرو،فإنه تصح وصیته لزید و لا تصح وصیته لعمرو إلاّ بإجازة الورثة،أمّا إذا قال:أعطوا ثلثی لزید،ثم قال:أعطوا ثلثی لعمرو،کانت الثانیة ناسخة للأولی کما عرفت،و المدار علی ما یفهم من الکلام.
فإذا أوصی بصرف مال فی معونة الظالم أو فی ترویج الباطل کتعمیر الکنائس و البیع و نشر کتب الضلال، بطلت الوصیّة.
تقلیده،
و لیس بجائز عند الوصی کذلک،لم یجز للوصی تنفیذ الوصیة،و إذا کان الأمر بالعکس،وجب علی الوصی العمل بها.
البعض لم یصح.
نعم،إذا لم یکن قد أوصی بالثلث و أوصی بذلک،وجب العمل بالوصیة بالنسبة إلی الثلث لغیره،فإذا کان له ولدان و کانت الترکة ستة، فأوصی بحرمان ولده زید من المیراث،اعطی زید اثنین و أعطی الآخر أربعة.
و اذا أوصی لسدس ماله لأخیه و أوصی بحرمان ولده زید من المیراث،اعطی أخوه السدس و اعطی زید الثلث و اعطی ولده الآخر النصف.
ص:422
زید،
علی أساس أنّ هذه الوصیة لا یمکن أن تکون وصیة للموصی نفسه؛ لأنها متعلقة بمال الغیر لا بما ترکه من الأموال بعد وفاته،کما لا یمکن أن تکون وصیة لزید باعتبار أنّه بعد حی،و الوصیة لکلّ فرد متعلّقة بما ترکه من الأموال بعد موته،فلذلک لا تصبح هذه الوصیة وصیة له بعد إجازته أیضا.
و إذا أوصی بمال زید بعد وفاة زید فأجازها زید صحّ،علی أساس أنها بإجازته تصبح وصیة له.
بها لعمرو کانت الثانیة ناسخة للأولی
و وجب علیه دفع العین لعمرو،فإذا اشتبه المتقدم و المتأخّر تعین الرجوع إلی القرعة فی تعیینه.
و لم یعلم أنه أکثر من الثلث أو أقل أو مساو له،أو علم أنّه اکثر و احتمل أنّه مأذون من الورثة فی هذه الوصیة،أو علم أنّه غیر مأذون من الورثة،لکن احتمل أنه کان له ملزم شرعی یقتضی إخراجه من الأصل،فهل یجب علی الوصی العمل بالوصیة حتی یثبت بطلانها أو لا؟
و الجواب:أنه لا یجوز له التصرف فیه و إنفاقه جمیعا،علی أساس أن جواز التصرّف فیه منوط باحراز انه لا یزید من الثلث،و بکلمة:أن جواز التصرف فیه عملا بالوصیة مرتبط بإحراز صحتها،و هی مشکوکة و لا یمکن التمسّک بأصالة الصحة فی المقام؛لعدم إحراز ولایته علی الوصیة بهذا المال جمیعا.
علی الأقل،
و إذا تردّد بین المتباینین عین بالقرعة.
ص:423
علی أساس أنّها لا تتضمّن إنشاء التملیک،فإذا کان الموصی له متوقّع الوجود فی المستقبل،مثل أن یوصی بإعطاء شیء لأولاد ولده الذین لم یولدوا حال الوصیّة و لا حین موت الموصی،فیبقی المال الموصی به فی ملک الموصی،فإن ولدوا بعد ذلک اعطی لهم و إلاّ صرف فی الأقرب فالأقرب إلی نظر الموصی.
الموصی الذی وجد بعد موته بفترة طویلة أو قصیرة أو لا؟
و الجواب:أنّ الوصیّة المذکورة إن کانت للموجود فی زمان موته،فحینئذ إن کان الموصی له موجودا فیه صحّت الوصیّة و إلاّ بطلت،و إن کانت للأعم من الموجود فیه و الموجود بعده بفترة زمنیّة،فلا بأس بها،فإنّ الموصی له متی وجد -و إن کان بعد موته بزمن کثیر-ملک،کما إذا أوصی بأنّ المال الفلانی ملک لمن یولد من أولادی فی الطبقة الثالثة بحسب السلسلة الطولیة بعد مماتی و لو بسنین عدیدة متمادیة،فإنّ هذه الوصیّة صحیحة و لا بأس بها،و علیه فإذا وجد الموصی له بعد موته بسنین کثیرة ملک،فبالنتیجة أنّ الوصیّة التملیکیّة لا تصحّ للمعدوم، بل لا بدّ أن تکون للموجود و لو فی المستقبل،و أمّا کونه موجودا فی زمن موت الموصی أو وجد بعد موته بفترة قصیرة أو طویلة،فهو تابع لکیفیّة جعل
ص:424
الموصی الوصیة.
الموصی به،
و إلاّ بطلت الوصیّة و رجع المال إلی ورثة الموصی.
کما تصحّ لمملوکه و أم ولده و مدبّره و مکاتبه.
غیره أو لا تصحّ و إن أجاز مولاه؟
و الجواب:أنّ الصحّة غیر بعیدة،و إن کانت علی خلاف الاحتیاط.نعم،إذا کان مکاتبا مطلقا و قد أدی بعض مال الکتابة،فیصحّ من الوصیّة له قدر ما تحرّر منه بدون شبهة تذکر.
له.
و إذا کان أکثر من قیمته اعتق و أعطی الزائد،و إن کان أقلّ منها اعتق و استسعی فی الزائد،سواء أ کان ما أوصی له به بقدر نصف قیمته أم أکثر أم أقلّ.
اشترکوا فیه علی السویّة،إلاّ أن تکون قرینة علی التفضیل.
و خالاته أو أعمامه و أخواله،
فإنّ الحکم فی الجمیع التسویة،إلاّ أن تقوم القرینة علی التفضیل،فیکون العمل علی القرینة.
ص:425
و یقال له:الوصی،
و یشترط فیه امور:
الأول:البلوغ علی المشهور،و لکنّه لا یخلو عن إشکال بل منع،و لا مانع من الوصایة إلی غیر البالغ،إذا کان رشیدا و أمینا،و إن کان الأحوط الأولی أن یکون تصرّفه بإذن ولیّه أو الحاکم الشرعی،کما أنّ الأولی أن ینضمّ إلیه رجل کامل،و أمّا إذا قید الموصی جعل الوصایا إلی الصبی بکون تصرّفه فیما ترکه من الأموال حسب الوصیة بعد بلوغه،فلا شبهة فی صحّته؛لأنّه فی الحقیقة من جعل الوصیّة للبالغ.
الثانی:العقل،فلا تصحّ الوصیّة إلی المجنون فی حال جنونه،سواء أ کان مطبقا أم أدواریا،و إذا أوصی إلیه فی حال العقل،فهو وصی فی هذه الحالة لا مطلقا،فإذا جنّ فلا یکون وصیّا،و إذا أفاق و استعاد عقله فهو وصی،و من هنا یصحّ جعل الوصایا للمجنون الأدواری فی حال إفاقته و عقله،کما إذا نصّ الموصی علی ذلک.
الثالث:الإسلام،إذا کان الموصی مسلما علی المشهور،و لکنّه لا یخلو عن إشکال بل منع؛إذ لا مانع من جعل الوصایا إلی الکافر إذا کان ثقة و أمینا، علی أساس أنّ ذلک هو المطلوب من الوصی،و أمّا الجهات الاخری ککونه فاسقا أو کافرا أو غیر ذلک،فلا ترتبط بما هو المطلوب منه.
ص:426
بل یکفی فیه الوثوق و الأمانة،بأن یکون أمینا علی أموال المیّت و التصرّف فیها حسب ما أوصاه،و لیس المطلوب منه أن یکون جدیرا بالاقتداء به.هذا فی الحقوق الراجعة إلی غیره،کأداء الحقوق الواجبة و التصرّف فی مال الأیتام و نحو ذلک.
أمّا ما یرجع إلی نفسه،کما إذا أوصی إلیه فی أن یصرف ثلثه فی الخیرات و القربات و وجوه البرّ و الإحسان،ففی اعتبار الوثوق به إشکال،و الأظهر عدم اعتباره.
الأقوی،
و لکن بناء علی اعتبار الإسلام فیه،فإذا ارتدّ و بطلت ثمّ تاب و رجع إلی الإسلام فأسلم،فهل تعود إلیه وصایته مرّة اخری أو لا؟و الجواب:أنّ الإعادة لا تخلو عن إشکال،إلاّ إذا نصّ الموصی علی عودها،أو یظهر ذلک من إطلاق وصیّته.
بالعدالة بطلت الوصیّة،
و إن لم یظهر من القرینة التقیّد بالعدالة لم تبطل،شریطة أن یکون الوصی ثقة إذا کانت الوصیّة علی أداء حقوق الناس و أموالهم.
إلاّ بإذن سیّده أو معلّقة علی حریّته.
مجنونا،
ففی جواز انفراد البالغ بالوصیّة قولان:الأقوی عدم جواز الانفراد،إذا کان جعل الوصیّة إلیهما علی نحو الانضمام،و للحاکم الشرعی حینئذ أن یضم
ص:427
إلیه آخر و إلاّ فلا.
و علی نحو الاستقلال،
فإن نصّ علی الأوّل فلیس لأحدهما الاستقلال بالتصرّف لا فی جمیع ما أوصی به و لا فی بعضه،و إذا عرض لأحدهما ما یوجب سقوطه عن الوصایة من موت و نحوه،ضمّ الحاکم آخر إلی الآخر، و إن نصّ علی الثانی جاز لکلّ منهما الاستقلال،و أیّهما سبق نفذ تصرّفه،و إن اقترنا فی التصرّف مع تنافی التصرّفین،بأن باع أحدهما علی زید و الآخر علی عمرو فی زمان واحد بطلا معا،و لهما أن یقتسما الثلث بالسویّة أو بغیر السویّة.
و إذا سقط أحدهما عن الوصایة،انفرد الآخر و لم یضمّ إلیه الحاکم آخر،و إذا أطلق الوصایة إلیهما و لم ینصّ علی الانضمام و الاستقلال،جری علیه حکم الانضمام،إلاّ إذا کانت قرینة علی الانفراد،کما إذا قال:وصیی فلان و فلان،فإذا ماتا کان الوصی فلانا،فإنّه إذا مات أحدهما استقلّ الباقی و لم یحتجّ إلی أن یضمّ إلیه الحاکم آخر،و کذا الحکم فی ولایة الوقف.
و یکونان وصیّین مترتّبین،و کذا یصحّ إذا قال:وصیی زید،فإن بلغ ولدی فهو الوصیّ.
و یجعل الوصایة إلی کلّ واحد فی أمر بعینه لا یشارکه فیه الآخر.
نظرهما اجتهادا أو تقلیدا،
أو یری کلّ منهما الصلاح فی ضدّ ما یقوله الآخر، فإن لم یکن مانع لأحدهما بعینه من الانضمام إلی الآخر،أجبره الحاکم علی
ص:428
ذلک،و إن لم یکن مانع لکلّ منهما من الانضمام أجبرهما الحاکم علیه،و إن کان لکلّ منهما مانع من الانضمام،جاز للحاکم استبدالهما بغیرهما إذا رأی فیه مصلحة،کما أنّ له عزل أحدهما و ضمّ شخص إلی الآخر.
استمرّ علی طلب العلم مثلا صحّ،
فحینئذ إن استمرّ علی طلب العلم کان وصیّا،و إن انصرف عنه بطلت وصایته و تولّی تنفیذ وصیّته الحاکم الشرعی.
یساعده،
و إذا ظهرت منه الخیانة ضمّ إلیه أمینا یمنعه عن الخیانة،فإن لم یمکن ذلک،عزله و نصب غیره.
الحاکم الشرعی وصیّا لتنفیذه.
و کذا إذا مات فی حیاة الموصی و لم یعلم هو بذلک أو علم و لم ینصب غیره،و لم یکن ما یدلّ علی عدوله عن أصل الوصیّة.
به،
و إن کان عاجزا عن تنفیذه بنفسه و مباشرة،إلاّ أن یکون مأذونا من قبل الموصی فی الإیصاء إلی غیره نصّا أو بالإطلاق الظاهر فی ذلک و لو بمناسبة الحکم و الموضوع.
فإذا تسامح و قصّر فی مورد و خان فیه ضمن فی ذلک المورد،و أمّا فی سائر الموارد التی لم یتحقّق منه فیها الخیانة و التقصیر،فهل یضمن التالف فی تلک الموارد أیضا أو لا؟و الجواب:نعم،و ذلک لأنّ معنی عدم ضمان الأمین:أنّ یده علی المال لیست ید مضمنة و مستثناة من قاعدة الید،و علیه فإذا خان الوصی فی مورد و قصر
ص:429
عامدا و ملتفتا فیه،تکشف ذلک عن أنّه لیس تأمین،یعنی:یده لیست ید أمانة،بل هی مضمنة عند التلف و إن لم یکن بتفریط منه،لا أنّ خیانته فی ذلک المورد تکشف عن أنّه لیس بأمین فیه فحسب،دون سائر الموارد التی لم یظهر منه فیها الخیانة،فإنّه أمین فیها؛لوضوح أنّه إذا ظهر من الشخص خیانة فی مورد کشف عن أنّه خائن و غیر قابل للائتمان به مطلقا.
کیفیّة خاصّة،
وجب الاقتصار علی ما عین و لم یجز له التعدّی،فإن تعدّی کان خائنا،و إذا أطلق له التصرّف بأن قال له:أخرج ثلثی و أنفقه،عمل بنظره، و لا بدّ من ملاحظة مصلحة المیّت،فلا یجوز له أن یتصرّف کیف شاء و إن لم یکن صلاحا للمیّت أو کان غیره أصلح مع تیسّر فعله علی النحو المتعارف، و یختلف ذلک باختلاف الأموات،فربّما یکون الأصلح أداء العبادات الاحتیاطیة عنه،و ربّما یکون الأصلح أداء الحقوق المالیّة الاحتیاطیة،و ربّما یکون الأصلح أداء حقّ بعینه احتیاطی دون غیره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم،و ربّما یکون الأصلح فعل المقرّبات و الصّدقات و کسوة العراة و مداواة المرضی و نحو ذلک من وجوه البرّ و الخیر.هذا إذا لم یکن هناک تعارف یصلح أن یکون قرینة علی تعیین مصرف له بعینه،و إلاّ کان علیه العمل.
و أنّه تجهیزه أو صرف ثلثه أو شئون اخری کان لغوا،إلاّ إذا کان هناک تعارف یکون قرینة علی تعیین المراد،کما یتعارف فی کثیر من مدن العراق أنّه وصی فی إخراج الثلث و صرفه فی مصلحة الموصی و أداء الحقوق التی علیه و أخذ الحقوق التی له و ردّ الأمانات و البضائع إلی أهلها و أخذها.نعم،فی شموله
ص:430
للقیمومة علی القاصرین من أولاده إشکال،و الأحوط أن لا یتصدّی لامورهم إلاّ بعد مراجعة الحاکم الشرعی،و عدم نصب الحاکم الشرعی غیره إلاّ بإذن منه.
بشرط أن یبلغه الردّ و کان بإمکانه نصب غیره بدیلا عنه،و لا یجوز له الردّ بعد موت الموصی،سواء قبلها قبل الردّ أم لم یقبلها،و قد تسأل:هل یجوز له الردّ إذا لم یکن بإمکان الموصی نصب غیره مکانه أو لا؟و الجواب:أنّ جوازه فی هذه الحالة لا یخلو عن إشکال،بل لا یبعد عدم جوازه.
فلو قال زید لعمرو:لا أقبل أن توصی إلیّ،فأوصی عمرو إلیه،لزمته الوصیّة،إلاّ أن یردّها بعد ذلک علی الشرط المذکور.
مع أنّه کان بإمکانه أن یوصی إلی فرد آخر غیره،و هو لجهله بالحال لم یردّها ثانیة، فهل هی لازمة علیه أو لا؟
و الجواب:أنّ لزومها لا یخلو عن إشکال بل منع؛ لانصراف نصوص لزوم الوصیّة علی الوصی عن مثل هذا الفرض.
الأمور الموصی بها أصلح للمیّت،
جاز له تفویض الأمر إلیه،کأن یفوّض أمر العبادات التی أوصی بها إلی من له خبرة فی الاستنابة فی العبادات،و یفوض أمر العمارات التی أوصی بها إلی من له خبرة فیها،و یفوّض أمر الکفارات التی أوصی بها إلی من له خبرة بالفقراء و کیفیّة القسمة علیهم و هکذا،علی أساس
ص:431
أنّه واثق و مطمئن بالإذن من الموصی فی مثل هذه التصرّفات.و ربّما یفوض الأمر فی جمیع ذلک إلی شخص واحد إذا کانت له خبرة فی جمیعها.
و قد لا یکون الموصی قد أوصی بامور معیّنة،بل أوصی بصرف ثلثه فی مصالحه و أوکل تعیین المصرف کما و کیفا إلی نظر الوصی،فیری الوصی من هو أعرف منه فی تعیین جهات المصرف و کیفیّتها فیوکّل الأمر إلیه،فیدفع الثلث إلیه بتمامه و یفوّض إلیه تعیین الجهات کما و کیفا،کما یتعارف ذلک عند کثیر من الأوصیاء،حیث یدفعون الثلث الموصی به إلی المجتهد الموثوق به عندهم، فالوصایة إلی شخص ولایة فی التصرّف و لو بواسطة التفویض إلی الغیر.فلا بأس أن یفوّض الوصی أمر الوصیّة إلی غیره إلاّ أن تقوم القرینة علی إرادة الموصی منه المباشرة،فلا یجوز له حینئذ التفویض.
بمعنی:عزل نفسه عن الوصایة و جعلها له،فیکون غیره وصیّا عن المیّت بجعل منه.
نصب الحاکم الشرعی وصیّا مکانه أو تولّی الصّرف بنفسه،و کذا إذا أوصی و لم یعیّن وصیّا أصلا.
معرفته
صرفه فی وجوه البرّ التی یحتمل أن تکون مصرف المال الموصی به مع مراعاة الأهم فالأهم.هذا إذا کان التردّد بین احتمالات غیر محصورة مرتبطة، أمّا إذا تردّد بین احتمالات محصورة مستقلة،فلا یبعد أن یکون المرجع فی تعیینها القرعة.
ص:432
بحیث لا یجوز للوصی أن یعمل بالوصیة إلاّ باطلاع الناظر و إشرافه علیه،فإذا عمل بدون إشرافه کان بدون إذن من الموصی و خیانة له، و إذا عمل باطّلاعه کان مأذونا فیه و أداء لوظیفته،و لا یجب علی الوصی متابعة مثل هذا الناظر فی رأیه و نظره،فإذا أوصی الموصی باستنابة من یصلّی عنه،فاستناب الوصی زیدا و کان الناظر یرید استنابة عمرو و یراها أرجح،لم یقدح ذلک فی صحّة استنابة زید،و لیس للناظر الاعتراض علیه فی ذلک.نعم، لو جعله ناظرا علی الوصی،بمعنی:أن یکون عمل الوصی بنظره،ففی المثال المذکور لا تصحّ استنابة زید و تجب استنابة عمرو،لکن هذا المعنی خلاف ظاهر جعل الناظر علی الوصی.
و الظاهر أنّ الوصیّ إذا خان لم یجب علی الناظر-بما هو ناظر-معارضته و مدافعته،حتی إذا کانت نظارته علی النحو الثانی،و لا یضمن إذا لم یدافع و لم یمنعه عن الخیانة.نعم،له الاعتراض علیه و اطّلاع الحاکم الشرعی بالحال،و إذا مات الناظر لزم علی الوصی الرجوع إلی الحاکم الشرعی.
فإذا أوصی بشیء جاز له العدول إلی غیره.
کما یجوز له تبدیل جمیعها،و تبدیل بعضها ما دام فیه الروح،إذا وجدت فیه الشرائط المتقدّمة من العقل و الاختیار و غیرهما.
الأوّل بالعدول عنه إلی غیره فمات الموصی،
فعمل الوصی الأوّل بالوصیّة،ثمّ
ص:433
علم بالحال،و حینئذ فما صرفه من الثلث إن کان فی غیر مورد الوصیّة کان ضمانه علی المیّت؛لأنّه المتلف عرفا بواسطة الوصی،فیخرج من أصل الترکة، باعتبار أنّه دین،ثمّ یخرج الثلث من باقی الترکة للوصی الثانی،و إن کان فی موردها کفی ذلک و لا موضوع عندئذ لصرف الثلث فیه مرّة اخری.
هذا،إذا لم یکن العدول عن الأوّل لسبب ظاهر یدلّ علیه،أمّا إذا کان لسبب ظاهر کذلک،کما إذا هاجر الوصیّ الأوّل إلی بلاد بعیدة لا یتمکّن عادة من تنفیذ الوصایا فی بلد الموصی،أو حدثت بینه و بین الوصی عداوة و مقاطعة تدلّ علی عدوله عنه،کان ما صرفه الوصی الأوّل من مال نفسه.
مثل أن یقول:رجعت عن وصیّتی إلی زید و بالفعل،مثل أن یوصی بصرف ثلثه ثمّ یوصی بوقفه، و مثل أن یوصی بوقف عین أو بصرفها ثمّ یبیعها أو یهبها.
قصیرة،
فإذا أوصی ثمّ مات بلا فصل وجب العمل بها،و کذا إذا مات بعد مرور سنین.نعم،یعتبر عدم الرجوع عنها،و إذا شکّ فی الرجوع بنی علی عدمه.
الفلانی وصیّی و کانت وصیّتی کذا و کذا،
فإذا لم یمت فی ذلک السفر و مات فی غیره لم یجب العمل بوصیّته،و لم یکن الشخص المذکور وصیّا له فیه،علی أساس أنّه علّق الوصیّة و تعیین الوصیّ علی الموت فی هذا السفر لا مطلقا.نعم، إذا کان الدّاعی له علی إنشاء الوصیّة خوف الموت فی السفر الذی عزم علیه، وجب العمل بوصیّته و إن لم یمت فی ذلک السفر،و لأجل ذلک یجب العمل
ص:434
بوصایا الحجّاج عند العزم علی الحجّ،و مثلهم زوّار الرضا علیه السّلام و المسافرون أسفارا بعیدة،فإنّ الظاهر أنّ هؤلاء و أمثالهم لم یقیدوا الوصیّة بالموت فی ذلک السفر خاصّة،و إنّما کان الدّاعی علی الوصیّة خوف الموت فی ذلک السفر، فیجب العمل بوصایاهم ما لم یتحقّق الرجوع عنها.
إلاّ إذا کان أوصی إلیه،بأن یعمل مجانا،کما لو صرّح الموصی بذلک أو کانت هناک قرینة علیه،فلا یجوز له أخذ الاجرة حینئذ،و یجب علیه العمل بالوصیّة إن کان قد قبل،أما إذا لم یقبل ففی الوجوب علیه إشکال،و الأقرب العدم.هذا بالنسبة إلی العمل الذی أوصی إلیه فیه کالبیع و الشراء و أداء الدیون و صرف ثلثه فی وجوه البرّ و الخیر و الصلاة و الصیام،و ما شاکل ذلک من الأعمال التی جعلها تحت تصرّفه و ولایته.أمّا لو أوصی بأعمال اخری،مثل أن یوصی إلی زید أن یحجّ عنه أو یصلّی عنه أو نحو ذلک،لم یجب علیه القبول حتّی لو لم یعلم بذلک فی حیاة الموصی،و لو قبل فی حیاته فإن کان أوصی إلیه بالعمل مجانا مثل أن یحجّ فقبل،فهل یجوز له الردّ بعد وفاته أو لا؟لا یبعد جوازه،علی أساس أنّ قبوله العمل مجانا لا یکون إلاّ مجرّد و عد له به و لا ینطبق علیه عنوان ملزم،و لا تشمله روایات لزوم الوصیة.
کان إجارة،
و وجب العمل بها و له الاجرة إذا کان قد قبل فی حیاته،و إلاّ فلا یجب.
و لو کان باجرة غیر معیّنة عندهما بأن قال له:حجّ عنّی باجرة المثل و لم تکن اجرة المثل معلومة عندهما،و إن کانت محدّدة فی الواقع،فقبل فی حیاته،
ص:435
فالظاهر أنّ ذلک من باب الإجارة،فیجب العمل بها،علی أساس أنّ اجرة المثل معیّنة فی الواقع لدی الاجراء الذین یتقاضونها عادة علی مثل ذلک العمل،و إن لم تکن معلومة عندهما،فلا مقتضی لفساد الإجارة حتی الغرر.و لو کان ذلک بطریق الجعالة لم یجب العمل علیه،و لکن إذا عمل استحقّ الاجرة.
و بشهادة مسلم عادل مع یمین الموصی له،و بشهادة مسلم عادل مع مسلمتین عادلتین کغیرها من الدعاوی المالیّة.
و نصفها بشهادة امرأتین مسلمتین عادلتین،
و ثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات،و تمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات بلا حاجة إلی الیمین فی شهادتهنّ،و هذا الحکم بهذه الکیفیّة خاصّ بالوصیّة التملیکیّة.
بشهادة مسلمین عادلین.
دینهما عند عدم عدول المسلمین،
و لا تثبت بشهادة غیرهما من الکفّار.
إذا کانوا عقلاء بالغین و إن لم یکونوا عدولا.و إذا أقرّ بعضهم دون بعض ثبتت بالنسبة إلی حصّة المقرّ دون المنکر.نعم،إذا أقرّ منهم اثنان و کانا عدلین ثبتت الوصیّة بتمامها،و إذا کان عدلا واحدا تثبت أیضا مع یمین الموصی له.
و إذا أقرّ
ص:436
بعضهم ثبت بعض الموصی به علی نسبة حصّة المقرّ و ینقص من حقّه.نعم،إذا أقرّ اثنان عدلان منهم ثبتت الوصیّة بتمامها.
تقلیدا أو یعمل علی طبق نظر الموصی؟
و الجواب:أنّ نظره إن کان مطابقا لنظر الموصی اجتهادا أو تقلیدا فهو المطلوب،و إن کان مخالفا له،فإن کان نظره مطابقا للاحتیاط دون نظر الموصی، فعلیه أن یعمل علی طبق نظره،هذا إذا کان نظره مستندا إلی دلیل اجتهادی، و کان نظر الموصی باطلا عنده،و أمّا إذا کان نظره مستندا إلی أصل عملی کقاعدة الاشتغال،و نظر الموصی إلی دلیل اجتهادی أو أصل عملی کأصالة البراءة، فبإمکانه أن یعمل علی طبق نظر الموصی تنفیذا للوصیّة،کما أنّ له أن یعمل علی طبق نظره،و إن کان نظر الموصی مطابقا للاحتیاط دون نظره،فعلیه أن یعمل علی طبق نظر الموصی عملا بالوصیة.هذا إذا کان المتصدّی لتنفیذ الوصیة الوصیّ،و أمّا إذا کان المتصدّی له الوارث،فهو یعمل علی طبق نظره اجتهادا أو تقلیدا دون نظر المیّت إلاّ فی حالة واحدة،و هی ما إذا کان نظر المیّت موافقا للاحتیاط و نظر الوارث مخالفا له و مبنیّا علی الأصل العملی المؤمن کأصالة البراءة دون الدلیل الاجتهادی،ففی هذه الحالة الأحوط و الأجدر به-وجوبا- أن یعمل علی طبق نظر المیّت اجتهادا و تقلیدا.
ص:437
فإن لم یکن مشتملا علی المحاباة،کما إذا باع بثمن المثل أو آجر باجرة المثل،فلا إشکال فی صحّته و لزوم العمل به.و إذا کان مشتملا علی نوع من المحاباة و العطاء المجانی،کما إذا أعتق أو أبرأ أو وهب هبة مجانیة غیر معوضة أو معوضة بأقلّ من القیمة أو باع بأقلّ من ثمن المثل أو آجر بأقل من اجرة المثل أو نحو ذلک،ممّا یستوجب نقصا فی ماله،فالظاهر أنّه نافذ کتصرّفه فی حال الصحّة،و القول:بأنّه یخرج من الثلث-فإذا زاد علیه لم ینفذ إلاّ بإجازة الوارث-ضعیف.
فإن کان المقرّ مأمونا و مرضیّا فی نفسه،نفذ إقراره من الأصل،و إن کان متّهما نفذ من الثلث.هذا إذا کان الإقرار فی مرض الموت،أمّا إذا کان فی حال الصحّة أو فی المرض غیر مرض الموت،اخرج من الأصل و إن کان متّهما.
أو لا؟
المشهور بطلانه،علی أساس أنّه یتضمّن تعلیق إنشاء الوقف علی الوفاة،و لکنّه لا یخلو عن إشکال بل منع؛لأنّ الإنشاء فیه لا یکون معلّقا،بل هو منجز،فإنّ المعلّق إنّما هو فعلیة المنشأ نظیر من قال:هذا ملک لزید بعد
ص:438
وفاتی،و قد مرّ أنّه لیس من تعلیق الإنشاء علی الوفاة،فإنّ المعلّق إنّما هو فعلیّة المنشأ و هو الملکیّة.و علی هذا فمن قال:داری وقف بعد وفاتی،فقد أنشأ مفهوم الوقف من الآن،سواء أ کان مفهومه التحریر أم التملیک،کما فی الأوقاف الخاصّة،و المعلّق إنّما هو فعلیّة المنشأ و لا مانع من ذلک؛لأنّ فعلیّة کلّ حکم شرعی معلّقة علی وجود موضوعه فی الخارج،و بکلمة:لا یمکن الحکم ببطلان هذا الوقف من جهة التعلیق.نعم،یمکن الحکم ببطلانه من جهة قصور دلیل الوقف عن شمول مثله فی مقام الإثبات،فصحّته فی هذا المقام بحاجة إلی دلیل خاص و هو غیر موجود،و من هنا یفترق عن الوصیّة التملیکیّة و العهدیّة و التدبیر،فإنّ الدلیل هناک موجود علی الصحّة دون الوقف هنا.
بطل
و لا یجری علیه حکم الوصیّة بالبیع أو الوقف مثلا،بحیث یجب علی الورثة أن یبیعوا أو یوقفوا بعد وفاته،إلاّ إذا فهم من کلامه أنّه یرید الوصیّة بالبیع أو الوقف،فحینئذ کانت وصیّته صحیحة و وجب العمل بها.
بعد موته برئت ذمّة المدین،
فإن أجازه الإبراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقّهم و إبراء لذمة المدین.هذا إذا کان الدین زائدا علی ثلثه،و إلاّ فلا یحتاج إلی الإجازة.
ص:439
و الوقف تحبیس الأصل و تسبیل الثمرة و المنفعة،و قد ورد فی فضله و الثواب علیه روایات کثیرة،و فی صحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال:
«لیس یتبع الرجل بعد موته إلاّ ثلاث خصال:صدقة أجراها فی حیاته فهی تجری بعد موته،و صدقة مبتولة لا تورث،أو سنة هدی فهی یعمل بها بعده، أو ولد صالح یدعو له».
بل لا بدّ من إنشاء ذلک بمثل:وقفت و حبست و نحوهما ممّا یدلّ علی المقصود.
مثل أن یعطی إلی قیم مسجد أو مشهد آلات الإسراج أو یعطیه الفراش أو نحو ذلک أو یفرش الفراش فیه مباشرة.
بل ربّما یقع بالفعل بلا معاطاة،مثل أن یعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلک بعنوان جداره أو اسطوانته،فإنّ ذلک یکفی فی کونه
ص:440
جدارا أو اسطوانة له،فلا حاجة إلی إجراء صیغة الوقف.
و تارة لا یکون کذلک،
و الثانی کوقف المسجد،فإنّ الواقف لم یلحظ فی الوقف منفعة خاصّة،و إنّما لاحظ مجرّد حفظ العنوان الخاص و هو عنوان المسجدیّة، و هذا القسم لا یکون له موقوف علیه.
الدّعاء أو نحوها من أنحاء العبادة،
فقال:وقفت هذا المکان علی المصلّین أو الذاکرین أو الداعین أو نحو ذلک،لم یصر مسجدا و لم تجر علیه أحکام المسجد، و إنّما یصیر وقفا علی الصلاة أو غیرها ممّا لاحظه الواقف،و یکون من القسم الأوّل الذی له موقوف علیه،و هو الذی لاحظ الواقف فیه المنفعة،و هو علی أقسام:
القسم الأول:أن یلحظ عود المنفعة إلی الموقوف علیهم بصیرورتها ملکا لهم،کما إذا قال:هذا المکان وقف علی أولادی علی أن تکون منافعه لهم، أو هذه البستان وقف علی أولادی علی أن تکون ثمرتها لهم،فتکون المنافع و الثمرة ملکا لهم کسائر أملاکهم،تجوز المعاوضة منهم علیها و یرثها وارثهم، و تضمن لهم عند طروّ سبب الضمان،و تجب الزکاة علی کلّ واحد منهم عند بلوغ حصّته النصاب.
القسم الثانی:أن یلحظ صرف المنافع علی الموقوف علیهم من دون تملیک،فلا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف علیهم علی حصّته،و لا تجب فیها الزکاة و إن بلغت النصاب،و لا یرثها وارث الموقوف علیه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة علیه،و لکن المنفعة تضمن بطروّ سبب الضمان،و هذا القسم علی
ص:441
نوعین:
النوع الأوّل:أن یلحظ فیه صرف شخص المنفعة،کما إذا قال:هذه الشجرة وقف علی أولادی یأکلون ثمرتها،و فی مثله لا یجوز للولی تبدیلها و المعاوضة علیها،بل یصرف نفس الثمرة علیهم لیأکلوها.
النوع الثانی:أن لا یلحظ فیه صرف شخص المنفعة،بل یلحظ الأعمّ منها و من بدلها،کما إذا قال:هذه البستان وقف علی أولادی تصرف منفعتها علیهم،سواء أ کان تبدیلها إلی عین اخری-بأن یبدل الولی الثمرة بالحنطة أو الدقیق أو الدراهم-أم ببذل نفسها لهم.
القسم الثالث:أن یلاحظ الواقف انتفاع الموقوف علیهم مباشرة باستیفاء المنفعة بأنفسهم،مثل وقف خانات المسافرین و الرباطات و المدارس و کتب العلم و الأدعیة و نحوها.
و هذا القسم کما لا تجوز المعاوضة علی منافعه لا من الموقوف علیهم و لا من الولی لا توارث فیه،و الظاهر ثبوت الضمان فیه أیضا إذا غصب المنفعة غاصب کالأقسام السابقة.نعم،الظاهر عدم الضمان فی مثل المساجد التی یکون الوقف فیها تحریرا.
و إن کان الاعتبار أحوط،و لا سیّما فی الوقف بلحاظ ملک المنفعة،سواء أ کان عاما مثل الوقف علی العلماء أم خاصا مثل الوقف علی أولاده،فیقبل فی الأوّل الحاکم الشرعی،و فی الثانی الموقوف علیهم من الطبقة الأولی.
و لا سیّما فی مثل
ص:442
الوقف علی الذریة.
وکیله أو ولیّه،
فإذا مات قبل القبض بطل،و لا یعتبر فی القبض الفوریّة،و فی اعتبار إذن الواقف فی القبض إشکال.
قبض الطبقة الأولی.
فی یده،
کفی ذلک فی تحقّق القبض و لم یحتجّ إلی قبض آخر،و إذا کانت العین فی ید غیره،فلا بدّ من أخذها منه لیتحقّق قبض ولیّهم.
کفی ذلک فی قبضها و لم یحتجّ إلی قبض جدید.
و استیلاء الموقوف علیهم علیه.
إشکال،
و لا یبعد عدم اعتباره،و لا سیّما إذا کان من نیّة الواقف أن تبقی فی یده و یعمل بها علی حسب ما وقف.
فالظاهر عدم الحاجة إلی قبض الحاکم،
فإذا وقف مقبرة کفی فی تحقّق القبض الدفن فیها،و إذا وقف مکانا للصلاة تکفی الصلاة فیه،و إذا وقف حسینیة تکفی إقامة العزاء فیها.و کذا الحکم فی مثل وقف الخان علی المسافرین و الدار علی
ص:443
سکنی العلماء و الفقراء،فإنّه یکفی فی قبضها السکنی فیها.
و کذا فی مثل آلات المشاهد و المعابد و المساجد و نحوها،فإنّ الظاهر أنّه یکفی فی قبضها وضعها فیها بقصد استعمالها.
فعمره عامر،
فالظاهر کفایة ذلک فی تمامیة الوقف و إن لم یقبضه قابض،و إذا مات لم یرجع میراثا لوارثه کما عرفت.
صحّ القبض فی حصّته و لم یصحّ فی حصّة الباقین،إلاّ أن یکون وکیلا منهم فی ذلک.
و هو أنّ الشخص یقصد نعجة أو بقرة باسم أحد الأئمّة علیهم السّلام أو لجهة اخری، علی أنّ نتاجها إن کان ذکرا یذبح و یؤکل أو یباع،و إن کان انثی ظلّ وقفا تابعا لامّها و یکون منافعها من الصوف أو اللبن له،و هل یصحّ ذلک وقفا أو لا؟
الجواب:أنّه لا یصحّ وقفا؛لأن النعجة لو کانت وقفا لکانت ملکا للموقوف علیه و خارجة عن ملک المالک،فإذن تکون منافعها أیضا ملکا له و لا تبقی فی ملک المالک،فبقاء المنافع فی ملکه لا یجتمع مع وقف العین،فالنتیجة أن النعجات أو البقرات تبقی فی ملک مالکها کسائر أمواله،و لا شیء علیه غیر تخمیسها.
ص:444
و لکنه لا یخلو عن إشکال،و الاحتیاط لا یترک،فإذا وقف داره لعالم إلی مدّة عشر سنوات مثلا،فالأحوط و الأجدر به-وجوبا-أن یحتاط بتسلیم الدار إلیه فی تلک المدّة.نعم،لو لم یصح ذلک وقفا،فهل یصح حبسا أو لا؟الظاهر أنه لا یصح،علی اساس أن مفهوم الوقف غیر مفهوم الحبس،و المنشأ إنما هو الأوّل دون الثانی.
و بعد الانقراض فهل ترجع العین الموقوفة إلی ورثة الواقف حین الموت أو حین الانقراض،أو أنها ترجع صدقة عامة تصرف فی وجوه البر و الخیر؟
و الجواب:الأقرب أنها ترجع إلی ورثته حین الانقراض،علی أساس أنّ انتقال العین الموقوفة إلی الواقف المیت ثانیا إنّما هو فی هذا الحین،فإذا کان انتقالها إلیه فی ذلک الحین،فبطبیعة الحال کان انتقالها منه إلی ورثته فی نفس ذلک الحین أیضا لا حین الموت،و بکلمة:أن الواقف المیت إنما صار مالکا للعین مرة ثانیة آن الانقراض،فإذا لا محالة یکون ذلک الآن هو آن انتقال العین منه إلی ورثته لا آن موته المتقدّم علیه.و علی هذا فإذا مات الواقف عن ولدین،و مات بعده أحد الولدین عن ولد قبل انقراض الموقوف علیهم ثم انقرضوا،فعلی ما قویناه ترجع العین إلی الولد الباقی له مباشرة؛لأنّه الوارث حین الانقراض،و علی المشهور من أن العین ترجع إلی ورثته حین الموت کان الوارث له کلا الولدین معا؛لأنهما کانا حیّین حین الموت،و حینئذ فیصل نصیب أخیه إلی ابنه فیشارکه فی العین.
الواقف،بین کون الموقوف علیه مما ینقرض غالبا و بین کونه مما لا ینقرض
غالبا فاتفق انقراضه.
نعم،یستثنی من ذلک ما إذا أظهر من القرائن أن
ص:445
خصوصیة الموقوف علیه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب،بأن کان الواقف قد أنشأ التصدّق بالعین و کونه علی نحو خاص،فإذا بطلت الخصوصیة بقی أصل التصدّق،فإذا قامت القرینة علی ذلک و انقرض الموقوف علیه لم یرجع إلی الوارث أو ورثته،بل تبقی العین صدقة و تصرف منافعها فی جهة اخری الأقرب فالأقرب.
ففی صحته قولان و الأظهر البطلان.
فلو علقه علی أمر مستقبل معلوم التحقق أو متوقع الحصول،کما إذا قال زید مثلا:وقفت کتابی هذا من یوم الجمعة الآتیة أو من رأس الشهر الآتی أو إذا ولد لی ذکر فی المستقبل لم یصح،و لکنه لا یخلو عن إشکال،فإن التعلیق إن کان علی أمر مستقبل معلوم التحقق-کالمثال المذکور-فلا یبعد صحته،علی أساس أنّ ما هو معلق علیه إنما هو فعلیة الوقف المنشأ دون إنشائه فی عالم الاعتبار،فإنه غیر قابل للتعلیق؛إذ لا واقع له ما عدا اعتبار المعتبر فی عالم الذهن،و علی هذا فمتی حصل المعلق علیه فی الخارج صار الوقف فعلیا و متحققا و مشمولا لقوله علیه السّلام:«الوقوف حسب ما یوقفها أهلها»بل لا یبعد الحکم بالصحة حتی فیما إذا کان المعلق علیه أمرا مشکوکا،فإنّه لو تحقق فی ظرفه تحقق الوقف،و لکن مع هذا فالأحوط و الأجدر بالواقف أن یجدد صیغة الوقف إذا تحقق المعلّق علیه فی ظرفه.
و الجواب:أن صحته غیر بعیدة بعین ما ذکرناه،و لکن مع هذا فالأحوط
ص:446
للموقوف علیه أن یصالح مع الورثة.نعم،إذا کان المتبادر منه الوصیة بالوقف فلا إشکال،و یجب العمل بها عند تحقق شرائطها فیوقف بعده.
فإذا وقف علی نفسه بطل،و إذا قال:داری وقف علیّ و علی أخی مثلا علی نحو التشریک،بطل الوقف فی نصف الدار،و إذا کان علی نحو الترتیب-بأن قصد الوقف علی نفسه ثم علی غیره-کان الوقف من المنقطع الأول،فیبطل بالنسبة إلی نفسه،و هل یبطل بالنسبة إلی غیره أیضا أو لا؟المشهور البطلان و لکنه لا یخلو عن الإشکال،بل لا یبد صحته،ثم إنه علی هذا القول هل یصح من حین الوقف أو من بعد موت الواقف؟الظاهر هو الثانی؛لأنه إنّما أنشأ الوقف لغیره بعد موته لا من الآن،فکونه وقفا له من الآن بحاجة الی دلیل،و لا یکفی مجرد إلغاء وقفه علی نفسه،فإن الغائه لا یوجب خروج المال الموقوف عن ملکه، بل هو باق فی ملکه إلی أن یموت،کما هو الحال فی سائر الوقف الترتیبی، و کذلک فی سائر الوقوف الطولیة،فلو بدأ بالوقف علی ما لا یصح الوقف علیه، ثم بالوقف علی ما یصح،کما إذا قال:وقفت بستانی هذا علی عبد زید مثلا،ثم علی زید نفسه،ثم علی أولاده و هکذا،فإن هذا الوقف و إن بطل علی الطبقة الأولی إلا أنه لا یبعد صحته علی الطبقة الثانیة،و لکن وقتئذ هل یصح هذا الوقف من حینه أو بعد انقراض الطبقة الاولی؟
و الجواب:أن الواقف إذا کان عالما ببطلان الوقف علی الطبقة الأولی،کان إنشاء الوقف منه علیها مجرد لقلقة لسان،فلا یمکن أن یکون جادا فی إرادته، فإذن وجوده کعدمه،و علیه فلا محالة یکون جادا فی إنشاء الوقف و جعله علی الطبقة الثانیة من حینه لا من حین انقراض الطبقة الاولی،فیکون المنشأ و المجعول
ص:447
وقتئذ فعلیا من هذا الحین،و إذا کان جاهلا بالحال و معتقدا صحة الوقف علی الطبقة الأولی،کان جادا فی إنشائه و جعله علیها بعد انقراض الأولی لا من حینه، فیکون المنشأ به عندئذ فعلیا بعد انقراض الأولی لا من الآن،و إن قصد الوقف علی غیره ثم علی نفسه،بطل بالنسبة إلی نفسه فقط و کان من الوقف المنقطع الآخر،و إن قال:هی وقف علی أخی ثمّ علی نفسی ثمّ علی شخص آخر،بطل الوقف بالنسبة إلی نفسه،و أما بطلانه بالنسبة إلی الشخص الآخر فهو غیر معلوم کما عرفت.
مالهم،
عرفیة کانت الدیون أم شرعیة کالزکاة و الکفارات المالیة صحّ،بل الظاهر صحة الوقف إذا اشترط وفاء دیونه من حاصل الوقف أیضا.
القیام بمئونة أهله و أولاده حتی زوجته صح،
و إذا اشترط علیهم نفقة زوجته الواجبة علیه من مالهم صحّ،بل الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أیضا.
الموت،
ففی صحّته إشکال و الأظهر البطلان،و کذا فی ما لو وقفها علی أداء العبادات عنه بعد الوفاة؛لأنّه من الوقف علی نفسه.
فله أن یملک العین لغیره ثم یقفها غیره علی النهج الذی یریده من إدرار مئونته و وفاء دیونه و نحو ذلک.و یجوز له أن یشترط علیه ذلک فی ضمن عقد التملیک،کما یجوز له أن یؤجرها مدة و یجعل لنفسه خیار الفسخ،و بعد الوقف یفسخ
ص:448
الإجارة فترجع المنفعة إلیه لا إلی الموقوف علیهم،بل لا یبعد صحّة وقف العین مع اشتراط بقاء منافعها علی ملکه مدّة معینة کسنة أو غیر معینة مثل مدة حیاته.
و القناطر و المدارس
و منازل المسافرین و کتب العلم و الزیارات و الأدعیة و الآبار و العیون و نحوها،مما لم تکن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلی الموقوف علیه،بل قصد مجرد بذل المنفعة و إباحتها للعنوان العام الشامل للواقف.أما إذا کان الوقف علی الانحاء الآخر مع کون الموقوف علیه عنوانا کلیا عاما،ففی جواز مشارکة الواقف إشکال و الأظهر الجواز.
و إن وقع فی مرض الموت،لم یجز للورثة ردّه و إن زاد علی الثلث.
و الاختیار،
و عدم الحجر لسفه أو رقّ أو غیرهما.فلا یصح وقف الصبی و ان بلغ عشرا.نعم،إذا أوصی بأن یوقف ملکه بعد وفاته علی وجوه البر و المعروف لأرحامه و کان قد بلغ عشرا و عقل،نفذت وصیته کما تقدم،و إذا کان وقف الصبی بإذن الولی و کان ذا مصلحة،ففی بطلانه إشکال و الأظهر
ص:449
الصحة.
و لغیره علی وجه الاستقلال و الاشتراک،
کما یجوز له أیضا جعل الناظر علی الولی بمعنی:المشرف علیه أو بمعنی:أن یکون هو المرجع فی النظر و الرأی،و لا فرق فی المجعول له الولایة و النظارة بین العادل و الفاسق.نعم،إذا خان الولی ضم إلیه الحاکم الشرعی من یمنعه عن الخیانة،فإن لم یمکن ذلک عزله.
بل لا یبعد جواز الرد بعد القبول أیضا.
العین الموقوفة أو منفعتها،
سواء أ کان أقل من اجرة المثل أم أکثر أم مساویا، فإن لم یجعل له شیئا کانت له اجرة المثل إن کانت لعمله اجرة،إلاّ أن یظهر من القرائن أن الواقف قصد المجانیة.
للحاکم الشرعی.
نعم،إذا کان الوقف علی نحو التملیک و کان خاصا کانت الولایة علیه للموقوف علیه،فإذا:قال هذه الدار وقف لأولادی و من بعدهم لأولادهم و هکذا،فالولایة علیها و علی منافعها تکون للأولاد،و إذا لم یکن الوقف خاصا أو کان و لم یکن علی نحو التملیک،بأن کان علی نحو التصرّف و غیره من الأنواع،فالولایة للحاکم الشرعی.
العقد فلیس له عزله.
نعم،إذا فقد شرط الواقف،کما إذا جعل الولایة للعدل ففسق أو جعلها للأرشد فصار غیره أرشد،أو نحو ذلک انعزل بذلک قهرا بلا
ص:450
حاجة إلی عزل،و أمّا إذا جعله کذلک ابتداء لا فی ضمن العقد فهل له عزله أو لا؟و الجواب:أنه غیر بعید،فإن لزومه و عدم تمکنه شرعا من عزله بحاجة إلی دلیل.نعم،للشخص المذکور أن لا یقبل الولایة أو النظارة و له ردّها.
شخص بعینه،
و أن یجعل الولایة لشخص و یفوض إلیه تعیین من بعده.
اختصت ولایته بتلک الجهة،
و کان المرجع فی بقیة الجهات الحاکم الشرعی، و إن أطلق له الولایة کانت الجهات کلها تحت ولایته،فله الإجارة و التعمیر و أخذ العوض و دفع الخراج و جمع الحاصل و قسمته علی الموقوف علیهم و غیر ذلک،مما یکون تحت ولایة الولی.نعم،إذا کان فی الخارج تعارف تنصرف إلیه الولایة،اختصت الولایة بذلک المتعارف.
فیصح وقف الکافر إذا کان واجدا لسائر الشرائط علی الأقوی.
فلا یصح وقف الدین و لا وقف الکلی و لا وقف المنفعة،فإذا قال:وقفت ما هو لی فی ذمة زید من فرش أو إناء أو نحوهما،أو قال:وقفت فرسا أو عبدا من دون تعیین،
ص:451
أو قال:وقفت منفعة داری،لم یصح فی الجمیع.
فلا یصح وقف الحر و المباحات الأصلیة قبل حیازتها،و یجوز وقف إبل الصدقة و غنمها و بقرها إذا کان الواقف مالک العین الزکویة أو الحاکم الشرعی.
بقائها،
فلا یصح وقف الأطعمة و الخضر و الفواکه مما لا نفع فیه إلاّ بإتلاف عینه،کما یعتبر أن یکون الانتفاع بها محللا،فلا یصح وقف آلات اللهو و آلات القمار و الصلبان و نحوها مما یحرم الانتفاع به،و یعتبر أن تکون المنفعة المقصودة بالوقف محللة،فلا یصح وقف الدابة لحمل الخمر و الخنزیر.
حال الوقف،
فإذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطیر الطائر و تحقق القبض بعده،صح الوقف.
و البساتین و الأراضی الزراعیة و الکتب و السلاح و الحیوانات إذا کان ینتفع بها بلون من ألوان الانتفاع،من الأکل و الشرب و اللبس و الرکوب و الحمل و اللبن و الوبر و الشعر و الصوف و غیر ذلک،و کذا غیرها مما له منفعة محللة،و یجوز وقف الدّراهم و الدّنانیر إذا کان ینتفع بها فی التزیین،و أما وقفها لحفظ الاعتبار ففیه إشکال بل منع لأنه لیس من المنفعة المطلوبة منها حتی یصح وقفها بلحاظها.
و نحوهما
و المنفعة الفعلیة مثل الرکوب و الحرث و السکنی و غیرها.
ص:452
فیکفی أن تکون متوقعة الوجود فی المستقبل مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر، و وقف الدابة الصغیرة قبل أن تقوی علی الرکوب أو الحمل علیها.
فی شرائط الموقوف علیه
فإذا وقف علی المردّد بین شیئین أو أشیاء فی الخارج مثل أحد المسجدین أو أحد المشهدین أو أحد الولدین فیه لم یصح،علی أساس أنه لا واقع للفرد المردّد.نعم،إذا وقف علی الجامع بین أمرین أو امور و هو عنوان أحدهما أو أحدها صحّ.
خاصّا،
فلا یصح الوقف علی المعدوم حاله،سواء أ کان موجودا قبل ذلک-کما إذا وقف علی زید الذی مات-أم یوجد بعد الوقف،مثل أن یقف علی ولده الذی سیولد،و أما إذا کان حملا لم ینفصل حین الوقف،ففی بطلان الوقف علیه تأمّل و لا یبعد صحّته.نعم،إذا وقف علی المعدوم تبعا للموجود،کما إذا وقف علی أولاده ثم علی أولادهم ثم علی أولاد أولادهم و هکذا صحّ،و قد مرّ أن الأظهر صحة الوقف علی من یوجد فی المستقبل.
ص:453
صحّ،بل یصح علی أن یکون بعد وجوده مقدّما علیهم،بمعنی:أن العین الموقوفة انتقلت منهم إلیه بعد وجوده،علی أساس أن کیفیة الوقف تابعة لجعل الواقف.
کالصرف فی الزّنی و شرب الخمر و نسخ کتب الضلال و نشرها و تدریسها و شراء آلات الملاهی و نحو ذلک.
کان الوقف علی نحو التملیک أم الصرف.
التشریک،
بطل بالنسبة إلی حصة الأول و صح بالنسبة إلی حصة الثانی،و إن کان علی نحو الترتیب،فحینئذ إن کان الوقف علی الأول مقدّما علی الوقف علی الثانی،فقد تقدّم أنه لا یبعد صحته علی الثانی،و مع هذا فالأحوط و الأجدر به أن یجدّد الوقف علیه ثانیا،و إن کان مؤخرا کان من المنقطع الآخر،فیصح فیما یصح الوقف علیه و یبطل فیما بعده.
الوقف علیه ثم علی ما یصح الوقف علیه،
کان من المنقطع الوسط،فیصح فی الأول،و هل یبطل فیما بعده مطلقا حتی فی الأخیر أو لا؟فقد مرّ أنه لا یبعد صحته فیه،بملاک أن الوقف علی حسب ما یوقف أهله.
ص:454
من العناوین العامّة التی توجد لها أفراد فی وقت و لا توجد فی وقت آخر صحّ،و إن لم یکن له فرد حین الوقف.
المسلمین،
و إذا کان الواقف من الشیعة،فالمراد فقراء الشیعة،و إذ کان کافرا فالمراد فقراء أهل دینه،فإن کان یهودیا فالمراد فقراء الیهود،و إن کان نصرانیا فالمراد فقراء النصاری و هکذا،و کذا إذا کان سنیا فالمراد فقراء السنة،و بما أن أهل السنة علی مذاهب اختص وقف أهل کل مذهب منهم لفقراء ذلک المذهب.
بنی فلان أو الحجاج أو الزوار أو العلماء أو مجالس العزاء لسید الشهداء علیه السّلام أو خصوص مجالس البلد،فالظاهر منه المصرف،فلا یجب الاستیعاب و إن کانت الأفراد محصورة.نعم،إذا وقف علی جمیعهم وجب الاستیعاب،فإن لم یمکن لتفرقهم عزل حصة من لم یتمکن من إیصال حصته إلیه إلی زمان التمکن،و إذا شک فی عددهم اقتصر علی الأقل المعلوم،و الأحوط له التفتیش و الفحص.
أرحامی أو تلامذتی أو مشایخی أو جیرانی،
فالظاهر منه العموم،فیجب فیه
ص:455
الاستیعاب.
الذکور و الإناث و الکبار و الصغار،
و لا یختص الوقف بمن کان الواقف معتقدا بإسلامه.نعم،إذا کان الوقف علی جماعة خاصة بنحو القضیة الخارجیة کالوقف علی المسلمین الموجودین فی بغداد مثلا أو غیره،یمکن أن یکون نظره إلی تخصیصه بمن اعتقد بإسلامه لا مطلقا،و إن کان ذلک أیضا بعید؛لأن نظر الواقف فی مثل هذه الموارد هو الوقف علی المسلمین المتواجدین فی هذا البلد فی مقابل طوائف اخری فیه کالیهود و النصاری.
کان لکل من المؤمنین الرجال و النساء و الکبار و الصغار،و لا یختص بمن کان الواقف معتقدا بإیمانه،و حینئذ فإذا کان الواقف اثنی عشریا اختص الوقف بالاثنی عشریة من الإمامیة،و لا فرق بین الرجال و النساء و الأطفال و المستضعفین و لا بین العدول و الفساق،و کذا إذا وقف علی الشیعة.نعم،إذا کان الواقف علی الشیعة من بعض الفرق الاخری من الشیعة،فالظاهر منهم أعمّ من الاثنی عشریة و غیرهم ممن یکون معتقدا بخلافة الإمام علی علیه السّلام بلا فصل و إن لم یکن اثنی عشریا.
فالمراد منه مطلق عمل قربی.
تعیین ذلک و تحدید الموقوف علیهم سعة و ضیقا العرف العام،
علی أساس أنّ مفهوم الأرحام أو الأقارب مفهوم متّسع الانطباق،و لا یمکن أن یقصد الواقف
ص:456
کلّ ما ینطبق علیه هذا المفهوم المتّسع،فمن أجل ذلک یرجع إلی العرف العام، و إذا وقف علی الأقرب ثمّ الأقرب،کان الظاهر منه أنّ الواقف أراد الوقف علی ترتیب الإرث و تسلسله الطولی،باعتبار أنّه المعتاد و المتبادر من مثل هذا الوقف.
نعم، إذا کان المفهوم فی العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذکر،اختصّ به دون الانثی،و کذا الحال إذا وقف علی أولاده و أولاد أولاده،فإنّ المعیار فی کلّ مورد إذا لم یکن تنصیص من قبل الواقف علی التعیین إنّما هو بالعرف العام أو الخاص.
للأب فقط و الاخوة للام فقط بالسویة،
إذا لم تکن هناک قرینة علی الاختصاص،و کذا إذا وقف علی أجداده،اشترک الأجداد لأبیه و الأجداد لامّه،و کذا إذا وقف علی الأعمام أو الأخوال،فإنّه یعمّ الأعمام للأبوین و للأب و للام،و کذلک الأخوال،و لا یشمل الوقف علی الاخوة،أولادهم و لا الأخوات و لا الوقف علی الأعمام و الأخوال أعمام الأب و الأم و أخوالهما و العمّات مطلقا و الخالات کذلک.
و إذا وقف علی ذریّته یعمّ البنین و البنات من أولادهم بلا واسطة و معها ذکورا و إناثا،کما أنّ الظاهر من الوقف أنّه تشریکی تشارک فیه الطبقات اللاحقة مع السابقة بالسویة،من دون فرق بین الذکور و الإناث فی ذلک.
ص:457
فالظاهر منه التشریک،و إذا قال:وقف علی أولادی الأعلی فالأعلی،فالظاهر منه الترتیب و التسلسل بحسب تسلسل أولاده،و إذا قال:وقف علی أولادی نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة،فالظاهر منه أنّه للترتیب، فلا یشارک الولد أباه و لا ابن الأخ عمّه و لا بنت الاخت خالتها و هکذا،کما أنّ الظاهر من الوقف أنّه علی حدّ سواء بالنسبة إلی کلّ من الذکور و الإناث فی کلّ طبقة من الطبقات المتسلسلة،و یمکن أن یجعل الواقف الترتیب بین الطبقات بشکل آخر و هو الترتیب بین خصوص الآباء و الأبناء فی کلّ طبقة، فإذا کانت هناک اخوة و کان لبعضهم أولاد لم یکن للأولاد شیء ما دام الأب حیّا،فإذا مات الأب شارک أولاده أعمامهم و هکذا.
فالمرجع فی تعیینه القرعة،و إذا شکّ فی الوقف أنّه ترتیبی أو تشریکی،فإن کان هناک إطلاق فی عبارة الواقف کان مقتضاه التشریک،و إن لم یکن فیها إطلاق أعطی أهل المرتبة المحتملة التقدّم حصّتهم،و اقرع فی الحصّة المردّدة بینهم و بین من بعدهم،فیعطی من خرجت القرعة باسمه.
فلا یشمل علماء الطبّ و النجوم و الهندسة و الجغرافیا و نحوهم.و إذا وقف علی أهل بلد اختصّ بالمواطنین و المجاورین منهم،و لا یشمل المسافرین و إن نووا إقامة مدّة فیه.
من تعمیر و فرش و سراج و کنس و اجرة خادمه و نحو ذلک من مصالحه،و فی جواز إعطاء شیء من النّماء لإمام الجماعة إشکال،إلاّ أن تکون هناک قرینة
ص:458
علی إرادة ما یشمل ذلک فیعطی منه حینئذ.
الطعام فیه و بدونه،
و الأحوط إهداء ثواب ذلک إلیه علیه السّلام و لا فرق بین إقامة مجلس للعزاء و أن یعطی الذاکر لعزائه علیه السّلام فی المسجد أو الحرم أو الصحن أو البیت أو غیر ذلک.
صرف فی مصالحهم الاخرویّة من الصدقات عنهم و فعل الخیرات لهم،و إذا احتمل اشتغال ذمّتهم بالدیون المالیّة أو البدنیّة،صرف أیضا فی إفراغ ذمّتهم عنها.
صرف فی إقامة المجالس لذکر فضائلهم و مناقبهم و وفیاتهم و بیان ظلاماتهم و نحو ذلک،ممّا یوجب التبصّر بمقامهم الرفیع،و الأحوط إهداء ثواب ذلک إلیهم علیهم السّلام و لا فرق فی ذلک بین إمام العصر-عجّل اللّه فرجه الشّریف-و آبائه الطاهرین علیهم السّلام.
فالأقوی العموم لأولاد أولاده و أولادهم و إن سفلوا.
و أولاد أولادی فهو علی الفقراء،
فالأقوی أنّه وقف علی أولاده الصلبیین و غیرهم علی التشریک،و کذا إذا قال:وقف علی أولادی،فإذا انقرضوا و انقرض أولاد أولادی فهو علی الفقراء،فإنّ الأقوی أنّه أیضا علی التشریک.
فالظاهر أنّه لا یجوز أن یؤجروها و یقتسموا الاجرة،بل یتعیّن علیهم السکنی فیها،فإن أمکن
ص:459
سکنی الجمیع سکنوا جمیعا،و إن تشاحوا فی تعیین المسکن،فالمرجع نظر الولی،فإن تعدّد الأولیاء و اختلف نظرهم فالمرجع الحاکم الشرعی،و إذا اختلف حکّام الشرع فالمرجع القرعة،و إذا امتنع بعضهم عن السکنی حینئذ، جاز للآخر الاستقلال فیها و لیس علیه شیء لصاحبه،و إن تعذّر سکنی الجمیع اقتسموها بینهم یوما فیوما أو شهرا فشهرا أو سنة فسنة،و إن اختلفوا فی ذلک و تشاحوا فالحکم کما سبق،و لیس لبعضهم ترک السکنی و عدم الرضا بالمهایاة و مطالبة الآخرین بالاجرة حینئذ بالنسبة إلی حصّته.
أولادی نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختصّ بالذکور من الذکور،
و لا یشمل الذکور من الإناث.
فالظاهر العموم لأولادهم الذکور و الإناث.
الترتیب بین أولاده الصلبیین و أولادهم،
فلا یشارک الأبناء آباءهم و لا یکون بین أولاد أولاده و أولادهم ترتیب،بل الحکم بینهم علی نحو التشریک،علی أساس أنّ الوقف علیهم إذا کان بالعطف بحرف الواو،فالظاهر منه التشریک، و إذا کان بکلمة ثمّ أو(فاء)أو(بعد)،فالظاهر منه الترتیب.
و کذا إذا قال:هذا وقف علی زید و أولاد عمرو أو علی أولاد زید و أولاد عمرو أو علی العلماء و الفقراء،فإنّ کلّ ذلک ظاهر فی التشریک بنحو التنصیف.
فالظاهر منه الاختصاص بغیر أهل
ص:460
المشهد ممّن یأتی من الخارج للزیارة،و أمّا إذا قال:هذا وقف علی کلّ من یزور أمیر المؤمنین علیه السّلام أو الإمام الحسین علیه السّلام فلا یبعد شموله لأهل البلد أیضا.
فی الموقوف علیه
بنقله منهم إلی غیرهم،و إخراج بعضهم منه،و إدخال أجنبیّ عنهم معهم إذا لم یشترط ذلک،أمّا إذا اشترط إدخال من شاء معهم،فالظاهر صحّته،و حینئذ إذا دخل غیرهم معهم نفذ،و إذا لم یدخل أحد إلی أن مات بقی الوقف علی حاله الأولی،و إذا اشترط إخراج بعضهم فالظاهر صحّته أیضا.
الموقوف علیه،و یکون نماؤها له.
نعم،إذا کان الوقف وقفا علی الصرف لم تدخل العین فی ملک الموقوف علیه،بل یتعیّن صرف نماؤها فی الجهة الموقوف علیها علی اختلاف کیفیّات الوقف.
الوقف،
کما إذا وقف المدرسة علی الطلبة و شرط علیهم أن یکونوا عدولا أو لا تقل دراستهم عن السطوح العالیة أو لا تزید أعمارهم عن أربعین سنة و لا تقلّ عن عشرین،و حینئذ فأی واحد منهم یفقد شرطا من تلک الشروط فیخرج عن الوقف،و لا یجوز له عندئذ السکنی فی المدرسة،و کذا إذا اشترط علیهم
ص:461
التهجّد فی اللیل،فإنّه یجب علیهم العمل بالشرط فمن لم یعمل به،فالظاهر أنّه یخرج عن الوقف.
لأجل بقائها و حصول النماء منها،
فإنّ عین الواقف لها ما یصرف منها عمل علیه،و إلاّ صرف من نمائها وجوبا مقدّما علی حقّ الموقوف علیهم،و إذا احتاج إلی التعمیر بحیث لولاه لم یبق للبطون اللاّحقة،فالظاهر وجوبه و إن أدّی إلی حرمان البطن السابق،علی أساس أنّ ذلک مقتضی وقفها علی البطون اللاّحقة أیضا.
الوقف باق علی ملک مالکها
و لا یکون للموقوف علیه،و کذا الحمل الموجود حین وقف الدابة و اللبن و الصوف الموجودان حین وقف الشاة،و کذا ما یتجدّد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف و نحوها بعد إنشاء الوقف و قبل القبض فیما یعتبر القبض فی صحّته.
کما إذا وقف علی مسجد فخرب أو مدرسة فخربت و لم یمکن تعمیرها،أو غیر محتاجین إلی مصرف لکون المسجد أصبح متروکا من جهة انقطاع من یتکرر وجوده فیه و یصلّی،و کذلک المدرسة من جهة مهاجرة الطلبة منها،فصرف المال فیهما حینئذ یکون تضییعا و هدرا،و علی هذا فإن کان الوقف علیهما بنحو تعدّد المطلوب-کما هو الغالب-صرف نماء الوقف فی مسجد أو مدرسة اخری فی البلد إن أمکن،و إلاّ ففی وجوه البرّ الأقرب فالأقرب.
ص:462
کما إذا لم یدر أنّ الوقف وقف علی العلماء مطلقا أو علی خصوص العدول منهم،أو لم یدر أنّ الوقف وقف علی العلماء أو الفقراء،فإنّه یصرف فی الفرض الأوّل علی العلماء العدول،و فی الفرض الثانی علی العلماء الفقراء،و إن کانت المحتملات متباینة،فإن کانت غیر محصورة تصدّق به إذا کان التصدّق من الوجوه المحتملة للوقف،و إلاّ صرفه فی وجه آخر من الوجوه المحتملة،و إن کانت الوجوه محصورة،کما إذا لم یدر أنّ الوقف وقف علی المسجد الفلانی أو علی المسجد الآخر أو أنّه وقف لزید أو لعمرو علی نحو المصرف أو علی نحو التملیک،فالأقرب الرجوع إلی القرعة فی تعیین الموقوف علیه.
الوقف الترتیبی و انقرضوا قبل انقضاء مدّة الإجارة،
لم تصحّ الإجارة بالنسبة إلی بقیّة المدّة،و کذا الحکم فی الوقف التشریکی إذا ولد فی أثناء المدّة من یشارک الموقوف علیه المؤجر،فإنّه لا تصحّ الإجارة بالنسبة إلی حصّته، و الظاهر صحّتها بالإجازة من البطن الثانی فی الصورة الأولی و من الشریک فی الصورة الثانیة،فیکون للمجیز حصّته من الاجرة و لا یحتاج إلی تجدید الإجارة و إن کان أحوط.نعم،إذا کانت الإجارة من الولی لمصلحة الوقف صحّت و نفذت،و کذا إذا کانت لمصلحة البطون اللاّحقة إذا کانت له ولایة علی ذلک،فإنّها تصحّ و یکون للبطون اللاّحقة حصّتهم من الاجرة.
کان الجمیع للموقوف علیه مع إطلاق الوقف،فإذا وقف الشجر أو النخل کانت ثمرتهما و منفعة الاستظلال بهما و السعف و الأغصان و الأوراق الیابسة و أکمام الطلع و الفسیل و نحوها ممّا هو مبنی علی الانفصال للموقوف علیه،و لا یجوز
ص:463
للمالک و لا لغیره التصرّف فیها إلاّ علی الوجه الذی اشترطه الواقف.
أو قلع من موضعه و غرس فی موضع آخر فنما حتّی صار مثمرا،
لا یکون وقفا بل هو من نماء الوقف،فیجوز بیعه و صرفه فی الموقوف علیه،و کذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح و غرس،فصار شجرة،فإنّه لا یکون وقفا، بل یجری علیه حکم نماء الوقف من جواز بیعه و صرف ثمنه فی مصرف الوقف.
تعذّر تعمیره،
و کذا إذا خرجت القریة التی هو فیها حتی بطل الانتفاع به إلی الأبد.
الجهة المقصودة للواقف لخرابها و زوال منفعتها،
یجوز بیع بعضها و عمارة الباقی للانتفاع به،فإن لم یمکن ذلک جاز بیعها و تبدیلها بما یمکن الانتفاع به،و إن لم یمکن ذلک أیضا صرف ثمنها فی الجهة الموقوف علیها.
علیها،
صرفت منافعها فیما هو الأقرب فالأقرب،فإذا کان الوقف وقفا علی إقامة عزاء الحسین علیه السّلام فی بلد خاص و لم یمکن ذلک،صرفت منافعه فی إقامة عزائه علیه السّلام فی بلد آخر،و إن لم یمکن ذلک أیضا فهل تصرف فی زوّاره و سائر شئونه أو فی إقامة عزاء باقی الأئمّة علیهم السّلام؟و الجواب:لا یبعد الثانی.
تبطل وقفیّته و یرجع ملکا للواقف علی ما تقدّم،فإن لم یکن موجودا کان لورثته.
ص:464
بل بقیت له منفعة معتدّ بها قلیلة أو کثیرة،فإن أمکن تجدیده و إن کان بإجارة مدّة و صرف الإجارة فی العمارة،وجب ذلک،و إن لم یمکن فالظاهر بقاء الوقفیّة بحالها و تصرف منافعه فی الجهة الموقوف علیها.
عنها الماء حتی یبس شجرها أو انقلع شجرها و بقیت عرصة،
فإن أمکن إیجارها وجب ذلک،و صرفت الاجرة فی الجهة الموقوف علیها.نعم،إذا فهم من القرائن أنّ الوقفیّة قائمة بعنوان البستان،کما إذا وقفها للتنزّه أو للاستظلال، فإن أمکن بیعها و شراء بستان اخری تعیّن ذلک،باعتبار أنّه أقرب إلی نظر الواقف،و إلاّ بطلت الوقفیّة بذهاب عنوان البستان و ترجع ملکا للواقف.
الدخول إلیها بمقدار الحاجة،
کما أنّ له إبقاءها مجانا و لیس للموقوف علیهم قلعها،و إذا انقلعت لم یبق للواقف حقّ فی الأرض،فلا یجوز له غرس نخلة اخری مکانها،و کذا یجوز فی وقف الدار استثناء غرفة منها،و لکن إذا خربت الغرفة بقیت أرضها للواقف؛لأنّها جزء الغرفة و لا تکون وقفا.
جازت قسمتها بتمییز الوقف عن الملک الطلق،و یتولّی القسمة المالک للطلق و متولّی الوقف،بل الأقوی جواز القسمة إذا تعدّد الواقف و الموقوف علیه،کما إذا کانت دار مشترکة بین شخصین فوقف کلّ منهما نصفه المشاع علی أولاده،و کذا إذا اتّحد الواقف مع تعدّد الموقوف علیه،کما إذا وقف مالک الدار نصفها علی مسجد و نصفها علی مشهد،و کذا إذا اتّحد الواقف و الموقوف علیه إذا لم تکن القسمة
ص:465
منافیة للوقف،کما إذا وقف أرضا علی أولاده الموجودین فعلا و من یولد فی المستقبل،فإذا کان الموجودون منهم فعلا أربعة،جاز لهم اقتسامها أرباعا،فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة و جاز اقتسامها أخماسا،فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة و جاز اقتسامها أثلاثا،و هکذا.
عنوانها،
سواء فهم ذلک من کیفیة الوقف-کما إذا وقف داره علی السکنی،فلا یجوز تغییرها إلی الدکاکین-أم فهم من قرینة خارجیة،بل إذا احتمل ذلک و لم یکن فی البین إطلاق یدلّ علی جواز التغییر،لم یجز له ذلک.نعم،إذا کان هناک إطلاق کذلک جاز للولی التغییر،فیبدّل الدار إلی دکاکین و الدکاکین إلی دار و هکذا،و قد یعلم من حال الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل فی کثرة المنفعة،فحینئذ لا یجوز التغییر ما دام الحال کذلک،فإذا قلّت المنفعة جاز التغییر.
فإن کان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بیعها و صرف ثمنها فی البستان احتاج إلیه،و إلاّ ففی الجهة الموقوف علیها،و إذا وقفها للانتفاع بها بأیّ وجه کان،فإن أمکن الانتفاع بها فی جعلها سقفا أو عمدا أو نحو ذلک،لم یجز بیعها،و إن لم یمکن الانتفاع بها علی حالها أو لا انتفاع لها فی هذه الحالة،جاز بیعها و صرف ثمنها فی البستان مع الحاجة،و مع عدمها فی الجهة الموقوف علیها.
خاص لإقامة مأتمهم
أو من أهل بلد لإقامة مأتم فیها أو للأنصار الذین یذهبون فی زیارة الأربعین إلی کربلاء،الظاهر أنّها من الصدقات التی یقصد
ص:466
بها وجه اللّه تعالی غالبا المشروط صرفها فی جهة معیّنة قربیة،فلذلک لا یجوز لمالکها الرجوع فیها؛لأنّ ما کان للّه لا یرجع،و إذا مات قبل صرفها،لا یجوز لوارثه المطالبة بها،و کذا إذا أفلس،لا یجوز لغرمائه المطالبة بها،و إذا تعذّر صرفها فی الجهة المعیّنة،یصرفها فیما هو الأقرب فالأقرب إلی الجهة الخاصة علی الأحوط.نعم،إذا لم یکن الدافع وراء إعطاء المال للجهة المذکورة وجه اللّه تعالی،بل الدافع وراء ذلک جهة اخری دنیویة،و کان غرضه أنّ المال إذا لم یصرف فیها ردّ إلیه،وجب حینئذ ردّه إلیه إذا لم یصرف فی الجهة المطلوبة و إن لم یطالب به،و أمّا إذا لم یعلم أنّه أعطی المال للّه أو لا،فحینئذ إذا لم یصرف فی تلک الجهة أو تعذّر صرفه فیها،فهل یجوز أن یصرفه فی جهة اخری أو لا؟ و الجواب:أنّه لا یجوز؛للشک فی إذنه فی ذلک،فلا بدّ حینئذ من الرجوع إلیه، و بکلمة:أنّ الأموال المذکورة التی تجمع لمأتم الحسین علیه السّلام علی أقسام:
القسم الأوّل:ما یکون الدافع من ورائه وجه اللّه سبحانه.
القسم الثانی:ما یکون الدافع من ورائه شیئا آخر غیر وجه اللّه عزّ و جلّ،و فی هذا القسم مرّة کان معرضا عن هذا المال و غیر مرید إرجاعه إلیه ثانیا،و إن لم یصرف فی تلک الجهة الخاصة،أو کان متعذّرا و أمره بید من یکون متصدّیا علی تلک الأموال،و اخری أنّه لم یعرض عنه و یرید إرجاعه إلیه مرّة اخری إذا لم یصرف فی موردها.
القسم الثالث:أنّ الدافع من وراء ذلک غیر معلوم،و أنّه الأوّل أو الثانی،علی أساس أنّ ما کان للّه لا یرجع،و أمّا فی القسم الثانی،فعلی الفرض الأوّل فلا یحقّ له المطالبة به؛لخروجه عن ملکه بالإعراض،و علی الفرض الثانی فیجب إرجاعه إلیه؛إذ لم یصرف فی الجهة المعهودة،و إذا مات فإلی
ص:467
ورثته،و إذا أفلس فإلی غرمائه،و أمّا فی القسم الثالث،فلا یجوز التصرّف فیه فی الجهة الاخری بدون مراجعة صاحب المال و الإذن منه،و لا یخفی أنّ الغالب فی هذه الموارد دفع المال بقصد التقرّب و تعظیم الشعائر.
ذکرناها فی کتاب البیع فی المسألة(289).
حصوله
لا یکون ذلک موجبا لبطلان الوقف،فإذا علم أنّ غرض الواقف من الوقف علی أولاده أن یستعینوا به علی طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلانی أو نحو ذلک،فلم یترتّب الغرض المذکور علیه لم یکن ذلک موجبا لبطلان الوقف،و هکذا الحال فی جمیع الأغراض و الدّواعی التی تدعو إلی إیقاع المعاملات أو الإیقاعات،فإذا کان غرض المشتری الربح فلم یربح،لم یکن ذلک موجبا لبطلان الشراء أو التسلّط علی الفسخ.
إذا کانت مشروعة،
فإذا اشترط أن لا یؤجر الوقف أکثر من سنة أو لا یؤجر علی غیر أهل العلم،لا تصحّ إجارته سنتین و لا علی غیر أهل العلم.
الشرعیة و بإقرار ذی الید إن لم تکن الید مستقلّة،
کما إذا کان جماعة فی دار فأخبر بعضهم بأنّها وقف،حکم بها فی حصّته و إن لم یعترف غیره بها.
فالظاهر الحکم بوقفیّته.نعم،إذا کان بید شخص و ادّعی ملکیّته و اعتذر عن الکتابة بعذر،فهل یقبل منه و یصدق و یحکم بملکیّته له،فیجوز حینئذ شرائه منه
ص:468
و التصرّف فیه بإذنه و غیر ذلک من أحکام الملک أو لا؟و الجواب:أنّ تصدیقه و الحکم بملکیّته له لا یخلو عن إشکال بل منع،علی أساس أنّ هذه الکتابة أمارة نوعیة علی الوقف و تؤدّی إلی الوثوق و الاطمئنان به نوعا،حیث إنّ الوقف قد یتحقّق بنفس هذه الکتابة فلا یحتاج إلی صیغة و مئونة زائدة، و بکلمة:أنّ هذه الکتابة أمارة نوعیة علی الوقف تحکم علی الید.
الفلانی وقف،
فإن کان علیه أمارة الاعتراف بالوقفیّة من توقیعه فی ذیلها و وضعها فی ظرف مکتوب علیه هذه ورقة الوقف الفلانی أو نحو ذلک،ممّا یکون ظاهرا فی الاعتراف بالوقفیّة حکم بالوقفیّة،و إلاّ فلا یحکم بها و إن علم أنّها بخطّ المالک.
بأصل الوقف و إن یکون إخبارا بکیفیّته،
من کونه ترتیبیّا أو تشریکیا و کونه علی الذکور فقط أو علی الذکور و الإناث،و أنّه علی نحو التساوی أو علی نحو الاختلاف،کما أنّه لا فرق فی الإخبار بین أن یکون بالقول و أن یکون بالفعل، کما إذا کان یتصرّف فیه علی نحو الوقف أو یتصرّف فیه علی نحو الوقف الترتیبی أو التشریکی أو للذکور و الإناث أو للذکور دون الإناث و هکذا،فإنّ تصرّفه إذا کان ظاهرا فی الإخبار عن حاله کان حجّة کمخبره القولی.
و الإبل
لم تجب الزکاة فیها و إن اجتمعت فیها شرائط الزکاة،و أمّا إذا کان نماؤها زکویا،کما إذا وقف بستانا،فإن کان الوقف علی نحو التملیک لأشخاص الموقوف علیهم،کما إذا قال:وقفت البستان لأولادی،فإن بلغت حصّة واحد
ص:469
منهم النصاب وجبت علیه الزکاة و إلاّ لم تجب،و إن کان الوقف علی نحو التملیک للعنوان،کما إذا قال:وقفت البستان علی فقراء البلد غیر قاصد لاستیعابهم،لم تجب الزکاة علی واحد منهم،إلاّ إذا أعطی الولی واحدا منهم بعض النماء قبل زمان تعلّق الزکاة و کان یبلغ النصاب،فإنّه تجب الزکاة علی من ملک منهم واحدا کان أو أکثر،و کذلک لا تجب الزکاة علی حاصل الوقف إذا کان علی نحو المصرف،کما إذا قال:وقفت البستان علی تزویج أولادی أو علی إطعام الفقراء و کسوتهم و نحو ذلک.
علیها، و لا یخرج المال بذلک عن ملکه،و حینئذ فإن کان حبسه مطلقا أو مقیّدا بالدوام لزم ما دامت العین و لم یجز له الرجوع فیه،و إن کان مقیّدا بمدّة معیّنة لم یجز له الرجوع قبل انقضاء المدّة،و إذا انتهت المدّة انتهی التحبیس فإذا قال:فرسی تحبس علی نقل الحجاج أو عبدی محبس علی خدمة العلماء لزمت ما دامت العین باقیة،و إذا جعل المدّة عشر سنین مثلا لزم فی العشر و انتهی بانقضائها،و قد تسأل:هل یعتبر فی التحبیس قصد القربة أو لا؟و الجواب:أنّه غیر معتبر.
ص:470
و الجواب:أنّه غیر معتبر،فإذا لم یکن معتبرا فی الصحّة فهل یعتبر فی لزومه.بمعنی:أنّه لا یجوز للمالک الرجوع فیه بعد القبض و یجوز قبله؟و الجواب:
أنّ اعتباره فیه محلّ إشکال بل لا یبعد عدم اعتباره؛لأنّه بحاجة إلی دلیل و لا یوجد دلیل علیه،فمقتضی الإطلاقات لزومه مع ما هو علیه من الشرط.
أو مدّة حیاة ذلک الشخص،
لزم الحبس فی تلک المدّة و بعدها یرجع إلی الحابس،و إذا مات الحابس قبل انقضاء المدّة بقی الحبس علی حاله إلی أن تنتهی المدّة فیرجع میراثا،و إذا حبس علیه مدّة حیاة نفسه یعنی:الحابس،لم یجز له الرجوع ما دام حیّا،فإذا مات رجع میراثا،و إذا حبسه علی شخص و لم یذکر مدّة معیّنة و لا مدّة حیاة نفسه و لا حیاة المحبس علیه،فالظاهر أنّه لیس من التحبیس الواجب الوفاء به،فیجوز للمالک الرجوع فیه متی شاء.
و الأولی تختص بالمسکن و الأخیرتان تجریان فیه،و فی غیره من العقار و الحیوانات و الأثاث و نحوها مما لا یتحقق فیه الإسکان،فإن کان المجعول الإسکان قیل له:(سکنی)فإن قید بعمر المالک أو الساکن قیل له أیضا:(عمری)و إن قیده بمدة معینة قیل له(رقبی)و إذا کان المجعول غیر الإسکان،کما فی الأثاث و نحوه مما لا یتحقق فیه السکنی،لا یقال له سکنی بل قیل:(عمری)إن قید بعمر أحدهما،و(رقبی)إن قید بمدّة معینة.
بل و لا فی اللزوم،کما تقدّم فی الحبس.
ص:471
مدة عمر الساکن،
لم یجز الرجوع قبل انقضاء المدة،فإن انقضت المدة فی الصور الثلاث رجع المسکن إلی المالک أو ورثته.
لم یجز له الرجوع فی هذه السکنی ما دام الساکن موجودا أو عقبه،فإذا انقرض هو و عقبه رجعت الدار إلی المالک.
فی حال حیاة المالک،
فإن کان المقصود السکنی بنفسه و توابعه-کما یقتضیه إطلاق السکنی-انتقلت السکنی بموته إلی المالک قبل وفاته،و إن کان المقصود تملیک السکنی له انتقلت السکنی إلی وارثه ما دام المالک حیا،فإذا مات انتقلت من ورثة الساکن إلی ورثة المالک.و کذا الحکم لو عیّن مدة معینة فمات الساکن فی أثنائها.
هذه الدار مدة حیاتک،فمات المالک قبل الساکن،
لم یجز لورثة المالک منع الساکن،بل تبقی السکنی علی حالها إلی أن یموت الساکن.
فهل یصح و یلزم بالقبض أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه صحیح،و لکن لا یلزم بالقبض و للمالک الرجوع بعد ذلک أی وقت شاء،و لا یجری ذلک فی الرقبی و العمری؛لاختصاص الأولی بالمدة المعینة و الثانیة بمدة عمر أحدهما،و المفروض انتفاء ذلک کلّه.
ص:472
و سائر توابعه،
من أولاده و خدمه و عبیده و ضیوفه،بل دوابه إن کان فیها موضع معدّ لذلک،و له اقتناء ما جرت العادة فیه لمثله من غلة و أوان و أمتعة، و المدار علی ما جرت به العادة من توابعه،و لیس له إجارته و لا إعارته لغیره، فلو آجره ففی صحة الإجارة بإجارة المالک و کون الاجرة له حینئذ إشکال بل منع،علی أساس أن مقتضی إطلاق السکنی فی الدار أو نحوها لیس تملیک منفعتها له حتی تکون قابلة للانتقال إلی غیره بإجارة أو إعارة،بل انتفاعه بها بنفسه و مباشرة و هو غیر قابل للانتقال.
المحتاجة فی وجودها الاعتباری إلی إیجاب و قبول،
یعتبر فیها ما یعتبر فی العقود،کما یعتبر فی المتعاقدین هنا ما یعتبر فی المتعاقدین فی غیره،و قد تقدم ذلک فی کتاب البیع،و أما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فیه فی الحبس علی الشخص،و عدم اعتباره فی الحبس علی الصرف فی جهة معیّنة.
فتنتقل العین إلی المشتری علی النحو الذی کانت علیه عند البائع،فیکون للمحبس علیهم الانتفاع بالعین حسب ما یقتضیه التحبیس،و یجوز للمشتری المصالحة معهم علی نحو لا تجوز لهم مزاحمته فی الانتفاع بالعین مدة التحبیس، بأن یعطیهم مالا علی أن لا ینتفعوا بالعین،أما المصالحة معهم علی إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة علی حق الانتفاع بها،ففیه إشکال بل منع؛لعین ما مرّ.
ص:473
(فی الصدقة)
تواترت الروایات فی الحث علی الصدقة و الترغیب فیها،و قد ورد:أنها دواء المریض و بها یدفع البلاء و قد ابرم إبراما،و بها یستنزل الرزق و أنها تقع فی ید الرب قبل أن تقع فی ید العبد و أنها تخلف البرکة و بها یقضی الدین و أنها تزید فی المال و أنها تدفع میتة السوء و الداء و الدبیلة و الحرق و الغرق و الجذام و الجنون إلی أن عد سبعین بابا من السوء،و یستحب التبکیر بها،فإنه یدفع شر ذلک الیوم، و فی أول اللیل فإنه یدفع شر اللیل.
فیعتبر فیها الإیجاب و القبول،و لکن الأظهر کونها الإحسان بالمال علی وجه القربة،فإن کان الإحسان بالتملیک احتاج إلی إیجاب و قبول،و إن کان بالإبراء کفی الإیجاب بمثل أبرأت ذمتک،و ان کان بالبذل کفی الإذن فی التصرّف و هکذا،فیختلف حکمها من هذه الجهة باختلاف مواردها.
لا یعتبر فیها کلیة،
و إنّما یعتبر فیها إذا کان العنوان المنطبق علیه ممّا یتوقّف علی القبض،فإذا کان التصدّق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض،و إذا کان التصدّق بالإبراء أو البذل لم یعتبر و هکذا.
فإذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد القربة کان هبة و إبراء و وقفا و لا یکون صدقة.
حتی زکاة
ص:474
المال و زکاة الفطرة،و أما صدقة غیر الهاشمی،فإن کانت زکاة المال أو زکاة الفطرة،فهی حرام علی الهاشمی و لا تحل للمتصدّق علیه و لا تفرع ذمة المتصدّق بها عنها،و إن کانت غیرهما فالأقوی جوازها،سواء أ کانت واجبة- کردّ المظالم و الکفارات و فدیة الصوم-أم مندوبة،إلاّ إذا کانت من قبیل ما یتعارف من دفع المال القلیل لدفع البلاء،و نحو ذلک مما کان من مراسم الذلّ و الهوان،ففی جواز مثل ذلک إشکال.
و إن کانت لأجنبی علی الأصح.
و الذمّی.
إلاّ إذا کان الإجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغیب أو نحو ذلک ممّا یتوقّف علی الإجهار،أما الصّدقة الواجبة ففی بعض الروایات:أنّ الأفضل إظهارها،و قیل:الأفضل الإسرار بها، و الأظهر اختلاف الحکم باختلاف الموارد فی الجهات المقتضیة للإسرار و الإجهار.
و الصدقة علی القریب المحتاج أفضل من الصّدقة علی غیره،و أفضل منها الصدقة علی الرحم الکاشح یعنی:المعادی،و یستحبّ التوسّط فی إیصالها إلی المسکین،ففی الخبر:لو جری المعروف علی ثمانین کفا لا جروا کلّهم من غیر أن ینقص من أجر صاحبه شیء.
و اللّه سبحانه العالم و الموفّق
ص:475